تفسير البيضاوي: أنوار التنزيل و أسرار التأويل أبو سعيد عبد اللّه بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الشيرازي الفارسي، ناصر الدين، القاضي الشافعي (ت ٦٨٥ هـ ١٢٨٦ م) _________________________________ سورة الواقعة سورة الواقعة مكية وآيها ست وتسعون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ {إذا وقعت الواقعة} إذا حدثت القيامة سماها واقعة لتحقق وقوعها وانتصاب إذا بمحذوف مثل اذكر أو كان كيت وكيت ٢ {ليس لوقعتها كاذبة} أي لا يكون حين تقع نفس تكذب على اللّه تعالى أو تكذب في نفيها كما تكذب الآن واللام مثلها في قوله تعالى قدمت لحياتي [الفجر:٢٤] أو ليس لأحد في وقعتها كاذبة فإنه من أخبر عنها صدق أو ليس لها حينئذ نفس تحدث صاحبها بإطاقة شدتها واحتمالها وتغريه عليها من قولهم كذبت فلانا نفسه في الخطب العظيم إذا شجعته عليه وسولت له أنه يطيقه ٣ {خافضة رافعة} تخفض قوما وترفع آخرين وهو تقرير لعظمتها فإن الوقائع العظام كذلك أو بيان لما يكون حينئذ من خفض أعداء اللّه ورفع أوليائه أو إزالة الأجرام عن مقارها بنثر الكواكب وتسيير الجبال في الجو وقرئتا بالنصب على الحال ٤ {إذا رجت الأرض رجا} حركت تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل والظرف متعلق ب خافضة أو بدل من إذا وقعت ٥ {وبست الجبال بسا} أي فتتت حتى صارت كالسويق الملتوت من بس السويق إذا لته أو سيقت وسيرت من بس الغنم إذا ساقها ٦ {فكانت هباء} غبارا {منبثا} منتشرا ٧ {وكنتم أزواجا} أصنافا {ثلاثة} وكل صنف يكون أو يذكر مع صنف آخر زوج ٨ انظر تفسير الآية: ٩ ٩ {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} فأصحاب المنزلة السنية وأصحاب المنزلة الدنيئة من تيمنهم بالميامن وتشاؤمهم بالشمائل أو أصحاب الميمنة و أصحاب المشأمة الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم أو أصحاب اليمن والشؤم فإن السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم والأشقياء مشائيم عليها بمعصيتهم والجملتان الاستفهاميتان خبران لما قبلهما بإقامة الظاهر مقام الضمير ومعناهما التعجب من حال الفريقين ١٠ {والسابقون السابقون} والذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة بعد ظهور الحق من غير تلعثم وتوان أو سبقوا في حيازة الفضائل والكمالات أو الأنبياء فإنهم مقدموا أهل الأديان هم الذين عرفت حالهم وعرفت مآلهم كقول أبي النجم أنا أبو النجم وشعري شعري أو الذين سبقوا إلى الجنة ١١ انظر تفسير الآية: ١٢ ١٢ {أولئك المقربون في جنات النعيم} الذين قربت درجاتهم في الجنة وأعليت مراتبهم ١٣ {ثلة من الأولين} أي هم كثير من الأولين يعني الأمم السالفة من لدن آدم إلى سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ١٤ {وقليل من الآخرين} يعني أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ولا يخالف ذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم إن أمتي يكثرون سائر الأمم لجواز أن يكون سابقو سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة وتابعو هذه أكثر من تابعيهم ولا يرده قوله في أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين [الواقعة:٣٩،٤٠] لأن كثرة الفريقين لا تنافي أكثرية أحدهما وروي مرفوعا أنهما من هذه الأمة واشتقاقها من الثل وهو القطع ١٥ {على سرر موضونة} خبر آخر للضمير المحذوف وال موضونة المنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت أو المتواصلة من الوضن وهو نسج الدرع ١٦ {متكئين عليها متقابلين} حالان من الضمير في على سرر ١٧ {يطوف عليهم} للخدمة {ولدان مخلدون} مبقون أبدا على هيئة الولدان وطراوتهم ١٨ {بأكواب وأباريق} حال الشرب وغيره والكوب إناء بلا عروة ولا خرطوم له والإبريق إناء له ذلك {وكأس من معين} من خمر ١٩ {لا يصدعون عنها} بخمار {ولا ينزفون} ولا تنزف عقولهم أو لا ينفد شرابهم وقرأ الكوفيون بكسر الزاي لا يصدعون بمعنى لا يتصدعون أي لا يتفرقون ٢٠ {وفاكهة مما يتخيرون} أي يختارون ٢١ {ولحم طير مما يشتهون} يتمنون ٢٢ {وحور عين} عطف على ولدان أو مبتدأ محذوف الخبر أي وفيها أو ولهم حور وقرأ حمزة والكسائي بالجر عطفا على جنات بتقدير مضاف أي هم في جنات ومصاحبة حور أو على أكواب لأن معنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب ينعمون بأكواب وقرئتا بالنصب على ويؤتون حورا ٢٣ {كأمثال اللؤلؤ المكنون} المصون عما يضربه في الصفاء والنقاء ٢٤ {جزاء بما كانوا يعملون} أي يفعل ذلك كله بهم جزاء بأعمالهم ٢٥ {لا يسمعون فيها لغوا} باطلا {ولا تأثيما} ولا نسبة إلى الإثم أي لا يقال لهم أثمتم ٢٦ {إلا قليلا} أي قولا {سلاما سلاما} بدل من قيل كقوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما [مريم:٦٢] أو صفته أو مفعوله بمعنى إلا أن يقولوا سلاما أو مصدر والتكرير للدلالة على فشو السلام بينهم وقرئ سلام سلام على الحكاية ٢٧ {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} ٢٨ {في سدر مخضود} لا شوك فيه من خضد الشوك إذا قطعه أو مثني أغصانه من كثرة حمله من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب ٢٩ {وطلح} وشجر موز أو أم غيلان وله أنوار كثيرة طيبة الرائحة وقرئ بالعين {منضود} نضد حمله من أسفله إلى أعلاه ٣٠ {وظل ممدود} منبسط لا يتقلص ولا يتفاوت ٣١ {وماء مسكوب} يسكب لهم أين شاؤوا وكيف شاؤوا بلا تعب أو مصبوب سائل كأنه لما شبه حال السابقين في التنعم بأعلى ما يتصور لأهل المدن شبه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتمناه أهل البوادي إشعارا بالتفاوت بين الحالين ٣٢ {وفاكهة كثيرة} كثيرة الأجناس ٣٣ {لا مقطوعة} لا تنقطع في وقت {ولا ممنوعة} لا تمنع عن متناولها بوجه ٣٤ {وفرش مرفوعة} رفيعة القدر أو منضدة مرتفعة وقيل الفرش النساء وارتفاعها أنها على الأرائك ويدل عليه قوله ٣٥ {إنا أنشأناهن إنشاء} أي ابتدأناهن ابتداء جديدا من غير ولادة إبداء أو إعادة وفي الحديث هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا رمصا جعلهن اللّه بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا ٣٦ {فجعلناهن أبكارا} ٣٧ {عربا} متحببات إلى أزواجهن جمع عروب وسكن راءه حمزة وأبو بكر وروي عن نافع وعاصم مثله {أترابا} فإن كلهن بنات ثلاث وثلاثين وكذا أزواجهن ٣٨ {لأصحاب اليمين} متعلق ب أنشأنا أو جعلنا أو صفة ل أبكارا أو خبر لمحذوف مثل هن أو لقوله ٣٩ {ثلة من الأولين} ٤٠ {وثلة من الآخرين} وهي على الوجه الأول خبر محذوف ٤١ {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ٤٢ {في سموم} في حر نار ينفذ في المسام {وحميم} وماء متناه في الحرارة ٤٣ {وظل من يحموم} من دخان أسود يفعول من الحممة ٤٤ {لا بارد} كسائر الظل {ولا كريم} ولا نافع نفى بذلك ما أوهم الظل من الاسترواح ٤٥ {إنهم كانوا قبل ذلك} مترفين منهمكين في الشهوات ٤٦ {وكانوا يصرون على الحنث العظيم} الذنب العظيم يعني الشرك ومنه بلغ الغلام الحنث أي الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب وحنث في يمينه خلاف بر فيها وتحنث إذا تأثم ٤٧ {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون} كررت الهمزة للدلالة على إنكار البعث مطلقا وخصوصا في هذا الوقت كما دخلت العاطفة في قوله ٤٨ {أو آباؤنا الأولون} للدلالة على ذلك أشد إنكارا في حقهم لتقادم زمانهم وللفصل بها حسن العطف على المستكن في لمبعوثون وقرأ نافع وابن عامر أو بالسكون وقد سبق مثله والعامل في الظرف ما دل عليه مبعوثون لا هو للفصل بأن والهمزة ٤٩ {قل إن الأولين والآخرين} ٥٠ {لمجموعون} وقرئ لمجمعون {إلى ميقات يوم معلوم} إلى ما وقت به الدنيا وحدث من يوم معين عند اللّه معلوم له ٥١ {ثم إنكم أيها الضالون المكذبون} أي بالبعث والخطاب لأهل مكة وأضرابهم ٥٢ {لآكلون من شجر من زقوم} من الأولى للابتداء والثانية للبيان ٥٣ {فمالئون منها البطون} من شدة الجوع ٥٤ {فشاربون عليه من الحميم} لغلبة العطش وتأنيث الضمير في منها وتذكيره في عليه على معنى الشجر ولفظه وقرئ من شجرة فيكون التذكير لل زقوم فإنه تفسيرها ٥٥ {فشاربون شرب الهيم} الإبل التي بها الهيام وهو داء يشبه الاستسقاء جمع أهيم وهيماء قال ذو الرمة: فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد صداها ولا يقضي عليها هيامها وقيل الرمال على أنه جمع هيام بالفتح وهو الرمل الذي لا يتماسك جمع على هيم كسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض وكل من المعطوف والمعطوف عليه أخص من الآخر من وجه فلا اتحاد وقرأ نافع وحمزة وعاصم شرب بضم الشين ٥٦ {هذا نزلهم يوم الدين} يوم الجزاء فما ظنك بما يكون لهم بعد ما استقروا في الجحيم وفيه تهكم كما في قوله فبشرهم بعذاب أليم [آل عمران:٢١] لأن النزل ما يعد للنازل تكرمة له وقرئ نزلهم بالتخفيف ٥٧ {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} بالخلق متيقنين محققين للتصديق بالأعمال الدالة عليه أو بالبعث فإن من قدر على الإبداء قدر على الإعادة ٥٨ {أفرأيتم ما تمنون} أي ما تقذفونه في الأرحام من النطف وقرئ بفتح التاء من منى النطفة بمعنى أمناها ٥٩ {أأنتم تخلقونه} تجعلونه بشرا سويا {أم نحن الخالقون} ٦٠ {نحن قدرنا بينكم الموت} قسمناه عليكم وأقتنا موت كل بوقت معين وقرأ ابن كثير بتخفيف الدال {وما نحن بمسبوقين} لا يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يغير وقته أو لا يغلبنا أحد من سبقته على كذا إذا غلبته عليه ٦١ {على أن نبدل أمثالكم} على الأول حال أو علة ل قدرنا وعلى بمعنى اللام وما نحن بمسبوقين اعتراض وعلى الثاني صلة والمعنى على أن نبدل منكم أشباهكم فنخلق بدلكم أو نبدل صفاتكم على أن أمثالكم جمع مثل بمعنى صفة {وننشئكم فيما لا تعلمون} في خلق أو صفات لا تعلمونها ٦٢ {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى فإنها أقل صنعا لحصول المواد وتخصيص الأجزاء وسبق المثال وفيه دليل على صحة القياس ٦٣ {أفرأيتم ما تحرثون} تبذرون حبة ٦٤ {أأنتم تزرعونه} تنبتونه {أم نحن الزارعون} المنبتون ٦٥ {لو نشاء لجعلناه حطاما} هشيما {فظلتم تفكهون} تعجبون أو تندمون على اجتهادكم فيه أو على ما أصبتم لأجله من المعاصي فتتحدثون فيه والفكه التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث وقرئ فظلتم بالكسر وفظللتم على الأصل ٦٦ {إنا لمغرمون} لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك رزقنا من الغرام وقرأ أبو بكر أئنا لمغرمون على الاستفهام ٦٧ {بل نحن} قوم {محرومون} حرمنا رزقنا أو محدودون لا مجدودون ٦٨ {أفرأيتم الماء الذي تشربون} أي العذب الصالح للشرب ٦٩ {أأنتم أنزلتموه من المزن} من السحاب واحده مزنة وقيل المزن السحاب الأبيض وماؤه أعذب {أم نحن المنزلون} بقدرتنا والرؤية إن كانت بمعنى العلم فمتعلقة بالاستفهام ٧٠ {لو نشاء جعلناه أجاجا} ملحا أو من الأجيج فإنه يحرق الفم وحذف اللام الفاصلة بين جواب ما يتمحض للشرط وما يتضمن معناه لعلم السامع بمكانها أو الاكتفاء بسبق ذكرها أو يختص ما يقصد لذاته ويكون أهم وفقده أصعب بمزيد التأكيد {فلولا تشكرون} أمثال هذه النعم الضرورية ٧١ {أفرأيتم النار التي تورون} تقدحون ٧٢ {ءأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون} يعني الشجرة التي منها الزناد ٧٣ {نحن جعلناها} جعلنا نار الزناد {تذكرة} تبصرة في أمر البعث كما مر في سورة يس أو في تذكيرا وأنموذجا لنار جهنم {ومتاعا} ومنفعة {للمقوين} الذين ينزلون القواء وهي الفقر أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام من أقوت الدار إذا خلت من ساكنيها ٧٤ {فسبح باسم ربك العظيم} فأحدث التسبيح بذكر اسمه تعالى أو بذكره فإن إطلاق اسم الشيء ذكره والعظيم صفة للاسم أو الرب وتعقيب الأمر بالتسبيح لما عدد من بدائع صنعه وإنعامه إما لتنزيهه تعالى عما يقول الجاحدون لوحدانيته الكافرون لنعمته أو للتعجب من أمرهم في غمط نعمه أو للشكر على ما عدها من النعم ٧٥ {فلا أقسم} إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم أو فأقسم و لا مزيدة للتأكيد كما في لئلا يعلم أو فلأنا أقسم فحذف المبتدأ وأشبع فتحة لام الابتداء ويدل عليه قرأءة فلا أقسم أو فلا رد لكلام يخالف المقسم عليه {بمواقع النجوم} بمساقطها وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره أو بمنازلها ومجاريها وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها أوقات نزولها وقرأ حمزة والكسائي بموقع ٧٦ {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة ومن مقتضيات رحمته أن لا يترك عباده سدى وهو اعتراض في اعتراض فإنه اعتراض بين القسم والمقسم عليه و لو تعلمون اعتراض بين الموصوف والصفة ٧٧ {إنه لقرآن كريم} كثير النفع لاشتماله على أصول العلوم المهمة في إصلاح المعاش والمعاد أو حسن مرضي في جنسه ٧٨ {في كتاب مكنون} مصون وهو اللوح المحفوظ ٧٩ {لا يمسه إلا المطهرون} لا يطلع على اللوح إلا المطهرون من الكدورات الجسمانية وهم الملائكة أو لا يمس القرآن إلا المطهرون من الأحداث فيكون نفيا بمعنى النهي أو لا يطلبه إلا المطهرون من الكفر وقرئ المتطهرون والمطهرون من أطهره بمعنى طهره والمطهرون أي أنفسهم أو غيرهم بالاستغفار لهم والإلهام ٨٠ {تنزيل من رب العالمين} صفة ثالثة أو رابعة للقرآن وهو مصدر نعت به وقرئ بالنصب أي نزل تنزيلا ٨١ {أفبهذا الحديث} يعني القرآن {أنتم مدهنون} متهاونون به كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونا به ٨٢ {وتجعلون رزقكم} أي شكر رزقكم {أنكم تكذبون} أي بمانحه حيث تنسبونه إلى الأنواء وقرئ شكركم أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به وتكذبون أي بقولكم في القرآن أنه سحر وشعر أو في المطر أنه من الأنواء ٨٣ {فلولا إذا بلغت الحلقوم} أي النفس ٨٤ {وأنتم حينئذ تنظرون} حالكم والخطاب لمن حول المحتضر والواو للحال ٨٥ {ونحن أقرب} أي ونحن أعلم {إليه} إلى المحتضر {منكم} عبر عن العلم بالقرب الذي هو أقوى سبب الاطلاع {ولكن لا تبصرون} لا تدركون كنه ما يجري عليه ٨٦ {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي مجزيين يوم القيامة أو مملوكين مقهورين من دانه إذا أذله واستعبده وأصل التركيب للذل والانقياد ٨٧ {ترجعونها} ترجعون النفس إلى مقرها وهو عامل الظرف والمحضض عليه ب فلولا الأولى والثانية تكرير للتوكيد وهي بما في حيزها دليل جواب الشرط والمعنى إن كنتم غير مملوكين مجزيين كما دل عليه جحدكم أفعال اللّه وتكذيبكم بآياته {إن كنتم صادقين} في أباطيلكم فلولا ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم ٨٨ {فأما إن كان من المقربين} أي إن كان المتوفى من السابقين ٨٩ {فروح} فله استراحة وقرئ فروح بالضم وفسر بالرحمة لأنها كالسبب لحياة المرحوم وبالحياة الدائمة {وريحان} ورزق طيب {وجنة نعيم} ذات تنعم ٩٠ {وأما إن كان من أصحاب اليمين} ٩١ {فسلام لك} يا صاحب اليمين {من أصحاب اليمين} أي من إخوانك يسلمون عليك ٩٢ {وأما إن كان من المكذبين الضالين} يعني أصحاب الشمال وإنما وصفهم بأفعالهم زجرا عنها وإشعارا بما أوجب لهم ما أوعدهم به ٩٣ {فنزل من حميم} ٩٤ {وتصلية جحيم} وذلك ما يجد في القبر من سموم النار ودخانها ٩٥ {إن هذا} أي الذي ذكر في السورة أو في شأن الفرق {لهو حق اليقين} أي حق الخبر اليقين ٩٦ {فسبح باسم ربك العظيم} فنزهه بذكر اسمه تعالى عما لا يليق بعظمه شأنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا |
﴿ ٠ ﴾