١٦٠ إن ينصركم اللّه فلا غالب لكم جملة مستأنفة سيقت بطريق تلوين الخطاب تشريفا للمؤمنين لإيجاب توكلهم عليه تعالى وحثهم على اللجأ إليه وتحذيرهم عما يفضى إلى خذلانه أي إن ينصركم كما نصركم يوم بدر فلا أحد يغلبكم على طريق نفى الجنس المنتظم لنفى جميع أفراد الغالب ذاتا وصفة ولو قيل فلا يغلبكم أحد لدل على نفى الصفة فقط ثم المفهوم من ظاهر النظم الكريم وإن كان نفى مغلوبيتهم من غير تعرض لنفى المساواة أيضا وهو الذي يقتضيه المقام لكن المفهوم منه فهما قطعيا هو نفى المساواة وإثبات الغالبية للمخاطبين فإذا قلت لا أكرم من فلان أولا أفضل منه فالمفهوم منه حتما أنه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل وهذا أمر مطرد في جميع اللغات ولا اختصاص له بالنفى لصريح بل هو مطرد فيما ورد على طريق الاستفهام الإنكاري كما في قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا في مواقع كثيرة من التنزيل ومما هو نص قاطع فيما ذكرنا ما وقع في سورة هود حيث قيل بعده في حقهم لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون فإن كونهم أخسر من كل خاسر يستدعى قطعا كونهم أظلم من كل ظالم وإن يخذلكم كما فعل يوم أحد وقرئ يخذلكم من أخذله إذا جعله مخذولا فمن ذا الذي ينصركم استفهام إنكاري مفيد لانتفاء الناصر ذاتا وصفة بطريق المبالغة من بعده أي من بعد خذلانه تعالى أو من بعد اللّه تعالى على معنى إذا جاوزتموه وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون تقديم الجار والمجرور على الفعل لإفادة قصره عليه تعالى والفاء لترتيبه أو ترتيب الأمر به على ما مر من غلبة المخاطبين على تقدير نصرته تعالى لهم ومغلوبيتهم على تقدير خذلانه تعالى اياهم فإن العلم بذلك مما يقتضى قصر التوكل عليه تعالى لا محالة والمراد بالمؤمنين إما الجنس والمخاطبون داخلون فيه دخولا أوليا وأما هم خاصة بطريق الالتفات وايا ما كان ففيه تشريف لهم بعنوان الايمان اشتراكا أو استقلالا وتعليل لتحتم التوكل عليه تعالى فإن وصف الايمان مما يوجبه قطعا |
﴿ ١٦٠ ﴾