١٠١

وكيف تكفرون استفهام إنكارى بمعنى إنكار الوقوع كما في قوله تعالى كيف يكون للمشركين عهد الخ لا بمعنى إنكار الواقع كما في قوله تعالى كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتا الخ وفي توجيه الإنكار والاستبعاد إلى كيفية الكفر من المبالغة ما ليس في توجيهه إلى نفسه بأن يقال أتكفرون لأن كل موجود لا بد أن يكون وجوده على حال من الأحوال فإذا أنكر ونفى جميع أحوال وجوده فقد انتفى وجوده بالكلية على الطريق البرهاني وقوله تعالى

وأنتم تتلى عليكم آيات اللّه جملة وقعت حالا من ضمير المخاطبين في تكفرون مؤكدة للإنكار والاستبعاد بما فيها من الشئون الداعية إلى الثبات على الإيمان الوازعة عن الكفر وقوله تعالى

وفيكم رسوله معطوف عليها داخل في حكمها فإن تلاوة آيات اللّه تعالى عليهم وكون رسوله عليه الصلاة و السلام بين أظهرهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم بتحقيق الحق وإزاحة الشبة من أقوى الزواجر عن الكفر وعدم إسناد التلاوة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم للإيذان باستقلال كل منهما في الباب

ومن يعتصم باللّه أي ومن يتمسك بدينه الحق الذي بينه بآياته على لسان رسوله عليه الصلاة و السلام وهو الإسلام والتوحيد المعبر عنه فيما سبق بسبيل اللّه

فقد هدى جواب للشرط وقد لإفادة معنى التحقيق كأن الهدى قد حصل فهو يخبر عنه حاصلا ومعنى التوقع فيه ظاهر فإن المعتصم به تعالى متوقع للّهدى كما ان قاصد الكريم متوقع للندى

إلى صراط مستقيم موصل إلى المطلوب والتنوين للتفخيم والوصف بالاستقامة للتصريح بالرد على الذين يبغون له عوجا وهذا وإن كان هو دينه الحق في الحقيقة والاهتداء إليه هو الاعتصام به بعينه لكن لما اختلف الاعتباران وكان العنوان الأخير مما يتنافس فيه المتنافسون ابرز في معرض الجواب للحث والترغيب على طريقة قوله تعالى فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز

﴿ ١٠١