١٥٠

ومن حيث خرجت إليه في أسفارك ومغازيك من المنازل القريبة والبعيدة

فول وجهك شطر المسجد الحرام الكلام فيه كما مر آنفا

وحيثما كنتم من أقطار الأرض مقيمين أو مسافرين حسبما يعرب عنه إيثار

كنتم على خرجتم فإن الخطاب عام لكافة المؤمنين المنتشرين في الآفاق من الحاضرين والمسافرين فلو قيل وحيثما خرجتم لما تناول الخطاب المقيمين في الأماكن المختلفة من حيث إقامتهم فيها

فولوا وجوهكم من محالكم

شطره والتكرير لما أن القبلة لها شأن خطير والنسخ من مظان الشبهة والفتنة فبالحرى أن يؤكد أمرها مرة غب أخرى مع أنه قد ذكر في كل مرة حكمة مستقلة

لئلا يكون للناس عليكم حجة متعلق بقوله تعالى فولوا

وقيل بمحذوف يدل عليه الكلام كأنه قيل فعلنا ذلك لئلا الخ والمعنى أن التولية عن الصخرة تدفع احتجاج اليهود بان المنعوت في التوراة من أوصافه أنه يحول إلى الكعبة واحتجاج المشركين بانه يدعى ملة إبراهيم يخالف قبلته

إلا الذين ظلموا منهم وهم أهل مكة أي لئلا يكون لأحد من الناس حجةإلا المعاندين منهم الذين يقولون ما تحول إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده أو بدا له فرجع إلى قبلة آبائه ويوشك أن يرجع إلى دينهم وتسمية هذه الكلمة الشنعاء حجة مع انها أفحش الأباطيل من قبيل ما في قوله تعالى حجتهم داحضة حيث كانوا يسوقونها مساق الحجة

وقيل الحجةبمعنى مطلق الاحتجاج

وقيل الاستثناء للمبالغة في نفى الحجة رأسا كالذي في قوله

 ... ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب ...

ضرورة أن لا حجة للظالم وقرئ ألا الذين بحرف التنبيه على أنه استئناف

فلا تخشوهم فإن مطاعنهم لاتضركم شيئا

واخشوني فلا تخالفوا أمرى

ولأتم نعمتى عليكم ولعلكم تهتدون علة لمحذوف يدل عليه النظم الكريم أي وأمرتكم بما مر لإتمام النعمة عليكم لما أنه نعمة جليلة ولإرادتي اهتدائكم لما أنه صراط مستقيم مؤد إلى سعادة الدارين كما أشير إليه في قوله عز و جل يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم وفي التعبير عن الإرادة بكلمة لعل الموضوعة للترجي على طريقة الاستعارة التبعية من الدلالة على كمال العناية بالهداية مالا يخفى أو عطف على علة مقدرة أي واخشوني لأحفظكم عنهم واتم الخ أو على قوله تعالى لئلا يكون وتوسط قوله تعالى فلا تخشوهم الخ بينهما للمسارعة الى التسلية والتثبيت وفي الخبر تمام النعمة دخول الجنة وعن علي رضي اللّه عنه تمام النعمة الموت على الاسلام

﴿ ١٥٠