|
٤٤ أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إضراب وانتقال عن الإنكار المذكور إلى إنكار حسبانه صلى اللّه عليه و سلم لهم ممن يسمع أو يعقل حسبما ينبىء عنه جده صلى اللّه عليه و سلم في الدعوة وإهتمامه بالإرشاد والتذكير لكن لا على أنه لا يقع كالأول بل على أنه لا ينبغي أن يقع أى بل اتحسب أن أكثرهم يسمعون ما تتلوا عليهم من الآيات حتى السماع أو يعقلون ما في تضاعيفها من المواعظ الزاجرة عن القبائح الداعية إلى المحاسن فتعتني بشأنهم وتطمع في إيمانهم وضمير أكثرهم لمن وجمعه بإعتبار معناها كما أن الإفراد في الضمائر الأول بإعتبار لفظها وضمير الفعلين لأكثر لا لما أضيف هو إليه وقوله تعالى إن هم إلا كالأنعام الخ جملة مستأنفة مسوقة لتقرير النكير وتأكيده وحسم مادة الحسبان بالمرة أى ما هم في عدم الإنتفاع بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات وإنتفاء التدبر فيما يشاهدونه من الدلائل والمعجزات إلا كالبهائم التي هي مثل في الغفلة وعلم في الضلالة بل هم أضل منها سبيلا لما أنها تنقاد لصاحبها الذي يعلفها ويتعهدها وتعرف من يحسن إليها ممن يسيء إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وتهتدي لمراعيها ومشاربها وتأوى إلى معاطنها وهؤلاء لا ينقادون لربهم وخالقهم ورازقهم ولا يعرفون إحسانهم إليهم من إساءة الشيطان الذي هو أعدى عدوهم ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك ولا يهتدون للحق الذي هو المشرع الهنى والمورد العذب الروى ولأنها إن لم تعتقد حقا مستتبعا لاكتساب الخير لم تعتقد باطلا مستوجبا لأقتراف الشر بخلاف هؤلاء حيث مهدوا قواعد الباطل وفرعوا عليها أحكام الشرور ولأن أحكام جهالتها وضلالتها مقصورة على أنفسها لاتتعدى إلى أحد وجهالة هؤلاء مؤدية إلى ثوران الفتنى والفساد وصد الناس عن سنين السداد وهيجان الهرج والمرج فيما بين العباد ولأنها غير معطلة لقوة من القوى المودعة بل صارفة لها إلى ما خلقت هي له فلا تقصير من قبلها في طلب الكمال وأما هؤلاء فهم معطلون لقواهم العقلية مضيعون للفطرة الأصلية التي فطر الناس عليها مستحقون بذلك أعظم العقاب وأشد النكال |
﴿ ٤٤ ﴾