٢١٠

هل ينظرون استفهام إنكاري في معنى النفى أي ما ينتظرون بما يفعلون من العناد والمخالفة في الامتثال بما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه

إلا أن يأتيهم اللّه أي أمره وبأسه أو يأتيهم اللّه بامره وبأسه فحذف المأتى به لدلالة الحال عليه والالتفات إلى الغيبة للإيذان بأن سوء صنيعهم موجب للإعراض عنهم وحكاية جنايتهم لمن عداهم من أهل الإنصاف على طريقة المباثة وإيراد الانتظار للإشعار بأنهم لانهماكهم فيما هم فيه من موجبات العقوبة كأنهم طالبون لها مترقبون لوقوعها

في ظلل كقلل في جمع قلة وهي ما أظلك وقرئ في ظلال كقلال في جمع قلة

من الغمام أي السحاب الأبيض وإنما أتاهم العذاب فيه لما أنه مظنة الرحمة فإذا أتى منه العذاب كان أفظع وأقطع للمطامع فإن إتيان الشر من حيث لا يحتسب صعب فكيف بإتيانه من حيث يرجى منه الخير

والملائكة عطف على الأسم الجليل أي ويأتيهم الملائكة فإنهم وسائط في إتيان أمره تعالى بل هم الآتون ببأسه على الحقيقة وتوسيط الظرف بينهما للإيذان بأن الآتي أو لا من جنس ما يلابس الغمام ويترتب عليه عادة

وأما الملائكة وأن كان إتيانهم مقارنا لما ذكر من الغمام لكن ذلك ليس بطريق الاعتياد وقرئ بالجر عطفا على ظلل أوالغمام

وقضى الأمر أي اتم امر إهلاكهم وفرغ منه وهو عطف على يأتيهم داخل في حيز الانتظار وانما عدل الى صيغة الماضي دلالة على تحققه فكأنه قد كان أو جملة مستأنفة جيء بها إنباء عن وقوع مضمونها وقرئ وقضاء الأمر عطفا على الملائكة

والى اللّه لا الى غيره

ترجع الأمور بالتأنيث على البناء للمفعول من الرجع وقرئ بالتذكير وعلى البناء للفاعل بالتأنيث من الرجوع

سل بني اسرائيل الخطاب للرسول أو لكل أحد من أهل الخطاب والمراد بالسؤال تبكيتهم وتقريعهم بذلك وتقريرلمجيء البينات

كما آتيناهم من آية بينة معجزة ظاهرة على ايدي الأنبياء عليهم السلام وآية ناطقة بحقية الاسلام المأمور بالدخول فيه وكم خبرية أو استفهامية مقررة ومحلها النصب على المفعوليه أو الرفع بالابتداء على حذف العائد من الخبر وآية مميزها

ومن يبدل نعمة اللّه التي هي آياته الباهرة فإنها سبب للّهدى الذي هو أجل النعم وتبديلها جعلها سببا للضلالة وازدياد الرجس أو تحريفها أو تأويلها الزائغ

من بعد ما جاءته ووصلت اليه وتمكن من معرفتها والتصريح بذلك مع أن التبديل لا يتصور قبل المجيء للإشعار بأنهم قد بدلوها بعد ما وقفوا على تفصيلها كما في قوله عز و جل ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون قيل تقديره فبذلوها ومن يبدل وإنما حذف للإيذان بعدم الحاجة الى التصريح به لظهوره

فإن اللّه شديد العقاب تعليل للجواب كأنه قيل ومن يبدل نعمة اللّه عاقبه أشد عقوبة فإنه شديد العقاب واظهار الاسم الجليل لتربية المهابة وادخال الروعة

﴿ ٢١١