١٠١ ولما جاءهم رسول هو النبى ولتنكير للتفخيم من عند اللّه متعلق بحاء أو بمحذوف وقع صفة لرسول لإفادة مزيد تعظيمه بتأكيد ما افاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية مصدق لما معهم من التوراة من حيث أنه قرر صحتها وحقق حقية نبوة موسى عليه الصلاة و السلام بما انزل عليه أو من حيث انه عليه السلام جاء على وفق ما نعت فيها نبذ فريق من الذين أوتو الكتاب اى التوراة وهم اليهود الذين كانوا في عهد النبى ممن كانوا يستفتحون به قبل ذلك لا الذين كانو في عهد سليمان عليه السلام كما قيل لأن النبذ عند مجيء النبى لا يتصور منهم وإفراد هذا النبذ بالذكر مع اندراجه تحت قوله عز و جل أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم لأنه معظم جناياتهم ولأنه تمهيد لذكر اتباعهم لما تتلو الشياطين وايثارهم له عليه والمراد بإيتائها اما إيتاء علمها بالدراسة والحفظ والوقوف على ما فيها فالموصول عبارة عن علمائهم وأما مجرد إنزالها عليهم فهو عبارة عن الكل وعلى التقديرين فوضعة موضع الضمير لللإ يذان بكمال التنافى بين ما اثبت لهم فى حيز الصلة وبين ما صدر عنهم من النبذ كتاب اللّه اي الذى اوتوه قال السدى لما جاءهم محمد عارضوه بالتوراة فاتفقت التوراة والفرقان فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت فلم يوافق القرآن فهذا قوله تعالى ولما جاءهم رسول من عند اللّه الخ وانما عبر عنها بكتاب اللّه تشريفا لها وتعظيما لحقها عليهم وتهويلا لما اجترؤا عليه من الكفر بها وقيل كتاب اللّه القرآن نبذوه بعد ما لزمهم تلقيه بالقبول لاسيما بعد ما كانوا يستفتحون به من قبل فإن ذلك قبول له وتمسك به فيكون الكفر به عند مجيئه نبذا له كأنه قيل كتاب اللّه الذي جاء به فإن مجيء الرسول معرب عن مجيء الكتاب وراء ظهورهم مثل لتركهم وإعراضهم عنه بالكلية مثل بما يرمى به وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه كأنهم لا يعلمون جملة حالية أي نبذوه وراء ظهورهم مشبهين بمن لا يعلمه فإن أريد بهم أحبارهم فالمعنى كأنهم لايعلمونه على وجه الإيقان ولا يعرفون ما فيه من دلائل نبوته عليه الصلاة و السلام ففيه إيذان بإن علمهم به رصين لكنهم يتجاهلون أو كأنهم لا يعلمون أنه كتاب اللّه أو لا يعلمونه أصلا كما أذا أريد بهم الكل وفي هذين الوجهين زيادة مبالغة في إعراضهم عما في التوراة من دلائل النبوة هذا وإن أريد بما نبذوه من كتاب اللّه القرآن فالمراد بالعلم النفي في قوله تعالى كأنهم لايعلمون هو العلم بأنه كتاب اللّه ففيه ما في الوجه الأول من الإشعار بانهم متيقنون في ذلك وإنما يكفرون به مكابرة وعنادا قيل إن جيل اليهود أربع فرق ففرقة آمنوا بالتوراة وقاموا بحقوقها كمؤمني أهل الكتاب وهم الأقلون المشار إليهم بقوله عز و جل بل أكثرهم لا يؤمنون وفرقة جاهروا بنبذ العهود وتعدى الحدود تمردا وفسوقا وهم المعنيون بقوله تعالى نبذه فريق منهم وفرقة لم يجاهروا بنبذها ولكن نبذوها لجهلهم بها وهم الأكثرون وفرقة تمسكوا بها ظاهرا ونبذوها خفية وهم المتجاهلون |
﴿ ١٠١ ﴾