سورة لقمان١{الم} اللّه أعلم بمراده به ٢{تلك} هذه الآيات {آيات الكتاب} القرآن {الحكيم} ذي الحكمة والإضافة بمعنى من ٣هو {هدى ورحمة} بالرفع {للمحسنين} وفي قرأءة العامة بالنصب حالا من الآيات العامل فيها ما في تلك من معنى الاشارة ٤{الذين يقيمون الصلاة} بيان للمحسنين {ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} هم الثاني تأكيد ٥{أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} الفائزون ٦{ومن الناس من يشتري لهو الحديث} أي ما يلهي منه عما يعني {ليضل} بفتح الياء وضمها {عن سبيل اللّه} طريق الإسلام {بغير علم ويتخذها} بالنصب عطفا على يضل وبالرفع عطفا على يشتري {هزوا} مهزوءا بها {أولئك لهم عذاب مهين} ذو إهانة ٧{وإذا تتلى عليه آياتنا} القرآن {ولى مستكبرا} متكبرا {كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا} صمما وجملتا التشبيه حالان من ضمير ولى أو الثانية بيان للاولى {فبشره} أعلمه {بعذاب أليم} مؤلم وذكر البشارة تهكم به وهو النضر بن الحارث كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب أخبار الأعاجم ويحدث بها أهل مكة ويقول إن محمدا يحدثكم أحاديث عاد وثمود وأنا أحدثكم أحاديث فارس والروم فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ٨{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم} ٩{خالدين فيها} حال مقدرة أي مقدرا خلودهم فيها إذا دخلوها {وعد اللّه حقا} أي وعدهم اللّه بذلك وحقه حقا {وهو العزيز} الذي لا يغلبه شيء فيمنعه من إنجاز وعده ووعيده {الحكيم} الذي لا يضع شيئا إلا في محله ١٠{خلق السماوات بغير عمد ترونها} العمد جمع عماد وهو الأسطوانة وهو صادق بأن لاعمد أصلا {وألقى في الأرض رواسي} جبالا مرتفعة لـ {أن} لا {تميد} تتحرك {بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا} فيه التفات عن الغيبة {من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم} صنف حسن ١١{هذا خلق اللّه} مخلوقه {فأروني} أخبروني يا أهل مكة {ماذا خلق الذين من دونه} غيره أي آلهتهم حتى أشركتموها به تعالى وما استفهام إنكار مبتدأ وذا بمعنى الذي بصلته خبره وأروني معلق عن العمل وما بعده سد مسد المفعولين {بل} للانتقال {الظالمون في ضلال مبين} بين بإشراكهم وأنتم منهم ١٢{ولقد آتينا لقمان الحكمة} منها العلم والديانة والاصابة في القول والحكمة كثيرة مأثورة كان يفتي قبل بعثة داود وأدرك بعثته وأخذ عنه العلم وترك الفتيا وقال في ذلك ألا أكتفي اذا كفيت وقيل له أي الناس شر قال الذي لا يبالي إن رآه الناس مسيئا {أن} وقلنا له أن {اشكر للّه} ما أعطاك من الحكمة {ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه} لأن ثواب شكره له {ومن كفر} النعمة {فإن اللّه غني} عن خلقه {حميد} محمود في صنعه ١٣واذكر {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني} تصغير إشفاق {لا تشرك باللّه إن الشرك} باللّه {لظلم عظيم} فرجع إليه وأسلم ١٤{ووصينا الإنسان بوالديه} أمرناه أن يبرهما {حملته أمه} فوهنت {وهنا على وهن} ضعفت للحمل وضعفت للطلق وضعفت للولادة {وفصاله} أي فطامه {في عامين} وقلنا له {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} أي المرجع ١٥{وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم} موافقة للواقع {فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} بالمعروف البر والصلة {واتبع سبيل} طريق {من أناب} رجع {إلي} بالطاعة {ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} فاجازيكم عليه وجملة الوصية وما بعدها اعتراض ١٦{يا بني إنها} الخصلة السيئة {إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض} أي في أخفى مكان من ذلك {يأت بها اللّه} فيحاسب عليها {إن اللّه لطيف} باستخراجها {خبير} بمكانها ١٧{يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك} بسبب الأمر والنهي {إن ذلك} المذكور {من عزم الأمور} معزوماتها التي يعزم عليها لوجوبها ١٨{ولا تصعر} وفي قرأءة تصاعر {خدك للناس} لا تمل وجهك عنهم تكبرا {ولا تمش في الأرض مرحا} خيلاء {إن اللّه لا يحب كل مختال} متبختر في مشيه {فخور} على الناس ١٩{واقصد في مشيك} توسط فيه بين الدبيب والاسراع وعليك السكينة والوقار {واغضض} اخفض {من صوتك إن أنكر الأصوات} أقبحها {لصوت الحمير} أوله زفير وآخره شهيق ٢٠{ألم تروا} تعلموا يا مخاطبين {أن اللّه سخر لكم ما في السماوات} من الشمس والقمر والنجوم لتنتفعوا بها {وما في الأرض} من الثمار والأنهار والدواب {وأسبغ} أوسع وأتم {عليكم نعمه ظاهرة} وهي حسن الصورة وتسوية الأعضاء وغير ذلك {وباطنة} هي المعرفة وغيرها {ومن الناس} أهل مكة {من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى} من رسول {ولا كتاب منير} أنزله اللّه بل بالتقليد ٢١{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا} قال تعالى {أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير} أي موجباته لا ٢٢{ومن يسلم وجهه إلى اللّه} يقبل على طاعته {وهو محسن} موحد {فقد استمسك بالعروة الوثقى} بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه {وإلى اللّه عاقبة الأمور} مرجعها ٢٣{ومن كفر فلا يحزنك} يا محمد {كفره} لا تهتم بكفره {إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن اللّه عليم بذات الصدور} بما فيها كغيره فمجاز عليه ٢٤{نمتعهم} في الدنيا {قليلا} أيام حياتهم {ثم نضطرهم} في الآخرة {إلى عذاب غليظ} وهو عذاب النار لا يجدون عنه محيصا ٢٥{ولئن} لام قسم {سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن اللّه} حذف منه نون الرفع لتوالي الأمثال وواو الضمير لالتقاء الساكنين {قل الحمد للّه} على ظهور الحجة عليهم بالتوحيد {بل أكثرهم لا يعلمون} وجوبه عليهم ٢٦{للّه ما في السماوات والأرض} ملكا وخلقا وعبيدا فلا يستحق العبادة فيهما غيره {إن اللّه هو الغني} عن خلقه {الحميد} المحمود في صنعه ٢٧{ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر} عطف على اسم أن {يمده من بعده سبعة أبحر} مدادا {ما نفدت كلمات اللّه} المعبر بها عن معلوماته بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك لأن معلوماته تعالى غير متناهية {إن اللّه عزيز} لا يعجزه شيء {حكيم} لا يخرج شيء عن علمه وحكمته ٢٨{ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} خلقا وبعثا لأنه بكلمة كن فيكون {إن اللّه سميع} يسمع كل مسموع {بصير} يبصر كل مبصر لا يشغله شيء عن شيء ٢٩{ألم تر} تعلم يا مخاطب {أن اللّه يولج} يدخل {الليل في النهار ويولج النهار} يدخله {في الليل} فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر {وسخر الشمس والقمر كل} منهما {يجري} في فلكه {إلى أجل مسمى} هو يوم القيامة {وأن اللّه بما تعملون خبير} ٣٠{ذلك} المذكور {بأن اللّه هو الحق} الثابت {وأن ما يدعون} بالياء والتاء يعبدون {من دونه الباطل} الزائل {وأن اللّه هو العلي} على خلقه بالقهر {الكبير} العظيم ٣١{ألم تر أن الفلك} السفن {تجري في البحر بنعمة اللّه ليريكم} يا مخاطبين بذلك {من آياته إن في ذلك لآيات} عبرا {لكل صبار} عن معاصي اللّه {شكور} لنعمته ٣٢{وإذا غشيهم} أي علا الكفار {موج كالظلل} كالجبال التي تظل من تحتها {دعوا اللّه مخلصين له الدين} الدعاء بأن يجنبهم أي لا يدعون معه غيره {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} متوسط بين الكفر والإيمان ومنهم باق على كفره {وما يجحد بآياتنا} ومنها الإنجاء من الموج {إلا كل ختار} غدار {كفور} لنعم اللّه تعالى ٣٣{يا أيها الناس} أهل مكة {اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي} يغني {والد عن ولده} فيه شيئا {ولا مولود هو جاز عن والده} فيه {شيئا إن وعد اللّه حق} بالبعث {فلا تغرنكم الحياة الدنيا} عن الإسلام {ولا يغرنكم باللّه} في حلمه وإمهاله {الغرور} الشيطان ٣٤{إن اللّه عنده علم الساعة} متى تقوم {وينزل} بالتخفيف والتشديد {الغيث} بوقت يعلمه {ويعلم ما في الأرحام} أذكر أم أنثى ولا يعلم واحدا من الثلاثة غير اللّه تعالى {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا} من خير أو شر ويعلمه اللّه تعالى {وما تدري نفس بأي أرض تموت} ويعلمه اللّه تعالى {إن اللّه عليم} بكل شيء {خبير} بباطنه كظاهره روى البخاري عن ابن عمر حديث مفاتيح الغيب خمسة إن اللّه عنده علم الساعة إلى آخر السورة |
﴿ ٠ ﴾