٢٤٣ ألم تر تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأرباب الأخبار وتعجيب من شأنهم البديع فإن سماعهم لها بمنزلة الرؤية النظرية أو العلمية أو لكل أحد من له حظ من الخطاب أيذانا بان قصتهم من الشهرة والشيوع بحيث يحق لكل أحد أن يحمل على الإقرار برؤيتهم وسماع قصتهم ويعجب بها وإن لم يكن رآهم أو سمع بقصتهم فإن هذ الكلام قد جرى مجرى المثل في مقام التعجيب لما أنه شبه حال غير الرائي لشئ عجيب بحال الرائي له بناء على ادعاء ظهور أمره وجلائه بحيث استوى في إدراكه الشاهد والغائب ثم اجرى الكلام معه كما يجرى مع الرائى قصدا الى المبالغة في شهرتة وعراقتة في التعجب وتعدية الرؤية بالى فى قولة تعالى الى الذي خرجوا من ديارهم على تقدير كونها بمعنى الابصار باعتبار معنى النظر وعلى تقدير كونها إ دراكا قلبيا لتضمين معنى الوصول والانتهاء على معنى ألم ينته علمك إليهم وهم ألوف اى الوف كثيرة قيل عشرة آ لاف وقيل ثلاثون وقيل سبعون ألفا والجملة حال من ضمير خرجوا وقوله عز و جل حذر الموت مفعول له روى أن أهل داوردان قرية قبل واسط وقع فيهم الطاعون فخرجوا منها هاربين فأماتهم اللّه ثم احياهم ليعتبروا ويعلموا أن لا مفر من حكم اللّه عز سلطانه وقضائه وقيل مر عليهم حز قيل بعد زمان طويل وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم فلوى شدقية وأصابعه تعجبا مما رأى من أمرهم فأوحى إليه ناد فيهم أن قوموا بإذن اللّه فنادى فإذا هم قيام يقولون سبحانك اللّهم وبحمدك لا اله الا انت وقيل هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم الى الجهاد فهربوا حذرا من الموت فأماتهم اللّه تعالى ثمانية ايام ثم احياهم وقوله عز و جل فقال لهم اللّه موتوا إما عبارة عن تعلق إرادته تعالى بموتهم دفعة وأما تمثيل لأماتته تعالى إياهم ميتة نفس واحدة في أقرب وقت وادناه واسرع زمان واوحاه بأمر آمر مطاع لمأمور مطيع كما في قوله تعالى إنما أمره إذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ثم احياهم عطف إما على مقدر يستدعيه المقام أي فماتوا ثم احياهم وإنما حذف للدلالة على الاستغناء عن ذكره لاستحالة تخلف مراده تعالى عن ارادته وأما على قال لما انه عبارة عن الإمانة وفيه تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعرض لأسباب الشهادة وأن الموت حيث لم يكن منه بد ولم ينفع منه المفر فأولى أن يكون في سبيل اللّه تعالى إن اللّه لذو فضل عظيم على الناس قاطبة أما اولئك فقد احياهم ليعتبروا بما جرى عليهم فيفوزوا بالسعادة العظمى وأما الذين سمعوا قصتهم فقد هداهم الى مسلك الاعتبار والاستبصار ولكن أكثر الناس لا يشكرون أي لا يشكرون فضله كما ينبغي ويجوز أن يراد بالشكر الاعتبار والاستبصار وإظهار الناس في مقام الإضمار لمزيد التشنيع |
﴿ ٢٤٣ ﴾