٩٤

قل كرر الأمر مع قرب العهد بالأمر السابق لما أنه أمر بتبكيتهم وإظهار كذبهم في فن آخر من أباطيلهم لكنه لم يحك عنهم قبل الأمر بإبطاله بل اكتفى بالإشارة إليه في تضاعيف الكلام حيث قيل

إن كانت لكم الدار الآخرة أي الجنة أو نعيم الدار

الآخرة

عند اللّه خالصة أي سالمة لكم خاصة بكم كما تدعون أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ونصبها على الحالية من الدار وعند ظرف للاستقرار في الخبر أعنى لكم وقوله تعالى

من دون الناس في محل النصب بخالصة يقال خلص لي كذا من كذا واللام للجنس أي الناس كافة أو للعهد أي المسلمين

فتمنوا الموت فإن من أيقن بدخول الجنة اشتاق إلى التخلص إليها من دار البوار وقرارة الأكدار لاسيما إذا كانت خالصة له كما قال على كرم اللّه وجهه لا ابالي أسقطت على الموت أو سقط الموت على وقال عمار بن ياسر بصفين

 ... الآن ألاقي الأحبة ... محمدا وحزبه ...

وقال حذيفة بن اليمان حين احتصر وقد كان يتمنى الموت قبل

 ... جاء حبيب على فاقة ... فلا أفلح اليوم من قد ندم ...

أي على التمنى وقوله تعالى

إن كنتم صادقين تكرير للكلام لتشديد الإلزام وللتنبيه على أن ترتب الجواب ليس على تحقق الشرط في نفس الأمر فقط بل في اعتقادهم أيضا وأنهم قدادعوا ذلك والجواب محذوف ثقة بدلالة ما سبق عليه أي أن كنتم صادقين فتمنوه وقوله تعالى

﴿ ٩٤