سورة مريم

١

{كهيعص} اللّه أعلم بمراده بذلك

٢

هذا {ذكر رحمة ربك عبده} مفعول لرحمة {زكريا} بيان له

٣

{إذ} متعلق برحمة {نادى ربه نداء} مشتملا على دعاء {خفيا} سرا جوف الليل لأنه أسرع للإجابة

٤

{قال رب إني وهن} ضعف {العظم} جميعه {مني واشتعل الرأس} مني {شيبا} تمييز محول عن الفاعل أي انتشر الشيب في شعره كما ينتشر النار في الحطب وإني أريد أن ادعوك {ولم أكن بدعائك} أي بدعائي إياك {رب شقيا} أي خائبا فيما مضى فلا تخيبني فيما يأتي

٥

{وإني خفت الموالي} أي الذين يلوني في النسب كبني العم {من ورائي} أي بعد موتي على الدين أن يضيعوه كما شاهدته في بني إسرائيل من تبديل الدين {وكانت امرأتي عاقرا} لا تلد {فهب لي من لدنك} من عندك {وليا} ابنا

٦

{يرثني} بالجزم جواب الأمر وبالرفع صفة وليا {ويرث} بالوجهين {من آل يعقوب} جدي العلم والنبوة {واجعله رب رضيا} أي مرضيا عندك قال تعالى في إجابة طلبه الابن الحاصل به رحمته

٧

{يا زكريا إنا نبشرك بغلام} يرث كما سألت {اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا} أي مسمى بيحيى

٨

{قال رب أنى} كيف {يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا} من عتا يبس إلى نهاية السن مائة وعشرين سنة وبلغت امرأته ثمانية وتسعين سنة وأصل عتي عتو وكسرت التاء تخفيفا وقلبت الواو الأولى ياء لمناسبة الكسرة والثانية ياء لتدغم فيها الياء

٩

{قال} الأمر {كذلك} من خلق غلام منكما {قال ربك هو علي هين} أي بأن أرد عليك من قوة الجماع وأفتق رحم امرأتك للعلوق {وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا} قبل خلقك ولإظهار اللّه هذه القدرة العظيمة ألهمه السؤال ليجاب بما يدل عليها ولما تاقت نفسه إلى سرعة المبشر به

١٠

{قال رب اجعل لي آية} أي علامة على حمل امرأتي {قال آيتك} عليه {ألا تكلم الناس} أي تمتنع من كلامهم بخلاف ذكر اللّه {ثلاث ليال} أي بأيامها {سويا} حال من فاعل تكلم أي بلا علة

١١

{فخرج على قومه من المحراب} أي المسجد وكانوا ينتظرون فتحه ليصلوا فيه بأمره على العادة {فأوحى} أشار {إليهم أن سبحوا} صلوا {بكرة وعشيا} أوائل النهار وأواخره على العادة فعلم بمنعه من كلامهم حملها بيحيى وبعد ولادته بسنتين قال تعالى له

١٢

{يا يحيى خذ الكتاب} أي التوراة {بقوة} بجد {وآتيناه الحكم} النبوة {صبيا} ابن ثلاث سنين

١٣

{وحنانا} رحمة للناس {من لدنا} من عندنا {وزكاة} صدقة عليهم {وكان تقيا} روي أنه لم يعمل خطيئة ولم يهم بها

١٤

{وبرا بوالديه} أي محسنا إليهما {ولم يكن جبارا} متكبرا {عصيا} عاصيا لربه

١٥

{وسلام} منا {عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} أي في هذه الأيام المخوفة التي يرى فيها ما لم يره قبلها فهو آمن فيها

١٦

{واذكر في الكتاب} القرآن {مريم} أي خبرها {إذ} حين {انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} أي اعتزلت تفي مكان نحو الشرق من الدار

١٧

{فاتخذت من دونهم حجابا} أرسلت سترا تستتر به لتفلي رأسها أو ثيابها أو تغتسل من حيضها {فأرسلنا إليها روحنا} جبريل {فتمثل لها} بعد لبسها ثيابها {بشرا سويا} تام الخلق

١٨

{قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} فتنتهي عني بتعوذي

١٩

{قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} بالنبوة

٢٠

{قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} بتزوج {ولم أك بغيا} زانية

٢١

{قال} الأمر {كذلك} من خلق غلام منك من غير أب {قال ربك هو علي هين} أي بأن ينفخ بأمري جبريل فيك فتحملي به ولكون ما ذكر في معنى العلة عطف عليه {ولنجعله آية للناس} على قدرتنا {ورحمة منا} لمن آمن به {وكان} خلقه {أمرا مقضيا} به في علمي فنفخ جبريل في جيب درعها فأحست بالحمل في بطنها مصورا

٢٢

{فحملته فانتبذت} تنحت {به مكانا قصيا} بعيدا عن أهلها

٢٣

{فأجاءها} جاء بها {المخاض} وجع الولادة {إلى جذع النخلة} لتعتمد عليه فولدت والحمل والتصوير والولادة في ساعة {قالت يا} للتنبيه {ليتني مت قبل هذا} الأمر {وكنت نسيا منسيا} شيئا متروكا لا يعرف ولا يذكر

٢٤

{فناداها من تحتها} أي جبريل وكان أسفل منها {ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا} نهر ماء كان قد انقطع

٢٥

{وهزي إليك بجذع النخلة} كانت يابسة والباء زائدة {تساقط} أصله بتاءين قلبت الثانية سينا وادغمت في السين وفي قرأءة تركها {عليك رطبا} تمييز {جنيا} صفته

٢٦

{فكلي} من الرطب {واشربي} من السري {وقري عينا} بالولد تمييز محول من الفاعل أي لتقر عينك به أي تسكن فلا تطمح إلى غيره {فإما} فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة {ترين} حذفت منه لام الفعل وعينه والقيت حركتها على الراء وكسرت ياء الضمير لإلتقاء الساكنين {من البشر أحدا} فيسألك عن ولدك {فقولي إني نذرت للرحمن صوما} أي إمساكا عن الكلام في شأنه وغيره من الأناسي بدليل {فلن أكلم اليوم إنسيا} أي بعد ذلك

٢٧

{فأتت به قومها تحمله} حال فرأوه {قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا} عظيما حيث أتيت بولد من غير أب

٢٨

{يا أخت هارون} هو رجل صالح أي يا شبيهته في العفة {ما كان أبوك امرأ سوء} أي زانيا {وما كانت أمك بغيا} أي زانية فمن أين لك هذا الولد

٢٩

{فأشارت} لهم {إليه} أن كلموه {قالوا كيف نكلم من كان} أي وجد {في المهد صبيا}

٣٠

{قال إني عبد اللّه آتاني الكتاب} أي الإنجيل {وجعلني نبيا}

٣١

{وجعلني مباركا أين ما كنت} أي نفاعا للناس إخبار ما كتب له {وأوصاني بالصلاة والزكاة} أمرني بهما {ما دمت حيا}

٣٢

{وبرا بوالدتي} منصوب بجعلني مقدرا {ولم يجعلني جبارا} متعاظما {شقيا} عاصيا لربه

٣٣

{والسلام} من اللّه {علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} يقال فيه ما تقدم في السيد يحيى

٣٤

{ذلك عيسى ابن مريم قول الحق} بالرفع خبر مبتدأ مقدر أي قول ابن مريم وبالنصب بتقدير قلت والمعنى القول الحق {الذي فيه يمترون} من المرية أي يشكون وهم النصارى قالوا إن عيسى ابن اللّه كذبوا

٣٥

{ما كان للّه أن يتخذ من ولد سبحانه} تنزيها له عن ذلك {إذا قضى أمرا} أي أراد أن يحدثه {فإنما يقول له كن فيكون} بالرفع بتقدير هو وبالنصب بتقدير أن ومن ذلك خلق عيسى من غير أب

٣٦

{وإن اللّه ربي وربكم فاعبدوه} بفتح أن بتقدير اذكر وبكسرها بتقدير قل بدليل ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا اللّه ربي وربكم {هذا} المذكور {صراط} طريق {مستقيم} مؤد إلى الجنة

٣٧

{فاختلف الأحزاب من بينهم} أي النصارى في عيسى أهو ابن اللّه أم إله معه أو ثالث ثلاثة {فويل} فشدة عذاب {للذين كفروا} بما ذكر وغيره {من مشهد يوم عظيم} أي حضور يوم القيامة وأهواله

٣٨

{أسمع بهم وأبصر} بهم صيغة تعجب بمعنى ما أسمعهم وما أبصرهم {يوم يأتوننا} في الآخرة {لكن الظالمون} من إقامة الظاهر مقام المضمر {اليوم} أي في الدنيا {في ضلال مبين} أي بين به صموا عن سماع الحق وعموا عن إبصاره أي إعجب منهم يا مخاطب في سمعهم وإبصارهم في الآخرة بعد أن كانوا في الدنيا صما عميا

٣٩

{وأنذرهم} خوف يا محمد كفار مكة {يوم الحسرة} هو يوم القيامة يتحسر فيه المسيء على ترك الإحسان في الدنيا {إذ قضي الأمر} لهم فيه بالعذاب {وهم} في الدنيا {في غفلة} عنه {وهم لا يؤمنون} به

٤٠

{إنا نحن} تأكيد {نرث الأرض ومن عليها} العقلاء وغيرهم بإهلاكهم {وإلينا يرجعون} فيه للجزاء

٤١

{واذكر} لهم {في الكتاب إبراهيم} أي خبره {إنه كان صديقا} مبالغا في الصدق {نبيا} ويبدل من خبره

٤٢

{إذ قال لأبيه} آزر {يا أبت} التاء عوض عن ياء الإضافة ولا يجمع بينهما وكان يعبد الأصنام {لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك} لا يكفيك {شيئا} من نفع أو ضر

٤٣

{يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا} طريقا {سويا} مستقيما

٤٤

{يا أبت لا تعبد الشيطان} بطاعتك إياه في عبادة الأصنام {إن الشيطان كان للرحمن عصيا} كثير العصيان

٤٥

{يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن} إن لم تتب {فتكون للشيطان وليا} ناصرا وقرينا في النار

٤٦

{قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم} فتعيبها {لئن لم تنته} عن التعرض لها {لأرجمنك} بالحجارة أو بالكلام القبيح فاحذرني {واهجرني مليا} دهرا طويلا

٤٧

{قال سلام عليك} مني أي لا أصيبك بمكروه {سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} من حفي أي بارا فيجيب دعائي وقد وفى بوعده المذكور في الشعراء واغفر لابي وهذا قبل أن يتبين له أنه عدو للّه كما ذكره في براءة

٤٨

{وأعتزلكم وما تدعون} تعبدون {من دون اللّه وأدعوا} أعبد {ربي عسى} أن {ألا أكون بدعاء ربي} بعبادته {شقيا} كما شقيتم بعبادة الأصنام

٤٩

{فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه} بأن ذهب الى الأرض المقدسة {وهبنا له} ابنين يأنس بهما {إسحاق ويعقوب وكلا} منهما {جعلنا نبيا}

٥٠

{ووهبنا لهم} للثلاثة {من رحمتنا} المال والولد {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} رفيعا هو الثناء الحسن في جميع أهل الأديان

٥١

{واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا} بكسر اللام وفتحها من أخلص في عبادته وخلصه اللّه من الدنس {وكان رسولا نبيا}

٥٢

{وناديناه} بقول يا موسى إني انا اللّه {من جانب الطور} اسم الجبل {الأيمن} أي الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين {وقربناه نجيا} مناجيا بأن أسمعه اللّه تعالى كلامه

٥٣

{ووهبنا له من رحمتنا} نعمتنا {أخاه هارون} بدل أو عطف بيان {نبيا} حال هي المقصودة بالهبة إجابة لسؤاله أن يرسل أخاه معه وكان أسن منه

٥٤

{واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد} لم يعد شيئا إلا وفى به وانتظر من وعد ثلاثة أيام أو حولا حتى رجع إليه في مكانه {وكان رسولا} إلى جرهم {نبيا}

٥٥

{وكان يأمر أهله} أي قومه {بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا} اصله مرضو وأقبلت الواوان ياءين والضمة كسرة

٥٦

{واذكر في الكتاب إدريس} هو جد أبي نوح {إنه كان صديقا نبيا}

٥٧

{ورفعناه مكانا عليا} هو حي في السماء الرابعة أو السادسة أو السابعة أو في الجنة ادخلها بعد أن اذيق الموت واحيي ولم يخرج منها

٥٨

{أولئك} مبتدأ {الذين أنعم اللّه عليهم} صفة له {من النبيين} بيان له وهو في معنى الصفة وما بعده الى جملة الشرط صفة للنبيين فقوله {من ذرية آدم} أي إدريس {وممن حملنا مع نوح} في السفينة أي إبراهيم ابن ابنه سام {ومن ذرية إبراهيم} أي إسمعيل وإسحق ويعقوب ومن ذرية {وإسرائيل} وهو يعقوب أي موسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى {وممن هدينا واجتبينا} أي من جملتهم وخبر اولئك {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا} جمع ساجد وباك أي فكونوا مثلهم وأصل بكي بكوي قلبت الواو ياء والضمة كسرة

٥٩

{فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} بتركها كاليهود والنصارى {واتبعوا الشهوات} من المعاصي {فسوف يلقون غيا} وهو واد في جهنم أي يقعون فيه

٦٠

{إلا} لكن {من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون} ينقصون {شيئا} من ثوابهم

٦١

{جنات عدن} إقامة بدل من الجنة {التي وعد الرحمن عباده بالغيب} حال أي غائبين عنها {إنه كان وعده} أي موعوده {مأتيا} بمعنى آتيا وأصله مأتوي أو موعوده هنا الجنة يأتيه أهله

٦٢

{لا يسمعون فيها لغوا} من الكلام {إلا} لكن يسمعون {سلاما} من الملائكة عليهم أو من بعضهم على بعض {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} أي على قدرهما في الدنيا وليس في الجنة نهار ولا ليل بل ضوء ونور أبدا

٦٣

{تلك الجنة التي نورث} نعطي وننزل {من عبادنا من كان تقيا} بطاعته ونزل لما تأخر الوحي أياما وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لجبريل (ما يمنعك أن تزورنا)

٦٤

{وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا} أي أمامنا من أمور الآخرة {وما خلفنا} من امور الدنيا {وما بين ذلك} أي ما يكون في هذا الوقت إلى قيام الساعة أي له علم ذلك جميعه {وما كان ربك نسيا} بمعنى ناسيا أي تاركا لك بتأخير الوحي عنك

٦٥

هو {رب} مالك {السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته} أي اصبر عليها {هل تعلم له سميا} أي مسمى بذلك لا

٦٦

{ويقول الإنسان} المنكر للبعث ابي بن خلف أو الوليد بن المغيرة النازل فيه الآية {أئذا} بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال الألف بينهما بوجهيها وبين الأخرى {ما مت لسوف أخرج حيا} من القبر كما يقول محمد فالاستفهام بمعنى النفي أي لا أحيا بعد الموت وما زائدة للتأكيد وكذا اللام ورد عليه بقوله تعالى

٦٧

{أولا يذكر الإنسان أنا} أصله يتذكر أبدلت التاء ذالا وادغمت في الذال وفي قرأءة تركها وسكون الذال وضم الكاف {خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك} فيستدل بالابتداء على الإعادة

٦٨

{فوربك لنحشرنهم} أي المنكرين للبعث {والشياطين} أي نجمع كلا منهم وشيطانه في سلسلة {ثم لنحضرنهم حول جهنم} من خارجها {جثيا} على الركب جمع جاث وأصله جثوو أو جثوي من جثا يجثو أو يجثي لغتان

٦٩

{ثم لننزعن من كل شيعة} فرقة منهم {أيهم أشد على الرحمن عتيا} جراءة

٧٠

{ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها} أحق بجهنم الأشد وغيره منهم {صليا} دخولا واحتراقا فتبدأ بهم وأصله صلوي من صلي بكسر اللام وفتحها

٧١

{وإن} أي ما {منكم} أحد {إلا واردها} أي داخل جهنم {كان على ربك حتما مقضيا} حتمه وقضى به لا يتركه

٧٢

{ثم ننجي} مشددا ومخففا {الذين اتقوا} الشرك والكفر منها {ونذر الظالمين} بالشرك والكفر {فيها جثيا} على الركب

٧٣

{وإذا تتلى عليهم} أي المؤمنين والكافرين {آياتنا} من القرآن {بينات} واضحات حال {قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين} نحن وأنتم {خير مقاما} منزلا ومسكنا بالفتح من قام وبالضم من أقام {وأحسن نديا} بمعنى النادي وهو مجتمع القوم يتحدثون فيه يعنون نحن فنكون خيرا منكم

٧٤

{وكم} أي كثيرا {أهلكنا قبلهم من قرن} أي امة من الأمم الماضية {هم أحسن أثاثا} مالا ومتاعا {ورئيا} منظرا من الرؤية فكما أهلكناهم لكفرهم نهلك هؤلاء

٧٥

{قل من كان في الضلالة} شرط جوابه {فليمدد} بمعنى الخبر أي يمد {له الرحمن مدا} في الدنيا يستدرجه {حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب} كالقتل والأسر {وإما الساعة} المشتملة على جهنم فيدخلونها {فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا} أعوانا أهم أم المؤمنون وجندهم الشياطين وجند المؤمنين عليهم الملائكة

٧٦

{ويزيد اللّه الذين اهتدوا} بالإيمان {هدى} بما ينزل عليهم من الآيات {والباقيات الصالحات} هي الطاعة تبقى لصاحبها {خير عند ربك ثوابا وخير مردا} أي ما يرد إليه ويرجع بخلاف أعمال الكفار والخيرية هنا في مقابلة قولهم أي الفريقين خير مقاما

٧٧

{أفرأيت الذي كفر بآياتنا} العاصي بن وائل {وقال} لخباب بن الأرث القائل له تبعث بعد الموت والمطالب له بمال {لأوتين} على تقدير البعث {مالا وولدا} فأقضيك

٧٨

{أطلع الغيب} أي أعلمه وأن يؤتى ما قاله واستغني بهمزة الاستفهام عن همزة الوصل فحذفت {أم اتخذ عند الرحمن عهدا} بأن يؤتى ما قاله

٧٩

{كلا} أي لا يؤتى ذلك {سنكتب} نأمر بكتب {ما يقول ونمد له من العذاب مدا} نزيده بذلك عذابا فوق عذاب كفره

٨٠

{ونرثه ما يقول} من المال والولد {ويأتينا} يوم القيامة {فردا} لا مال له ولا ولد

٨١

{واتخذوا} أي كفار مكة {من دون اللّه} الأوثان {آلهة} يعبدونهم {ليكونوا لهم عزا} شفعاء عند اللّه بأن لا يعذبوا

٨٢

{كلا} أي لا مانع من عذابهم {سيكفرون} أي الآلهة {بعبادتهم} أي ينفونها كما في آية أخرى ما كانوا إيانا يعبدون {ويكونون عليهم ضدا} اعوانا وأعداء

٨٣

{ألم تر أنا أرسلنا الشياطين} سلطناهم {على الكافرين تؤزهم} تهيجهم الى المعاصي {أزا}

٨٤

{فلا تعجل عليهم} بطلب العذاب {إنما نعد لهم} الأيام والليالي أو الأنفاس {عدا} إلى وقت عذابهم

٨٥

اذكر {يوم نحشر المتقين} بإيمانهم {إلى الرحمن وفدا} جمع وافد بمعنى راكب

٨٦

{ونسوق المجرمين} بكفرهم {إلى جهنم وردا} جمع وارد بمعنى ماش عطشان

٨٧

{لا يملكون} أي الناس {الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} أي شهادة أن لا إله إلا اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه

٨٨

{وقالوا} أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات اللّه {اتخذ الرحمن ولدا} قال تعالى لهم

٨٩

{لقد جئتم شيئا إدا} أي منكرا عظيما

٩٠

{تكاد} بالتاء والياء {السماوات يتفطرن} بالنون وفي قرأءة بالتاء وتشديد الطاء بالانشقاق {منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا} أي تنطبق عليهم من أجل

٩١

{أن دعوا للرحمن ولدا}

٩٢

{وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا} أي ما يليق به ذلك

٩٣

{إن} أي ما {كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا} ذليلا خاضعا يوم القيامة منهم عزيز وعيسى

٩٤

{لقد أحصاهم وعدهم عدا} فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم ولا واحد منهم

٩٥

{وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} بلا مال ولا نصير يمنعه

٩٦

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} فيما بينهم يتوادون ويتحابون ويحبهم اللّه تعالى

٩٧

{فإنما يسرناه} أي القرآن {بلسانك} العربي {لتبشر به المتقين} الفائزين بالإيمان {وتنذر} تخوف {به قوما لدا} جمع ألد أي جدل بالباطل وهم كفار مكة

٩٨

{وكم} أي كثيرا {أهلكنا قبلهم من قرن} أي أمة من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل {هل تحس} تجد {منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} صوتا خفيا لا فكما أهلكنا اولئك نهلك هؤلاء

﴿ ٠