سورة الحديد١{سبح للّه ما في السماوات والأرض} أي نزهه كل شيء فاللام مزيدة وجيء بما دون من تغليبا للأكثر {وهو العزيز} في ملكه {الحكيم} في صنعه ٢{له ملك السماوات والأرض يحيي} بالإنشاء {ويميت} بعده {وهو على كل شيء قدير} ٣ {هو الأول} قبل كل شيء بلا بداية {والآخر} بعد كل شيء بلا نهاية {والظاهر} بالأدلة عليه {والباطن} عن إدراك الحواس {وهو بكل شيء عليم} ٤ {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام} من الدنيا أولها الأحد وآخرها الجمعة {ثم استوى على العرش} الكرسي استواء يليق به {يعلم ما يلج} يدخل {في الأرض} كالمطر والأموات {وما يخرج منها} كالنبات والمعادن {وما ينزل من السماء} كالرحمة والعذاب {وما يعرج} يصعد {فيها} كالأعمال الصالحة والسيئة {وهو معكم} بعلمه {أين ما كنتم واللّه بما تعملون بصير} ٥ {له ملك السماوات والأرض وإلى اللّه ترجع الأمور} الموجودات جميعها ٦{يولج الليل} يدخله {في النهار} فيزيد وينقص الليل {ويولج النهار في الليل} فيزيد وينقص النهار {وهو عليم بذات الصدور} بما فيها من الأسرار والمعتقدات ٧{آمنوا} داوموا على الإيمان {باللّه ورسوله وأنفقوا} في سبيل اللّه {مما جعلكم مستخلفين فيه} من مال من تقدمكم وسيخلفكم فيه من بعدكم نزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك {فالذين آمنوا منكم وأنفقوا} إشارة إلى عثمان رضي اللّه عنه {لهم أجر كبير} ٨ {وما لكم لا تؤمنون} خطاب للكفار أي لا مانع لكم من الإيمان {باللّه والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ} بضم الهمزة وكسر الخاء وبفتحها ونصب ما بعده {ميثاقكم} عليه أي أخذه اللّه في عالم الذرحين أشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى {إن كنتم مؤمنين} أي مريدين الإيمان به فبادروا إليه ٩{هو الذي ينزل على عبده آيات بينات} آيات القرآن {ليخرجكم من الظلمات} الكفر {إلى النور} الإيمان {وإن اللّه بكم} في إخراجكم من الكفر إلى الإيمان {لرؤوف رحيم} ١٠وما لكم} بعد إيمانكم {ألا} فيه إدغام نون أن في لام لا {تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السماوات والأرض} بما فيهما فتصل إليه أموالكم من غير أجر الإنفاق بخلاف ما لو أنفقتم فتؤجرون {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح} لمكة {وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا} من الفريقين وفي قرأءة بالرفع مبتدأ {وعد اللّه الحسنى} الجنة {واللّه بما تعملون خبير} فيجازيكم به ١١{من ذا الذي يقرض اللّه} بإنفاق ماله في سبيل اللّه {قرضا حسنا} بأن ينفقه للّه {فيضاعفه} وفي قرأءة فيضعفه بالتشديد {له} من عشر إلى أكثر من سبعمائة كما ذكر في البقرة {وله} مع المضاعفة {أجر كريم} مقترن به رضا وإقبال ١٢اذكر {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم} أمامهم يكون {وبأيمانهم} ويقال لهم {بشراكم اليوم جنات} أي ادخلوها {تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم} ١٣ {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا} أبصرونا وفي قرأءة بفتح الهمزة وكسر الظاء أمهلونا {نقتبس} نأخذ القبس والإضاءة {من نوركم قيل} لهم استهزاء بهم {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} فرجعوا {فضرب بينهم} وبين المؤمنين {بسور} قيل هو سور الأعراف {له باب باطنه فيه الرحمة} من جهة المؤمنين {وظاهره} من جهة المنافقين {من قبله العذاب} ١٤ {ينادونهم ألم نكن معكم} على الطاعة {قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم} بالنفاق {وتربصتم} بالمؤمنين الدوائر {وارتبتم} شككتم في دين الإسلام {وغرتكم الأماني} الأطماع {حتى جاء أمر اللّه} الموت {وغركم باللّه الغرور} الشيطان ١٥{فاليوم لا يؤخذ} بالتاء والياء {منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم} أولى بكم {وبئس المصير} هي ١٦{ألم يأن} يحن {للذين آمنوا} نزلت في شأن الصحابة لما أكثروا المزاح {أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه وما نزل} بالتشديد والتخفيف {من الحق} القرآن {ولا يكونوا} معطوف على تخشع {كالذين أوتوا الكتاب من قبل} هم اليهود والنصارى {فطال عليهم الأمد} الزمن بينهم وبين أنبيائهم {فقست قلوبهم} لم تلن لذكر اللّه {وكثير منهم فاسقون} ١٧{اعلموا} خطاب للمؤمنين المذكورين {أن اللّه يحيي الأرض بعد موتها} بالنبات فكذلك يفعل بقلوبكم يردها إلى الخشوع {قد بينا لكم الآيات} الدالة على قدرتنا بهذا وغيره {لعلكم تعقلون} ١٨{إن المصدقين} من التصدق أدغمت التاء في الصاد أي الذين تصدقوا {والمصدقات} اللاتي تصدقن وفي قرأءة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق الإيمان {وأقرضوا اللّه قرضا حسنا} راجع إلى الذكور والاناث بالتغليب وعطف الفعل على الاسم في صلة أل لأنه فيها حل محل الفعل وذكر القرض بوصفه بعد التصديق تقييد له {يضاعف} وفي قرأءة يضعف بالتشديد أي قرضهم {لهم ولهم أجر كريم} ١٩{والذين آمنوا باللّه ورسله أولئك هم الصديقون} المبالغون في التصديق {والشهداء عند ربهم} على المكذبين من الأمم {لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} الدالة على وحدانيتنا {أولئك أصحاب الجحيم} النار ٢٠{اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة} تزيين {وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد} أي الاشتغال فيها وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة {كمثل} أي هي في إعجابها لكم واضمحلالها كمثل {غيث} مطر {أعجب الكفار} الزراع {نباته} الناشيء عنه {ثم يهيج} ييبس {فتراه مصفرا ثم يكون حطاما} فتاتا يضمحل بالرياح {وفي الآخرة عذاب شديد} لمن آثر عليها الدنيا {ومغفرة من اللّه ورضوان} لمن لم يؤثر عليها الدنيا {وما الحياة الدنيا} ما التمتع فيها {إلا متاع الغرور} ٢١{سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض} لو وصلت إحداهما بالأخرى والعرض والسعة {أعدت للذين آمنوا باللّه ورسله ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم} ٢٢{ما أصاب من مصيبة في الأرض} بالجدب {ولا في أنفسكم} كالمرض وفقد الولد {إلا في كتاب} يعني اللوح المحفوظ {من قبل أن نبرأها} نخلقها ويقال في النعمة كذلك {إن ذلك على اللّه يسير} ٢٣{لكيلا} كي ناصبة للفعل بمعنى أن اخبر تعالى بذلك لئلا {تأسوا} تحزنوا {على ما فاتكم ولا تفرحوا} فرح بطر بل فرح شكر على النعمة {بما آتاكم} بالمد أعطاكم وبالقصر جاءكم منه {واللّه لا يحب كل مختال} متكبر بما اوتي {فخور} به على الناس ٢٤{الذين يبخلون} بما يجب عليهم {ويأمرون الناس بالبخل} به لهم وعيد شديد {ومن يتول} عما يجب عليه {فإن اللّه هو} ضمير فصل وفي قرأءة بسقوطه {الغني} عن غيره {الحميد} لأوليائه ٢٥{لقد أرسلنا رسلنا} الملائكة إلى الأنبياء {بالبينات} بالحجج القواطع {وأنزلنا معهم الكتاب} بمعنى الكتب {والميزان} العدل {ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد} أخرجناه من المعادن {فيه بأس شديد} يقاتل به {ومنافع للناس وليعلم اللّه} علم مشاهدة معطوف على ليقوم الناس {من ينصره} بأن ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره {ورسله بالغيب} حال من هاء ينصره أي غائبا عنهم في الدنيا قال ابن عباس ينصرونه ولا يبصرونه {إن اللّه قوي عزيز} لا حاجة له إلى النصرة لكنها تنفع من يأتي بها ٢٦{ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب} يعني الكتب الأربعة التوراة والانجيل والزبور والفرقان فإنها في ذرية إبراهيم {فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون} ٢٧{ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية} هي رفض النساء واتخاذ الصوامع {ابتدعوها} من قبل انفسهم {ما كتبناها عليهم} ما أمرناهم بها {إلا} لكن فعلوها {ابتغاء رضوان} مرضاة {اللّه فما رعوها حق رعايتها} إذ تركها كثير منهم وكفروا بدين عيسى ودخلوا في دين ملكهم وبقي على دين عيسى كثير منهم فآمنوا بنبينا {فآتينا الذين آمنوا} به {منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون} ٢٨{يا أيها الذين آمنوا} بعيسى {اتقوا اللّه وآمنوا برسوله} محمد صلى اللّه عليه وسلم وعيسى {يؤتكم كفلين} نصيبين {من رحمته} لايمانكم بالنبيين {ويجعل لكم نورا تمشون به} على الصراط {ويغفر لكم واللّه غفور رحيم} ٢٩{لئلا يعلم} أعلمكم بذلك ليعلم {أهل الكتاب} التوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والمعنى أنهم {ألا يقدرون على شيء من فضل اللّه} خلاف ما في زعمهم أنهم أحباء اللّه وأهل رضوانه {وأن الفضل بيد اللّه يؤتيه} يعطيه {من يشاء} فأتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما نقدم {واللّه ذو الفضل العظيم} |
﴿ ٠ ﴾