٤

يسالونك ماذا احل لهم شروع في تفصيل المحللات التي ذكر بعضها على وجه الاجمال اثر بيان المحرمات كانهم سالوا عنها عند بيان اضدادها ولتضمن السؤال معنى القول اوقع على الجملة فماذا مبتدا واحل لهم خبره وضمير الغيبة لما ان يسالون بلفظ الغيبة فانه كما يعتبر حال المحكى عنه فيقال اقسم زيد لافعلن يعتبر حال الحاكي فيقال اقسم زيد ليفعلن والمسؤول ما احل لهم من المطاعم

قل احل لكم الطيبات أي ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه كما في قوله تعالى ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث

وما علمتم من الجوارح عطف على الطيبات بتقدير المضاف على ان ما موصولة والعائد محذوف أي وصيد ما علمتموه أو مبتدا على ان ما شرطية والجواب فكلوا وقد جوز كونها مبتدا على تقدير كونها موصولة ايضا والخبر كلوا وانما دخلته الفاء تشبيها للموصول باسم الشرط ومن الجوارح حال من الموصول أو ضميره المحذوف والجوارح الكواسب من سباع البهائم والطير

وقيل سميت بها لانها تجرح الصيد غالبا

مكلبين أي معلمين لها الصيد والمكلب مؤدب الجوارح ومضربها بالصيد مشتق من الكلب لان التاديب كثيرا ما يقع فيه أو لان كل سبع يسمى كلبا لقوله عليه الصلاة و السلام في حق عتبة بن ابي لهب حين اراد سفر الشام فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اللّهم سلط عليه كلبا من كلابك فاكله الاسد وانتصابه على الحالية من فاعل علمتم وفائتها المبالغة في التعليم لما ان الاسم المكلب لا يقع الا على النحرير في علمه وقرىء مكلبين بالتخفيف والمعنى واحد

تعلمونهن حال ثانية منه أو حال من ضمير مكلبين أو استئناف

مما علمكم اللّه من الحيل وطرق التعليم والتاديب فان العلم به الهام من اللّه تعالى أو مكتسب بالعقل الذي هو منحة منه أو مما عرفكم ان تعلموه من اتباع الصيد بارسال صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه وامساك الصيد عليه وعدم اكله منه

فكلوا مما امسكن عليكم قد مر فيما سبق ان هذه الجملة على تقدير كون ما شرطية جواب الشرط وعلى تقدير كونها موصولة مرفوعة على الابتداء خبر لها

وأما على تقدير كونها عطفا على الطيبات فهي جملة متفرعة على بيان حل صيد الجوارح المعلمة مبينة للمضاف المقدر الذي هو المعطوف وبه يتعلق الاحلال حقيقة ومشيرة الى نتيجة التعليم واثره داخلة تحت الامر فالفاء فيها كما في قوله امرتك الخير فافعل ما امرت به ومن تبعيضية لما ان البعض مما لا يتعلق به الاكل الجلود والعظام والريش وغير ذلك ومما موصولة أو موصوفة حذف عائدها وعلى متعلقة بامسكن أي فكلوا بعض ما امسكنه عليكم وهو الذي لم ياكلن منه

وأما ما اكلن منه فهو مما امسكنه على انفسهن لقوله صلى اللّه عليه و سلم لعدي بن حاتم وان اكل منه فلا تاكل انما امسك على نفسه واليه ذهب اكثر الفقهاء وقال بعضهم لا يشترط عدم الاكل في سباع الطير لما ان تاديبها الى هذه الدرجة متعذر وقال اخرون لا يشترط ذلك مطلقا وقد روى عن سلمان وسعد ابن ابي وقاص وابي هريرة رضي اللّه تعالى عنهم انه اذا الكلب ثلثيه وبقي ثلثه وقد ذكرت اسم اللّه عليه فكل

واذكروا اسم اللّه عليه الضمير لما علمتم أي سموا عليه عند ارساله أو لما امسكنه أي سموا عليه اذا ادركتم ذكاته

واتقوا اللّه في شان محرماته

ان اللّه سريع

الحساب أي سريع ائتيان حسابه أو سريع تمامه واذا شرع فيه يتم في اقرب ما يكون من الزمان والمعنى على التقديرين انه يؤاخذكم سريعا في كل ما جل ودق واظهار الاسم الجليل في موقع الاضمار لتربية المهابة وتعليل الحكم

﴿ ٤