٧٤ فانطلقا الفاء فصيحة أي فقبل عذره فخرجا من السفينة فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قيل كان الغلام يلعب مع الغلمان فقتل عنقه وقيل ضرب برأسه الحائط وقيل أضجعه فذبحه بالسكين قال أي موسى عليه الصلاة و السلام أقتلت نفسا زكية طاهرة من الذنوب وقرئ زاكية بغير نفس أي بغير قتل نفس محرمة وتخصيص نفي هذا المبيح بالذكر من بين سائر المبيحات من الكفر بعد الإيمان والزنا بعد الإحصان لأنه الأقرب إلى الوقوع نظرا إلى حال الغلام ولعل تغيير النظم الكريم بجعل ما صدر عن الخضر عليه الصلاة و السلام ههنا من جملة الشرط وإبراز ما صدر عن موسى عليه الصلاة و السلام في معرض الجزاء المقصود إفادته مع أن الحقيق بذلك إنما هو ما صدر عن الخضر عليه الصلاة و السلام من الخوارق البديعة لاستشراف النفس إلى ورود خبرها لقلة وقوعها في نفس الأمر وندرة وصول خبرها إلى الأذهان ولذلك روعيت تلك النكتة في الشرطية الأولى لما أن صدور الخوارق منه عليه الصلاة و السلام خرج بوقوعه مرة مخرج العادة فانصرفت النفس عن ترقبه إلى ترقب أحوال موسى عليه الصلاة و السلام هل يحافظ على مراعاة شرطه بموجب وعده الأكيد عند مشاهدة خارق آخر أو يسارع إلى المناقشة كما مر في المرة الأولى فكان المقصود إفادة ما صدر عنه عليه الصلاة و السلام ففعل ما فعل وللّه در شأن التنزيل وأما ما قيل من أن القتل أقبح والاعتراض عليه أدخل فكان جديرا بأن يجعل عمدة في الكلام فليس من دفع الشبهة في شيء بل هو مؤيد لها فإن كون القتل أقبح من مبادى قلة صدوره عن المؤمن العاقل وندرة وصول خبره إلى الأسماع وذلك مما يستدعى جعله مقصودا بالذات وكون الاعتراض عليه أدخل من موجبات كثرة صدوره عن كل عاقل وذلك مما لا يقتضي جعله كذلك لقد جئت شيئا نكرا قيل معناه أنكر من الأول إذ لا يمكن تداركه كما يمكن تدارك الأول بالسد ونحوه وقيل الأمر أعظم من النكرة لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة |
﴿ ٧٤ ﴾