١٠ ولقد آتينا داود منا فضلا أي آتيناه لحسن إنابته وصحة توبته فضلا على سائر الانبياء عليهم الصلاة والسلام أي نوعا من الفضل وهو ما ذكر بعد فإنه معجزة خاصة به أو على سائر الناس فيندرج فيه النبوة والكتاب والملك والصوت الحسن فتنكيره للتفخيم ومنا لتأكيد فخامته الذاتية بفخامته الإضافية كما في قوله تعالى وآتيناه... من لدنا علما وتقديمه على المفعول الصريح للاهتمام بالمقدم والتشويق الى المؤخر فإن ما حقه التقديم إذا اخر تقى النفس مترقبة له فإذا وردها يتمكن عندها فضل تمكن يا جبال اوبي معه من التأويب أي رجعى معه التسبيح او النوحة على الذنب وذلك اما بأن يخلق اللّه تعالى فيها صوتا مثل صوته كما خلق الكلام في الشجرة او بأن يتمثل له ذلك وقرىء اوبي من الاوب أي ارجعى معه في التسبيح كلما رجع فيه وكان كلما سبح عليه الصلاة و السلام يسمع من الجبال ما يسمع من المسبح معجزة له عليه الصلاة و السلام وقيل كان ينوح على ذنبه بترجيع وتحزين وكانت الجبال تسعده على نوحه بأصدائها والطير بأصواتها وهو بدل من آتينا بإضمار قلنا او من فضلا بإضمار قولنا والطير بالنصب عطفا على فضلا بمعنى وسخرنا له الطير لان ايتاءها اياه عليه الصلاة و السلام تسخيرها له فلا حاجة الى اضماره كما نقل عن الكسائي ولا الى تقدير مضاف أي تسبيح الطير كما نقل عنه في رواية وقيل عطفا على محل الجبال وفيه من التكلف لفظا ومعنى مالا يخفي وقرىء بالرفع عطفا على لفظها تشبيها للحركة البنائية العارضة بالحركة الاعرابية وقد جوز انتصابه على انه مفعول معه والاول هو الوجه وفي تنزيل الجبال والطير منزلة العقلاء المطيعين لامره تعالى المذعنين لحكمه المشعر بأنه ما من حيوان وجماد وصامت وناطق الا وهو منقاد لمشيئته غير ممتنع على ارادته من الفخامة المعربة عن غاية عظمه شأنه تعالى وكمال كبرياء سلطانه مالا يخفي على اولى الالباب والناله الحديد أي جعلناه لينا في نفسه كالشمع يصرفه في يده كيف يشاء من غير احماء بنار ولا ضرب بمطرقة او جعلناه بالنسبة الى قوته التي آتيناها اياه لينا كالشمع بالنسبة الى سائر القوى البشرية |
﴿ ١٠ ﴾