تفسير البيضاوي: أنوار التنزيل و أسرار التأويل أبو سعيد عبد اللّه بن عمر بن محمد بن علي

البيضاوي الشيرازي الفارسي، ناصر الدين، القاضي الشافعي (ت ٦٨٥ هـ ١٢٨٦ م)

_________________________________

سورة الانشراح

سورة الشرح مكية وآيها ثمان آيات

_________________________________

{ألم نشرح لك صدرك} ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق فكان غائبا حاضرا أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم وأزلنا عنه ضيق الجهل أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعدما كان يشق عليك وقيل إنه إشارة إلى ما روي أن جبريل عليه الصلاة والسلام أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه فغسله ثم ملأه إيمانا وعلما ولعله إشارة إلى نحو ما سبق ومعنى الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته ولذلك عطف عليه

٢

{ووضعنا عنك وزرك} عبأك الثقيل

٣

{الذي أنقض ظهرك} الذي حمله على النقيض وهو صوت الرحل عند الانتقاض من ثقل الحمل وهو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة أو جهله بالحكم والأحكام

أو حيرته

أو تلقي الوحي

أو ما كان يرى من ضلال قومه من العجز عن إرشادهم

أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الإيمان

٤

{ورفعنا لك ذكرك} بالنبوة وغيرها وأي رفع مثل أن قرن اسمه باسمه تعالى في كلمتي الشهادة وجعل طاعته طاعته صلى عليه في ملائكته وأمر المؤمنين بالصلاة عليه وخاطبه بالألقاب وإنما زاد {لك} ليكون إبهاما قبل إيضاح فيفيد المبالغة

٥

{فإن مع العسر} كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم

{يسرا} كالشرح والوضع والتوفيق للاهتداء والطاعة فلا تيأس من روح اللّه إذا عراك ما يغمك وتنكيره للتعظيم والمعنى بما في إن مع من المصاحبة المبالغة في معاقبة اليسر للعسر واتصاله به اتصال المتقاربين

٦

{إن مع العسر يسرا} تكرير للتأكيد أو استئناف وعده بأن {العسر} متبوع بيسر آخر كثواب الآخرة كقولك إن للصائم فرحة إن للصائم فرحة أي فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب وعليه قوله صلى اللّه عليه وسلم: (لن يغلب عسر يسرين) فإن العسر معرف فلا يتعدد سواء كان للعهد أو للجنس واليسر منكر فيحتمل أن يراد بالثاني فرد يغاير ما أريد بالأول

٧

{فإذا فرغت} من التبليغ

{فانصب} فاتعب في العبادة شكرا لما عددنا عليك من النعم السالفة ووعدناك من النعم الآتية وقيل إذا فرغت من الغزو فانصب في العبادة أو {فإذا فرغت}من الصلاة {فانصب} بالدعاء

٨

{وإلى ربك فارغب} بالسؤال ولا تسأل غيره فإنه القادر وحده على إسعافك وقرئ فرغب أي فرغب الناس إلى طلب ثوابه

عن النبي صلى اللّه عليه وسلم:

من قرأ سورة ألم نشرح فكأنما جاءني وأنا مغتم ففرج عني

﴿ ٠