|
٣١ ولا أقول لكم حين ادعى النبوة عندي خزائن اللّه أي رزقه وأمواله حتى تستدلوا بعدمها على كذبي بقولكم وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين فإن النبوة أعز من أن تنال بأسباب دنيوية ودعواها بمعزل عن ادعاء المال والجاه ولا أعلم الغيب أي لا أدعي في قولي إني لكم نذير مبين إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم علم الغيب حتى تسارعوا إلى الإنكار والإستبعاد ولا أقول إني ملك حتى تقولوا ما نراك إلا بشرا مثلنا فإن البشرية ليست من موانع النبوة بل من مباديها يعني إنكم اتخذتم فقدان هذه الأمور الثلاثة ذريعة إلى تكذيبي والحال أني لا أدعي شيئا من ذلك ولا الذي أدعيه يتعلق بشيء منها وإنما يتعلق بالفضائل النفسانية التي بها تتفاوت مقادير البشر ولا أقول مساعدة لكم كما تقولون للذين تزدري أعينكم أي تقتحمهم وتحتقرهم من زراه إذا عابه وإسناد الأزدراء إلى أعينهم بالنظر إلى قولهم وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا وأما للإشعار بأن ذلك القصور نظرهم ولو تدبروا في شأنهم ما فعلوا ذلك اي لاأقول في شأن الذين استرذلتموهم لفقرهم من المؤمنين لن يؤتيهم اللّه خيرا في الدنيا أو في الآخرة فعسى اللّه أن يؤتيهم خيري الدارين إن قلت هذا القول ليس مما تستنكره الكفرة ولا مما يتوهمون صدوره عنه صلى اللّه عليه و سلم أصالة أو استتباعا كادعاء الملكية وعلم الغيب وحيازه الخزائن مما نفاه صلى اللّه عليه و سلم عن نفسه بطريق التبرؤ والتنزه عنه فمن أي وجه عطف نفيه على نفيها قلت من جهة أن كلا النفين رد لقياسهم الباطل الذي تمسكوا به فيما سلف فإنهم زعموا أن النبوة تستتبع الأمور المذكورة وأنها لا تتسنى ممن ليس على تلك الصفات فإن العثور على مكانها واغتنام مغانهما ليس من دأب الأراذل فأجاب صلى اللّه عليه و سلم بنفي ذلك جميعا فكأنه قال لا أقول وجود تلك الاشياء من مواجب النبوة ولا عدم المال والجاه من موانع الخير اللّه أعلم بما في انفسهم من الإيمان وإنما اقتصر على نفي القول المذكور مع أنه صلى اللّه عليه و سلم جازم بأن اللّه سبحانه سيؤتيهم خيرا عظيما في الدارين وأنهم على يقين راسخ في الإيمان جريا على سنن الأنصاف مع القوم واكتفاء بمخالفة كلامهم وإرشادا لهم إلى مسلك الهداية بأن اللائق لكل أحد أن لا يبت القول إلا فيما يعلمه يقينا ويبنى أموره على الشواهد الظاهرة ولا يجازف فيما ليس فيه على بينة ظاهرة إني إذا أي إذا قلت ذلك لمن الظالمين لهم بحط مرتبتهم ونقص حقوقهم أو من الظالمين لانفسهم بذلك فإن وباله راجع إلى أنفسهم وفيه تعريض بأنهم ظالمون في ازدرائهم واسترذالهم وقيل إذا قلت شيئا مما ذكر من ادعاه الملكية وعلم الغيب وحيازة الخزائن وهو بعيد لأن تبعه تلك الأقوال مغنية عن التعليل بلزوم الإنتظام في زمرة الظالمين |
﴿ ٣١ ﴾