١٩٤

ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك حكاية لدعاء آخر لهم مسبوق بما قبله معطوف عليه لتأخر التحلية عن التخلية وتكرير النداء لما مر مرارا والمراد بالموعود الثواب وعلى إما متعلقة بالوعد كما في قولك وعد اللّه الجنة على الطاعة أي وعدتنا على تصديق رسلك أو بمحذوف وقع صفة لمصدر مؤكد محذوف أي وعدتنا وعدا كائنا على ألسنة رسلك

وقيل التقدير منزلا على رسلك أو محمولا على رسلك ولا يخفى أن تقدير الأفعال الخاصة في مثل هذه المواقع تعسف وجمع الرسل مع ان المنادى هو الرسول وحده لما ان دعوته عليه السلام لاسيما في باب التوحيد وما اجمع عليه الكل من الشرائع منطوية على دعوة الكل فتصديقه تصديق لهم عليهم السلام كيف لا وقد أخذ منهم الميثاق بالإيمان به عليه السلام لقوله تعالى وإذ أخذ اللّه ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب الآية وكذا الموعود على لسانه من الثواب موعود على ألسنة الكل وإيثار الجمع لأظهار كمال الثقة بانجاز الموعود بناء على كثرة الشهود

ولاتخزنا يوم القيامة قصدوا بذلك تذكير وعده تعالى بقوله يوم لا يخزى اللّه النبى والذين آمنوا معه مظهرين أنهم ممن آمن معه رجاء للأنتظام في سلكهم يومئذ وقوله تعالى

إنك لاتخلف الميعاد تعليل لتحقيق ما نظموا في سلك الدعاء وهذه الدعوات وما في تضاعيفها من كمال الضراعة والابتهال ليست لخوفهم من أخلاف الميعاد بل لخوفهم من أن لا يكونوا من جملة الموعودين بتغير الحال وسوء الخاتمة والمآل فمرجعها الى الدعاء بالتثبيت أو للمبالغة في التعبد والخشوع والميعاد الوعد وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه البعث بعد الموت وفي الآثار عن جعفر الصادق من حزبه أمر فقال ربنا خمس مرات أنجاه اللّه مما يخاف وأعطاه ما أراد وقرا هذه الآية

﴿ ١٩٤