٢٨٤

للّه ما في السموات وما في الأرض من الأمور الداخلة في حقيقتهما

والخارجة عنهما المتمكنة فيهما من أولى العلم وغيرهم أى كلها له تعالى خلقا وملكا وتصرفا لاشركة لغيره في شئ منها بوجه من الوجوه

وإن تبدوا ما في أنفسكم من السوء والعزم عليه بأن تظهروه للناس بالقول أو بالفعل

أوتخفوه بإن تكتموه منهم ولا تظهروه بأحد الوجهين ولا يندرج فيه مالا يخلو عنه البشر من الوساوس وأحاديث النفس التي لاعقد ولا عزيمة فيها إذ التكليف بحسب الوسع

يحاسبكم به اللّه يوم القيامة وهو حجة على منكرى الحساب من المعتزلة والروافض وتقديم الجار والمجرور على الفاعل للاعتناء به

وأما تقديم الإبداء على الإخفاء على عكس ما في قوله عز و جل قل ان تخفوا ما في الصدوركم أو تبدوه يعلمه اللّه فلما أن المعلق بما في أنفسهم ههنا هو المحاسبة والأصل فيها الأعمال البادية

وأما العلم فتعلقه بها كتعلقه بالأعمال الخافية

كيف لا وعلمه سبحانه بمعلوماته متعال عن أن يكون بطريق حصول الصور بل وجود كل شئ في نفسه في أي طور كان علم بالنسبة إليه تعالى وهذا لا يختلف الحال بين الأشياء البارزة والكامنة خلا أن مرتبه الإخفاء متقدمة على مرتبة الإبداء إذ ما من شئ يبدى إلا وهو أو مباديه قبل ذلك مضمر في النفس فتعلق علمه تعالى بحالته الأولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية وقد مر في تفسير قوله تعالى أولا يعلمون أن اللّه يعلم ما يسرون وما يعلنون

فيغفر بالرفع على الاستئناف أي فهو يغفر بفضله

لمن يشاء أن يغفر له

ويعذب بعدله

من يشاء أن يعذبه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وتقديم المغفرة على التعذيب لتقدم رحمته على غضبه وقرئ بجزم الفعلين عطفا على جواب الشرط وقرئ بالجزم من غير فاء على أنهما بدل من الجواب بدل البعض أو الاشتمال ونظيره الجزم على البدلية من الشرط في قوله

 ... متى تأتنا تلمم بنافي ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا ...

وإدغام الراء في اللام لحن

واللّه على كل شئ قدير تذييل مقرر لمضمون ما قبله فإن كمال قدرته تعالى على جميع الأشياء موجب لقدرته سبحانه على ما ذكر من المحاسبة وما فرع عليه من المغفرة والتعذيب

﴿ ٢٨٤