٣٥

ليكفر اللّه عنهم اسوا الذي عملوا الخ متعلق بقوله تعالى لهم ما يشاءون لكن لا باعتبار منطوقه ضرورة ان التفكير المذكور لا يتصور كونه غاية لثبوت ما يشاءون لهم في الآخرة كيف لا وهو بعض ما سيثبت لهم فيها بل باعتبار فحواه فإنه حيث لم يكن اخبارا بما ثبت لهم فيما مضى بل بما سيثبت لهم فيما سيأتي كان في معنى الوعد به كما مر في قوله تعالى وعد اللّه فإنه مصدر مؤكد لما قبله من قوله تعالى لهم غرف من فوقها غرف فإنه في معنى وعدهم اللّه غرفا فانتصب به وعد اللّه كأنه قيل وعدهم اللّه جميع ما يشاءونه من زوال المضار وحصول المسار ليكفر عنهم بموجب ذلك الوعد اسوا الذي عملوا دفعا لمضارهم

ويجزيهم اجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون اعطاء لمنافعهم واظهار الاسم الجليل في موقع الاضمار لابراز كمال الاعتناء بمضمون الكلام واضافة الا الأسوأ والاحسن الى ما بعدهما ليست من قبيل اضافة المفضل الى المفضل عليه بل من اضافة الشيء الى بعضه للقصد الى التحقيق والتوضيح من غير اعتبار تفضيله عليه وانما المعتبر فيهما مطلق الفضل والزيادة لا على المضاف اليه المعين بخصوصه كما في قولهم الناقص والاشج اعد لانني مروان خلا ان الزيادة المعتبرة فيهما ليست بطريق الحقيقة بل هي في الأول بالنظر الى ما يليق بحالهم من استعظام سيئاتهم وان قلت واستصغار حسناتهم وان جلت والثاني بالنظر الى لطف اكرم الاكرمين من استكثار الحسنة اليسيرة ومقابلتها بالمثوبات الكثيرة وحمل الزيادة على الحقيقة وان امكن في الأول بناء على أن تخصيص الاسوأ بالذكر لبيان تكفير ما دونه بطريق الاولوية ضرورة استلزام تكفير الأسوأ لتكفير السيء لكن لما لم يكن ذلك في الاحسن كان الأحسن نظمهما في سلك واحد من الاعتبار والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل في صلة الموصول الثاني دون الأول للايذان باستمرارهم على الاعمال الصالحة بخلاف السيئة

﴿ ٣٥