١ أتى أمر اللّه أي الساعة أو ما يعمها وغيرها من العذاب الموعود للكفرة عبر عن ذلك بأمر اللّه للتفخيم والتهويل وللإيذان بأن تحققه في نفسه وإيتانه منوط بحكمة النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع في سلك الواقع أو عن إتيان مباديه القريبة على نهج إسناد حال الأسباب إلى المسببات وأياما كان ففيه تنبيه على كمال قربه من الوقوع واتصاله وتكميل لحسن موقع التفريع في قوله عز و جل فلا تستعجلوه فإن النهي عن استعجال الشيء وإن صح تفريعه على قرب وقوعه أو على وقوع أسبابه القريبة لكنه ليس بمثابة تفريعه على وقوعه إذ بالوقوع يستحيل الاستعجال رأسا لا بما ذكر من قرب وقوعه ووقوع مبادية والخطاب للكفرة خاصة كما يدل عليه القراءة على صيغة نهي الغائب واستعجالهم وإن كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم لا مع المؤمنين سواء أريد بأمر اللّه ما ذكر أو العذاب الموعود للكفرة خاصة أما الأول فلأنه لا يتصور من المؤمنين استعجال الساعة أو ما يعمها وغيرها من العذاب حتى يعمهم النهي عنه وأما الثاني فلأن استعجالهم له بطريق الحقيقة واستعجال الكفرة بطريق الاستهزاء كما عرفته فلا ينتظمها صيغة واحدة والالتجاء إلى إرادة معنى مجازى يعمهما معا من غير أن يكون هناك رعاية نكتة سرية تعسف لا يليق بشأن التنزيل الجليل وما روى من أنه لما نزلت اقتربت الساعة قال الكفار فيما بينهم إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما تعملون حتى ننظر ما هو كائن فلما تأخرت قالوا ما نرى شيئا فنزلت اقترب للناس حسابهم فأشفقوا وانتظروا اقربها فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فنزلت أتي أمر اللّه فوثب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فرفع الناس رءوسهم فلما نزل فلا تستعجلوه اطمأنوا فليس فيه دلالة على عموم الخطاب كما قيل لا لما توهم من أن التصدير بالفاء يأباه فإنه بمعزل عن إبائه حسبما تحققته بل لأن مناط اطمئنانهم إنما وقوفهم على أن المراد بالإتيان هو الإتيان الادعائي لا الحقيقي الموجب لإستحالة الاستعجال المستلزم لامتناع النهي عنه لما أن النهي عن الشيء يقتضي إمكانه في الجملة ومدار ذلك الوقوف إنما هو النهي عن الاستعجال المستلزم لإمكانه المقتضي لعدم وقوع المستعجل بعد ولا يختلف ذلك باختلاف المستعجل كائنا من كان بل فيه دلالة واضحة على عدم العموم لأن المراد بأمر اللّه إنما هو الساعة وقد عرفت استحالة صدور استعجالها عن المؤمنين نعم يجوز تخصيص الخطاب بهم على تقدير كون أمر اللّه عبارة عن العذاب الموعود للكفرة خاصة لكن الذي يقضي به الإعجاز التنزيلي أنه خاص بالكفرة كما ستقف عليه ولما كان استعجالهم ذلك من نتائج إشراكهم المستتبع لنسبة اللّه عز و جل إلى مالا يليق به من العجز والاحتياج إلى الغير واعتقاد أن واحدا يحجزه عن إنجاز وعده وإمضاء وعيده وقد قالوا في تضاعيفه إن صح مجيء العذاب فالأصنام تخلصنا عنه بشفاعتها رد ذلك فقيل بطريق الاستئناف سبحانه وتعالى عما يشركون أي تنزه وتقدس بذاته وجل عن إشراكهم المؤدي إلى صدور أمثال هذه الأباطيل عنهم أو عن أن يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه وصيغة الاستقبال للدلالة على تجدد إشراكهم واستمراره والالتفات إلى الغيبة للإيذان باقتضاء ذكر قبائحهم للإعراض عنهم وطرحهم عن رتبة الخطاب وحكاية شنائعهم لغيرهم وعلى تقدير تخصيص الخطاب بالمؤمنين تفوت هذه النكتة كما يفوت ارتباط المنهي عنه بالمتنزه عنه وقرىء على صيغة الخطاب |
﴿ ١ ﴾