١٧٨ ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملى لهم خير لأنفسهم عطف على قوله تعالى ولا يحزنك الذين الآية والفعل مسند إلى الموصول وأن بما في حيزها سادة مسد مفعولية عند سيبوية لتمام المقصود بها وهو تعلق الفعل القلبي بالنسبة بين المبتدأ والخبر أو مسد أحدهما والآخر محذوف عند الأخفش وما مصدرية أو موصولة حذف عائدها ووصلها في الكتابة لاتباع الإمام أي لايحسبن الكافرون إن إملاءنا لهم أو أن ما نمليه لهم خيرلأنفسهم أولا يحسبن الكافرون خيرية إملائنا لهم أو خيرية ما نمليه لهم ثابتة أو واقعة ومآله نهيهم عن السرور بظاهر إملائه تعالى لهم بناء على حسبان خيريته لهم وتحسيرهم ببيان أنه شر بحت وضرر محض كما أن مآل المعطوف عليه نهى الرسول عن الحزن بظاهر حال الكفرة بناء على توهم الضرر من قبلهم وتسليته عليه السلام ببيان عجزهم عن ذلك بالكلية والمراد بالموصول إما جنس الكفرة فيندرج تحت حكمة الكلى أحكام المعهودين اندراجا أوليا وأما المعهود دون خاصة فإيثار الإظهار على الإضمار لرعاية المقارنة الدائمة بين الصلة وبين الأملاء الذى هو عبارة عن إمهالهم وتخليتهم وشانهم دهرا طويلا فإن المقارن له دائما إنما هو الكفر المستمر لا المسارعة المذكورة ولا الاشتراء المذكور فإنهما من الأحوال المتجددة المنقضية في تضاعيف الكفر المستمر وقرئ لا تحسبن بالتاء والخطاب لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وهو الأنسب بمقام التسلية أو لكل من يتأتى منه الحسبان قصدا إلى إشاعة فظاعة حالهم والموصول مفعول وإنما نملى لهم إما بدل منه وحيث كان التعويل على البدل وهو ساد مسد المفعولين كما في قوله تعالى أم تحسب أن أكثرهم يسمعون اقتصر على مفعول واحد كما في قولك جعلت المتاع بعضه فوق بعض وأما مفعول ثان بتقدير مضاف إما فيه أي لاتحسبن الذين كفروا أصحاب أن الإملاء خير لأنفسهم أو في المفعول الأول أي لاتحسبن حال الذين كفروا أن الإملاء خير لأنفسهم ومعنى التفضيل باعتبار زعمهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما استئناف مبين لحكمة الإملاء وما كافة واللام لام الإرادة وعند المعتزلة لام العاقبة وقرئ بفتح الهمزة ههنا على ايقاع الفعل عليه وكسرها فيما سبق على انه اعتراض بين الفعل ومعموله مفيد لمزيد الاعتناء بإبطال الحسبان ورده على معنى لايحسبن الكافرون أن إملاءنا لهم لازدياد الإثم حسبما هو شأنهم بل إنما هو لتلافى ما فرط منهم بالتوبة والدخول في الإيمان ولهم في الآخرة عذاب مهين لما تضمن الإملاء التمتيع بطيبات الدنيا وزينتها وذلك مما يستدعى التعزز والتجبر وصف عذابهم بالإهانة ليكون جزاؤهم جزاء وفاقا والجملة إما مبتدأة مبينة لحالهم إثر بيان حالهم في الدنيا وأما حال من الواو ليزيدادوا إثما معدا لهم عذاب مهين وهذا متعين على القراءة الأخيرة |
﴿ ١٧٨ ﴾