سورة الأنبياء

١

{اقترب} قرب {للناس} أهل مكة منكري البعث {حسابهم} يوم القيامة {وهم في غفلة} عنه {معرضون} عن التأهب له بالإيمان

٢

{ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} شيئا فشيئا أي لفظ القرآن {إلا استمعوه وهم يلعبون} يستهزئون

٣

{لاهية} غافلة {قلوبهم} عن معناه {وأسروا النجوى} أي الكلام {الذين ظلموا} بدل من واو وأسروا النجوى {هل هذا} أي محمد {إلا بشر مثلكم} فما يأتي به سحر {أفتأتون السحر} تتبعونه {وأنتم تبصرون} تعلمون أنه سحر

٤

{قال} لهم {ربي يعلم القول} كائنا {في السماء والأرض وهو السميع} لما أسروه {العليم} به

٥

{بل} للانتقال من غرض إلى آخر في المواضع الثلاثة {قالوا} فيما أتى به من القرآن هو {أضغاث أحلام} أخلاط رآها في النوم {بل افتراه} اختلقه {بل هو شاعر} فما أتى به شعر {فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} كالناقة والعصا واليد

٦

{ما آمنت قبلهم من قرية} أي أهلها {أهلكناها} بتكذيبها ما أتاها من الآيات {أفهم يؤمنون} لا

٧

{وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي} وفي قرأءة بالنون وكسر الحاء {إليهم} لا ملائكة {فاسألوا أهل الذكر} العلماء بالتوراة والإنجيل {إن كنتم لا تعلمون} ذلك فإنهم يعلمونه وأنتم إلى تصديقهم أقرب من تصديق المؤمنين بمحمد

٨

{وما جعلناهم} الرسل {جسدا} بمعنى أجسادا {لا يأكلون الطعام} بل يأكلونه {وما كانوا خالدين} في الدنيا

٩

{ثم صدقناهم الوعد} بإنجائهم {فأنجيناهم ومن نشاء} أي المصدقين لهم {وأهلكنا المسرفين} المكذبين لهم

١٠

{لقد أنزلنا إليكم} يا معشر قريش {كتابا فيه ذكركم} لأنه بلغتكم {أفلا تعقلون} فتؤمنوا به

١١

{وكم قصمنا} أهلكنا {من قرية} أي أهلها {كانت ظالمة} كافرة {وأنشأنا بعدها قوما آخرين}

١٢

{فلما أحسوا بأسنا} أي شعر أهل القرية بالإهلاك {إذا هم منها يركضون} يهربون مسرعين

١٣

فقالت لهم الملائكة استهزاء {لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم} نعمتم {فيه ومساكنكم لعلكم تسألون} شيئا من دنياكم على العادة

١٤

{قالوا يا} للتنبيه {ويلنا} هلاكنا {إنا كنا ظالمين} بالكفر

١٥

{فما زالت تلك} الكلمات {دعواهم} يدعون بها ويرددونها {حتى جعلناهم حصيدا} أي كالزرع المحصود بالمناجل بأن قتلوا بالسيف {خامدين} ميتين كخمود النار إذا طفئت

١٦

{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} عابثين بل دالين على قدرتنا ونافعين عبادنا

١٧

{لو أردنا أن نتخذ لهوا} ما يلهى به من زوجة أو ولد {لاتخذناه من لدنا} من عندنا من الحور العين والملائكة {إن كنا فاعلين} ذلك لكنا لم نفعله فلم نرده

١٨

{بل نقذف} نرمي {بالحق} الإيمان {على الباطل} الكفر {فيدمغه} يذهبه {فإذا هو زاهق} ذاهب ودمغه في الأصل أصاب دماغه بالضرب وهو مقتل {ولكم} يا كفار مكة {الويل} العذاب الشديد {مما تصفون} اللّه به من الزوجة أو الولد

١٩

{وله} تعالى {من في السماوات والأرض} ملكا {ومن عنده} أي الملائكة مبتدأ خبره {لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} لا يعيون

٢٠

{يسبحون الليل والنهار لا يفترون} عنه فهو منهم كالنفس منا لا يشغلنا عنه شاغل

٢١

{أم} بمعنى بل للانتقال والهمزة للانكار {اتخذوا آلهة} كائنة {من الأرض} كحجر وذهب وفضة {هم} أي الآلهة {ينشرون} أي يحيون الموتى لا ولا يكون إلها إلا من يحي الموتى

٢٢

{لو كان فيهما} أي السموات والأرض {آلهة إلا اللّه} أي غيره {لفسدتا} خرجتا عن نظامهما المشاهد لوجود التمانع بينهم على وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء وعدم الاتفاق عليه {فسبحان} تنزيه {اللّه رب} خالق {العرش} الكرسي {عما يصفون} الكفار اللّه به من الشريك له وغيره

٢٣

{لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} عن أفعالهم

٢٤

{أم اتخذوا من دونه} تعالى أي سواه {آلهة} فيه استفهام توبيخ {قل هاتوا برهانكم} على ذلك ولا سبيل إليه {هذا ذكر من معي} امتي وهو القرآن {وذكر من قبلي} من الأمم وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب اللّه ليس في واحد منها أن مع اللّه إلها مما قالوا تعالى عن ذلك {بل أكثرهم لا يعلمون الحق} أي توحيد اللّه {فهم معرضون} عن النظر الموصل إليه

٢٥

{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي} وفي قرأءة بالنون وكسر الحاء {إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} أي وحدوني

٢٦

{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} من الملائكة {سبحانه بل} هم {عباد مكرمون} عنده والعبودية تنافي الولادة

٢٧

{لا يسبقونه بالقول} لا يأتون بقولهم إلا بعد قوله {وهم بأمره يعملون} أي بعده

٢٨

{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} أي ما عملوا وما هم عاملون {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} تعالى أن يشفع له {وهم من خشيته} تعالى {مشفقون} خائفون

٢٩

{ومن يقل منهم إني إله من دونه} اللّه أي غيره وهو إبليس دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعتها {فذلك نجزيه جهنم كذلك} كما نجزيه {نجزي الظالمين} أي المشركين

٣٠

{أولم ير} بواو وتركها {الذين} يعلم {كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} أي سدا بمعنى مسدودة {وجعلنا} جعلنا السماء سبعا والأرض سبعا أو فتق السماء أن كانت لا تمطر فأمطرت وفتق الأرض أن كانت لا تنبت فأنبتت {من الماء كل} النازل من السماء والنابع من الأرض {شيء حي أفلا} من نبات وغيره أي فالماء سبب لحياته {يؤمنون وجعلنا} بتوحيدي

٣١

{وجعلنا في الأرض رواسي} جبالا ثوابت {أن} لا {تميد} تتحرك {بهم وجعلنا فيها} أي الرواسي {فجاجا} مسالك {سبلا} بدل طرفا نافذة واسعة {لعلهم يهتدون} إلى مقاصدهم في الأسفار

٣٢

{وجعلنا السماء سقفا} للأرض كالسقف للبيت {محفوظا} عن الوقوع {وهم عن آياتها} من الشمس والقمر والنجوم {معرضون} لا يتفكرون فيها فيعلمون أن خالقها لا شريك له

٣٣

{وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل} تنوينه عوض عن المضاف إليه من الشمس والقمر وتابعه وهو النجوم {في فلك} أي مستدير كالطاحونة في السماء {يسبحون} يسيرون بسرعة كالسابح في الماء وللتشبيه به أتى بضمير جمع من يعقل

٣٤

ونزل لما قال الكفار إن محمدا سيموت {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} أي البقاء {أفئن مت فهم الخالدون} فيهالا فالجملة الأخيرة محل الاستفهام الإنكاري

٣٥

{كل نفس ذائقة الموت} في الدنيا {ونبلوكم} نختبركم {بالشر والخير} كفقر وغنى وسقم وصحة {فتنة} مفعول له أي لننظر أتصبرون وتشكرون أم لا {وإلينا ترجعون} فنجازيكم

٣٦

{وإذا رآك الذين كفروا إن} ما {يتخذونك إلا هزوا} أي مهزوءا به يقولون {أهذا الذي يذكر آلهتكم} أي يعيبها {وهم بذكر الرحمن} لهم {هم} تأكيد {كافرون} به إذ قالوا ما نعرفه

٣٧

ونزل في استعجالهم العذاب {خلق الإنسان من عجل} أي أنه لكثرة عجله في أحواله كأنه خلق منه {سأريكم آياتي} مواعيدي بالعذاب {فلا تستعجلون} فيه فأراهم القتل ببدر

٣٨

{ويقولون متى هذا الوعد} بالقيامة {إن كنتم صادقين} فيه

٣٩

{لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون} يدفعون {عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون} يمنعون منها في القيامة وجواب لو ما قالوا ذلك

٤٠

{بل تأتيهم} القيامة {بغتة فتبهتهم} تحيرهم {فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون} يمهلون لتوبة أو معذرة

٤١

{ولقد استهزئ برسل من قبلك} فيه تسلية للنبي صلى اللّه عليه وسلم {فحاق} نزل {بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون} وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزأ بك

٤٢

{قل} لهم {من يكلؤكم} يحفظكم {بالليل والنهار من الرحمن} من عذابه إن نزل بكم أي لا أحد يفعل ذلك والمخاطبون لا يخافون عذاب اللّه لإنكارهم له {بل هم عن ذكر ربهم} أي القرآن {معرضون} لا يتفكرون فيه

٤٣

{أم} فيها معنى الهمزة للانكار أي أ {لهم آلهة تمنعهم} مما يسوؤهم {من دوننا} أي ألهم من يمنعهم منه غيرنا لا {لا يستطيعون} أي الآلهة {نصر أنفسهم} فلا ينصرونهم {ولا هم} أي الكفار {منا} من عذابنا {يصحبون} يجارون يقال صحبك اللّه أي حفظ وأجارك

٤٤

{بل متعنا هؤلاء وآباءهم} بما أنعمنا عليهم {حتى طال عليهم العمر} فاعتروا بذلك {أفلا يرون أنا نأتي الأرض} نقصد أرضهم {ننقصها من أطرافها} بالفتح على النبي {أفهم الغالبون} لا بل النبي وأصحابه

٤٥

{قل} لهم {إنما أنذركم بالوحي} من اللّه لا من قبل نفسي {ولا يسمع الصم الدعاء إذا} بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء {ما ينذرون} هم لتركهم العمل بما سمعوه من الإنذار كالصم

٤٦

{ولئن مستهم نفحة} وقعة خفيفة {من عذاب ربك ليقولن يا} للتنبيه {ويلنا} هلاكنا {إنا كنا ظالمين} بالإشراك وتكذيب محمد

٤٧

{ونضع الموازين القسط} ذوات العدل {ليوم القيامة} أي فيه {فلا تظلم نفس شيئا} من نقص حسنة أو زيادة سيئة {وإن كان} العمل {مثقال} زنة {حبة من خردل أتينا بها} بموزونها {وكفى بنا حاسبين} محصين كل شيء

٤٨

{ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} أي التوراة الفارقة بين الحق والباطل والحلال والحرام {وضياء} بها {وذكرا} عظة بها {للمتقين}

٤٩

{الذين يخشون ربهم بالغيب} عن الناس أي في الخلاء عنهم {وهم من الساعة} أي أهوالها {مشفقون} خائفون

٥٠

{وهذا} أي القرآن {ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون} الاستفهام فيه للتوبيخ

٥١

{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل} أي هداه قبل بلوغه {وكنا به عالمين} أي بأنه أهل لذلك

٥٢

{إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل} الأصنام {التي أنتم لها عاكفون} أي على عبادتها مقيمون

٥٣

{قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين} فاقتدينا بهم

٥٤

{قال} لهم {لقد كنتم أنتم وآباؤكم} بعبادتها {في ضلال مبين} بين

٥٥

{قالوا أجئتنا بالحق} في قولك هذا {أم أنت من اللاعبين} فيه

٥٦

{قال بل ربكم} المستحق للعبادة {رب} مالك {السماوات والأرض الذي فطرهن} خلقهن على غير مثال سبق {وأنا على ذلكم} الذي قلته {من الشاهدين} به

٥٧

{وتاللّه لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين}

٥٨

{فجعلهم} بعد ذهابهم إلى مجتمعهم في يوم عيد لهم {جذاذا} بضم الجيم وكسرها فتاتا بفأس {إلا كبيرا لهم} علق الفأس في عنقه {لعلهم إليه} أي إلى الكبير {يرجعون} فيروا ما فعل بغيره

٥٩

{قالوا} بعد رجوعهم ورؤيتهم ما فعل {من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين} فيه

٦٠

{قالوا} أي بعضهم لبعض {سمعنا فتى يذكرهم} أي يعيبهم {يقال له إبراهيم}

٦١

{قالوا فأتوا به على أعين الناس} أي ظاهرا {لعلهم يشهدون} عليه أنه الفاعل

٦٢

{قالوا} بعد إتيانه {أأنت} بتحقيق الهمزتينن وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه {فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم}

٦٣

{قال} ساكتا عن فعله {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم} عن فاعله {إن كانوا ينطقون} فيه تقديم جواب الشرط وفيما قبله تعريض لهم بأن الصنم المعلوم عجزه عن الفعل لا يكون إلاها

٦٤

{فرجعوا إلى أنفسهم} بالتفكر {فقالوا} لأنفسهم {إنكم أنتم الظالمون} أي بعبادتكم من لا ينطق

٦٥

{ثم نكسوا} من اللّه {على رؤوسهم} أي ردوا إلى كفرهم وقالوا واللّه {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} أي فكيف تأمرنا بسؤالهم

٦٦

{قال أفتعبدون من دون اللّه} أي بدله {ما لا ينفعكم شيئا} من رزق وغيره {ولا يضركم} شيئا إذا لم تعبدوه

٦٧

{أف} بكسر الفاء وفتحها بمعنى مصدر أي نتنا وقبحا {لكم ولما تعبدون من دون اللّه} أي غيره {أفلا تعقلون} أن هذه الأصنام لا تستحق العبادة ولا تصلح لها وإنما يستحقها اللّه تعالى

٦٨

{قالوا حرقوه} أي إبراهيم {وانصروا آلهتكم} أي بتحريقه {إن كنتم فاعلين} نصرتها فجمعوا له الحطب الكثير وأضرموا النار في جميعه وأوثقوا إبراهيم وجعلوه في منجنيق ورموه في النار

٦٩

{قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} فلم تحرق منه غير وثاقه وذهبت حرارتها وبقيت إضاءتها وبقوله وسلاما سلم من الموت ببردها

٧٠

{وأرادوا به كيدا} وهو التحريق {فجعلناهم الأخسرين} في مرادهم

٧١

{ونجيناه ولوطا} ابن أخيه هاران من العراق {إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} بكثرة الأنهار والأشجار وهي الشام نزل إبراهيم بفلسطين ولوط بالمؤتفكة وبينهما يوم

٧٢

{ووهبنا له} أي لإبراهيم وكان سأل ولدا كما ذكر في الصافات {إسحاق ويعقوب نافلة} أي زيادة على المسئول أو هو ولد الولد {وكلا} أي هو وولداه {جعلنا صالحين} أنبياء

٧٣

{وجعلناهم أئمة} بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء يقتدى بهم في الخير {يهدون} الناس {بأمرنا} إلى ديننا {وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} أي أن تفعل وتقام وتؤتى منهم ومن أتباعهم وحذف هاء إقامة تخفيف {وكانوا لنا عابدين}

٧٤

{ولوطا آتيناه حكما} فصلا بين الخصوم {وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل} أي أهلها الأعمال {الخبائث} من اللواط والرمي بالبندق واللعب بالطيور وغير ذلك {إنهم كانوا قوم سوء} مصدر ساءه نقيض سره {فاسقين}

٧٥

{وأدخلناه في رحمتنا} بأن أنجيناه من قومه {إنه من الصالحين}

٧٦

واذكر {ونوحا} وما بعده بدل منه {إذ نادى} دعا على قومه بقوله رب لا تذر الخ {من قبل} أي قبل إبراهيم ولوط {فاستجبنا له فنجيناه وأهله} الذين في سفينته {من الكرب العظيم} أي الغرق وتكذيب قومه له

٧٧

{ونصرناه} منعناه {من القوم الذين كذبوا بآياتنا} الدالة على رسالته أن لا يصلوا إليه بسوء {إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين}

٧٨

واذكر {وداود وسليمان} أي قصتهما ويبدل منهما {إذ يحكمان في الحرث} هو زرع أو كرم {إذ نفشت فيه غنم القوم} أي رعته ليلا بلا راع بأن انفلتت {وكنا لحكمهم شاهدين} فيه استعمال ضمير الجمع لاثنين قال داوود لصاحب الحرث رقاب الغنم وقال سليمان ينتفع بدرها ونسلها وصوفهاالى أن يعود الحرث كما كان بإصلاح صاحبها فيردها إليه

٧٩

{ففهمناها} أي الحكومة {سليمان} وحكمهما باجتهاد ورجع داود إلى سليمان وقيل بوحي والثاني ناسخ للأول {وكلا} منهما {آتينا} ـه {حكما} نبوة {وعلما} بامور الدين {وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير} كذلك سخر للتسبيح معه لأمره به إذا وجد فترة لينشط له {وكنا فاعلين} تسخير تسبيحهما معه وإن كان عجبا عندكم أي مجاوبته للسيد دود

٨٠

{وعلمناه صنعة لبوس} وهي الدرع لأنها تلبس وهو أول من صنعها وكان قبلها صفائح {لكم} في جملة الناس {لتحصنكم} بالنون للّه وبالتحتانية لداود وبالفوقانية للبوس {من بأسكم} حربكم مع أعدائكم {فهل أنتم} يا أهل مكة {شاكرون} نعمتي بتصديق الرسول اشكروني بذلك

٨١

وسخرنا {ولسليمان الريح عاصفة} وفي آية أخرى رخاء أي شديدة الهبوب وخفيفته بحسب إرادته {تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} وهي الشام {وكنا بكل شيء عالمين} من ذلك علم اللّه تعالى بأن ما يعطيه سليمان يدعوه للخضوع لربه ففعله تعالى على مقتضى علمه

٨٢

وسخرنا {ومن الشياطين من يغوصون له} يدخلون في البحر فيخرجون منه الجواهر لسليمان {ويعملون عملا دون ذلك} أي سوى الغوص من البناء وغيره {وكنا لهم حافظين} من أن يفسدوا ما عملوا لأنهم كانوا إذا فرغوا من عمل قبل الليل أفسدوه إن لم يشتغلوا بغيره

٨٣

واذكر {وأيوب} ويبدل منه {إذ نادى ربه} لما ابتلي بفقد جميع ماله وولده وتمزيق جسده وهجر جميع الناس له إلا زوجته سنين ثلاثا أو سبعا أو ثماني عشرة وضيق عيشه {أني} بفتح الهمزة بتقدير الباء {مسني الضر} أي الشدة {وأنت أرحم الراحمين}

٨٤

{فاستجبنا له} نداءه {فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله} أولاده الذكور والإناث بأن احيوا له وكل من الصنفين ثلاث أو سبع {ومثلهم معهم} من زوجته وزيد في شبابها وكان له أندر للقمح وأندر للشعير فبعث اللّه سحابتين أفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض {رحمة} مفعول له {من عندنا} صفة {وذكرى للعابدين} ليصبروا فيثابوا

٨٥

واذكر {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين} على طاعة اللّه وعن معاصيه

٨٦

{وأدخلناهم في رحمتنا} من النبوة {إنهم من الصالحين} لها وسمي ذا الكفل لأنه تكفل بصيام جميع نهاره وقيام جميع ليله وأن يقضي بين الناس ولا يغضب فوفى بذلك وقيل لم يكن نبيا

٨٧

واذكر {وذا النون} صاحب الحوت وهو يونس بن متى ويبدل منه {إذ ذهب مغاضبا} لقومه أي غضبان عليهم مما قاسى منهم ولم يؤذن له في ذلك {فظن أن لن نقدر عليه} أي نقضي عليه ما قضيناه من حبسه في بطن الحوت أو نضيق عيه بذلك {فنادى في الظلمات} ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت {أن} أي بأن {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} في ذهابي من بين قومي بلا إذن

٨٨

{فاستجبنا له ونجيناه من الغم} بتلك الكلمات {وكذلك} كما نجيناه {ننجي المؤمنين} من كربهم إذا استغاثوا بنا داعين

٨٩

واذكر {وزكريا} ويبدل منه {إذ نادى ربه} بقوله {رب لا تذرني فردا} أي بلا ولد يرثني {وأنت خير الوارثين} الباقي بعد فناء خلقك

٩٠

{فاستجبنا له} نداءه {ووهبنا له يحيى} ولدا {وأصلحنا له زوجه} فأتت بالولد بعد عقمها {إنهم} أي من ذكر الأنبياء {كانوا يسارعون} يبادرون {في الخيرات} الطاعات {ويدعوننا رغبا} في رحمتنا {ورهبا} من عذابنا {وكانوا لنا خاشعين} متواضعين في عبادنهم

٩١

واذكر مريم {والتي أحصنت فرجها} حفظته من أن ينال {فنفخنا فيها من روحنا} أي جبريل حيث نفخ في جييب درعها فحملت بعيسى {وجعلناها وابنها آية للعالمين} الإنس والجن والملائكة حيث ولدته من غير فحل

٩٢

{إن هذه} أي ملة الإسلام {أمتكم} دينكم أيها المخاطبون أي يجب أن تكونوا عليها {أمة واحدة} حال لازمة {وأنا ربكم فاعبدون} وحدون

٩٣

{وتقطعوا} أي بعض المخاطبين {أمرهم بينهم} أي تفرقوا أمر دينهم متخالفين فيه وهم طوائف اليهود والنصارى {كل إلينا راجعون} أي فنجازيه بعمله

٩٤

{فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران} أي لاجحود {لسعيه وإنا له كاتبون} بأن نأمر الحفظة بكتبه فنجازيه عليه

٩٥

{وحرام على قرية أهلكناها} اريد أهلها {أنهم لا} زائدة {يرجعون} أي ممتنع رجوعهم إلى الدنيا

٩٦

{حتى} غاية لامتناع رجوعهم {إذا فتحت} بالتخفيف والتشديد {يأجوج ومأجوج} بالهمز وتركه اسمان أعجميان لقبيلتين ويقدر قبله مضاف أي سدهما وذلك قرب القيامة {وهم من كل حدب} مرتفع من الأرض {ينسلون} يسرعون

٩٧

{واقترب الوعد الحق} أي يوم القيامة {فإذا هي} أي القصة {شاخصة أبصار الذين كفروا} في ذلك اليوم لشدته يقولون {يا} للتنبيه {ويلنا} هلاكنا {قد كنا} في الدنيا {في غفلة من هذا} اليوم {بل كنا ظالمين} أنفسنا بتكذيبنا الرسل

٩٨

{إنكم} يا أهل مكة {وما تعبدون من دون اللّه} أي غيره من الأوثان {حصب جهنم} وقودها {أنتم لها واردون} داخلون فيها

٩٩

{لو كان هؤلاء} الأوثان {آلهة} كما زعمتم {ما وردوها} دخلوها {وكل} من العابدين والمعبودين {فيها خالدون}

١٠٠

{لهم} للعابدين {فيها زفير وهم فيها لا يسمعون} شيئا لشدة غليانها ونزل لما قال ابن الزبعري عبد العزيز والمسيح والملائكة فهم في النار على مقتضى ما تقدم

١٠١

{إن الذين سبقت لهم منا} المنزلة {الحسنى} ومنهم من ذكر {أولئك عنها مبعدون}

١٠٢

{لا يسمعون حسيسها} صوتها {وهم في ما اشتهت} من النعيم {أنفسهم}

١٠٣

{لا يحزنهم الفزع الأكبر} وهو أن يؤمر بالعبد إلى النار {وتتلقاهم} تستقبلهم {الملائكة} عند خروجهم من القبور يقولون لهم {هذا يومكم الذي كنتم توعدون} في الدنيا

١٠٤

{يوم} منصوب باذكر مقدرا قبله {نطوي السماء كطي السجل} اسم ملك {للكتب} صحيفة ابن آدم عند موته واللام زائدة أو السجل الصحيفة والكتتتاب بمعنى مكتوب واللام بمعنى على وفي قرأءة للكتب جمعا {كما بدأنا أول خلق} من عدم {نعيده} بعد إعدامه فالكاف متعلقة بنعيد وضميره عائد إلى أول وما مصدرية {وعدا علينا} منصوب بوعدنا مقدرا قبله وهو مؤكد لمضمون ما قبله {إنا كنا فاعلين} ما وعدنا

١٠٥

{ولقد كتبنا في الزبور} بمعنى الكتاب أي كتب اللّه المنزلة {من بعد الذكر} بمعنى أم الكتاب الذي عند اللّه {أن الأرض} أرض الجنة {يرثها عبادي الصالحون} عام في كل صالح

١٠٦

{إن في هذا} القرآن {لبلاغا} كفاية في دخول الجنة {لقوم عابدين} عاملين به

١٠٧

{وما أرسلناك} يامحمد {إلا رحمة} أي للرحمة {للعالمين} الإنس والجن بك

١٠٨

{قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} أي ما يوحى إلي في أمر الإله إلا وحدانيته {فهل أنتم مسلمون} منقادون لما يوحى إلي من وحدانية الإله والاستفهام بمعنى الأمر

١٠٩

{فإن تولوا} عن ذلك {فقل آذنتكم} بالحرب {على سواء} حال من الفاعل والمفعول أي مستوين في علمه لا أستبد به دونكم لتتأهبوا {وإن} ما {أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} من العذاب أو القيامة المشتملة عليه وإنما يعلمه اللّه

١١٠

{إنه} تعالى {يعلم الجهر من القول} والفعل منكم ومن غيركم {ويعلم ما تكتمون} أنتم وغيركم من السر

١١١

{وإن} ما {أدري لعله} أي ما أعلمتكم به ولم يعلم وقته {فتنة} اختبار {لكم} ليرى كيف صنعكم {ومتاع} تمتع {إلى حين} أي انقضاء آجالكم وهذا مقابل للأول المترجى بلعل وليس الثاني محلا للترجي

١١٢

{قال} وفي قرأءة قال {رب احكم} بيني وبين مكذبي {بالحق} بالعذاب لهم أو النصر عليهم فعذبوا ببدر وأحد وحنين والأحزاب والخندق ونصر عليهم {وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون} من كذبكم على اللّه في قولكم اتخذ ولدا وعلي في قولكم ساحر وعلى القرآن في قولكم شعر

﴿ ٠