١٠٤ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير أمرهم اللّه سبحانه بتكميل الغير وإرشادة إثر أمرهم بتكميل النفس وتهذيبها بما قبله من الأوامر والنواهي تثبيتا للكل على مراعاة ما فيها من الأحكام بان يقوم بعضهم بمواجبها ويحافظ على حقوقها وحدودها ويذكرها الناس كافة ويردعهم عن الإخلال بها والجمهور على إسكان لام الأمر وقرئ بكسرها على الأصل وهو من كان التامة ومن تبعيضية متعلقة بالأمر أو بمحذوف وقع حالا من الفاعل وهو أمة ويدعون صفتها اى لتوجد منكم امة داعية الى الخير والأمة هي الجماعة التى يؤمها فرق الناس اى يقصدنها ويقتدون بها أو من الناقصة وأمة اسمها ويدعون خبرها أي لتكن منكم أمة داعين إلى الخير وأيا ما كان فتوجيه الخطاب إلى الكل مع إسناد الدعوة إلى البعض لتحقيق معنى فرضيتها على الكفاية وانها واجبة على الكل لكن بحيث إن أقامها البعض سقطت عن الباقين ولو أخل بها الكل أثموا جميعا لا بحيث يتحتم على الكل إقامتها على ما ينبئ عنه قوله عز و جل وما كان المؤمنون لينفروا كافة الآية ولأنها من عظائم الأمور وعزائمها التى لايتولاها إلا العلماء باحكامه تعالى ومراتب الاحتساب وكيفية إقامتها فإن من لايعلمها يوشك أن يأمر بمنكر وينهى عن معروف ويغلظ في مقام اللين ويلين في مقام الغلظة وينكر على من لا يزيده الإنكار إلا التمادى والإصرار وقيل من بيانية كما في قوله تعالى وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم الآية والأمر من كان الناقصة والمعنى كونوا أمة يدعون الآية كقوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية ولا يقتضى ذلك كون الدعوة فرض عين فإن الجهاد من فروض الكفاية مع ثبوته بالخطابات العامة والدعاء إلى الخير عبارة عن الدعاء إلى ما فيه صلاح دينى أو دنيوى فعطف الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عليه بقوله تعالى ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر مع اندراجهما فيه من باب عطف الخاص على العام لإظهار فضلهما وإنافتهما على سائر الخيرات كعطف جبريل وميكال على الملائكة عليهم السلام وحذف المفعول الصريح من الأفعال الثلاثة إما للإيذان بظهورة أي يدعون الناس ويأمرونهم وينهونهم وأما للقصد إلى إيجاد نفس الفعل كما في قولك فلان يعطى ويمنع أي يفعلون الدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وأولئك إشارة إلى الأمة المذكورة باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الفاضلة وكمال تميزهم بذلك عمن عداهم وانتظامهم بسببه في سلك الأمور المشاهدة وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل والإفراد في كاف الخطاب اما لأن المخاطب كل من يصلح للخطاب وأما لأن التعيين غير مقصود أي أولئك الموصوفون بتلك الصفات الكاملة هم المفلحون أي هم الأخصاء بكمال الفلاح وهم ضمير فصل يفصل بين الخبر والصفة ويؤكد النسبة ويفيد اختصاص المسند بالمسند إليه أو مبتدأ خبره المفلحون والجملة خبر لأولئك وتعريف المفلحون إما للعهد أو للإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من حقيقة المفلحين روى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه سئل عن خير الناس فقال آمرهم بالمعروف وانهاهم عن المنكر واتقاهم اللّه وأوصلهم للرحم وعنه عليه السلام من أمر بالمعرف ونهى عن المنكر فهو خليفة اللّه في ارضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه وعنه عليه السلام والذي نفسى بيده لتأ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللّه ان يبعث عليكم عذابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم وعن على رضي اللّه عنه أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومن شنأ الفاسقين وغضب للّه غضب اللّه له والأمر بالمعروف في الوجوب والندب تابع للمأمور به وأما النهى عن المنكر فواجب كله فإن جميع ما أنكره الشرع حرام والعاصي يجب عليه النهى عما أرتكبه إذ يجب عليه تركه وإنكاره فلا يسقط بترك أحدهما وجوب شئ منهما والتوبيخ في قوله تعالى أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم إنما هو على نسيان أنفسهم لا على أمرهم بالبر وعن السلف مروا بالخير وإن لم تفعلوا |
﴿ ١٠٤ ﴾