١١٤

يؤمنون باللّه واليوم الآخر صفة أخرى لأمة مبينة لمباينتهم اليهود من جهة أخرى أي يؤمنون بها على الوجه الذي نطق به الشرع والإطلاق للإيذان بالغنى عن التقييد لظهور أنه الذي يطلق عليه الإيمان بهما لا يذهب الوهم إلى غيره وللتعريض بان إيمان اليهود بهما مع قولهم عزير ابن اللّه وكفرهم ببعض الكتب والرسل ووصفهم اليوم الآخر بخلاف صفته ليس من الإيمان بهما في شئ أصلا ولو قيد بما ذكر لربما توهم أن المنتفى عنهم هو القيد المذكور مع جواز إطلاق الإيمان على إيمانهم بالأصل وهيهات

ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر صفتان أخريان لأمة أجريتا عليهم تحقيقا لمخالفتهم اليهود في الفضائل المتعلقة بتكميل الغير إثر بيان مباينتهم لهم في الخصائص المتعلقة بتكميل النفس وتعريضا بمداهنتهم في الاحتساب بل بتعكيسهم في الأمر بإضلال الناس وصدهم عن سبيل اللّه فإنه أمر بالمنكر ونهى عن بالمعروف

ويسارعون في الخيرات صفة أخرى لأمة جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير والمسارعة في الخير فرط الرغبة فيه لأن من رغب في الأمر سارع في توليته والقيام به وآثر الفور على النراخي اى يبادرون مع كمال الرغبة في فعل أصناف الخيرات اللازمة والمتعدية وفيه تعريض بتباطؤ اليهود فيها بل بمبادتهم إلى الشرور وإيثار كلمة في على ما وقع في قوله تعالى وسارعوا إلى مغفرة الخ للإيذان بأنهم مستقرون في أصل الخير متقلبون في فنونه المترتبة في طبقات الفضل لا أنهم خارجون عنها منتهون إليها

وأولئك إشارة إلى الأمة باعتبار اتصافهم بما فصل من النعوت الجليلة وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم في الفضل وإيثاره على الضمير للإشعار بعلة الحكم والمدح أي أولئك المنعوتون بتلك الصفات الفاضلة بسبب أتصافهم بها

من الصالحين أي من جملة من صلحت أحوالهم عند اللّه عز و جل واستحقوا رضاه وثناءه

﴿ ١١٤