٢٩

ويا قوم لا أسألكم عليه أي على ما قلته في أثناء دعوتكم

ما لا تؤدونه إلى بعد إيمانكم واتباعكم لي فيكون ذلك أجرا لي في مقابلة اهتدائكم

إن أجري إلا على اللّه الذي يثيبني في الآخرة وفي التعبير عنه حين نسب إليهم بالمال ما لا يخفى من المزية

وما أنا بطارد الذي آمنوا جواب عما لوحوا به بقولهم وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا من أنه لو اتبعه الأشراف لوافقوهم وأن اتباع الفقراء مانع لهم عن ذلك كما صرحوا به في قولهم أنؤمن لك واتبعك الأرذلون فكان ذلك التماسا منهم لطردهم وتعليقا لإيمانهم به صلى اللّه عليه و سلم بذلك أنفه من الإنتظام معهم في سلك واحد

إنهم ملاقوا ربهم تعليل لامتناعه صلى اللّه عليه و سلم عن طردهم أي إنهم فائزون في الآخرة بلقاء اللّه عز و جل كأنه قيل لا أطردهم ولا أبعدهم عن مجلسي لأنهم مقربون في حضرة القدس والتعرض لوصف الربوبية لتربية وجوب رعايتهم وتحتم الإمتناع عن طردهم أو مصدقون في الدنيا بلقاء ربهم موقنون به عالمون أنهم ملاقوه لا محالة فكيف أطردهم وحمله على معنى أنهم يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من إيمان صحيح ثابت كما ظهر لي أو على خلاف ذلك مما تعرفونهم به من بناء إيمانهم على بادي الرأي من غير نظر وتفكر وما علي أن أشق عن قلوبهم وأتعرف سر ذلك منهم حتى أطردهم إن كان الأمر كما تزعمون يأباه الجزم بترتب غضب اللّه عز و جل على طردهم كما سيأتي وأيضا فهم إنما قالوا إن اتباعهم لك إنما هو بحسب بادي الرأي بلا تأمل وتفكر وهذا لا يكاد يصلح مدارا للطرد في الدنيا ولا للمؤاخذة في الآخرة غايته أن لا يكونوا في مرتبه الموقنين وادعاء أن بناء الإيمان على ظاهر الرأي يؤدي إلى الرجوع عنه عند التأمل فكأنهم قالوا إنهم اتبعوك بلا تأمل فلا يثبتون على دينك بل يرتدون عنه تعسف لا يخفى

ولكني أراكم قوما تجهلون بكل ما ينبغي أن يعلم ويدخل فيه جهلهم بلقاء اللّه عز و جل وبمنزلتهم عنده وباستيجاب طردهم لغضب اللّه كما سيأتي وبركاكة رأيهم في التماس ذلك وتوقيف إيمانهم عليه أنفه عن الإنتظام معهم في سلك واحد وزعما منهم أن الرذالة بالفقر والشرف بالغني وإيثار صيغة الفعل للدلالة

 على التجدد والإستمرار أو تتسافهون على المؤمنين بنسبتهم إلى الخساسة

﴿ ٢٩