ÓõæÑóÉõ ÇáÔøõÚóÑóÇÁö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ãöÇÆóÊóÇäö æóÓóÈúÚñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉðþþ سورة الشعراء سورة الشعراء مكية إلا الآيات ١٩٧ ومن آية ٢٢٤ إلى آخر السورة فمدنية وآياتها ٢٢٧ بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ طسم بتفخيم الألف وبإمالتها وإظهار النون وبإدغامها في الميم وهو إما مسرود على نمط التعديد بطريق التحدي على أحد الوجهين المذكورين في فاتحة البقرة فلا محل له من الإعراب وأما اسم للسورة كما عليه الإطباق الأكثر فمحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف وهو أظهر من الرفع على الإبتداء وقد مر وجهه في مطلع سورة يونس عليه السلام أو النصب بتقدير فعل لائق بالمقام نحو اذكر أو اقرأ وتلك في قوله تعالى ٢ تلك آيات الكتاب المبين إشارة إلى السورة سواء كان طسم مسرودا على نمط التعديد أو اسما للسورة حسبما مر تحقيقه هناك وما في اسم الإشارة من معنى البعد للتنبيه على بعد منزلة المشار إليه في الفخامة ومحله الرفع على أنه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون طسم مبتدأ فهو مبدأ ثان أو بدل من الأول والمراد بالكتاب القرآن وبالمبين الظاهر إعجازه على أنه من أبان بمعنى بان أو المبين للأحكام الشرعية وما يتعلق بها أو الفاصل بين الحق والباطل والمعنى هي آيات مخصوصة منه مترجمة بإسم مستقل والمراد ببيان كونها بعضا منه وصفها بما اشتهر به الكل من النعوت الفاضلة ٣ لعلك باخع نفسك أي قاتل وأصل البخع أن يبلغ بالذبح النخاع وهو عرق مستبطن الفقار وذلك أقصى حد الذبح وقرىء باخع نفسك على الإضافة ولعل للإشتفاق أي أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك أن لا يكونوا مؤمنين أي لعدم إيمانهم بذلك الكتاب المبين أو خيفة أن لا يؤمنوا به وقوله تعالى ٤ إن نشأ الخ استئناف مسوق لتعليل ما يفهم من الكلام من النهى عن التحسر المذكور ببيان أن إيمانهم ليس مما تعلقت به مشيئة اللّه تعالى حتما فلا وجه للطمع فيه والتألم من فواته ومفعول المشيئة محذوف لكونه مضمون الجزاء أعني قوله تعالى تنزل عليهم من السماء آية أي ملجئة لهم إلى الإيمان قاسرة عليه وتقديم الظرفين على المفعول الصريح لما مر مرارا من الإهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر فظلت أعناقهم لها خاضعين أي منقادين وأصله فظلوا لها خاضعين فأقتحمت الأعناق لزيادة التقرير ببيان موضع الخضوع وترك الخبر على حاله وقيل لما وصفت الأعناق بصفات العقلاء أجريت مجراهم في الصيغة أيضا كما في قوله تعالى رأيتهم لي ساجدين وقيل أريد بها الرؤساء والجماعات من قولهم جاءنا عنق من الناس أي فوج منهم وقرىء خاضعة وقوله تعالى فظلت عطف على تنزل بإعتبار محله وقوله تعالى ٥ وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين بيان لشدة شكيمتهم وعدم إرعوائهم عما كانوا عليه من الكفر والتكذيب بغير ما ذكر من الآية الملجئة لصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الحرص على إسلامهم وقطع رجائه عنه ومن الأولى مزيدة لتأكيد العموم والثانية لإبتداء الغاية مجازا متعلقة بيأتيهم أو بمحذوف هو صفة الذكر وأياما كان ففيه دلالة على فضله وشرفه وشاعة ما فعلوا به والتعرض لعنوان الرحمة لتغليظ شناعتهم وتهويل جنايتهم فإن الإعراض عما يأتيهم من جنابة عز و جل على الإطلاق شنيع قبيح وعما يأتيهم بموجب رحمته تعالى المحض منفعتهم أشنع وأقبح أي ما يأتيهم من موعظة من المواعظ القرآنية أومن طائفة نازلة من القرآن تذكرهم أكمل تذكير وتنبههم عن الغفلة أتم تنبيه كأنها نفس الذكر من جهته تعالى بمقتضى رحمته الواسعة مجدد تنزيله حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة إلا جددوا إعراضا عنه على وجه التكذيب والأستهزاء وإصرار أعلى ما كانوا عليه من الكفر والضلال والإستثناء مفرغ من أعم الأحوال محله النصب على الحالية من مفعول يأتيهم بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور أي ما يأتيهم من ذكر في حال من الأحوال إلا حال كونهم معرضين عنه ٦ فقد كذبوا أي كذبوا بالذكر الذي يأتيهم تكذيبا صريحا مقارنا للإستهزاء به ولم يكتفوا بالإعراض عنه حيث جعلوه تارة سحرا وأخرى أساطير وأخرى شعرا والفاء في قوله تعالى فسيأتيهم لترتيب ما بعدها على ما قبلها والسين لتأكيد مضمون الجملة وتقريره أي فسيأتيهم البتة من غير تخلف أصلا أنباء ما كانوا به يستهزءن عدل عما يقتضيه سائر ما سلف من الإعراض والتكذيب للإيذان بأنهما كانا مقارنين للإستهزاء كما أشير إليه حسبما وقع في قوله تعالى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن وأنباؤه ما سيحيق بهم من العقوبات العاجلة والآجلة عبر عنها بذاك إما لكونها مما نبأ أبها القرآن الكريم وأما لأنهم بمشاهدتها يقفون على حقيقة حال القرآن كما يقفون على الأحوال الخافية عنهم بإستماع الأنباء وفيه تهويل له لأن النبأ لا يطلق إلا على خبر خطير له وقع عظيم أي فسيأتيهم لا محالة مصداق ما كانوا يستهزءون به قبل من غير أن يتدبروا في أحواله ويقفوا عليها ٧ أو لم يروا الهمزة للإنكار التوبيخيوالواو للعطف على مقدار يقتضيه المقام أي أفعلوا ما فعلوا من الإعراض عن الآيات والتكذيب والإستهزاء بها ولم ينظروا إلأى الأرض أي عجائبها الزاجرة عما فعلوا الداعية إلى الإقبال على ما أعرضوا عنه وإلى الإيمان به وقوله تعالى كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم استئناف مبين لما في الأرض من الآيات الزاجرة عن الكفر الداعية إلى الإيمان وكم خبرية منصوبة بما بعدها على المفعولية والجمع بينها وبين كل لإفادة الإحاطة والكثرة معا ومن كل زوج أي صنف تمييز والكريم من كل شيء مرضية ومحمودة أي كثيرا من كل صنف مرضى كثير المنافع أنبتنا فيها وتخصيص إنباته بالذكر دون ما عداه من الأصناف لإختصاصه بالدلالة على القدرة والنعمة معا ويحتمل أن يراد به جميع أصناف النبات نافعها وضارها ويكون وصف الكل بالكرم للتنبيه على أنه تعالى ما أنبت شيئا إلا وفيه حكمة فائدة كما نطق به قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا فإن الحكيم لا يكاد يفعل فعلا إلا وفيه حكمة بالغة وإن غفل عنها الغافلون ولم يتوصل إلى معرفة كنهها العاقلون ٨ إن في ذلك إشارة إلى مصدر أنبتنا أو الى كل واحد من تلك الأزواج وأيا ما كان فما فيه من معنى البعد للإبذان ببعد منزلته في الفضل الآية أي آية عظيمة دالة على كمال قدرة منبتها وغاية وفور علمه وحكمته ونهاية سعة رحمته موجبة للإيمان وازعة عن الكفر وما كان أكثرهم أي أكثر قومه صلى اللّه عليه و سلم مؤمنين قيل أي في علم اللّه تعالى وقضائه حيث علم أزلا أنهم سيصرفون فيما لا يزال اختيارهم الذي عليه يدور أمر التكليف إلى جانب الشر ولا يتدبرون في هذه الآيات العظام وقال سيبويه كان صلة والمعنى وما أكثرهم مؤمنين وهو الأنسب بمقام بيان عتوهم وغلوهم في المكابرة والعناد مع تعاضد موجبات الإيمان من جهته تعالى وأما نسبة كفرهم إلى علمه تعالى وقضائه فربما يتوهم منها كونهم معذورين فيه بحسب الظاهر لأن ما أشير إليه من التحقيق مما خفى على مهرة العلماء المتقنين كأنه قيل إن في ذلك لآية باهرة موجبة للإيمان وما أكثرهم مؤمنين مع ذلك لغاية تماديهم في الكفر والضلالة وانهاكهم في المعنى والجهالة ونسبة عدم الإيمان إلى أكثرهم لأن منهم من سيؤمن ٩ وإن ربك لهو العزيز الغالب على كل ما يريده من الأمور التي من جملتها الإنتقام من هؤلاء الرحيم المبالغ الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يؤاخذهم بغته بما احترؤا عليه من العظائم الموجبة لفنون العقوبات وفي التعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى اللّه عليه و سلم من تشريفه والعدة الخفية بالإنتقام من الكفرة ما لا يخفى ١٠ وإذ نادى ربك موسى كلام مستأنف مسوق لتقرير ما قبله من إعراضهم عن كل ما يأتيهم من الآيات التنزيلية وتكذيبهم بها إثر بيان إعراضهم عما يشاهدونه من الآيات التكوينية وإذ منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي صلى اللّه عليه و سلم أي واذكر لأولئك المعرضين المكذبين وقت ندائه تعالى إياه عليه الصلاة و السلام وذكرهم بما جرى على قوم فرعون بسبب تكذيبهم إياه زجرا لهم عما هم عليه من التكذيب وتحذيرا من أن يحيق بهم مثل ما حاق بأضرابهم المكذبين الظالمين حتى يتضح لك أنهم لا يؤمنون بما يأتيهم من الآيات لكن لا بقياس حال هؤلاء بحال أولئك فقط بل بمشاهدة إصرارهم على ما هم عليه بعد سماع الوحي الناطق بقصتهم وعدم اتعاظهم بذلك كما يلوح به تكرير قوله تعالى إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين عقيب كل قصة وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث قد مر سره مرارا أن ائت بمعنى أي ائت على أن أن مفسرة أو بأن ائت على أنها مصدرية حذف منها الجار القوم الظالمين أي بالكفر واالمعاصي واستبعاد بني اسرائيل وذبح ابنائهم وليس هذا مطلع ما رود في حيز النداء وإنما هو ما فصل في سورة طه من قوله تعالى إني أنا ربك إلى قوله لنريك من آياتنا الكبرى وإيراد ما جرى في قصة واحدة من المقالات بعبارات شتى وأساليب مختلفة قد مر تحقيقه في أوائل سورة الأعراف عند قوله تعالى أنظرني ١١ قوم فرعون بدل من الأول أو عطف بيان له جىء به للإيذان بأنهم علم في الظلم كأن معنى القوم الظالمين وترجمته قوم فرعون والإقتصار على ذكر قومه للإيذان بشهرة أن نفسه أول داخل في الحكم ألا يتقون استئناف جىء به إثر إرساله عليه الصلاة و السلام إليهم للإنذار تعجيبا من غلوهم في الظلم وإفراطهم في العدوان وقرىء بتاء الخطاب على طريقة الإلتفات المنبىء عن زيادة الغضب عليهم كأن ذكر ظلمهم أدى إلى مشافهتهم بذلك وهم وإن كانوا حينئذ غيبا لكنهم قد أجروا مجرى الحاضرين في كلام المرسل إليهم من حيث إنه مبلغه إليهم وإسماعه مبتدأ إسماعهم مع ما فيه من مزيد الحث على التقوى لمن تدبر وتأمل وقرىء بكسر النون اكتفاء به عن باء المتكلم وقد جوز أن يكون بمعنى ألا ياناس اتقون نحو أن لا يسجدوا قال استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية ما مضى كأ ه قيل فماذا قال موسى ععليه السلام فقيل ١٢ قال متضرعا إلى اللّه عز و جل رب إني أخاف أن يكذبون من أول الأمر ١٣ ويضيق صدري ولا يتطلق لساني معطوفا على أخاف فأرسل أي جبريل عليه السلام إلى هارون ليكون معنى وأتعاضد به في تبليغ الرسالة رتب عليه الصلاة و السلام من حبسه اللسان بانقباض الروح إلى باطن القلب عند ضيقه بحيث لا ينطبق لأنها إذا اجتمعت تمس الحاجة إلى معين يقوى قلبه وينوب منابه إذا اعتراء حبسه حتى لا تختل دعوته ولا تنقطع حجته وليس هذا من التعلل والتوقف في تلقي الأمر في شيء وإنما هو استدعاء لما يعينه على الإمتثال به وتمهيد عذر فيه وقرىء ويضيق ولا ينطق بالنصب عطفا على يكذبون فيكونان من جملة ما يخاف منه ١٤ ولهم على ذنب أي تبعة ذنب فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أو سمى بأسمه والمراد به قتل القبطى وتسميته ذنبا بحسب زعمهم كما ينبىء عنه قوله لهم وهذا إشارة إلى قصة مبسوطة في غير موضع فأخاف أي أن أتيتهم وحدى أن يقتلون بمقابلته قبل أداء الرسالة كما ينبغي وليس هذا أيضا تعللا وإنما هو استدفاع المبلية المتوقعة قبل وقوعها وقوله تعالى ١٥ قال كلا فاذهبا بآياتنا حكاية لإجابته تعالى إلى الطلبتين الدفع المفهوم من الردع عن الخوف وضم أخيه المفهوم من توجيه الخطاب إليهما بطريق التغليب فإنه معطوف على مضمر ينبىء عنه الردع كأنه قيل ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت ومن استدعيته وفي قوله بآياتنا رمز إلى أنها تدفع ما يخافه وقوله تعالى إنا معكم مستمعون تعليل للردع عن الخوف ومزيد تسلية لهما بضمان كمال الحفظ والنصرة كقوله تعالى إنني معكما أسمع وأرى حيث كان الموعد بمحضر من فرعون اعتبر ههنا في المعية وقيل أجريا مجرى الجماعة ويأباه ما قبله وما بعده من ضمير التثنية أي سامعون ما يجري بينكما وبينه فنظهر كما عليه مثل حالة تعالى بحال ذي شوكة قد حضر مجادلة قوم يستمع ما يجري بينهم ليمد أولياءه ويظهرهم على أعدائهم مبالغة في الوعد بالإعانة أو استعير الإستماع الذي هو بمعنى الإصغاء للسمع الذي هو العلم بالحروف والأصوات وهو خبر ثان أو خبر وحده ومعكم ظرف لغو والفاء في قوله تعالى ١٦ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الوعد الكريم وليس هذا مجرد تأكيد للأمر بالذهاب لأن معناه الوصول إلى المأتى لا مجرد التوجه إليه كالذهاب وإفراد الرسول إما بإعتبار رسالة كل منهما أو لاتحاد مطلهما اولأنه مصدر وصف به وأن في قوله تعالى ١٧ أن أرسل معنا بني إسرائيل مفسرة لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول ومعنى إرسالهم تخليتهم وشأنهم ليذهبوا معهما إلى الشأم قال أي فرعون لموسى عليه السلام بعد ما أتياه وقالا له ما أمر به يروي أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهم سنة حتى ١٨ قال البواب إن ههنا إنسانا يزعم أنه رسول رب العالمين فقال أئذن له لعلنا نضحك فأديا إليه الرسالة فعرف موسى عليه السلام فقال عند ذلك ألم نربك فينا في حجرنا ومنازلنا وليدا أي طفلا عبر عنه بذلك لقرب عهده بالولادة ولبثت فينا من عمرك سنين قيل لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج إلى مدين وأقام بها عشر سنين ثم عاد إليهم يدعوهم إلى اللّه عز و جل ثلاثين سنة ثم بقي بعد الغرق خمسين سنة وقيل وكز القبطي وهو ابن اثنتي عشرة سنة وفر منهم على إثر ذلك واللّه أعلم ١٩ وفعلت فعلتك التي فعلت يعني قتل القبطى بعد ما عدد عليه نعمته من تربيته وتبليغه مبلغ الرجال وبخه بما جرى عليه من قتل خبازه وعظم ذلك وفظعه وقرىء فعلتك بكسر الفاء لأنها كانت نوعا من القتل وأنت من الكفارين أي بنعمتي حيث عمدت إلى قتل رجل من خواصي أو أنت حينئذ ممن تكفرهم الآن وقد افترى عليه عليه الصلاة و السلام أو جهل أمره عليه الصلاة و السلام حيث كان يعايشهم بالتقنية وإلا فأين هو عليه الصلاة و السلام من مشاركتهم في الدين فالجملة حيئذ حال من إحدى التأمين ويجوز أن يكون حكما مبتدأ عليه أنه من الكافرين بالهيته أو ممن يكفرون في دينهم حيث كانت لهم آلهة يعبدونها أو من الكافرين بالنعم المعتادين لغمطها ومن اعتاد ذلك لا يكون مثل هذه الجناية بدعا منه ٢٠ قال مجيبا له مصدقا له في القتل ومكذبا فيما نسبه إليه من الكفر فعلتها إذا وأنا من الضالين أي من الجاهلين وقد قرىء كذلك لا من الكافرين كما زعمت افتراء أي من الفاعلين فعل الجهلة والسفهاء أو من المخطئين لآنه لم يعتمد قتله بل أراد تأديبه أو الذاهبين عما يؤدي إليه الوكز أو الناسين كقوله تعالى أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ٢١ ففررت منكم إلى ربي لما خفتكم أن تصيبونني بمضرة وتؤاخذوني بماء لا استحقه بجنابتي من العقاب فوهب لى ربي حكما أي حكمة أو النبوة وجعلني من المرسلين ردأ ولا بذلك ما وبخه به قدحا في نبوته ثم كر على ما عده عليه من النعمة ولم يصرح برده حيث كان صدقا غير قادح في دعواه بل نبه على أن ذلك كان في الحقيقة نقمة فقال ٢٢ وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بني إسرائيل أي تلك التربية نعمة تمن بها على ظاهرا وهي في الحقيقة تعبيدك بني إسرائيل وقصدك إياهم بذبح أبنائهم فإنه السبب في وقوعي عندك وحصولي في تربيتك وقيل إنه مقدر بهمزة الإنكار أي أو تلك نعمة تمنها على وهي أن عبدت بني إسرائيل ومحل أن عبدت الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من نعمة أو الجر بإضمار الباء أو النصب بحذفها وقيل تلك إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة وأن عبدت عطف بيان لها والمعنى تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها على وتوحيد الخطاب في تمنها وجمعه فيما قبله لأن المنة منه خاصة والخوف والفرار منه ومن ملئه ٢٣ قال فرعون لما سمع منه عليه الصلاة و السلام تلك المقالة المتينة وشاهد تصلبه في أمره وعدم تأثره بما قدمه من الإبراق والإرعاد شرع في الإعتراض على دعواه عليه الصلاة و السلام فبدأ بالإستفسار عن المرسل فقال وما رب العالمين حكاية لما وقع في عباراته عليه الصلاة و السلام أي أى شيء رب العالمين الذي ادعيت أنك رسوله منكرا لأن يكون للعالمين رب سواه حسبما يعرب عنه قوله أنا ربكم الأعلى وقوله ما علمت لكم من إله غيري وينطق به وعيده عند تمام أجوبته عليه الصلاة و السلام ٢٤ قال موسى عليه السلام مجيبا له رب السموات والأرض وما بينهما بتعيين ما أراه بالعالمين وتفصيله لزيادة التحقيق والتقرير وحسم مادة تزوير اللعين وتشكيكه بحمل العالمين على ما تحت مملكته إن كنتم موقنين أي إن كنتم موقنين الأشياء محققين لها علمتم ذلك أو إن كنتم موقنين بشيء من الأشياء فهذا أولى بالإيقان لظهوره وإنارة دليله ٢٥ قال أي فرعون عند سماع جوابه عليه الصلاة و السلام خوفا من تأثيره في قلوب قومه وإذعانهم له لمن حوله من أشراف قومه قال ابن عباس رضي اللّه عنهما كانوا خمسائة عليهم الأساور وكانت للملوك خاصة ألا تستمعون مرائيا لهم أن ما سمعوه من جوابه عليه الصلاة و السلام مع كونه مما لا يليق بأن يعتدبه أمر حقيق بأن يتعجب منه كأنه ٢٦ قال ألا تستمعون ما يقوله فاستمعوه وتعجبوا منه حيث يدعى خلاف أمر محقق لا اشتباه فيه يريد به ربوبية نفسه قال عليه الصلاة و السلام تصريحا بما كان مندرجا تحت جوابية السابقين ربكم ورب آبائكم الأولين وحطا له من ادعاء الربوبية إلى مرتبة المربوبية قال أي فرعون لما واجهه موسى عليه السلام بما ذكر غاظه ذلك وخاف من تأثر قومه منه فأراهم أن ما قاله عليه الصلاة و السلام مما لا يصدر عن العقلاء صدا لهم عن قبوله ف ٢٧ قال مؤكدا لمفالته الشنعاء بحر في التأكيد إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ليفتنهم بذلك ويصرفهم عن قبول الحق وسماه رسولا بطريق الإستهزاء وأضافه إلى محاطبية ترفعا من أن يكون مرسلا إلى نفسه ٢٨ قال عليه الصلاة و السلام رب المشرق والمغرب وما بينهما قاله عليه الصلاة و السلام تكميلا لجوابه الأول وتفسيرا له وتنبيها على جهلهم وعدم فهمهم لمعنى مقالته فإن بيان ربوبيته تعالى للسموات والأرض وما بينهما وإن كان متضمنا لبيان ربوبيته تعالى للخافقين وما بينهما لكن لما لم يكن فيه تصريح باستناد حركات السموات وما فيها وتغيرات أحوالها وأوضاعها وكون الأرض تارة مظلمة وأخرى منورة إلى اللّه تعالى أرشدهم إلى طريق معرفة ربوبيته تعالى لما ذكر فإن ذكر المشرق والمغرب منبىء عن شروق الشمس وغروبها المنوطين بحركات السموات وما فيها على نمط بديع بترتيب عليه هذه الأوضاع الرصينة وكل ذلك امور حادثة مفتقرة الى محدث قادر عليم حكيم لا كذوات السموات والأرض التي ربما يتوهم جهلة المتوهمين باستمرارها استغناءها عن الموجد المتصرف إن كنتم تعقلون أي أن كنتم تعقلون شيئا من الأشياء أو إن كنتم من أهل العقل علمتم أن الأمر كما قتله وفيه إيذان بغاية وضوح الأمر بحيث لا يشتبه على من له عقل في الجملة وتلويح بأنهم بمعزل من دائرة العقل وأنهم المتصفون بما رموه عليه الصلاة و السلام به من الجنون ٢٩ قال لما سمع اللعين منه عليه الصلاة و السلام تلك المقالات المبنية على أساس الحكم البالغة وشاهد شدة حزمه وقوة عزمه على تمشية أمره وأنه ممن لا يجاري في حلبة المجاورة ضرب صفحا عن عن المقاولة بالإنصاف ونأى بجانبه إلى عدوة الجور والإعتساف فقال مظهرا لما كان يضمره عند السؤال والجواب لئن اتخذت إلها غري لأجعلنك من المسجونين لم يقتنع منه عليه الصلاة و السلام بترك دعوى الرسالة وعدم التعرض له حتى كلفه عليه الصلاة و السلام أن يتخذه إلها لغاية عتوه وغلوه فيما فيه من دعوى الألوهية وهذا صريح في أن تعجبه وتعجيبه من الجواب الأول ونسبته عليه الصلاة و السلام إلى الجنون في الجواب الثاني كان لنسبته عليه الصلاة و السلام الربوبية إلى غيره وأما ما قيل من أن سؤاله كان عن حقيقة المرسل وتعجبه من جوابه كان لعدم مطابقته له لكونه بذكر أحواله فلا يساعده النظم الكريم ولا حال فرعون ولا مقالة واللام في المسجونين للعهد أي لأجعلنك ممن عرفت أحوالهم في سجوني حيث كان يطرحهم في هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك لم يقل لأسجننك قال أو لو جئتك بشيء مبين أي أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشيء مبين أي موضح لصدق دعو اى يريد به المعجزة فإنها جامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته وبين الدلالة على صدق دعوى من ظهرت على يده والتغيير عنها بالشيء للتهويل ٣٠ قالوا الواو في أولو جئتك للحال دخلت عليها همزة الإستفهام أي جائيا بشيء مبين وقد سلف منا مرار أنها للعطف وأن كلمة لو ليست لإنتفاء الشيء في الزمان الماضي لإنتفاء غيره فيه فلا يلاحظ لها جواب قد حذف تعويلا على دلالة ما قبلها عليه ملاحظة قصدية إلا عند القصد إلى بيان الإعراب على القواعد الصناعية بل هي لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من حكم الموجب أو المنفى على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمالي بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر ثبوته أو انتفائه معه ثبوته أو انتفاؤه مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية لما أن الشيء متى تحقق مع المنافى القوي فلأن يتحقق مع غيره أولى لذلك لا يذكر معه شيء من سائر الأحوال ويكتفي عنه بذكر العاطف للجملة على نظيرتها المقابلة لها الشاءلة لجميع الأحوال المغايرة لها عند تعددها ليظهر ما ذكر من تحقق الحكم على جميع الأحوال فإنك إذا قلت فلان جواد يعطى ولو كان فقيرا تريد بيان تحقق الإعطاء منه على كل حال من أحواله المفروضة فتعلق الحكم بأبعدها منه ليظهر بتحققه معه تحققه مع ما عداه من الأحوال التي لا منافاة بينها وبين الحكم بطريق الأولوية المصححة للإكتفاء بذكر العاطف عن تفصيلها كأنك قلت فلان جواد يعطى لو لم يكن فقيرا ولو كان فقيرا أي يعطي حال كونه غنيا وحال كونه فقيرا فالحال في الحقيقة كلنا الجملتين المتعاطفين لا المذكورة على أن الواو للحال وتصدير المجىء بما ذكر من كلمة لو دون إن ليس لبيان استبعاده في نفسه بل بالنسبة إلى فرعون والمعنى أتفعل بي ذلك حال عدم مجييء بسيء مبين وحال مجيىء به ٣١ قال فأت به إن كنت من الصادقين أي فيما يدل عليه كلامك من أنك تأتي بشيء مبين موضح لصدق دعواك أو في دعوى الرسالة وجواب الشرط المحذوف لدلالة ما قبله عليه ٣٢ فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين أي ظاهر تثعبانيته لا أنه شيء يشبهه واشتقاق الثعبان من ثعبت الماء فانثعب أي فجرته فانفجر وقد مر بيان كيفية الحال في سورة الإعراف وسورة طه ٣٣ ونزع يده من جيبه فإذا هي بيضاء للناظرين قيل لما رأى فرعون الآية الأولى وقال هل لك غيرها فأخرج يده فقال ما هذه قال فرعون يدك فما فيها فأدخلها في إبطه ثم نزعها ولها شعاع يكاد يغشي الأبصار ويسد الأفق ٣٤ قال للملأ حوله أي مستقرين حوله فهو ظرف وقع موقع الحال إن هذا لساحر عليم فائق في فن السحر ٣٥ يريد أن يخرجكم قسرا من أرضكم بسحره فماذا تأمرون بهره سلطان لمعجزة وحيرة حتى حطه عن ذروة ادعاء الربوبية إلى حضيض الخضوع لعبيده في زعمه والإمتثال بأمرهم وإلى مقام مؤامرتهم ومشاورتهم بعد ما كان مستقلا في الرأي والتدبير وأظهر استشعار الخوف من استيلائه على ملكه ونسبة الإخراج والأرض إليهم لتنفيرهم عن موسى عليه السلام ٣٦ قالوا أرجه وأخاه أخر أمرهما وقيل احبسهما وأبعث في المدائن حاشرين أي شرطا يحشرون السحرة ٣٧ يأتوك أي الحاشرون بكل سحار عليم فائق في فن السحر وقرىء بكل ساحر ٣٨ فجمع السحرة لميقات يوم معلوم هو ما عينه موسى عليه السلام بقوله موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ٣٩ وقيل للناس هل أنتم مجتمعون قيل لهم ذلك استبطاء لهم في الإجتماع وحثا لهم على المبادرة إليه ٤٠ لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين أي نتبعهم في دينهم إن كانوا الغالبين لا موسى عليه السلام وليس مرادهم بذلك أن يتبعوا دينهم حقيقة وإنما هو أن لا يتبعوا موسى عليه السلام لكنهم ساقوا كلامهم مساق الكناية حملا لهم على الإهتمام والجد في المغالبة ٤١ فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا أي أجرا عظيما إن كنا نحن الغالبين لا موسى عليه السلام ٤٢ قال نعم لكم ذلك وإنكم مع ذلك إذا لمن المقربين عندي قيل ٤٣ قال لهم تكونون أول من يدخل على وآخر من يخرج عنى وقرىء نعم بكسر العين وهما لغتان قال لهم موسى أي بعد ما قال له السحرة إما أن تلقي وأما أن نكون أول من ألقى ألقوا ما أنتم ملقون ولم يرد به الأمر بالسحر والتمويه بل الإذن في تقديم ما هم فاعلوه البتة توسلا به إلى إظهار الحق وإبطال الباطل ٤٤ فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا أي وقد قالوا عند الإلفاء بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون قالوا ذلك لفرط اعتقادهم في أنفسهم وإتيانهم بأقصى ما يمكن أن يؤتى به من السحر ٤٥ فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف أي تبتلع بسرعة وقرىء تلقف بحذق إحدى التأمين من تتلقف مايأفكون أي ما يقلبونه من وجهه وصورته بتمويههم وتزويرهم فيخيلون حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى أو إفكهم تسمية للمأفوك به مبالغة ٤٦ فألقى السحرة ساجدين أي إثر ما شتهدوا ذلك من غير تلعثم وتردد غير متمالكين كأن ملقيا ألقاهم لعلمهم بأن مثل ذلك خارج عن حدود السحر وأنه أمر إلهي قد ظهر على يده عليه الصلاة و السلام لتصديقه وفيه دليل على أن قصارى ما ينتهي إليه همم السحرة هو التمويه والتزوير تخيبل شيء لا حقيقة له ٤٧ قالوا آمنا برب العالمين بدل اشتمال من ألقى أو حال بإضمار قد وقوله تعالى ٤٨ رب موسى وهرون بدل من رب العالمين للتوضيح ودفع توهم إرادة فرعون حيث كان قومه الجهلة يسمونه بذلك والإشعار بأن الموجب لإيمانهم به تعالى ما أجراه على أيديهما من المعجزة القاهرة ٤٩ قال أي فرعون للسحرة آمنتم له قيل أن آذن لكم أي بغير أن آذان لكم كما في قوله تعالى لنقد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لا أن الإذن منه ممكن أو متوقع إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فتواطأتم على ما فعلتم أو علمكم شيئا دون شيء ولذلك غلبكم أراد بذلك التلبيس على قومه كيلا يعتقدوا أنهم آمنوا عن بصيرة وظهور حق وقرىء أآمنتم بهمزتين فلسوف تعلمون أي وبال ما فعلتم وقوله لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين بيان لما أو عدهم به ٥٠ قالوا أي السحرة لا ضير لا ضرر فيه علينا وقوله تعالى إنا إلى ربنا منقلبون تعليل لعدم الضير أي لا ضير في ذلك بل لنا فيه نفع عظيم لما يحصل لنا في الصبر عليه لوجه اللّه تعالى من تكفير الخطايا والثواب العظيم أو لا ضير علينا فيما تتوعدنا به من القتل أنه لا بد لنا من الإنقلاب إلى ربنا بسبب من أسباب الموت والقتل أهونها وأرجاها وقوله تعالى ٥١ إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أي لأن كنا أول المؤمنين أي من أتباع فرعون أو من أهل المشهد تعليل ثان لنفي الضير أي لا ضير علينا في قتلك إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا لكوننا أول المؤمنين وقرىء إن كنا على الشرط لهضم النفس وعدم الثقة بالخاتمة أو على طريقة قول المدل بأمره كقول العامل لمستأجر أخر أجرته إن كنت عملت لك فوفني حقي ٥٢ وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي وذلك بعد بضع سنين أقام بين أظهرهم يدعوهم إلى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا إلا عتوا وعنادا حسبما فصل في سورة الأعراف بقوله تعالى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين الآيات وقرىء بكسر النون ووصل الألف من سرى وقرىء أن سر من السير إنكم متبعون تعليل للأمر بالإسراء أي يتبعكم فرعون وجنوده مصبحين فأسر بمن معك حتى لا يدركوكم قبل الوصول إلى البحر فيدخلوا مداخلكم فأطبقه عليهم فأغرقهم ٥٤ فأرسل فرعون حين أخبر بمسيرهم في المدائن حاشرين جامعين للعساكر ليتبعوهم ٥٤ إن هؤلاء يريد بني إسرائيل لشرذمة قليلون استقلهم وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا بالنسبة إلى جنوده إذروي أنه أرسل في أثرهم ألف ألف وخمسائة ملك مسور مع كل ملك ألف وخرج فرعون في جمع عظيم وكانت مقدمته سبعمائة ألف رجل على حصان وعلى رأسه بيضة وعن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث ٥٥ وإنهم لنالغائظون أي فاعلون ما يغيظنا ٥٦ وإنا لجميع حاذرون يريد أنهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا يتوقع غلبتهم وعلوهم ولكنهم يفعلون أفعالا تغيظا وتضيق صدورنا ونحن قوم عادتا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى إطفاء نائرة فساده وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به ما يكسر من قهره وسلطانه وقرىء حذرون فالأول دال على التجدد والثاني على الثبات وقيل الحاذر المؤدي في السلام وقرىء حادرون بالدال المهملة أي أقوياء وأشداء وقيل مدججون في السلاح قد كسبهم ذلك حدارة في أجسامهم ٥٧ فأخرجناهم بأن خقلنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه من جنات وعيون ٥٨ وكنوز ومقام كريمكانت لهم جملة ذلك ٥٩ كذلك إما مصدر تشبيهي لأخرجنا أي مثل ذلك لإخراج العجيب أخرجناهم أو صفة لمقام كريم أي من مقام كريم كائن كذلك أو خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر كذلك وأورد ثناها بني إسرائيل أي ملكناها إياهم على طريقة تمليك مال المورث للوارث كأنهم ملكوها من حين خروج أربابها منها قبل أن يقبضوها ويتسلموها فأتبعوهم أي فلحقوهم وقرىء ٦٠ فاتبعوهم مشرقين داخلين في وقت شروق الشمس أي طلوعها ٦١ فلما تراءى الجمعان تقاربا بحيث رأى كل واحد منهما الآخرون وقرىء تراءت الفئتان قال أصحاب موسى إنا لمدركون جاءوا بالجملة الأسمية مؤكدة بحر في التأكيد للدلالة على تحقق الإدراك واللحاق وتنجزهما وقرىء لمدركون بتشديد الدال من أدرك الشيء إذا تتابع ففنى أي لمتتابعون في الهلاك على أيديهم ٦٢ قال كلا ارتدعوا عن ذلك فإنهم لا يدركونكم إن معنى ربي بالنصرة والهداية سيهدين البتة إلى طريق النجاة منهم بالكلية روى أن يوشع عليه السلام قال يا كليم اللّه أين أمرت فقد غشينا فرعون والبحر أمامنا قال عليه السلام ههنا فخاض يوشع عليه السلام الماءوضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فكان ما كان وروى أن مؤمنا من آل فرعون كان بين يدي موسى عليه السلام فقال أين أمرت فهذا البحر أمامك وقد غشيك آل فرعون قال عليه السلام أمرت بالبحر ولعلى أومر بما أصنع فأمر بما أمر به وذلك قوله تعالى ٦٣ فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر الفلزم أو النيل فانفلق الفاء فصيحة أي فضرب فانفلق فصار اثنى عشر فرقا بعدد الأسباط بينهن مسالك فكان كل فرق حاصل بالإنفلاق كالطود العظيم كالجبل المنيف الثابت في مقره فدخلوا في شعابها كل سبط في شعب منها ٦٤ وأزلفنا أي قربنا ثم الآخرين أي فرعون وقومه حتى دخلوا على أثرهم مداخلهم ٦٥ وأنجينا موسى ومن معه أجمعين بحفظ البحر على تلك الهيئة إلى أن عبروا إلى البر ٦٦ ثم أغرقنا الآخرين بإطبافه عليهم ٦٧ إن في ذلك أي في جميع ما فصل مما صدر عن موسى عليه السلام وظهر على يديه من المعجزات القاهرة ومما فعل فرعون وقومه من الأقوال والأفعال وما فعل بهم من العذاب والنكال وما في اسم الإشارة من معنى البعد لتهويل أمر المشار إليه وتفظيعه كتنكير الآية في قوله تعالى لآية أي أية آية أو آية عظيمة لا تكاد توصف موجبة لأن يعتبر بها المعتبرون ويقيسوا شأن النبي صلى اللّه عليه و سلم بشان موسى عليه السلام وحال أنفسهم بحال أولئك المهلكين ويجتنبوا تعاطي ما كانوا يتعاطونه من الكفر والمعاصي ومخالفة الرسول ويؤمنوا باللّه تعالى ويطيعوا رسوله كيلا يحل بهم مثل ما حل بأولئك أو إن فيما فصل من القصة من حيث حكايته عليه الصلاة و السلام إياها على ما هي عليه من غير أن يسمعها من أحد لآية عظيمة دالة على أن ذلك بطريق الوحي الصادق موجبة للإيمان باللّه تعالى وحده وطاعة رسوله عليه الصلاة و السلام وما كان أكثرهم أي أكثر هؤلاء الذين سمعوا قصتهم منه عليه الصلاة و السلام مؤمنين لا بأن يقيسوا شأنه بشأن موسى عليهما السلام وحال أنفسهم بحال أولئك المكذبين المهلكين ولا بأن يتدبروا في حكايته عليه الصلاة و السلام لقصتهم من غير أن يسمعها من أحد مع كون كل من الطريقين مما يؤدي إلى الإيمان قطعا ومعنى ما كان أكثرهم مؤمنين وما أكثرهم مؤمنين على أن كان زائدة كما هو رأى سيبويه فيكون كقوله تعالى وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وهو إخبار منه تعالى بما سيكون من المشركين بعد ما سمعوا الآيات الناطقة بالقصة تقريرا لما مر من قوله تعالى وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا الخ وإيثار الجملة الأسمية للدلالة على استقرارهم على عدم الإيمان واستمرارهم عليه ويجوز أن يجعل كان كان بمعنى صار كما فعل ذلك في قوله تعالى وكان من الكافرين فالمعنى وما صار أكثرهم مؤمنين مع ما سمعوا من الآية العظيمة الموجبة له بما ذكر من الطرفين فيكون الإخبار بعدم الصيرورة قبل الحدوث للدلالة على كمال تحققه وتقرره كقوله تعالى أتى أمر اللّه الآية ٦٨ وإن ربك لهو العزيز الغالب على كل ما يريده من الأمور التي من جملتها الإنتقام من المكذبين الرحيم المبالغ في الرحمة ولذلك بمهلهم ولا يجعل عقوبتهم بعدم إيمانهم بعد مشاهدة هذه الآية العظيمة بطريق الوحي مع كمال استحقاقهم لذلك هذا هو الذي يقتضيه جزالة النظم الكريم من مطلع السورة الكريمة إلى آخر القصص السبع بل إلى آخر السورة الكريمة اقتضاء بينا لا ريب فيه وأما ما قيل من أن ضمير أكثرهم لأهل عصر فرعون من القبط وغيرهم وأن المعنى وما كان أكثر أهل مصر مؤمنين حيث لم يؤمن منهم إلا آسية وحزقيل ومريم ابنة ياموشا إلتى دلت على تابوت يوسف عليه السلام وبنو إسرائيل بعد ما نجوا سألوا بقرة يعبدونها واتخذوا العجل وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة فبمزل من التحقيق كيف لا ومساق كل قصة من القصص الواردة في السورة الكريمة سوى قصة إبراهيم عليه السلام إنما هو لبيان حال طائفة معينة قد عتوا عن أمر ربهم وعصوا رسله عليهم الصلاة والسلام كما بفصح عنه تصدير القصص بتكذيبهم المرسلين بعد ما شاهدوا بأيديهم من الآيات العظام ما يوجب عليهم الإيمان ويزجرهم عن الكفر والعصيان وأصروا على ما هم عليه من التكذيب فعاقبهم اللّه تعالى لذلك بالعقوبة الدنيوية وقطع دابرهم بالكلية فكيف يمكن أن يخبر عنهم بعدم إيمان أكثرهم لا سيما بعد الإخبار بإهلاكهم وعد المؤمنين من جملتهم أولا وإخراجهم منها آخرا مع عدم مشاركتهم لهم في شيء ما حكى عنهم من الجنايات أصلا مما يوجب تنزيه التنزيل عن أمثاله فتدبر ٦٩ واتل عليهم عطف على المضمر المقدر عاملا لإذ نادى الخ أي واتل على المشركين نبأ إبراهيم أي خبره العظيم الشأن حسبما أوحى إليك لتقف على ما ذكر م عدم إيمانهم بما يأتيهم من الآيات بأحد الطريقين ٧٠ إذا قال منصوب إما على الظرفية للنبأ أي نبأه وقت قوله لأبيه وقومه أو على المفعولية لاتل على أنه بدل من نبأ أي واتل عليهم وقت قوله لهم ما تعبدون على أن المتلو ما قاله لهم في ذلك الوقت سألهم عليه الصلاة و السلام عن ذلك ليبني على جوابهم أن ما يعبدونه بمعزل من استحقاق العبادة بالكلية ٧١ قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين لم يقتصروا على الجواب الكافي بأن يقولوا أصناما كما في قوله تعالى ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو وقوله تعالى ماذا أنزل ربكم قالوا الحق ونظائرهما بل أطنبوا فيه بإظهار الفعل وعطف دوأم عكوفهم على أصنامهم قصدا إلى إبراز ما في نفوسهم الخبيثة من الإبتهاج والإفتخار بذلك والمراد بالظلول الدوأم وقيل كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل وصلة العكوف كلمة على وإيراد اللام لإفادة معنى زائد كأنهم قالوا فنظل لأجلها مقبلين على عبادتها أو مستدبرين حولها وهذا أيضا من جملة إطباعهم ٧٢ قال استئناف مبنى على سؤال نشأ من تفصيل جوابهم هل يسمعونكم أي هل يسمعون دعاءكم على حذف المضاف أو يسمعونكم تدعون كقولك سمعت زيدا يقول كيت وكيت فخذف لدلالة قوله تعالى إذ تدعون عليه وقرىء هل يسمعونكم من الإسماع أي هل يسمعونكم شيئا من الأشياء أو الجواب عن دعائكم وهل يقدرون على ذلك وصيغة المضارع مع إذ على حكاية الحال الماضية لإستحضار صورتها كأنه قيل لهم استحضروا الأحوال الماضية التي كنتم تدعونها فيها وأجيبوا هل سمعوا أو سنعوا قط ٧٣ أو ينفعونكم بسبب عبادتكم لها أو يضرون أي يضرونكم بترككم لعبادتها إذا لابد للعبادة لا سيما عند كونها على ما وصفتم من المبالغة فيها من جلب نفع أو دفع ضر ٧٤ قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون اعترفوا بأنها بمعزل مما ذكر من السمع والمنفعة والمضرة بالمرة واضطروا إلى إظهار أن لا سند لهم سوى التقليد أي ما علمنا أو ما رأينا منهم ما ذكر من الأمور بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون أي مثل عبادتنا يعبدون فاقتدينا بهم ٧٥ قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أي أنظرتم فأبصرتم أو أتأملتم فعلمتم ما كنتم تعبدونه ٧٦ أنتم وآباؤكم الأقدمون حق الإبصار أو حق العلم وقوله ٧٧ فإنهم عدو لي بيان لحال ما يعبدونه بعد التنبيه على عدم علمهم بذلك أي فإعلموا أنهم أداء لعابديهم الذين يجبونهم كحب اللّه تعالى لما أنهم يتضررون من جهتهم فوق ما يتضرر الرجل من جهة عدوه أو لأن من يغريهم على عبادتهم ويحملهم عليها هو الشيطان الذي هو أعدى عدو الإنسان لكنه عليه الصلاة و السلام صور الأمر في نفسه تعريضا بهم فإنه أنفع في النصيحة من التصريح وإشعارا بأنها نصيحة بدأ بها نفسه ليكون أدعى إلى القبول والعدو والصديق يجيئان في معنى الواحد والجمع ومنه قوله تعالى وهم لكم عدو شبها بالمصادر للموازنة كالقبول والولوع والحنين والصهيل إلا رب العالمين استثناء منقطع أي لكن رب العالمين ليس كذلك بل هو ولي في الدنيا والآخرة لا يزال يتفضل على بمنافعهما حسبما يعرب عنه ما وصفه تعالى به من أحكام الولاية وقيل متصل وهو قول الزجاج على أن الضمير لكل معبود وكان من آبائهم من عبد اللّه تعالى وقوله تعالى ٧٨ الذي خلقني صفة لرب العالمين وجعله مبتدأ وما بعده خبرا غير حقيق بجزالة التنزيل وإنما وصفه تعالى بذلك وبما عطفه عليه مع اندراج الكل تحت ربوبيته تعالى للعالمين تصريحا بالنعم الخاصة به عليه الصلاة و السلام وتفصيلا لها لكونها أدخل في اقتضاء تخصيص العبادة به تعالى وقصر الإلتجاء في جلب المنافع الدينية والدنيوية المضار العاجلة والآجلة عليه تعالى فهو يهدين يهديك أي هو يهديني وحده إلى كل ما يهمني ويصلحني من أمور الدين والدنيا هداية متصلة بحين الخلق ونفخ الروح متجددة على الإستمرار كما ينبىء عنه الفاء وصيغة المضارع فإنه تعالى يهدي كل ما خلقه لما خلق له من أمور المعاش والمعاد هداية متدرجة من مبدأ إتجاده إلى منتهى أجله يتمكن بها من جلب منافعه ودفع مضاره إما طبعا وأما اختيارا مبدؤها بالنسبة إلى الإنسان هداية الجنين لإمتصاص دم الطمث ومنتهاها الهداية إلى طريق الجنة والتنعم بنعيمها المقيم ٧٩ والذي هو يطعمني ويسقين عطف على الصفة الأولى وتكرير الموصول في المواقع الثلاثة مع كفاية عطف ما وقع في حيز الصلة من الجمل الست على صلة الموصول الأول للإيذان بأن كل واحدة من تلك الصلات نعت جليل له تعالى مستقل في استيجاب الحكم حقيقة بأن تجرى عليه تعالى بحيالها ولا تجعل من روادف غيرها ٨٠ وإذا مرضت فهو يشفين عطف على يطعمني ويسقين نظم معهما في سلك الصلة لموصول واحد لما أن الصحة والمرض من متفرعات الأكل والشرب غالبا ونسبة المرض إلى نفسه والشفاءء إلى اللّه تعالى مع أنهما منه تعالى لمراعاة حسن الأدب كما قال الخضر عليه السلام فأردت أن أعيبها وقال فأراد ربك أن يبلغا أشدهما وأما الإماتة فحيث كانت من معظم خصائصه تعالى كالإحياء بدءا وإعادة وقد نيطت أمور الآخرة جميعا بها وبما بعدها من البعث نظمهما في سمط واحد في قوله تعالى ٨١ والذي يميتني ثم يحيين على أن الموت لكونه ذريعة إلى نيله عليه الصلاة و السلام للحياة الأبدية بمعزل من أن يكون غير مطبوع عنده عليه الصلاة و السلام ٨٢ والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ذكره عليه الصلاة و السلام هضما لنفسه وتعليما للأمة أن يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر وطلب مغفرة لما يفرط منهم وتلافيا لما عسى يندر منه عليه الصلاة و السلام من الصغائر وتنبيها لأبيه وقومه على أن يتأملوا في أمرهم فيقفوا على أنهم من سوء الحال في درجة لا يقادر قدرها فإن حاله عليه الصلاة و السلام مع كونه ف طاعة اللّه تعالى وعبادته في الغاية القاصية حيث كانت بتلك المثابة فما ظك بحال أولئك المغمورين في الكفر وفنون المعاصي والخطايا وحمل الخطيئة على كلماته الثلاث إني سقيم بل فعله كبيرهم وقوله لسارة حتى أختي مما لا سبيل إليه لأنها مع كونها معاريض لا من قبيل الخطايا المفتقرة إلى الاستغفار إنما صدرت عنه عليه الصلاة و السلام بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه أما الثالثة فظاهرة لوقوعها بعد مهاجرته عليه الصلاة و السلام إلى الشأم وأما الأوليان فلأنهما وقعتا مكتنفتين بكسر الأصنام ومن البين أن جريان هذه المقالات فيما بينهم كان في مبادىء الأمر تعليق مغفرة الخطيئة بيوم الدين مع أنها إنما تغفر الدنيا لأن أثرها يومئذ يتبين ولأن في ذلك تهويلا له وإشارة إلى وقوع الجزاء فيه إن لم تغفر ٨٣ رب هب لي حكما بعد ما ذكر عليه الصلاة و السلام لهم فنون الألطاف الفائضة عليه من اللّه عز و جل من مبدأ خلقه إلى يوم بعثه حملة ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد والحكم الحكمة التي هي الكمال في العلم والعمل بحيث يتمكن به من خلافة الحق ورياسة الخلق وألحقنى بالصالحين ووفقني من العلوم والأعمال والملكات لما يرشحن للإنتظام في زمرة الكاملين الراسخين في الصلاح المنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها أو اجمع بيني وبينهم في الجنة ولقد أجابه تعالى حيث قال وإنه في الآخرة لمن الصالحين ٨٤ وأجعل لي لسان صدق في الآخرين أي جاها وحسن صيت في الدنيا بحيث يبقى أثره إلى يوم الدين ولذلك لا ترى أمة من الأمم إلا وهي محبة له ومثنية عليه أو صادقا من ذريتي يحدد أصل ديني ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه من التوحيد وهو النبي صلى اللّه عليه و سلم ولذلك قال صلى اللّه عليه و سلم أنا دعوة أبي إبراهيم ٨٥ واجعلني في الآخرة من ورثة جنة النعيم وقد مر معنى الوراثة في سورة مريم ٨٦ واغفر لأبي بالهداية والتوفيق للإيمان كما يلوح به تعليله بقوله إنه كان من الضالين أي طريق الحق وقد مر تحقيق المقام في تفسير سورة التوبة وسورة مريم بما لا مزيد عليه ٨٧ ولا تخزني بمعاتبتي على ما فرطت أو ينقص رتبتي عن بعض الوراث أو بتعذيبي لخفاء العاقبة وجواز التعذيب عقلا كل ذلك مبني على هضم النفس منه عليه الصلاة و السلام أو بتعذيب ولدي أو يبعثه في عداد الضالين بعدم توفيقه للإيمان وهو من الخزي بمعنى الهران أو من الخزاية بمعنى الحياء يوم يبعثون أي الناس كافة والإضمار قبل الذكر لما في عموم البعث من الشهرة الفاشية المغنية عنه وتخصيصه بالضالين مما يخل بتهويل اليوم يوم لا ينفع مال ولا بنون بدل من ٨٨ يوم يبعثون جيء به تأكيدا للتهويل وتمهيدا لما يعقبه من الإستثناء وهو من أعم المفاعيل أي لا ينفع مال وإن كان مصروفا في الدنيا إلى وجوه البر والخيرات ولا بنون وإن كانوا صلحاء مستأهلين للشفاعة أحدا ٨٩ إلا من أتى بقلب سليم أي عن مرض الكفر والنفاق ضرورة اشتراط نفع كل منهما بالإيمان وفيه تأييد لكون استغفاره عليه الصلاة و السلام لأبيه طلبا لهدايته إلى الإيمان لإستحالة طلب مغفرته بعد موته كافرا مع علمه عليه الصلاة و السلام بعدم نفعه لأنه من باب الشفاعة وقيل هو استثناء من فاعل ينفع بتقدير المضاف أي إلا مال من أو بنو من أتى اللّه الآية وقيل المضاف المحذوف ليس من جنس المستثنى منه حقيقة بل بضرب من الإعتبار كما في قوله تحية بينهم ضرب وجيع أي إلا حال من أتى اللّه بقلب سليم على أنها عبارة عن سلامة القلب كأنه قيل إلا سلامة قلب من أتى اللّه الآية وقيل المضاف المحذوف ما دل عليه المال والبنون من الغنى وهو المستثنى منه كأنه قيل يوم لا ينفع غنى إلا غنى من أتى اللّه الآية لأن غنى المرء في دينه بسلامة قلبه وقيل الإستثناء منقطع والمعنى لكن سلامة قلبه تنفعه ٩٠ وأزلفت الجنة للمتقين عطف على لا ينفع وصيغة الماضي فيه وفيما بعده من الجمل المنتظمة معه في سلك العطف للدلالة على تحقق الوقوع وتقرره كما أن صيغة المضارع في المعطوف عليه للدلالة على استمرار انتفاء النفع ودوأمه حسبما يقتضيه مقام التهويل والتفظيع أي قربت الجنة للمتقين عن الكفر والمعاصي بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيبتهجون بأنهم المحشورون إليها ٩١ وبرزت الجحيم للغاوين الضالين عن طريق الحق الذي هو الإيمان والتقوى أي جعلت بارزة لهم بحيث يرونها مع ما فيها من أنواع الأحوال الهائلة ويوقنون بأنهم مواقعوها ولا يجدون عنها مصرفا ٩٢ قيل لهم أينما كنت في الدنيا ما تعبدون ٩٣ من دون اللّه أي أين آلهتكم الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شفعاؤكم في هذا الموقف هل ينصرونكم بدفع العذاب عنكم أو ينتصرون بدفعه عن أنفسهم وهذا سؤال تقريع وتبكيت لا يتوقع له جواب ولذلك قيل ٩٤ فكبكوا فيها أي ألقوا في الجحيم على وجوههم مرة بعد أرى إلى أن يستقروا في قعرها هم أي آلهتهم والغاوون الذين كانوا يعبدونهم وفي تأخير ذكرهم عن ذكر آلهتم رمز إلى أنهم يؤخرون عنها في الكبكبة ليشاهدوا سوء حالها فيزدادوا غما إلى غمهم ٩٥ وجنود إبليس أي شياطنية الذين كانوا يغرونهم ويوسوسون إليهم ويسولون لهم ما هم عليه من عبادة الأصنام وسائر فنون الكفر والمعاصي ليجتمعوا في العذاب حسبما كانوا مجتمعين فيما يوجبه وقيل متبعوه من عصاة الثقلين والأول هو الوجه أجمعين تأكيد للضمير وما عطف عليه وقوله تعالى قالوا الخ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية حالهم كأنه قيل ماذا ٩٦ قالوا حين فعل بهم ما فعل فقيل قال العبدة وهم فيها يختصمون أي قالوا معترفين بخطئهم في أنهما كهم في الضلالة متحسرين معيرين لأنفسهم والحال أنهم في الجحيم بصدد الإختصام مع من معهم من المذكورين مخاطبين لمعبوديهم على أن اللّه تعالى يجعل الأصنام صالحة للإختصام بأن يعطيها القدرة على الفهم والنطق ٩٧ تاللّه إن كنا لفي ضلال مبين إن مخففة من الثقيلة قد حذف اسمها الذي هو ضمير الشأن واللام فارقة بينها وبن النافية أي أن الشأن كنا في ضلال واضح لإخفاء فيه ووصفهم له بالوضوح للإشباع في إظهار ندمهم وتحسرهم وبيان عظم خطئهم في رأيهم مع وضوح الحق كما ينبيء عنه تصدير قسمهم بحرف التاء المشعرة بالتعجب وقوله تعالى ٩٨ إذ نسويكم برب العالمين ظرف لكونهم في ضلال مبين وقيل لما دل عليه الكلام أي ضللنا وقيل للضلال المذكور وإن كان فيه ضعف صناعي من حيث إن المصدر الموصوف لا يعمل بعد الوصف وقيل ظرف لمبين وصيغة المضارع لإستحضار الصورة الماضية أي تاللّه لقد كنا في غاية الضلال الفاحش وقت تسويتنا إياكم أيها الأصنام في استحقاق العبادة برب العالمين الذي أنتم أدنى مخلوقاته وأدلهم وأعجزهم وقولهم ٩٩ وما أضلنا إلا المجرمون بيان لسبب ضلالهم بعد اعترافهم بصدوره عنهم لكن لا على معنى قصر الإضلال على المجرمين دون عداهم بل على معنى قصر ضلالهم على كونه بسبب إضلالهم من غير أن يستقلوا في تحققه أو يكون بسبب إضلال الغير كأنه قيل وما صدر عنا ذلك الضلال الفاحش إلا بسبب إضلالهم والمراد بالمجرمين الذين أضلوهم روساؤهم وكبراؤهم كما في قوله تعالى ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا وعن السدى رحمة اللّه الأولون الذين اقتدوا بهم وأياما كان ففيه أوفر نصيب من التعريض الذين قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون وعن ابن جريج إبليس وابن آدم القاتل لأنه أول من سن القتل وأنواع المعاصي فما لنا من شافعين كما للمؤمنين من الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا صديق حميم كما نرى لهم أصدقاء أو ١٠٠ انظر تفسير الآية: ١٠١
١٠١ فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم من الذين كنا نعدهم شفعاء وأصدقاء على أن عدمهما كناية عن عداوتهما كما أن عدم المحبة في مثل قوله تعالى واللّه لا يحب الفساد كناية عن البغض حسبما ينبىء عنه قوله تعالى الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين أو وقعنا في مهلكة لا يخلصنا منها شافع ولا صديق على أن المراد بعدمهما عدم أثرهما وجمع الشافع لكثرة الشفعاء عادة كما أن إفراد الصديق لقلته أو لصحة إطلاقه على الجمع كالعدو تشبيها لهما بالمصادر كالحنين والقبول وكلمة لو في قوله تعالى ١٠٢ فلو أن لنا كرة للتمنى كليت لما أن بين معنييهما تلاقيا في معنى الفرض والتقدير كأنه قيل فليت لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا وقيل هي على أصلها من الشرط وجوابه محذوف كأنه قيل فلو أن لنا كرة لفعلنا من الخيرات كيت وكيت ويأباه قوله تعالى فنكون من المؤمنين لتحتم كونه جوابا للتمني مفيدا لترتيب إيمانهم على وقوع الكرة البتة بلا تخلف كما هو مقتضى حالهم وعطفه على كرة طريقة للبس عباءة وتقرعيني كما يستدعيه كون لو على أصلها إنما يفيد تحقق مضمون الجواب على تقدير تحقق كرتهموإيمانهم معا من غير دلالة على استلزام الكرة للإيمان أصلا مع أنه المقصود حتما ١٠٣ إن في ذلك أي فيما ذكر من نبأ إبراهيم عليه السلام المشتمل على بيان بطلان ما كان عليه أهل مكة من عبادة الأصنام وتفصيل ما يؤول إليه أمر عبدتها يوم القيامة من إعترافهم بخطئهم الفاحش وندمهم وتحسرهم على ما فاتهم من الإيمان وتمنيهم الرجعة إلى الدنيا ليكونوا من المؤمنين عند مشاهدتهم لما أزلفت لهم جنات النعيم وبرزت لأنفسهم الجحيم وغشيهم ما غشيهم من ألوان العذاب وأنواع العقاب لآية أي آية عظيمة لا يقادر قدرها موجبة على عبدة الأصنام كافة لا سيما على أهل مكة الذين يدعون أنهم على ملة إبراهيم عليه الصلاة و السلام أن يجتنبوا كل الإجتناب ما كانوا عليه من عبادتها خوفا أن يحيق بهم مثل ما حاق بأولئك من العذاب بحكم الإشتراك فيما يوجبه أو أن في ذكر نبئه وتلاوته عليهم على ما هو عليه من غير أن تسمعه من أحد لآية عظيمة دالة على أن ما تتلوه عليهم وحي صادق نازل من جهة اللّه تعالى موجبة للإيمان به قطعا وما كان أكثرهم مؤمنين أي أكثر هؤلاء الذين تتلو عليهم النبأ مؤمنين بل هم مصرون على ما كانوا عليه من الكفر والضلال وأما أن ضمير أكثرهم لقوم إبراهيم عليه السلام كما توهموا فمما لا سبيل إليه أصلا لظهور أنهم ما ازدادوا مما سمعوا منه عليه الصلاة و السلام إلا طغيانا وكفرا حتى اجترؤا على تلك العظيمة التي فعلوها به عليه الصلاة و السلام فكيف يعبر عنهم بعدم إيمان أكثرهم وإنما آمن له لوط فنجاهما اللّه عز و جل إلى الشأم وقد مر بقية الكلام في آخر قصة موسى عليه السلام ١٠٤ وإن ربك لهو العزيز الرحيم أي هو القادر على تعجيل العقوبة لقومك ولكنه يمهلهم بحكم الواسعة ليؤمن بعض منهم أو من ذرياتهم ١٠٥ كذبت قوم نوح المرسلين القوم مؤنث ولذلك يصغر على قويمة وقيل القوم بمعنى الأمة وتكذيبهم للمرسلين إما بإعتبار إجماع الكل على التوحيد وأصول الشرائع التي لا تختلف بإختلاف الأزمنة والأعصار وأما لأن المراد بالجمع الواحد كما يقال فلان يركب الدواب ويلبس البرود وماله إلا دابة وبردة وإذفى قوله تعالى ١٠٦ إذ قال لهم ظرف للتكذيب على أنه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ما وقع من الجانبين إلى تمام الأمر كما أن تكذيبهم عبارة عما صدر عنهم من إبتداء دعوته عليه الصلاة و السلام إلى إنتهائها أخوهم أي نسيبهم نوح ألا تتقون اللّه حين تعبدون غيره ١٠٧ إني لكم رسول من جهته تعالى أمين مشهور بالأمانة فيما بينكم ١٠٨ فإتقوا اللّه وأطيعون فيما أمركم به من التوحيد والطاعة للّه تعالى ١٠٩ وما أسألكم عليه أي على ما أنا متصد له من الدعاء والنصح من أجر أصلا إن أجري فيما اتولاه إلا على رب العالمين والفاء في قوله تعالى ١١٠ فإتقوا اللّه وأطيعون لترتيب ما بعدها على ما قبلها من تنزهه عليه الصلاة و السلام عن الطمع كما أن نظيرتها السابقة لترتيب ما بعدها على أمانته والتكرير للتأكيد والتنبيه على أن كلا منهما مستقل في ايجاب التقوى والطاعة فكيف إذا اجتمعا وقرىء إن اجري بسكون الياء ١١١ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون أي الأقلون جاها ومالا جمع الأرذل على الصحة فإنه بالغلبة صار جاريا مجرى الإسم كالأكبر والأكابر وقيل جمع ارذل جمع رذل كأكالب وأكلب وكلب وقرىء وأتباعك وهو جمع تابع كشاهد وأشهاد أو جمع تبع كبطل وأبطال يعنون أنه لا عبرة بإتباعهم لك إذ ليس لهم رزانة عقل ولا إصابة رأي وقد كان ذلك منهم في بادىء الرأي كما ذكر في موضع آخر وهذا من كمال سخافة عقولهم وقصرهم انظارهم على حطام الدنيا وكون الأشراف عندهم من هو أكثر منها حظا والأرذل من حرمها وجهلهم بأنها لا تزن عند اللّه جناح بعوضه وأن النعيم هو نعيم الآخرة والأشرف من فاز به والأرذل من حرمه ١١٢ قال وما علمي بما كانوا يعملون جواب عما أشير إليه من قولهم إنهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة أي وما وظيفتي إلا إعتبار الظواهر وبناء الأحكام عليها دون التفتيش عن بواطنهم والشق عن قلوبهم ١١٣ إن حسابهم أي ما محاسبة أعمالهم والتنقير عن كفايتها البارزة والكامنة إلا على ربي فإنه المضطلع السرائر والضمائر لو تشعرون أي بشيء من الأشياء أو لو كنتم من أل الشعور لعلمتم ذلك ولكنكم لستم كذلك فتقولون ما تقولون ١١٤ ما أ ا بطارد المؤمنين جواب عما أوهمه كلامهم من إستدعاء طردهم وتعليق إيمانهم بذلك حيث جعلوا إتباعهم مانعا عنه وقوله ١١٥ إن أنا إلا نذير مبين كالعلة أي ما أنا إلا رسول مبعوث لإنذار المكلفين وزجرهم عن الكفر والمعاصي سواء كانوا من الأعزاء أو الأذلاء فكيف يتسنى طرد الفقراء لإستتباع الأغنياء أو ما على إلا إنذاركم بالبرهان الواضح وقد فعلته وما علي استرضاء بعضكم بطرد الآخرين ١١٦ قالوا لئن لم تنته يا نوح عما تقول لتكونن من المرجومين من المشتومين أو المرميين بالحجارة قالوه قاتلهم اللّه تعالى في أواخر الأمر ومعنى قوله تعالى ١١٧ قال ربي إن قومي كذبون تموا على تكذيبي وأصروا على ذلك بعد ما دعوتهم هذه الأزمنة المتطاولة ولم يزدهم دعائي إلا فرارا كما يعرب عنه دعاؤه بقوله ١١٨ فافتح بيني وبينهم فتحا أي أحكم بيننا بما يستحقه كل واحد منا وهذه حكاية إجمالية لدعائه المفصل في سورة نوح عليه ونجني ومن معي من المؤمنين أي من قصدهم أو من شؤم أعمالهم ١١٩ فانجيناه ومن معه حسب دعائه في الفلك الفلك المشحون أي المملوء بهم وبما لابد لهم ١٢٠ ثم أغرقنا بعد أي بعد إنجائهم الباقين أي من قومه ١٢١ إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ١٢٢ وإن ربك لهو العزيز الرحيم الكلام فيه كالذي مر خلا أن حمل أكثرهم على أكثر قوم نوح أبعد من السداد وأبعد ١٢٣ كذبت عاد المرسلين أنت عاد بإعتبار القبيلة وهو إسم أبيهم الأقصى ١٢٤ إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون الكلام في أن المراد بتكذيبهم وبما وقع فيه من الزمان ماذا كما مر في صدر قصة نوح عليه السلام أي ألا تتقون اللّه تعالى فتفعلون ما تفعلون ١٢٥ انظر تفسير الآية: ١٢٧ ١٢٦ انظر تفسير الآية: ١٢٧ ١٢٧ إني لكم رسول أمين * فأتقوا اللّه وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين الكلام فيه كالذي مر وتصدير القصص به للتنبيه على أن مبنى البعثة هو الدعاء إلى معرفة الحق والطاعة فيما يقرب المدعو إلى الثواب ويبعده من العقاب وأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مجمعون على ذلك وإن اختلفوا في بعض فروع الشرائع المختلفة بإختلاف الأزمنة والأعصار وأنهم متنزهون عن المطامع الدنية والأغراض الدنيوية بالكلية ١٢٨ أتبنون بكل ريع أي مكان مرتفع ومنه ريع الأرض لإرتفاعها آية علما للمارة تعبثون أي ببنائها إذ كانوا يهتدون بالنجوم في أسفارهم فلا يحتاجون إليها أو بروج الحمام أو بنيانا يجتمعون إليه ليعبثوا لمن مر عليهم أو قصورا عالية يفتخرون بها ١٢٩ وتتخذون مصانع أي مآخذ الماء وقيل قصورا مشيدة وحصونا لعلكم تخلدون أي راجين أن تخلدوا في الدنيا أي عاملين عمل من يرجو من ذلك فلذلك تحكمون بنيانها ١٣٠ وإذا بطشتم بصوت أو سيف بطشتم جبارين متصلطين غاشمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر في العافية ١٣١ فأتقوا اللّه وأتركوا هذه الأفعال وأطيعون فيما أدعوكم إليه فإنه أنفع لكم ١٣٢ وأتقوا الذي أمدكم بما تعلمون من أنواع النعماء وأصناف الآلاء أجملها أولا ثم فصلها بقوله ١٣٣ أمدكم بأنعام وبنين بإعادة الفعل لزيادة التقرير فإن التفصيل بعد الإجمال والتفسير أثر الإبهام أدخل في ذلك ١٣٤ انظر تفسير الآية:١٣٥ ١٣٥ وجنات وعيون إني أخاف عليكم إن لم تقوموا بشكر هذه النعم عذاب يوم عظيم في الدنيا والآخرة فإن كفران النعمة مستتبع للعذاب كما أن شكرها مستلزم لزيادتها قال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي شديد ١٣٦ قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين فإنا لن نرعوى عما نحن عليه وتغير الشق الثاني عن مقابلة للمبالغة في بيان قلة اعتدادها بوعضه كأنهم قالوا ألم تكن من أهل الوعظ ومباشريه أصلا ١٣٧ إن هذا ما هذا الذي جئتنا به إلا خلق الأولين أي عادتهم كانوا يلفقون مثله ويسطرونه أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم ونحن بهم مقتدون أو ما هذا الذي نحن عليه من الموت والحياة إلا عادة قديمة لم يزل الناس عليها وقرىء خلق الأولين بفتح الخاء أي إختلاق الأولين كما قالوا أساطير الأولين أو ما خلقنا هذا إلا خلقهم نحيا كما حيوا ونموت كما ماتوا ولا بعث ولا حساب ١٣٨ وما نحن بمعذبين على ما نحن عليه من الأعمال ١٣٩ فكذبوه أي أصروا على ذلك فأهلكناهم بسببه بريح صرصر إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ١٤٠ ÇäÙÑ ÊÝÓíÑ ÇáÂíÉ:١٤٢ ١٤١ ÇäÙÑ ÊÝÓíÑ ÇáÂíÉ:١٤٢ ١٤٢ وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون اللّه تعالى ١٤٣ انظر تفسير الآية:١٤٦ ١٤٤ انظر تفسير الآية:١٤٦ ١٤٥ انظر تفسير الآية:١٤٦ ١٤٦ إني لكم رسول أمين * فاتقوا اللّه وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتتركون فيما ههنا آمنين إنكار ونفي لأن يتركوا فيما هيم فيه من النعمة أو تذكير للنعمة في تخلينه تعالى إياهم وأسباب تنعمهم آمنين وقوله تعالى ١٤٧ انظر تفسير الآية:١٤٨ ١٤٨ في جنات وعيون وزوع ونخل طلعها هضيم تفسير لما قبله من المبهم والهضيم اللطيف اللين للطف الثمر أو لأن النخل أنثى وطلع الإناث ألطف وهو ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو أو متدل متكسر من كثرة الحمل وإفراد النخل لفضله على سائر أشجار الجنات أو لأن المراد بها غيرها من الأشجار ١٤٩ وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين بطرين أو حازقين من الفراهة وهي النشاط فإن الحاذق يعمل بنشاط وطلب قلب وقرئ فرهين وهو أبلغ ١٥٠ انظر تفسير الآية:١٥١ ١٥١ فاتقوا اللّه وأطعيون ولا تطيعوا أمر المسرفين استعير الطاعة التي هي انقياد الأمر لامتثال الأمر وارتسامه أو نسب حكم الأمر إلى أمره مجازا ١٥٢ الذين يفسدون في الأرض وصف موضح لإسرافهم ولذلك عطف ولا يصلحون على يفسدون لبيان خلوص إفسادهم عن مخالطة ١٥٣ قالوا إنما أنت من المسحرين أى الذين سحروا حتى غلب على عقولهم أو من ذوى السحر أى من الإنس فيكون قوله تعالى ١٥٤ ما أنت إلا بشر مثلنا تأكيدا له فأت بآية إن كنت من الصادقين أى في دعواك ١٥٥ قال هذه ناقة أى بعد ما أخرجها اللّه تعالى من الصخرة بدعائه عليه الصلاة و السلام حسبما مر تفصيله في سورة الأعراف وسورة هود لها شرب أى نصيب من الماء كالسقي والقيت للحظ من السقي والقوت وقرئ بالضم ولكم شرب يوم معلوم فاقتنعوا بشربكم ولا تزاحموا على شربها ١٥٦ ولا تمسوها بسوء كضرب وعقر فيأخذكم عذاب يوم عظيم وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو أبلغ من تعظيم العذاب ١٥٧ فعقروها أسند العقر إلى كلهم لما أن عاقرها عقرها برأيهم ولذلك عمهم العذاب فأصبحوا نادمين خوفا من حلول العذاب لا توبة أو عند معاينتهم لمباديه ولذلك لم ينفعهم الندم وإن كان بطريق التوبة ١٥٨ فأخذهم العذاب أى العذاب الموعود إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ١٥٩ وإن ربك لهو العزيز الرحيم قيل في نفي الإيمان عن أكثرهم فلي هذا المعرض إيماء إلى أنه لو آمن أكثرهم أو شطرهم لما أخذوا بالعذاب وإن قريشا إنما عصموا من مثله ببركة من آمن منهم وأنت خبير بان قريشا هم المشهورون بعدم إيمان أكثرهم ١٦٠ انظر تفسير الآية: ١٦٣ ١٦١ انظر تفسير الآية: ١٦٣ ١٦٢ انظر تفسير الآية:١٦٣ ١٦٣ كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا اللّه وأطيعون ١٦٤ انظر تفسير الآية:١٦٥ ١٦٥ ما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتأتون الذكران من العالمين أى أتأتون من بين من عداكم من العالمين الذكران لا يشارككم فيه غيركم أو أتأتون الذكران من أولاد آدم مع كثرتهم وغلبة النساء فيهم مع كونهم أليق بالاستمتاع فالمراد بالعالمين على الأول ما ينكح من الحيوان وعلى الثاني الناس ١٦٦ وتذرون ما خلق لكم ربكم لأجل استمتاعكم وكلمة من في قوله تعالى من أزواجكم للبيان إن أريد يما جنس الإناث وهو الظاهر وللتبعيض إن أريد بها العضو المباح منهن تعريضا بأنهم كانوا يفعلون ذلك بنسائهم أيضا بل أنتم قوم عادون متعدون متجاوزون الحد في جميع المعاصى وهذا من جملتها وقيل متجاوزون عن حد الشهوة حيث زادوا على سائر الناس بل الحيوانات ١٦٧ قالوا لئن لم تنته يا لوط أى عن تقبيح أمرنا ونهينا عنه أو عن دعوى النبوة التي من جملة أحكامها التعرض لنا لتكونن من المخرجين أى من المنفيين من قريتنا وكأنهم كانوا يخرجون من أخرجوه من بيتهم على عنف وسوء حال ١٦٨ قال إني لعملكم من القالين أى من المبغضين غاية البغض كأنه يقلى الفؤاد والكبد لشدته وهو أبلغ من أن يقال إني لعملكم قال لدلالته على أنه عليه الصلاة و السلام من زمرة الراسخين في بعضه المشهورين في قلاه ولعله عليه الصلاة و السلام أراد إظهار الكراهة في مساكنتهم والرغبة في الخلاص من سوء جوارهم ولذلك أعرض عن محاورتهم وتوجه إلى اللّه تعالى قائلا ١٦٩ رب نجني وأهلي مما يعملون أى من شؤم عملهم وعائلته ١٧٠ فنجيناه وأهله أجمعين أى أهل بيته ومن اتبعه في الدين بإخراجهم من بينهم عند مشارفة حلول العذاب بهم ١٧١ إلا عجوزا هي امرأة لوط استثنيت من أهله فلا يضره كونها كافرة لأن لها شركة في الأهلية بحق الزواج في الغابرين أى مقدرا كونها من الباقين في العذاب لأنها كانت مائلة إلى القوم راضية بفعلهم وقد أصابها الحجر في الطريق فأهلكها كما مر في سورة الحجر وسورة هود وقيل كانت فيمن بقى في القرية ولم تخرج مع لوط عليه السلام ١٧٢ ثم دمرنا الآخرين أهلكناهم أشد إهلاك وأفظعه ١٧٣ وأمطرنا عليهم مطرا أى مطرا غير معهود قيل أمطر اللّه تعالى على شذاذ القوم حجارة فأهلكتهم فساء مطر المنذرين اللام فيه للجنس وبه يتسنى وقوع المضاف إليه فاعل ساء والمخصوص بالذم محذوف وهو مطرهم ١٧٤ انظر تفسير الآية:١٧٥ ١٧٥
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ١٧٦ كذب أصحاب الايكة المرسلين الأيكة الغيضة التي تنبت ناعم الشجر وهي غيضة بقرب مدين يسكنها طائفة وكانوا ممن بعث إليهم شعيب عليه السالم وكان أجنبيا منهم ولذلك قيل ١٧٧ إذ قال لهم شعيب ألا تتقون ولم يقل أخوهم وقيل الأيكة الشجر الملتف وكان شجرهم الدوم وهو المقل وقرئ بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وقرئت كذلك مفتوحة على أنها ليكة وهي اسم بلدهم وإنما كتبت ههنا وفي ص بغير ألف اتباعا للفظ اللافظ ١٧٨ انظر تفسير الآية:١٨٠ ١٧٩ انظر تفسير الآية:١٨٠ ١٨٠ إني لكم رسول أمين * فاتقوا اللّه وأطعيون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ١٨١ وأوفوا الكيل أى أتموه ولا تكونوا من المخسرين أى حقوق الناس بالتطفيف ١٨٢ وزنوا أى الموزونات بالقسطاس المستقيم بالميزان السوى وهو إن كان عربيا فإن كان من القسط ففعلا س بتكرير العين وإلا ففعلا ل وقرئ بضم القاف ١٨٣ ولا تبخسوا الناس أشياؤهم أى لا تنقصوا شيئا من حقوقهم أى حق كان وهذا تعميم بعد تخصيص بعض المواد بالذكر لغاية أنهما كهم فيها ولا تعثوا في الأرض مفسدين بالقتل والغارة وقطع الطريق ١٨٤ واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين أى ذوى الجبلة الأولين وهم من تقدمهم من الخلائق وقرئ بضم الجيم والباء وبكسر الجيم وسكون الباء كالخلقة ١٨٥ انظر تفسير الآية:١٨٦ ١٨٦ قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا إدخال الواو بين الجملتين للدلالة على أن كلا من التسحير والبشرية مناف للرسالة مبالغة في التكذيب وإن نظنك لمن الكاذبين أى فيما تدعيه من النبوة ١٨٧ فأسقط علينا كسفا من السماء أى قطعا وقرئ بسكون السين وهو أيضا جمع كسفة وقيل الكسف والكسفة كالريع والريعة وهي القطعة والمراد بالسماء إما السحاب أو المظلة ولعله جواب لام أشعر به الأمر بالتقوى من التهديد إن كنت من الصادقين في دعواك ولم يكن طلبهم ذلك إلا لتصميمهم على الجحود والتكذيب وإلا لما أخطروه ببالهم فضلا أن يطلبوه ١٨٨ قال ربي أعلم بما تعملون من الكفر والمعاصي وبما تستحقون بسببه من العذاب فسينزله عليكم في وقته المقدر له لا محالة فكذبوه أى فتموا على تكذيبه وأصروا عليه ١٨٩ فأخذهم عذاب يوم الظلة حسبما اقترحوا أما إن أرادوا بالسماء السحاب فظاهر وأما إن أرادوا المظلة فلأن نزول العذاب من جهتها وفي إضافة العذاب إلى يوم الظلة دون نفسها إيذان بأن لهم يومئذ عذابا آخر غير عذاب الظلة وذلك بأن سلط اللّه عليهم الحر سبعة أيام ولياليها فأخذ بأنفاسهم لا ينفعه ظل ولا ماء ولا سرب فاضطروا إلى أن خرجوا إلى البرية فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردا ونسيما فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا جميعا روى أن شعيبا عليه السلام بعث إلى أمتين أصحاب مدين وأصحاب الأيكة فأهلكت مدين بالصيحة والرجفة وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم أى في الشدة والهول وفظاعة ما وقع فيه من الطامة والداهية التامة ١٩٠ انظر تفسير الآية:١٩١ ١٩١ إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم هذا آخر القصص السبع التي أوحيت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لصرفه صلى اللّه عليه و سلم عن الحرص على إسلام قومه وقطع رجائه عنه ودفع تحسره على فواته تحقيقا لمضمون ما مر في مطلع السورة الكريمة من قوله تعالى وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا بالحق الآية فإن كل واحدة من هذه القصص ذكر مستقل متجدد النزول قد أتاهم من جهته تعالى بموجب رحمته الواسعة وما كان أكثرهم مؤمنين بعد ما سمعوها على التفصيل قصة بعد قصة لا بأن يتدبروا فيها ويعتبروا بما في كل واحدة منها من الدواعي إلى الإيمان والزواجر عن الكفر والطغيان ولا بأن يتأملوا في شأن الآيات الكريمة الناطقة بتلك القصص على ما هي عليه مع علمهم بأنه صلى اللّه عليه و سلم لم يسمع شيئا منها من أحد أصلا واستمروا على ما كانوا عليه من الكفر والضلال كأن لم يسمعوا شيئا يزجرهم عن ذلك قطعا كما حقق في خاتمة قصة موسى عليه السلام ١٩٢ وإنه أى ما ذكر من الآيات الكريمة الناطقة بالقصص المحكية أو القرآن الذي هي من جملته لتنزيل رب العالمين أى منزل من جهته تعالى سمى به مبالغة ووصفه تعالى بربوبية العالمين للإيذان بأن تنزيله من أحكام تربيته تعالى ورأفته للكل كقوله تعالى ومن أرسلناك إلا رحمة العالمين ١٩٣ نزل به أى أنزله الروح الأمين أى جبريل عليه السلام فإنه امين وحيه تعالى وموصله إلى أنبيائه عليهم الصلاة والسلام وقرئ بتشديد الزاي ونصب الروح والأمين أى جعل اللّه تعالى الروح الأمين نازلا به ١٩٤ على قلبك أى روحك وإن أريد به العضو فتخصيصه به لأن المعاني الروحانية تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ثم تتصعد إلى الدماغ فينتصف بها لوح المتخيلة لتكون من المنذرين متعلق بنزل به أى أنزله لتنذرهم بما في تضاعيفه من العقوبات الهائلة وإيثار ما عليه النظم الكريم للدلالة على انتظامه صلى اللّه عليه و سلم في سلك أولئك المنذرين المشهورين في حقية الرسالة وتقرر وقوع العذاب المنذر ١٩٥ بلسان عربي مبين واضح المعنى ظاهر المدلول لئلا يبقى لهم عذر ما وهو أيضا متعلق بنزل به وتأخيره للإعتناء بأمر الإنذار وللإيماء إلى أن مدار كونه من جملة المنذرين المذكورين عليهم السلام مجرد انزاله عليه لا انزاله باللسان العربى وجعله متعلقا بالمنذرين كما جوزه الجمهور يؤدى إلى أن غاية الإنزال كونه صلى اللّه عليه و سلم من جملة المنذرين باللغة العربية فقط من هود وصالح وشعيب عليه السلام ولا يخفى فساده كيف لا والطامة الكبرى في باب الإنذار ما أنذره نوح وموسى عليهما السلام وأشد الزواجر تأثيرا في قلوب المشركين ما أنذره إبراهيم عليه السلام لانتمائهم وإدعائهم أنهم على ملته عليه الصلاة و السلام ١٩٦ وإنه لفي زبر الأولين أى وإن ذكره أو معناه لفي الكتب المتقدمة فإن أحكامه التي لا تحتمل النسخ والتبديل بحسب تبدل الأعصار من التوحيد وسائر ما يتعلق بالذات والصفات مسطورة فيها وكذا ما في تضاعيفه من المواعظ والقصص وقيل الضمير لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وليس بواضح ١٩٧ أو لم يكن لهم آية الهمزة للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه الماقم كأنه قيل أغفلوا عن ذلك ولم يكن لهم آية دالة على أنه تنزيل من رب العالمين وأنه في زبر الأولين على أنه لهم متعلق بالكون قدم على اسمه وخبره للاهتمام به أو بمحذوف هو حال من آية قدمت عليها لكونها نكرة وآية خبر للكون قدم على اسمه الذي هو قوله تعالى أن يعلمه علماء بنى إسرائيل لما مر مرارا من الاعتياء والتشويق إلى المؤخر أى أن يعرفوه بنعوته المذكوره في كتبهم ويعرفوا من أنزل عليه وقرئ تكن بالتأنيث وجعلت آية اسما وأن يعلمه خبرا وفيه ضعف حيث وقع النكرة اسما والمعرفة خبرا وقد قيل في تكن ضمير القصة وآية أن يعلمه جملة واقعة موقع الخبر ويجوز أن يكون لهم آية هي جملة الشأن وأن يعلمه بدلا من آية ويجوز مع نصب آية تأنيث تكن كما في قوله تعالى ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا وقرئ تعلمه بالتاء ولو نزلناه كما هو بنظمه الرائق المعجز على بعض الأعجمين الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية وهو جمع أعجمي على التخفيف ولذلك جمع جمع السلامة وقرئ الأعجميين وفي لفظ البعض إشارة إلى كون ذلك واحدا من عرض تلك الطائفة كائنا من كان فقرأه عليهم قراءه صحيحة خارقة للعادات ما كانوا به مؤمنين مع انضمام إعجاز القراءة إلى إعجاز المقروء لفرط عنادهم وشدة شكيمتهم في المكابرة وقيل المعنى ١٩٨ ولو نزلناه على بعض الأعجمين بلغة العجم ١٩٩ فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين لعدم فهمهم واستنكافهم من اتباع العجم وليس بذاك فإنه بمعزل من المناسبة لمقام بيان تماديهم في المكابرة والعناد ٢٠٠ كذلك سلكناه أى مثل ذلك السلك البديع المذكور سلكناه أى أدخلنا القرآن في قلوب المجرمين ففهموا معانيه وعرفوا فصاحته وأنه خارج عن القوى البشرية من حيث النظم المعجز ومن حيث الإخبار عن الغيب وقد انضم إليه اتفاق علماء أهل الكتب المنزلة قبله على تضمها للبشارة إنزاله وبعثة من أنزل عليه بأوصافه فقوله تعالى ٢٠١ لا يؤمنون به جملة مستأنفة مسوقه لبيان أنهم لا يتأثرون بأمثال تلك الأمور الداعية إلى الإيمان به بل يستمرون على ما هم عليه حتى يروا العذاب الأليم الملجئ إلى الإيمان به حين لا ينفعهم الإيمان ٢٠٢ فيأتيهم بغتة أى فجأة في الدنيا والآخرة وهم لا يشعرون بإتيانه ٢٠٣ فيقولوا هل نحن منظرون تحسرا على ما فات من الإيمان وتمنيا للإمهال لتلافي ما فرطوه وقيل معنى كذلك سلكناه مثل تلك الحال وتلك الصفة من الكفر به والتكذيب له وضعناه في قلوبهم وقوله تعالى لا يؤمنون به في موقع الإيضاح والتلخيص له أو في موقع الحال أى سلكناه فيها غير مؤمن به والأول هو الأنسب بمقام بيان غاية عنادهم ومكابرتهم مع تعاضد أدلة الإيمان وتآخذ مبادئ الهداية والإرشاد وانقطاع أعذارهم بالكلية وقيل ضمير سلكناه للكفر المدلول عليه بما قبله من قوله تعالى ما كانوا به مؤمنين ونقل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما والحسن ومجاهد رحمهما اللّه تعالى أدخلنا الشرك والتكذيب في قلوب المجرمين ٢٠٤ أفبعذابنا يستعجلون بقولهم أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وقولهم فأتنا بما تعدنا ونحوهما وحالهم عند نزول العذاب كما وصف من طلب الإنذار فالفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أى أيكون حالهم كما ذكر من الاستنظار عند نزول العذاب الأليم فيستعجلون بعذابنا وبينهما من التنافي ما لا يخفى لى أحد وأيغفلون عن ذلك مع تحققه وتقرره فيستعجلون الخ وإنما قدم الجار والمجرور للإيذان بأن مصب الإنكار والتوبيخ كون المستعجل به عذابه تعالى مع ما فيه من رعاية الفواصل ٢٠٥ أفرأيت لما كانت الرؤية من أقوى أسباب الإخبار بالشيء وأشهرها شاع استعمال أرأيت في معنى أخبرني والخطاب لكل من يصلح له كائنا من كان والفاء لترتيب الإستخبار على قولهم هل نحن منظرون وما بينهما اعتراض للتوبيخ والتبكيت وهي متقدمة في المعنى على الهمزة وتأخيرها عنها صورة لاقتضاء الهمزة الصدارة كما هو رأى الجمهور أى فاخبرني إن متعناهم سنين متطاولة بطول الأعمار وطيب المعاش ٢٠٦ ثم جاءهم ما كانوا يوعدون من العذاب ٢٠٧ ما أغنى عنهم أى شيء أو أى أعناه أغنى عنهم ما كانوا يمتعون أى كونهم ممتعين ذلك التمتيع المديد على أن ما مصدرية أو ما كانوا يمتعون به من متاع الحياة الدنيا على أنها موصولة حذف عائدها وأيا ما كان فالاستفهام الإنكار والنفي وقيل ما نافيه أى لم يغن عنهم تمتعهم المتطاول في دفع العذاب وتخفيفه والأول هو الأولى لكونه أوفق لصورة الاستخبار وأدل على انتفاء الإغ باء على أبلغ وجه وآكده كأن كل من من شأنه الخطاب قد كلف أن يخبر بأن تمتيعهم ماذا أفادهم وأى شيء أغنى عنهم فلم يقدر أحد على أن يخبر بشيء من ذلك أصلا وقرئ يمتعون من الامتاع ٢٠٨ وما أهلكنا من قرية من القرى المهلكة إلا لها منذرون قد أنذروا أهلها إلزاما للحجة ذكرى أى تذكره ومحلها النصب على العلة أو المصدر لأنها في معنى الإنذار كأنه قيل مذكرون ٢٠٩ ذكرى أو على أنه مصدر مؤكد لفعل هو صفة لمنذرون أى إلا لها منذرون يذكرونهم ذكرى أو الرفع على أنها صفة منذرون بإضمار ذوو أو بجعلهم ذكرى لإمعانهم في التذكرة أو خبر مبتدأ محذوف والجملة اعتراضية وضمير لها للقرى المدلول عليها بمفردها الواقع في حيز النفي على أن معنى أن للكل منذرين أعم من أن يكون لكل قرية منها منذر واحد أو أكثر وما كنا ظالمين فنهلك غير الظالمين وقيل الإنذار والتعبير عن ذلك بنفي الظالمية مع أنه إهلاكهم قبل الإنذار ليس بظلم أصلا على ما تقرر من قاعدة أهل السنة لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى من الظلم وقد مر في سورة آل عمران عند قوله تعالى وأن اللّه ليس بظلام للعبيد ٢١٠ وما تنزلت به الشياطين رد لما زعمه الكفرة في حق القرآن الكريم من أنه من قبيل ما يلقيه الشيطان على الكهنة بعد تحقيق الحق بيان أنه نزل به الروح الأمين ٢١١ وما ينبغي لهم أى وما يصح وما يستقيم لهم ذلك وما يستطيعون ذلك أصلا ٢١٢ أنهم عن السمع لكلام الملائكة لمعزولون لانتفاء المشاركة بينهم وبين الملائكة في صفاء الذوات الاستعداد لقبول فيضان أنوار الحق والانتقاش بصور العلوم الربانية والمعارف النورانية كيف لا ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات غير مستعدة إلا لقبول ما لا خير فيه أصلا من فنون الشرور فمن أين لهم أن يحوموا حول القرآن الكريم المنطوي على الحقائق الرائقة الغيبية التي لا يمكن تلقيها إلا من الملائكة عليهم الصلاة والسلام ٢١٣ فلا تدع مع اللّه إلها آخر فتكون من المعذبين خوطب به النبي صلى اللّه عليه و سلم مع ظهور استحالة صدور المنهى عنه عنه صلى اللّه عليه و سلم تهييجا وحثا على ازدياد الإخلاص ولطفا لسائر المكلفين ببيان أن الإشراك من القبح والسوء بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره عنه فكيف بمن عداه ٢١٤ وأنذر العذاب الذي يستتبعه الشرك والمعاصي عشيرتك الأقربين الأقرب منهم فالأقرب فإن الاهتمام بشأنهم أهم روى أنه لما نزلت صعد الصفا وناداهم فحذا فخذا حتى اجتمعوا إليه فقال لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي قالوا نعم قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد وروى أنه قال يا بنى عبد المطلب يا بني هاشم يا بني عبد مناف افتدوا أنفسكم من النار فإني لا أغنى عنكم شيئا ثم قال يا عائشة بنت أبي بكر ويا حفصة بنت عمر ويا فاطمة بنت محمد ويا صفية عمة محمد اشترين أنفسكن من النار فإني لا أغني عنكن شيئا ٢١٥ واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين أى لين جانبك لهم مستعار من حال الطائر فإنه إذا أراد أن ينحط خفض جناحه ومن للتبيين لأن من اتبع أعم ممن اتبع لدين أو غيره أو للتبعيض على أن المراد بالمؤمنين المشارفون للإيمان أو المصدقون باللسان فحسب ٢١٦ فإن عصوك ولم يتبعوك فقل إني برئ مما تعلمون أى مما تعملون أو من أعمالكم ٢١٧ وتوكل على العزيز الرحيم الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم وقرئ فتوكل على أنه بدل من جواب الشرط ٢١٨ الذي يراك حين تقوم أى إلى التهجد ٢١٩ وتقلبك في الساجدين وترددك في تصفح أحوال المتهجدين كما روى أنه لما نسخ فرض قيام الليل طاف صلى اللّه عليه و سلم تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع منها من دندنتهم بذكر اللّه تعالى والتلاوة أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم وإنما وصف اللّه تعالى ذاته بعلمه بحاله صلى اللّه عليه و سلم التي بها يستأهل ولايته بعد أن عبر عنه بما ينبئ عن قهر أعدائه ونصر أوليائه من وصفي العزيز الرحيم تحقيقا للتوكل وتوطينا لقلبه عليه ٢٢٠ إنه هو السميع لما تقوله العليم بما تنويه وتعلمه ٢٢١ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين أى تتنزل بحذف إحدى التامين وهو استئناف مسوق لبيان استحالة تنزل الشياطين على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعد بيان امتناع تنزلهم بالقرآن ودخول حرف الجر على من الاستفهامية لما أنها ليست موضوعة للاستفهام بل الأصل أمن فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما حذف من هل والأصل أهل وقوله تعالى ٢٢٢ تنزل على كل أفاك أثيم قصر لتنزلهم على كل من اتصف بالإفك الكثير والإثم الكبير من الكهنة والمتنبئة وتخصيص له بهم بحيث لا يتخطاهم إلى غيرهم وحيث كانت ساحة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم منزهة عن أن يحوم حولها شائبة شيء من تلك الأوصاف اتضح استحالة تنزلهم عليه صلى اللّه عليه و سلم ٢٢٣ يلقون أى الأفاكون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم أوهاما وأمارات لنقصان علمهم فيضمون إليها بحسب تخيلاتهم الباطلة خرافات لا يطابق أكثرها الواقع وذلك قوله تعالى وأكثرهم كاذبون أى فيما قالوه من الأقاويل وقدور في الحديث الكلمه يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيزيد فيها أكثر من مائة كذبة أو يلقون السمع أى المسموع من الشياطين إلى الناس وأكثرهم كاذبون يفترون على الشياطين ما لم يوحوا إليهم والأظهر أن الاكثرية باعتبار أقوالهم على معنى أن هؤلاء قلما يصدقون فيما يحكون عن الجني وأما في أكثره فهم كاذبون ومآله وأكثر أقوالهم كاذبة لا باعتبار ذواتهم حتى يلزم من نسبة الكذب إلى أكثرهم كون أقلهم صادقين على الإطلاق وليس معنى الأفاك من لا ينطق إلا بالإفك حتى يمتنع منه الصدق بل من يكثر الإفك فلا ينافيه أن يصدق نادرا في بعض الأحايين وقيل الضمير للشياطين أى يلقون السمع أى المسموع من الملأ الاعلى قبل أن رجموا من بعض المغيبات إلى أوليائهم وأكثرهم كاذبون فيما يوحون به إليهم إذ لا يسمعونهم على نحو ما تكلمت به الملائكة لشرارتهم أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو إفهامهم ولا سبيل إلى حمل إلقاء السمع على تسمعهم وإنصاتهم إلى الملأ الأعلى قبل الرجم كما جوزه الجمهور لما أن يلقون كما صرحوا به إما حال من ضمير تنزل مفيدة لمقارنة التنزل للإلقاء أو استئناف مبين للغرض من التنزل مبنى على السؤال عنه ولا ريب في أن إلقاء السمع إلى الملأ الأعلى بمعزل من احتمال أن يقارن التنزل أو يكون غرضا منه لتقدمه عليه قطعا وإنما المحتمل لهما الإلقاء بالمعنى الأول فالمعنى على تقدير كونه حالا تنزل الشياطين على الأفاكين ملقين إليهم ما سمعوه من الملأ الأ على وعلى تقدير كونه فهو وصفة لكل أفاك لأنه في معنى الجمع سواء أريد بإلقاء السمع الإصغاء إلى الشياطين أو إلقاء المسموع إلى الناس ويجوز أن يكون استئناف إخبار بحالهم على كلا التقديرين لما أن كلا من تلقيهم من الشياطين وإلقائهم إلى الناس يكون بعد التنزيل وأن يكون استئنافا مبنيا على السؤال على التقدير الأول فقط كأنه قيل ما يفعلون عند تنزل الشياطين عليهم فقيل يلقون إليهم أسماعهم ليحفظوا ما يوحون به إليهم وقوله تعالى وأكثرهم كاذبون على التقدير الأول استئناف فقط وعلى الثاني يحتمل الحالية من ضمير يلقون أى ما سمعوه من الشياطين إلى الناس والحال أنهم في أكثر أقوالهم كاذبون فتدبر ٢٢٤ والشعراء يتبعهم الغاوون استئناف مسوق لإبطال ما قالوا في حق القرآن العظيم من أنه من قبيل الشعر وان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الشعراء ببيان حال الشعراء المنافية لحاله صلى اللّه عليه و سلم بعد ابطال ما قالوا أن من قبيل ما يلقي الشياطين على الكهنة من الأباطيل بما مر من بيان أحوالهم المضادة لأحواله صلى اللّه عليه و سلم والمعنى أن الشعراء يتبعهم أى يجاريهم ويسلك مسلكهم ويكون من جملتهم الغاوون الضالون عن السنن الحائرون فيما يأتون وما يذرون لا يستمرون على وتيرة واحدة الأفعال والأقوال والأحوال لا غيرهم من أهل الرشد المهتدين إلى طريق الحق الثابتين عليه وقوله تعالى ٢٢٥ ألم تر أنهم في كل واد يهمون استشهاد على ان الشعراء إنما يتبعهم الغاوون وتقرير له والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية للقصد إلى ان حالهم من الجلاء والظهور بحيث لا تختص برؤية راء دون راء أى ألم تر أن الشعراء في كل واد من أودية القيل والقال وفي كل شعب من شعاب الوهم والخيال وفي كل مسلك من مسالك الغي والضلال يهيمون على وجوههم لا يهتدون إلى سبيل معين من السبل بل يتحيرون في فيافي الغواية والسفاهة ويتيهون في تيه المجون والوقاحة دينهم تمزيق الأعراض المحمية والقدح في الأنساب الطاهرة السنية والتسيب بالحرام والغزل والابتهار والتردد بين طرفي الإفراط والتفريط في المدح والهجاء ٢٢٦ وأنهم يقولون ما لا يفعلون من الأفاعيل غير مبالين بما يستتبعه من اللوائم فيكف يتوهم أن يتبعهم في مسلكهم ذلك ويلتحق بهم وينتظم في سلكهم من تنزهت ساحته عن أن يحوم حولها شائبة الاتصاف بشيء من الأمور المذكورة واتصف بمحاسن الصفات الجليلة وتخلق بمكارم الأخلاق الجميلة وحاز جميع الكمالات القدسية وفاز بجملة الملكات الأنسية مستقرا على المنهاج القويم مستمرا على الصراط المستقيم ناطقا بكل أمر رشيد داعيا إلى صراط العزيز الحميد مؤيدا بمعجزات قاهرة وآيات ظاهرة مشحونة بفنون الحكم الباهرة وصنوف المعارف الزاهرة مستقلة بنظم رائق أعجز كل منطيق ماهر وبكت كل مفلق ساحر هذا وقد قيل في تنزيهه صلى اللّه عليه و سلم عن أن يكون من الشعراء أن أباع الشعراء الغاوون وأتباع محمد صلى اللّه عليه و سلم ليسوا كذلك ولا ريب في أن تعليل عدم كونه صلى اللّه عليه و سلم منهم بكون أتباعه صلى اللّه عليه و سلم غير غاوين مما ليا يليق بشأنه العالي وقيل الغاوون الراوون وقيل الشياطين وقيل هم شعراء قريش عبد اللّه بن الزبعري وهبيرة بن أبى وهب المخزومي ومسافع بن عبد مناف وأبو عزة الجمحي ومن ثقيف أميه بن أبى الصلت قالوا نحن نقول مثل قول نحمد صلى اللّه عليه و سلم وقرئ والشعراء بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وقرئ يتبعهم على التخفيف ويتبعهم بسكون العين تشبها لبعه بعضد ٢٢٧ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا اللّه كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر اللّه عز و جل ويكون أكثر أشعراهم في التوحيد والثناء على اللّه تعالى والحث على طاعته والحكمة والموعظة والزهد في الدنيا والترغيب عن الركون إليها والزجر عن الاغترار بزخارفها والافتتان بملاذها الفانية ولو وقع منهم في بعض الأوقات هجو وقع ذلك منهم بطريق الانتصار ممن هجاهم وقيل المراد بالمستثنين عبد اللّه بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير بن أبي سلمى والذين كانوا ينافحون عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ويكافحون هجاة قريش وعن كعب بن مالك رضي اللّه تعالى عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال له اهجهم فو الذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من النبل وكان يقول لحسان قل وروح القدس معك وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب سينقلبون تهديد شديد وعيد أكيد لما في سيعلم من تهويل متعلقه وفي الذين ظلموا من الإطلاق والتعميم وفي أي منقلب ينقلبون من الإبهام والتهويل وقد قاله أبو بكر لعمر رضي اللّه عنها حين عهد غليه وقرئ أى منفلت ينفلتون من الانفلات بمعنى النجاة والمعنى أن الظالمين يطمعون أن ينفلتوا من عذاب اللّه تعالى وسيعلمون أن ليس لهم وجه من وجوه الانفلات عن النبي صلى اللّه عليه و سلم من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وبعدد من كذب بعيسى وصدق بمحمد صلى اللّه عليه و سلم |
﴿ ٠ ﴾