تفسير البيضاوي: أنوار التنزيل و أسرار التأويل أبو سعيد عبد اللّه بن عمر بن محمد بن علي

البيضاوي الشيرازي الفارسي، ناصر الدين، القاضي الشافعي (ت ٦٨٥ هـ ١٢٨٦ م)

_________________________________

سورة البيّنة

سورة البينة مختلف فيها وآيها ثمان آيات

_________________________________

{لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} اليهود والنصارى فإنهم كفروا بالإلحاد في صفات اللّه سبحانه وتعالى ومن للتبيين

{والمشركين} وعبدة الأصنام

{منفكين} عما كانوا عليه من دينهم أو الوعد باتباع الحق إذ جاءهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم

{حتى تأتيهم البينة} الرسول صلى اللّه عليه وسلم أو القرآن فإنه مبين للحق أو معجزة الرسول بأخلاقه والقرآن بإفحامه من تحدى به

٢

{رسول من اللّه} بدل من {البينة} بنفسه أو بتقدير مضاف أو مبتدأ

{يتلو صحفا مطهرة} صفته أو خبره والرسول صلى اللّه عليه وسلم وإن كان أميا لكنه لما تلا مثل ما في الصحف كان كالتالي لها وقيل المراد جبريل عليه الصلاة والسلام وكون الصحف {مطهرة} أن الباطل لا يأتي ما فيها أو أنها لا يمسها إلا المطهرون

٣

{فيها كتب قيمة} مكتوبات مستقيمة ناطقة بالحق

٤

{وما تفرق الذين أوتوا الكتاب} عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم أو تردد في دينه أو عن وعدهم بالإصرار على الكفر

{إلا من بعد ما جاءتهم البينة} فيكون كقوله {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} [البقرة:٨٩] وإفراد أهل الكتاب بعد الجمع بينهم وبين المشركين للدلالة على شناعة حالهم وأنهم لما تفرقوا مع علمهم كان غيرهم بذلك أولى

٥

{وما أمروا} أي في كتبهم بما فيها

{إلا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين}لا يشركون به

{حنفاء} مائلين عن العقائد الزائغة

{ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة} ولكنهم حرفوا وعصوا

{وذلك دين القيمة} دين الملة القيمة

٦

{إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها} أي يوم القيامة أو في الحال لملابستهم ما يوجب ذلك واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب اشتراكهما في نوعه فلعله يختلف لتفاوت كفرهما

{أولئك هم شر البرية} أي الخليقة وقرأ نافع البريئة بالهمز على الأصل

٧

انظر تفسير الآية:٨

٨

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا} فيه مبالغات تقديم المدح وذكر الجزاء المؤذن بأن ما منحوا في مقابلة ما وصفوا به والحكم عليه بأن من

{عند ربهم} وجمع

{جنات} وتقييدها إضافة ووصفا بما تزداد لما نعيما وتأكيد الخلود بالتأييد

{رضي اللّه عنهم} استئناف بما يكون لهم زيادة على جزائهم

{ورضوا عنه} لأنه بلغهم أقصى أمانيهم

{ذلك} أي المذكور من الجزاء والرضوان

{لمن خشي ربه}فإن الخشية ملاك الأمر والباعث على كل خير

عن النبي صلى اللّه عليه وسلم:

من قرأ سورة لم يكن الذين كفروا كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلا

﴿ ٠