١٢١ وإذ غدوت كلام مستأنف سيق للاستشهاد بما فيه من استتباع عدم الصبر والتقوى للضرر على أن وجودهما مستتبع لما وعد من النجاة من مضرة كيد الأعداء وإذ نصب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي خاصة مع عموم الخطاب فيما قبله وما بعده له وللمؤمنين لاختصاص مضمون الكلام به عليه السلام أي واذكر لهم وقت غدوك ليتذكروا ما وقع فيه من الأحوال الناشئة عن عدم الصبر فيعلمون أنهم إن لزموا الصبر والتقوى لا يضرهم كيد الكفرة وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات للمبالغة في إيجاب ذكرها واستحضار الحادثة بتفاصيلها كما سلف بيانه في تفسير قوله تعالى وإذ قال ربك للملائكة الخ والمراد به خروجه عليه السلام إلى أحد وكان ذلك من منزل عائشة رضي اللّه عنها وهو المراد بقوله تعالى من أهلك أي من عند أهلك تبوئ المؤمنين أي تنزلهم أو تهيئ وتسوى لهم مقاعد ويؤيد قراءة من قرأ تبوئ للمؤمنين والجملة حال من فاعل غدوت لكن لا على أنها حال مقدرة أي ناويا و قاصدا للتبوئة كما قيل بل على أن المقصود تذكير الزمان الممتد المتسع لابتداء الخروج والتبوئة وما يترتب عليها إذ هو المذكر للقصة وإنما عبر عنه بالغدو الذي هو الخروج غدوة مع كون خروجه عليه السلام بعد صلاة الجمعة كما ستعرفه إذ حينئذ وقعت التبوئة التي هي العمدة في الباب إذ المقصود بتذكير الوقت تذكير مخالفتهم لأمرالنبي وتزايلهم عن أحيازهم المعينة لهم عند التبوئة وعدم صبرهم وبهذا يتبين خلل رأى من احتج به على جواز أداء صلاة الجمعة قبل الزوال واللام في قوله تعالى للقتال إما متعلقة بتبوىء أي لأجل القتال وأما بمحذوف وقع صفة لمقاعد أي كائنة ومقاعد القتال أماكنه ومواقفه فإن استعمال المقعد والمقام بمعنى المكان اتساعا شائع ذائع كما في قوله تعالى في مقعد صدق وقوله تعالى قبل أن تقوم من مقامك روى أن المشركين نزلوا باحد يوم الأربعاء فاستشار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اصحابه ودعا عبد اللّه بن أبي بن سلول ولم يكن دعاه قبل ذلك فاستشاره فقال عبد اللّه وأكثر الأنصار يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم فواللّه ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فكيف وأنت فينا فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة وإن رجعوا رجعوا خائبين وقال بعضهم يارسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أخرج بنا إلى هؤلاء الأكلب لا يرون أنا قد جبنا عنهم فقال أني قد رأيت في منامي بقرا مذبحة حولى فأولتها خيرا ورأيت في ذباب سيفى ثلما فأولته هزيمة ورأيت كأنى ادخلت يدى في درع حصينة فأولتها المدينة فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة فتدعوهم فقال رجال من المسلمين قد فاتتهم بدر وأكرمهم اللّه تعالى بالشهادة يومئذ أخرج بنا إلى أعدائنا وقال النعمان بن مالك الأنصارى رضي اللّه عنه يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لاتحرمنى الجنة فوالذي بعثك بالحق لأدخلن الجنة ثم قال بقولى أشهد ان لا إله إلا اللّه وأنى لا أفر من الزحف فلم يزالوا به عليه السلام حتى دخل فلبس لأمته فلما رأوه كذلك ندموا وقالوا بئسما صنعنا نشير على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم والوحى يأتيه وقالوا اصنع يارسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما رأيت فقال ما ينبغى لنبى أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل فخرج يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة وأصبح بالشعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال لسنة ثلاث من الهجرة فمشى على رجليه فجعل يصف أصحابه للقتال فكأنما يقوم بهم القدح إن رأى صدرا خارجا قال تأخر وكان نزوله في عدوة الوادى وجعل ظهره وعسكره إلى أحد وأمر عبد اللّه بن جبير على الرماة وقال لهم انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا ولا تبرحوا من مكانكم فلن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم واللّه سميع لأقوالكم عليم بضمائركم والجملة اعتراض للإيذان بانه قد صدر عنهم هناك من الأقوال والأفعال مالا ينبغى صدوره عنهم |
﴿ ١٢١ ﴾