|
٥٢ فلا تطع الكافرين أي فقابل ذلك بالثبات والأجتهاد في الدعوة وإظهار الحق والتشدد معهم كأنه نهى لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن المداراة معهم والتلطف في الدعوة لما أنه صلى اللّه عليه و سلم كان يود أن يدخلوا في الإسلام ويجتهد في ذلك بتأليف قلوبهم أشد الإجتهاد وجاهدهم به أي بالقرآن بتلاوة ما في تضاعيفه من القوارع والزواجر والمواعظ وتذكير أحوال الأمم المكذبة جهادا كبيرا فإن دعوة كل العالمين على الوجه المذكور جهاد كبير لا يقادر قدره كما وكيفا وقيل الضمير المجرور لترك الطاعة المفهوم من النهى عن الطاعة وأنت خبير بأن مجرد ترك الطاعة يتحقق بلا دعوة أصلا وليس فيه شائبة الجهاد فضلان عن الجهاد الكبير اللّهم إلا أن تجعل الباء للملابسة ليكون المعنى وجاهدهم بما ذكر من أحكام القرآن الكريم ملابسا بترك طاعتهم كأنه قيل فجاهدهم بالشدة والعنف لا بالملاءمة والمدأرأة كما في قوله تعالى يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم وقد جعل الضمير لما دل عليه قوله تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا من كونه صلى اللّه عليه و سلم نذير كافة القرى لأنه لو بعث في كل قرية نذير لوجب على كل نذير مجاهدة قريته فاجتمعت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تلك المجاهدات كلها فكبر من أجل ذلك جهاده وعظم فقيل له صلى اللّه عليه و سلم وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة وأنت خبير بأن بيان سبب كبر المجاهدة بحسب الكمية ليس فيه مزيد فإنه بين بنفسه وإنما اللائق بالمقام بيان سبب كبرها وعظمها في الكيفية |
﴿ ٥٢ ﴾