٧١ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث أي لم تذلل للكراب وسقى الحرث ولا ذلول صفة لبقرة بمعنى غير ذلول ولا الثانية لتأكيد الأولى والفعلان صفتا ذلول كأنه قيل لا ذلول مثيرة وساقية وقرئ لا ذلول بالفتح أي حيث هي كقولك مررت برجل لا بخيل ولا جبان أي حيث هو وقرئ تسقى من اسقى مسلمة أي سلمها اللّه تعالى من العيوب أو اهلها من العمل أو خلص لها لونها من سلم له كذا اذا خلص له ويؤيده قوله تعالى لا شية فيها أي لا لون فيها يخالف لون جلدها حتى قرنها وظلفها وهي في الاصل مصدر وشاه وشيا وشية اذا خلط بلونه لونا آخر قالوا عند ما سمعوا هذه النعوت الآن جئت بالحق أي بحقيقة وصف البقرة بحيث ميزتها عن جميع ما عداها ولم يبق لنا في شانها اشتباه اصلا بخلاف المرتين الاوليين فإن ما جئت به فيهما لم يكن في التعيين بهذه المرتبة ولعلهم كانوا قبل ذلك قد رأوها ووجدوها جامعة لجميع ما فصل من الاوصاف المشروحة في المرات الثلاث من غير مشارك لها فيما عد في المرة الاخيرة والا فمن اين عرفوا اختصاص النعوت الاخيرة بها دون غيرها وقرئ آلآن بالمد على الاستفهام والآن بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام فذبحوها الفاء فصيحة كما في فانفجرت أي فحصلوا البقرة فذبحوها وما كادوا يفعلون كاد من افعال المقاربة وضع لدنو الخبر من الحصول والجملة حال من ضمير ذبحوا أي فذبحوها والحال انهم كانوا قبل ذلك بمعزل منه أو اعتراض تذييلي ومآله استثقال استعصائهم واستبطاء لهم وانهم لفرط تطويلهم وكثرة مراجعاتهم ما كاد ينتهي خيط اسهابهم فيها قيل مضى من اول الامر الى الامتثال اربعون سنة وقيل وما كادوا يفعلون ذلك لغلاء ثمنها روى انه كان في بني اسرائيل شيخ صالح له عجلة فأني بها الغيضة وقال اللّهم اني استودعتكها لا بني حتى يكبر وكان برا بوالديه فتوفي الشيخ وشبت العجلة فكانت من احسن البقر وأسمنها فساوموها اليتيم وامه حتى اشتروها بملء مسكها ذهبا لما كانت وحيدة بالصفات المذكورة وكانت البقرة اذ ذاك بثلاثة دنانير واعلم انه لا خلاف في ان مدلول ظاهر النظم الكريم بقرة مطلقة مبهمة وأن الامتثال في آخر الأمر إنما وقع بذبح بقرة معينة حتى لو ذبحوا غيرها ما خرجوا عن عهدة الأمر لكن اختلف في أن المراد المأمور به اثر ذي اثير هل هي المعينة وقد أخر البيان عن وقت الخطاب أو المبهمة ثم لحقها التغيير الى المعينة بسبب تثاقلهم في الامتثال وتماديهم في التعمق والاستكشاف فذهب بعضهم الى الأول تمسكا بأن الضمائر في الأجوبة اعنى انها بقرة الى آخر للمعينة قطعا ومن قضيته ان يكون في السؤال ايضا كذلك ولا ريب في ان السؤال إنما هو عن البقرة المأمور بذبحها فتكون هي المعينة وهو مدفوع بأنهم لما تعجبوا من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا ظنوها معينة خارجه عما عليه الجنس من الصفات والخواص فسألوا عنها فرجعت الضمائر الى المعينة في زعمهم واعتقادهم فعينها اللّه تعالى تشديدا عليهم وإن لم يكن المراد من اول الامر هي المعينة والحق انها كانت في اول الامر مبهمة بحيث لوذبحوا أية بقرة كانت لحصل الامتثال بدلالة ظاهر النظم الكريم وتكرير الأمر قبل بيان اللون وما بعده من كونها مسلمة الخ وقد قال صلى اللّه عليه و سلم لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم وروى مثله عن رئيس المفسرين عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما ثم رجع الحكم الأول منسوخا بالثاني والثاني بالثالث تشديدا عليهم لكن لا على وجه ارتفاع حكم المطلق بالكلية وانتقاله إلى المعين بل على طريقة تقييده وتخصصه به شيئا فشيئا كيف لا ولو لم يكن كذلك لما عدت مراجعاتهم المحكية من قبيل الجنايات بل من قبيل العبادة فإن الامتثال بالأمر بدون الوقوف على المأمور به مما لا يكاد يتسنى فتكون سؤالاتهم من باب الاهتمام بالامتثال |
﴿ ٧١ ﴾