ÓõæÑóÉõ áõÞúãóÇäó ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÃóÑúÈóÚñ æóËóáÇóËõæäó ÂíóÉð سورة لقمان مكية وقيل الا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة فإن وجوبهما بالمدينة وهو ضعيف لانه ينافي شرعيتهما بمكة وقيل الا ثلاثا من قوله ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام وهي اربع وثلاثون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ الم ٢ تلك آيات الكتاب سلف بيانه في نظائره الحكيم أي ذي الحكمة لاشتماله عليها او هو وصف له بنعته تعالى او اصله الحكيم منزله او قائله فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه فانقلب مرفوعا فاستكن في الصفة المشبهة وقيل الحكيم فعيل بمعنى مفعل كما قالوا اعقدت اللبن فهو عقيد أي معقد وهو قليل وقيل بمعنى فاعل ٣ هدى ورحمة بالنصب على الحالية من الآيات والعامل فيهما معنى الاشارة وقرئا بالرفع على انهما خبران آخران لاسم الاشارة او لمبتدا محذوف للمحسنين أي العاملين للحسنات فإن اريد بها مشاهيرها المعهودة في الدين فقوله تعالى ٤ الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون بيان لما عملوها من الحسنات على طريقة قوله الآلمعى الذي يظن بك الظن كأن قدر راى وقد سمعا وان اريد بها جميع الحسنات فهو تخصيص لهذه الثلاث بالذكر من بين سائر شعبها لاظهار فضلها وانافتها على غيرها وتخصيص الوجه الأول بصورة كون الموصول صفة للمحسنين والوجه الاخير بصورة كونه مبتدا مما لا وجه له ٥ اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون الفائزون بكل مطلوب والناجون من كل مهروب لحيازتهم قطري العلم والعمل وقد مر ما فيه من المقال في مطلع سورة البقرة بما لا مزيدة عليه ٦ ومن الناس محله الرفع على الابتداء باعتبار مضمونه او بتقدير الموصوف ومن في قوله تعالى من يشتري لهو الحديث موصولة او موصوفة محلها الرفع على الخبرية والمعنى وبعض الناس او وبعض من الناس الذي يشتري او فريق يشتري على ان مناط الافادة والمقصود بالاصالة هو اتصافهم بما في حيز الصلة او الصفة لا كونهم ذوات اولئك المذكورين كما مر في قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا باللّه وباليوم الآخر الآيات ولهو الحديث ما يلهي عما يعني من المهمات كالاحاديث التي لا اصل لها والاساطير التي لا اعتداد بها والمضاحك وسائر مالا خير فيه من فضول الكلام والاضافة بمعنى من التبيينة ان اريد بالحديث المنكر وبمعنى التبعيضية ان اريد به الاعم من ذلك وقيل نزلت الآية في النضر بن الحرث اشترى كتب الاعاجم وكان يحدث بها قريشا ويقول ان كان محمد يحدثكم بحديث عاد وثمود فأنا احدثكم بحديث رستم واسفنديار والاكاسرة وقيل كان يشتري القيان ويحملهن على معاشرة من اراد الاسلام ومنعه عنه ليضل عن سبيل اللّه أي دينه الحق الموصل اليه تعالى او عن قراءة كتابه الهادي اليه تعالى وقرىء ليضل بفتح الياء أي ليثبت ويستمر على ضلاله او ليزداد فيه بغير علم أي بحال ما يشتريه او بالتجارة حيث استبدل الشر البحت بالخير المحض ويتخذها بالنصب عطفا على يضل والضمير للسبيل فإنه مما يذكر ويؤنث وهو دين الاسلام او القرآن أي ويتخذها هزوا مهزوا به وقرىء ويتخذها بالرفع عطفا على يشتري وقوله تعالى اولئك اشارة الى من والجمع باعتبار معناها كما ان الافراد في الفعلين باعتبار لفظها وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بذكر المشار اليه للايذان ببعد منزلتهم في الشرارة أي اولئك الموصوفون بما ذكر من الاشتراء للاضلال لهم عذاب مهين لما اتصفوا به من اهانتهم الحق بإيثار الباطل عليه وترغيب الناس فيه ٧ واذا تتلى عليه أي على المشتري افراد الضمير فيه وفيما بعده كالضمائر الثلاثة الأول باعتبار لفظة من بعد ما جمع فيما بينهما باعتبار معناها آياتنا التي هي آيات الكتاب الحكيم وهدى ورحمة للمحسنين ولي اعرض عنها غير معتدبها مستكبرا مبالغا في التكبر كأن لم يسمعها حال من ضمير ولى او من ضمير مستكبرا والاصل كأنه فحذف ضمير الشأن وخففت المثقلة أي مشبها حاله حال من لم يسمعها وهو سامع وفيه رمز الى ان من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الامور الموجبة للاقبال عليها والخضوع لها على طريقة قول من قال كأنك لم تجزع على ابن طريف كأن في اذنيه وقرا حال من ضمير لم يسمعها أي مشبها حاله حال من في اذنيه ثقل مانع من السماع ويجوز ان يكونا استئنافين وقرىء في اذنيه بسكون الذال فبشره بعذاب اليم أي فأعلمه بأن العذاب المفرط في الايلام لاحق به لا محالة وذكر البشارة للتهكم ٨ ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات بيان لحال المؤمنين بآياته تعالى اثر بيان حال الكافرين بها أي الذين آمنوا بآياته تعالى وعملوا بموجبها لهم بمقابلة ما ذكر من ايمانهم واعما لهم جنات النعيم أي نعيم جنات فعكس للمبالغة والجملة خبر ان والاحسن ان يجعل لهم هو الخبر لان وجنات النعيم مرتفعا به على الفاعلية وقوله تعالى ٩ خالدين فيها حال من الضمير في لهم او من جنات النعيم لاشتماله على ضميريهما والعامل ما تعلق به اللام وعد اللّه حقا مصدران مؤكدان الأول لنفسه والثاني لغيره لان قوله تعالى لهم جنات النعيم في معنى وعدهم اللّه جنات النعيم فأكد معنى الوعد بالوعد وأما حقا فدال على معنى الثبات اكد به معنى الوعد ومؤكدهما جميعا لهم جنات النعيم وهو العزيز الذي لا يغلبه شيء ليمنعه من انجاز وعده او تحقيق وعيده الحكيم الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ١٠ خلق السموات بغير عمد الخ استئناف مسوق للاستشهاد بما فصل فيه على عزته تعالى التي هي كمال القدرة وحكمته التي هي كمال العلم وتمهيد قاعدة التوحيد وتقريره وابطال امر الاشراك وتبكيت اهله والعمد جمع عماد كأهب جمع اهاب وهو ما يعمد به أي يسند يقال عمدت الحائط اذا دعمته أي بغير دعائم على ان الجمع لتعدد السموات وقوله تعالى ترونها استئناف جيء به للاستشهاد على ما ذكر من خلقه تعالى لها غير معهودة بمشاهدتهم لها كذلك او صفة لعمد أي خلقها بغير عمد مرئية على ان التقييد للرمز الى انه تعالى عمدها بعمد لا ترونها هي عمد القدرة والقى في الارض رواسي بيان لصنعه البديع في قرار الارض اثر بيان صنعه الحكيم في قرار السموات أي القى فيها جبالا ثوابت وقد مر ما فيه من الكلام في سورة الرعد ان تميد بكم كراهة ان تميل بكم فإن بساطة اجزائها تقتضي تبدل احيازها واوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته او لشيء من لوازمه بحيز معين ووضع مخصوص وبث فيها من كل دابة من كل نوع من انواعها وانزلنا من السماء ماء هو المطر فأنبتنا فيها بسبب ذلك الماء من كل زوج كريم من كل صنف كثير المنافع والالتفات الى نون العظمة في الفعلين لابراز مزيد الاعتناء بأمرها ١١ هذا أي ما ذكر من السموات والارض وما تعلق بهما من الامور المعدودة خلق اللّه أي مخلوقه فأروني ماذا خلق الذين من دونه مما اتخذ تموهم شركاء له سبحانه في العبادة حتى استحقوا به المعبودية وماذا نصب بخلق او ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا بصلته واروني متعلق به وقوله تعالى بل الظالمون في ضلال مبين اضراب عن تبكيتهم بما ذكر الى التسجيل عليهم بالضلال البين المستدعي للاعراض عن مخاطبتهم بالمقدمات المعقولة الحقة لاستحالة ان يفهموا منها شيئا فيهتدوا به الى العلم ببطلان ما هم عليه او يتأثروا من الالزام والتبكيت فينزجروا عنه ووضع الظاهر موضع ضميرهم للدلالة على انهم بإشراكهم واضعون للشيء في غير موضعه ومتعدون عن الحدود وظالمون لانفسهم بتعريضها للعذاب الخالد ١٢ ولقد آتينا لقمان الحكمة كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان الشرك وهو لقمان بن باعوارء من اولاد آزر ابن اخت ايوب عليه السلام او خالته وعاش حتى ادرك داود عليه السلام واخذ عنه العلم وكان يفتي قبل مبعثه وقيل كان قاضيا في بني اسرائيل والجمهور على انه كان حكيما ولم يكن نبيا والحكمة في عرف العلماء استكمال النفس الانسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الافعال الفاضلة على قدر طاقتها ومن حكمته انه صحب داود عليه السلام شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبوس الحرب انت فقال الصمت حكمة وقليل فاعله فقال له داود عليه السلام بحق ما سميت حكيما وان داود عليه السلام قال له يوما كيف اصبحت فقال اصبحت في يدي غيري فتفكر داود فيه فصعق صعقة وأنه أمره مولاه بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ثم بعد ايام أمره بأن يأتي بأخبث مضغتين منها فأتى بهما أيضا فسأله عن ذلك فقال هما أطيب شئ إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا ومعنى أن اشكر للّه أي اشكر له تعالى على أن أن مفسره فإن إيتاء الحكمة في معنى القول وقوله تعالى ومن يشكر الخ استئناف مقرر لمضمون ما قبله موجب للامتثال بالامر أي ومن يشكر له تعالى فإنما يشكر لنفسه لان منفعته التي هي أرتباط العتيد واستجلاب المزيد مقصورة عليها ومن كفر فإن اللّه غني عن كل شيء فلا يحتاج الى الشكر ليتضرر بكفر من كفر حميد حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد أو محمود بالفعل ينطق بحمده جميع المخلوقات بلسان الحال وعدم التعرض لكونه تعالى مشكورا لما أن الحمد متضمن للشكر بل هو رأسه كما قال الحمد رأس الشكر لم يشكر اللّه عبد لم يحمده فإثباته له تعالى إثبات للشكر له قطعا ١٣ وإذ قال لقمان لابنه أنعم وقيل اشكم وقيل ماثان وهو يعظه يا بني تصغير إشفاق وقرئ يا بنى بإسكان الياء وبكسرها لا تشرك باللّه قيل كان ابنه كافرا فلم يزل به حتى اسلم ومن وقف على لا تشرك جعل باللّه قسما إن الشرك لظلم عظيم تعليل للنهى او للانتهاء عن الشرك ١٤ ووصينا الانسان بوالديه الخ كلام مستأنف اعترض به على نهج الاستطراد في أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك وقوله تعالى حملته امه الى قوله في عامين اعتراض بين المفسر والمفسر وقوله تعالى وهنا حال من امه أي ذات وهن او مصدر مؤكد لفعل هو الحال أي تهن وهنا وقوله تعالى على وهن صفة للمصدر أي كائنا على وهن أي تضعف ضعفا فوق ضعف فإنها لا تزال يتضاعف ضعفها وقرئ وهنا على وهن بالتحريك يقال وهن يهن وهنا ووهن يوهن وهنا وفصاله في عامين أي فطامة في تمام عامين وهي مدة الرضاع عند الشافعي وعند أبي حنيفة رحمهما اللّه تعالى هي ثلاثون شهرا وقد بين وجهه في موضعه وقرئ وفصله أن اشكر لي ولوالديك تفسير لوصينا وما بينهما اعتراض مؤكد للوصية في حقها خاصة ولذلك قال لمن قال له من أبر امك ثم أمك ثم أمك ثم قال بعد ذلك ثم أباك الى المصير تعليل لوجوب الامنثال أي الى الرجوع لا الى غيري فأجازيك على ما صدر عنك من الشكر والكفر ١٥ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به أي بشركته له تعالى في استحقاق العبادة علم فلا تطعهما في ذلك وصاحبهما في الدنيا معروفا أي صحابا معروفا يرتضيه الشرع وتقتضيه المروءة واتبع سبيل من أناب الى بالتوحيد والاخلاص في الطاعة ثم الى مرجعكم أي مرجعك ومرجعهما ومرجع من أناب الى فأنبئكم عند رجوعكم بما كنتم تعملون بأن أجازى كلا منكم بما صدر عنه من الخير والشر وقوله تعالى ١٦ يا بني الخ شروع في حكاية بقية وصايا لقمان إثر تقرير ما في مطلعها من النهي عن الشرك وتأكيده بالاعتراض إنها إن تك مثقال حبة من خردل أي إن الخصلة من الاساءة او الاحسان إن تك مثلا في الصغر كحبة الخردل وقرئ برفع مثقال على أن الضمير للقصة وكان تامة والتأنيث لإضافة المثقال الى الحبة كما في قول من قال كما شرقت صدر القناة من الدم أو لان المراد به الحسنة او السيئة فتكن في صخرة او في السموات أو في الارض أي فتكن مع كونها في أقصى غايات الصغر والقماءة في أخفى مكان وأحرزه كجوف الصخرة أو حيث كانت في العالم العلوي او السفلي يأت بها اللّه أي يحضرها ويحاسب عليها إن اللّه لطيف يصل علمه الى كل خفى خبير بكنهه وبعد ما أمره بالتوحيد الذي هو أول ما يجب على الانسان في ضمن النهي عن الشرك ونبهه على كمال علم اللّه تعالى وقدرته أمره بالصلاة التي هي أكمل العبادات تكميلا له من حيث العمل بعد تكميله من حيث الاعتقاد فقال مستميلا له ١٧ يا بني اقم الصلاة تكميلا لنفسك وأمر بالمعروف وانه عن المنكر تكميلا لغيرك وأصبر على ما اصابك من الشدائد والمحن لا سيما فيما امرت به إن ذلك إشارة الى كل ما ذكر وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه لما مر مرارا من الاشعار ببعد منزلته في الفضل من عزم الامور أي مما عزمه اللّه تعالى وقطعه على عباده من الامور لمزيد مزيتها مصدر اطلق على المفعول وقد جوز ان يكون بمعنى الفاعل من قوله تعالى فإذا عزم الامر أي جد والجملة تعليل لوجوب الامتثال بما سبق من الامر والنهي وايذان بأن ما بعدها ليس بمثابته ١٨ ولا تصعر خدك للناس أي لا تمله ولا تولهم صفحة وجهك كما هو ديدن المتكبرين من الصعر وهو الصيد وهو داء يصيب البعير فيلوي منه عنقه وقرىء ولا تصاعر وقرىء ولا تصعر من الاغعال والكل بمعنى مثل وعلاه وعالاه ولا تمش في الارض مرحا أي فرحا مصدر وقع موقع الحال او مصدر مؤكد لفعل هو الحال أي تمرح مرحا او لاجل المرح والبطر ان اللّه لا يحب كل مختالا فخور تعليل للنهي او موجبة وتأخير الفخور مع كونه بمقابلة المصعر خده عن المختال وهو بمقابلة الماشي مرحا لرعاية الفواصل ١٩ واقصد في مشيك بعد الاجتناب عن المرح فيه أي توسط بين الدبيب والاسراع وعنه سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن وقول عائشة في عمر رضي اللّه عنهما كان اذا مشي اسرع فالمراد به ما فوق دبيب المنماوت وقرىء بقطع الهمزة من اقصد الرامي اذا سدد سهمه نحو الرمية واغضض من صوتك وانقص منه واقصر ان انكر الاصوات أي اوحشها لصوت الحمير تعليل للامر على ابلغ وجه وآكده مبني على تشبيه الرافعين اصواتهم بالحمير وتمثيل اصواتهم بالهاق وافراط في التحذير عن رفع الصوت والتنفير عنه وافراد الصوت مع اضافته الى الجمع لما ان المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل بيان حال صوت هذا الجنس من بين اصوات سائر الاجناس وقوله تعالى ٢٠ الم تروا ان اللّه سخر لكم ما في السموات وما في الارض رجوع الى سنن ما سلف قبل قصة لقمان من خطاب المشركين وتوبيخ لهم على اصرارهم على ما هم عليه مع مشاهدتهم لدلائل التوحيد والمراد بالتسخير اما جعل المسخر بحيث ينفع المسخر له اعم من ان يكون منقادا له يتصرف فيه كيف يشاء ويستعمله حسبما يريد كعامة ما في الارض من الاشياء المسخرة للانسان المستعملة له من الجماد والحيوان او لا يكون كذلك بل يكون سببا لحصول مراده من غير ان يكون له دخل في استعماله كجميع ما في السموات من الاشياء التي نيطت بها مصالح العباد معاشا ومعادا وما جعله منقادا للامر مذللا على ان معنى لكم لاجلكم فإن جميع ما في السموات والارض من الكائنات مسخر للّه تعالى مستتبعة لمنافع الخلق وما يستعمله الانسان حسبما يشاء وان كان مسخرا له بحسب الظاهر فهو في الحقيقة مسخر للّه تعالى واسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة محسوسة ومعقولة معروفة لكم وغير معروفة وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة وقرىء اصيغ بالصاد وهو جار في كل سين قارنت الغين او الخاء او القاف كما تقول في سلخ صلخ وفي سقر صقر وفي سالغ صالغ وقرىء نعمة ومن الناس من يجادل في اللّه في توحيده وصفاته بغير علم مستفادة من دليل ولا هدى من جهة الرسول ولا كتاب منير أنزله اللّه سبحانه بل بمجرد التقليد ٢١ واذا قيل لهم أي لمن يجادل والجمع باعتبار المعنى اتبعوا ما انزل اللّه قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا يريدون به عبادة الاصنام اولو كان الشيطان يدعوهم أي آباءهم لا انفسهم كما قيل فإن مدار انكار الاتباع واستبعاده كون المتبوعين تابعين للشيطان لا كون انفسهم كذلك أي ايتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم فيما هم عليه من الشرك الى عذاب السعير فهم متوجهون اليه حسب دعوته والجملة في حيز النصب على الحالية وقد مر تحقيقه في قوله تعالى او لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون من سورة البقرة بما لا مزيد عليه ٢٢ ومن يسلم وجهه الى اللّه بأن فوض اليه مجامع اموره واقبل عليه بكليته وحيث عدى باللام قصد معنى الاختصاص وقرىء بالتشديد وهو محسن أي في اعماله آت بها جامعة بين الحسن الذاتي والوصفي وقد مر في آخر سورة النحل فقد استمسك بالعروة الوثقى أي تعلق بأوثق ما يتعلق به من الاسباب وهو تمثيل لحال المتوكل المشتغل بالطاعة بحال من اراد ان يترقى الى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه والى اللّه لا الى احد غيره عاقبة الآمور فيجازيه احسن الجزاء ٢٣ ومن كفر فلا يحزنك كفره فإنه لا يضرك في الدنيا ولا في الآخرة وقرىء فلا يحزنك من احزن المنقول من حزن بكسر الزاي وليس بمستفيض الينا مرجعهم لا الى غيرنا فننبئهم بما عملوا في الدنيا من الكفر والمعاصي بالعذاب والعقاب والجمع في الضمائر الثلاثة باعتبار معنى من كما ان الافراد في الأول باعتبار لفظها ان اللّه عليم بذات الصدور تعليل للتنبئة المعبر بها عن التعذيب ٢٤ نمتعهم قليلا تمتيعا او زمانا قليلا فإن ما يزول وان كان بعد امد طويل بالنسبة الى ما يدوم قليل ثم نضطرهم الى عذاب غليظ يثقل عليهم ثقل الاجرام الغلاظ او يضم الى الاحراق الضغط والتضييق ٢٥ ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن اللّه لغاية وضوح الامر بحيث اضطروا الى الاعتراف به قل الحمد للّه على ان جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون ايضا بل اكثرهم لا يعلمون شيئا من الاشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم وقيل لا يعلمون ان ذلك يلزمهم ٢٦ للّه ما في السموات والارض فلا يستحق العبادة فيهما غيره ان اللّه هو الغني عن العالمين الحميد المستحق للحمد وان لم يحمده احد او المحمود بالفعل يحمده كل مخلوق بلسان الحال ٢٧ ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام أي لوان الاشجار اقلام وتوحيد الشجرة لما ان المراد تفصيل الآحاد والبحر يمده من بعده أي من بعد نفاده سبعة ابحر أي والحال ان البحر المحيط بسعته يمده الا بحر السبعة مدا لا ينقطع ابدا وكتبت بتلك الاقلام وبذلك المداد كلمات اللّه ما نفدت كلمات اللّه ونفدت تلك الاقلام والمداد كما في قوله تعالى لنفد البحر قبل ان تنفذ كلمات ربي وقرىء يمده من الامداد بالياء والتاء واسناد المد الى الابحر السبعة دون البحر المحيط مع كونه اعظم منها واطم لانها هي المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية واليها تنصب الانهار العظام اولا ومنها ينصب الى البحر المحيط ثانيا وايثار جمع القلة في الكلمات للايذان بأن ما ذكر لا يفي بالقليل منها فكيف بالكثير ان اللّه عزيز لا يعجزه شيء حكيم لا يخرج عن علمه وحكمته امر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما ٢٨ ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة أي الا كخلقها وبعثها في سهولة التأتي اذ لا يشغله شأن عن شأن لان مناط وجود الكل تعلق ارادته الواجبة مع قدرته الذاتية حسبما يفصح عنه قوله تعالى انما امرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون ان اللّه سميع يسمع كل مسموع بصير يبصر كل مبصر لا يشغله علم بعضها عن علم بعض فكذلك الخلق والبعث ٢٩ الم تر قيل الخطاب لرسول اللّه وقيل عام لكل احد ممن يصلح للخطاب وهو الا وفق لما سبق وما لحق أي الم تعلم علما قويا جاريا مجري الرؤية ان اللّه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل أي يدخل كل واحد منهما في الآخر ويضيفه اليه فيتفاوت بذلك حاله زيادة ونقصانا وسخر الشمس والقمر عطف على يولج والاختلاف بينهما صيغة لما ان ايلاج احد الملوين في الآخر متجدد في كل حين وأما تسخير النيرين فأمر لا تعدد فيه ولا تجدد وانما التعدد والتجدد في آثاره وقد اشير الى ذلك حيث قيل كل يجري أي بحسب حركته الخاصة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتخالفة المتعددة حسب تعدد الايام جريا مستمرا الى اجل مسمى قدره اللّه تعالى لجريهما وهو يوم القيامة كما روي عن الحسن رحمة اللّه فإنه لا ينقطع جريهما الا حينئذ والجملة على تقدير عموم الخطاب اعتراض بين المعطوفين لبيان الواقع بطريق الاستطراد وعلى تقدير اختصاصه به يجوز ان يكون حالا من الشمس والقمر فإن جريانهما الى يوم القيامة من جملة ما في حيز رؤيته هذا وقد جعل جريانهما عبارة عن حركتهما الخاصة بهما في فلكهما والاجل المسمى عن منتهى دورتهما وجعل مدة الجريان للشمس سنة وللقمر شهرا فالجملة حينئذ بيان لحكم تسخيرهما وتنبيه على كيفية ايلاج احد الملوين في الآخر وكون ذلك بحسب اختلاف جريان الشمس على مداراتها اليومية فكلما كان جريانها متوجها الى سمت الراس تزداد القوس التي هي فوق الارض كبرا فيزداد النهار طولا بانضمام بعض اجزاء الليل اليه الى ان يبلغ المدار الذي هو اقرب المدارات الى سمت الراس وذلك عند بلوغها الى راس السرطان ثم ترجع متوجهة الى التباعد عن سمت الراس فلا تزال القسى التي هي فوق الارض تزداد صغرا فيزداد النهار قصرا بانضمام بعض اجزائه الى الليل الى ان يبلغ المدار الذي هو ابعد المدارات اليومية عن سمت الراس وذلك عند بلوغها برج الجدي وقوله تعالى وان اللّه بما تعملون خبير عطف على ان اللّه يولج الخ داخل معه في حيز الرؤية على تقديري خصوص الخطاب وعمومه فإن من شاهد مثل ٣٠ ذلك الصنع الرائق والتدبير الفائق لا يكاد يغفل عن كون صانعه عز و جل محيطا بجلائل اعماله ودقائقها ذلك اشارة الى ما تلى من الآيات الكريمة وما فيه من معنى البعد للايذان ببعد منزلتها في الفضل وهو مبتدا خبره قوله تعالى بأن اللّه هو الحق أي بسبب بيان انه تعالى هو الحق الهيته فقط ولاجله لكونها ناطقة بحقية التوحيد وان ما يدعون من دونه الباطل أي ولا جل بيان بطلان الهية ما يدعونه من دونه تعالى لكونها شاهدة بذلك شهادة بينة لا ريب فيها وقرىء بالتاء والتصريح بذلك مع ان الدلالة على اختصاص حقية الالهية به تعالى مستتبعة للدلالة على بطلان الهية ما عداه لابراز كمال الاعتناء بأمر التوحيد وللايذان بأن الدلالة على بطلان ما ذكر ليست بطريق الاستتباع فقط بل بطريق الاستقلال ايضا وان اللّه هو العلي الكبير أي وبيان انه تعالى هو المترفع عن كل شيء المتسلط عليه فإن ما في تضاعيف الآيات الكريمة مبين لاختصاص العلو والكبرياء به تعالى أي بيان هذا وقيل ذلك أي ما ذكر من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص الباري تعالى به بسبب انه الثابت في ذاته الواجب من جميع جهاته او الثابت الهيته وانت خبير بأن حقيته تعالى وعلوه وكبرياءه وان كانت صالحة لمناطية ما ذكر من الاحكام المعدودة لكن بطلان الهية الاصنام لا دخل له في المناطية قطعا فلا مساغ لنظمه في سلك الاسباب بل هو تعكيس للامر ضرورة ان الاحكام المذكورة هي المقتضية لبطلانها لا ان بطلانها يقتضيها ٣١ الم تر ان الفلك تجري في البحر بنعمة اللّه بإحسانه في تهيئة اسبابه وهو استشهاد آخر على باهر قدرته وغاية حكمته وشمول انعامه والباء اما متعلقة بتجري او بمقدر هو حال من فاعله أي ملتبسة بنعمته تعالى وقرىء الفلك بضم اللام وبنعمات اللّه وعين فعلات يجوز فيه الكسر والفتح والسكون ليريكم من آياته أي بعض دلائل وحدته وعلمه وقدرته وقوله تعالى ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور تعليل لما قبله أي ان فيما ذكر لآيات عظيمة في ذاتها كثيرة في عددها لكل من يبالغ في الصبر على المشاق فيتعب نفسه في التفكر في الانفس والآفاق ويبالغ في الشكر على نعمائه وهما صفتا المؤمن فكأنه قيل لكل مؤمن ٣٢ واذا غشيهم أي علاهم واحاط بهم موج كالظلل كما يظل من جبل او سحاب او غيرهما وقرىء كالظلال جمع ظلة كقلة وقلال دعوا اللّه مخلصين له الدين لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الدواهي والشدائد فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد أي مقيم على القصد السوى الذي هو التوحيد او متوسط في الكفر لانزجاره في الجملة وما يجحد بآياتنا الا كل ختار غدار فإنه نقض للعهد الفطري او رفض لما كان في البحر والختر اشد الغدر واقبحه كفور مبالغ في كفران نعم اللّه تعالى ٣٣ يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده أي لا يقضى عنه وقرىء لا يجزي من اجزا اذا اغنى والعائد الى الموصوف محذوف أي لا يجزي فيه ولا مولود عطف على والد او هو مبتدا خبره هو جاز عن والده شيئا وتغيير النظم للدلالة على ان المولود اولى بأن لا يجزي وقطع من توقع من المؤمنين ان ينفع اباه الكافر في الآخرة ان وعد اللّه بالثواب والعقاب حق لا يمكن اخلافه اصلا فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم باللّه الغرور أي الشيطان المبالغ في الغرور بأن يحملكم على المعاصي بتزيينها لكم ويرجيكم التوبة والمغفرة ٣٤ ان اللّه عنده علم الساعة علم وقت قيامها لما روى ان الحرث بن عمرو اتى رسول اللّه فقال متى الساعة واني قد القيت حباتي في الارض فمتى السماء تمطر وحمل امراتي ذكر ام انثى وما اعمل غدا واين اموت فنزلت وعنه مفاتح الغيب خمس وتلا هذه الآية وينزل الغيث في ابانه الذي قدره والى محله الذي عينه في علمه وقرىء ينزل من الانزال ويعلم ما في الارحام من ذكر او انثى تام او ناقص وما تدري نفس من النفوس ماذا تكسب غدا من خير او شر وربما تعزم على شيء منهما فتفعل خلافه وما تدري نفس بأي ارض تموت كما لا تدري في أي وقت تموت روى ان ملك الموت مر على سليمان عليهما السلام فجعل ينظر الى رجل من جلسائه يديم النظر اليه فقال الرجل من هذا قال ملك الموت فقال كأنه يريدني فمر الريح ان تحملني وتلقيني ببلاد الهند ففعل ثم قال الملك لسليمان عليهما السلام كان دوام نظري اليه تعجبا منه حيث كنت امرت بأن أقبض روحه بالهند وهو عندك ونسبة العلم الى اللّه تعالى والدراية الى العبد للايذان بأنه ان اعمل حيله وبذل في التعرف وسعه لم يعرف ما هو لاحق به من كسبه وعاقبته فكيف بغيره مما لم ينصب له دليل عليه وقرىء بأية ارض وشبه سيبوية تأنيثها بتأنيث كل في كلتهن ان اللّه عليم مبالغ في العلم فلا يعزب عن علمه شيء من الاشياء التي من جملتها ما ذكر خبير يعلم واطنها كما يعلم ظواهرها عن رسول اللّه من قرا سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة واعطى من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر |
﴿ ٠ ﴾