٢٥ ومن لم يستطع منكم من اما شرطية ما بعدها شرطها أو موصولة ما بعدها صلتها والظرف متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل يستطع أي حال كونه منكم وقوله تعالى طولا أو غنى وسعة أي اعتلاء ونيلا وأصله الزيادة أي اعتلاء والفضل مفعول ليستطع وقوله عز و جل ان ينكح المحصنات المؤمنات اما مفعول صريح لطولا فإن اعمال المصدر المنون شائع ذائع كما في قوله تعالى أو اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة كأنه قيل ومن لم يستطع منكم أن ينال نكاحهن وأما بتقدير حرف الجر أي ومن لم يستطع منكم غني الى نكاحهن أو لنكاحهن فالجار في محل النصب صفة لطولا أي طولا موصلا اليه أو كائنا له أو على نكاحهن على أن الطول بمعنى القدرة في القاموس الطول والطائل والطائلة الفضل والقدرة والغنى والسعة ومحل أن بعد حذف الجار نصب عند سيبويه والفراء وجر عند الكسائي والأخفش وأما بدل من طولا لأن الطول فضل والنكاح قدرة وأما مفعول ليستطع وطولا مصدر مؤكد له لأنه بمعناه اذ الاستطاعة هي الطول أو تمييز أي ومن لم يستطع منكم نكاحهن استطاعته أو من جهة الطول والغنى أي لا من جهة الطبيعة والمزاج فإن عدم الاستطاعة من تلك الجهة لا تعلق له بالمقام والمراد بالمحصنات الحرائر بدليل مقابلتهن بالمملوكات فإن حريتهن احصنتهن عن ذل الرق والابتذال وغيرهما من صفات القصور والنقصان وقوله عز و جل فمن ما ملكت ايمانكم اما جواب للشرط أو خبر للموصول والفاء لتضمنه معنى الشرط والجار متعلق بفعل مقدر حذف مفعوله وما موصولة أي فلينكح امرأة أو امة من النوع الذي ملكته ايمانكم وهو في الحقيقة متعلق بمحذوف وقع صفة لذلك المفعول المحذوف ومن تبعيضيه أي فلينكح امرأة كائنة من ذلك النوع وقيل من زائدة والموصول مفعول للفعل المقدر أي فلينكح ما ملكته ايمانكم وقوله تعالى من فتياتكم المؤمنات في محل النصب على الحالية من الضمير المقدر ملكت الراجع الى ”ما “ وقيل هو المفعول للفعل المقدر على زيادة من ومما ملكت متعلق بنفس الفعل ومن لابتداء الغاية أو بمحذوف وقع حالا من فتياتكم ومن للتبعيض أي فلينكح فتياتكم كائنات بعض ما ملكت ايمانكم والمؤمنات صفة لفتياتكم على كل تقدير وقيل هو المفعول للفعل المقدر ومما ملكت على ما تقدم آنفا ومن فتياتكم حال من العائد المحذوف وظاهر النظم الكريم يفيد عدم جواز نكاح الأمة للمستطيع كما ذهب اليه الشافعي رحمه اللّه تعالى وعدم جواز نكاح الأمة الكتابية اصلا كما هو رأي أهل الحجاز وقد جوزهما أبو حنيفة رحمه اللّه تعالى متمسكا بالعمومات فمحمل الشرط والوصف هو الأفضلية ولا نزاع فيها لأحد وقد روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما أنه قال ومما وسع اللّه على هذه الأمة نكاح الأمة واليهودية والنصرانية وإن كان موسرا وقوله تعالى واللّه أعلم بإيمانكم جملة معترضة جئ بها لتأنيسهم بنكاح الإماء واستنزالهم من رتبة الاستنكاف منه ببيان أن مناط التفاضل ومدار التفاخر هو الإيمان دون الأحساب والأنساب على ما نطق به قوله عز قائلا يأيها الناس إنا خلقنالكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم والمعنى أنه تعالى اعلم منكم بمراتبكم في الإيمان الذى به تنتظم احوال العباد وعليه يدور فلك المصالح في المعاش والمعاد ولا تعلق له بخصوص الحرية والرق فرب امة يفوق إيمانها إيمان الحرائر وقوله تعالى بعضكم من بعض إن أريد به الاتصال من حيث الدين فهو بيان لتناسبهم من تلك الحيثية إثر بيان تفاوتهم في ذلك وإن أريد به الاتصال من حيث النسب فهو اعتراض آخر مؤكد للتأنيس من جهة أخرى والخطاب في الموضعين إما لمن كما في الخطاب الذي يعقبه قد روعى فيما سبق جانب اللفظ وههنا جانب المعنى والالتفات للاهتمام بالترغيب والتأنيس وأما لغيرهم من المسلمين كالخطابات السابقة لحصول الترغيب بخطابهم أيضا وإياما كان فإعادة الأمر بالنكاح على وجه الخطاب في قوله تعالى فانكحوهن مع انفهامه من قوله تعالى فمما ملكت أيمانكم حسبما ذكر لزيادة الترغيب في نكاحهن وتقييده بقوله تعالى بإذن أهلهن وتصديره بالفاء للإيذان بترتبه على ما قبله أي وإذ قد وقفتم على جلية الأمر فانكحوهن بإذن مواليهن ولاتترفعوا عنهن وفي اشتراط إذن الموالى دون مباشرتهم للعقد إشعار بجواز مباشرتهن له وآتوهن اجورهن أي مهورهن بالمعروف متعلق بآتوهن أي أدوا أليهن مهورهن بغير مطل وضرار والجاء إلى الاقتضاء واللز حسبما يقتضيه الشرع والعادة ومن ضرورته ان يكون الأداء إليهن بإذن الموالى فيكون ذكر إيتائهن لبيان جواز الأداء إليهن لا لكون المهور لهن وقيل أصله آتوا مواليهن فحذف المضاف وأوصل الفعل إلى المضاف إليه محصنات حال من مفعول فانكحوهن أي حال كونهن عفائف عن الزنا غير مسافحات حال مؤكدة أى غير مجاهرات به ولا متخذات اخدان عطف على مسافحات ولا لتأكيد ما في غير من معنى النفى الخدن الصاحب قال أبو زيد الأخدن الأصدقاء على الفاحشة والواحد خدن وخدين والجمع للمقابلة بالانقسام على معنى ان لا يكون لواحدة منهن خدن لا على معنى أن لا يكون لها أخدان أي غير مجاهرات بالزنا ولا مسرات له وكان الزنا في الجاهلية منقسما إلى هذين القسمين فإذا أحصن أى بالتزويج وقرئ على البناء للفاعل أي أحصن فروجهن أو أزواجهن فإن أتين بفاحشة أى فعلن فاحشة وهى الزنا فعليهن فثابت عليهن شرعا نصف ما على المحصنات أى الحرائر الأبكار من العذاب من الحد الذي هو جلد مائة فنصفه خمسون كما هو كذلك قبل الإحصان فالمراد بيان عدم تفاوت حدهن بالاحصان كتفاوت حد الحرائر فالفاء في فإن أتين جواب إذا والثانية جواب أن والشرط الثاني مع جوابه مترتب على وجود الأول كما في قولك إذا اتيتنى فإن لم أكرمك فعبدى حر ذلك أى نكاح الإماء لمن خشى العنت منكم أى لمن خاف وقوعه في الإثم الذي تؤدى إليه غلبة الشهوة وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر يعترى الإنسان بعد صلاح حاله ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم بارتكاب أفحش القبائح وقيل أريد به الحد لأنه إذا هويها يخشى أن يواقعها فيحد والأول هو اللائق بحال المؤمن دون الثاني لإبهامه أن المحذور عنده الحد لا ما يوجبه وأن تصبروا أى عن نكاحهن متعففين كافين أنفسكم عما تشتهيه من المعاصى خير لكم من نكاحهن وإن سبقت كلمة الرخصة فيه لما فيه من تعريض الولد للرق قال عمر رضى اللّه عنه إيما حر تزوج بأمة فقد أرق نصفه وقال سعيد بن جبير ما نكاح الأمة من الزنا إلا قريب ولآن حق المولى فيها أقوى فلا تخلص للزوج خلوص الحرائر ولأن المولى يقدر على استخدامها كيفما يريد في السفر والحضر وعلى بيعها للحاضر والبادى وفيه من اختلال حال الزوج وأولاده مالا مزيد عليه ولأنها ممتهنة مبتذلة خراجة ولاجة وذلك كله ذل ومهانة سارية إلى الناكح والعزة هي اللائقة بالمؤمنين ولأن مهرها لمولاها فلا تقدر على التمتع به ولا على هبته للزوج فلا ينتظم أمر المنزل وقد قال الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت واللّه غفور مبالغ في المغفرة فيغفر لمن لم يصبر عن نكاحهن مافى ذلك من الأمور المنافية لحال المؤمنين رحيم مبالغ في الرحمة ولذلك رخص لكم في نكاحهن يريد اللّه ليبين لكم استئناف مسوق لتقرير ما سبق من الأحكام وبيان كونها جارية على مناهج المهتدين من الأنبياء والصالحين قيل أصل النظم الكريم يريد اللّه أن يبين لكم فزيدت اللام لتأكيد معنى الاستقبال اللازم للإرداة ومفعول يبين محذوف ثقة بشهادة السباق والسياق اى يريد اللّه أن يبين لكم ما هو خفى عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم أو ما تعبدكم به من الحلال والحرام وقيل مفعول يريد محذوف تقديره يريد اللّه تشريع ما شرع من التحريم والتحليل لأجل التبيين لكم وهذا مذهب البصريين ويعزى إلى سيبوية وقيل إن اللام بنفسها ناصبة للفعل من غير إضمار ان وهي وما بعدها مفعول للفعل المتقدم فإن اللام قد تقام مقام ان في فعل الإرادة والأمر فيقال أؤدت لأذهب وأن أذهب وأمرتك لتقوم وإن تقوم قال تعالى يريدون ليطفئوا نور اللّه وفي موضع يريدون أن يطفئوا وقال تعالى وأمرنا لنسلم وفي موضع وأمرت أن أسلم وفي آخر وأمرت لأعدل بينكم اى ان أعدل بينكم وهذا مذهب الكوفيين ومنعه البصريون وقالوا إن وظيفة اللام هي الجر والنصب فيما قالوا بإضمار أن أى أمرنا بما أمرنا لنسلم ويريدون ما يريدون ليطفئو وقيل يؤول الفعل الذي قبل اللام بمصدر مرفوع بالابتداء ويجعل ما بعده خبرا له كما في تسمع بالمعيدى خير من ان تراه أى ان تسمع به ويعزى به هذا الرأى إلى بعض البصريين ويهديكم سنن الذين من قبلكم من الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم ويتوب عليكم إذا تبتم إليه تعالى عما يقع منكم من النقصير والتفريط في مراعاة ماكلفتموه من الشرائع فإن المكلف قلما يخلو من تقصير يستدعى تلافيه بالتوبة ويغفر لكم ذنوبكم أو يرشدكم إلى ما يردعكم عن المعاصى ويحثكم على التوبة أو إلى ما يكون كفارة لسيئاتكم وليس الخطاب لجميع المكلفين حتى يتخلف مراده تعالى عن إرادته فيمن لم يتب منهم بل لطائفة معينة حصلت لهم هذه التوبة واللّه عليم مبالغ في العلم بالأشياء التى من جملتها ما شرع لكم من الأحكام حكيم مراع في جميع أفعالة الحكمة والمصلحة |
﴿ ٢٦ ﴾