ÓõæÑóÉõ ÇáÒøõÎúÑõÝö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÊöÓúÚñ æóËóãóÇäõæäó ÂíóÉð الزخرف بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ حم الكلام فيه كالذى مر في فاتحة سورة يس خلا أن الظاهر على تقدير إسميته كونه اسما للقرآن لا للسورة كما قيل فإن ذلك مخل بجزالة النظم الكريم ٢ والكتاب بالجر على أنه مقسم به إما ابتداء او عطفا على حم على تقدير كونه مجرورا بإضمار باء القسم على ان مدار العطف المغايرة في العنوان ومناط تكريم القسم المبالغة في تأكيد مضمون الجملة القسمية المبين أى البين لمن انزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى اساليبهم أو المبين لطريق الهدى من طريق الضلالة الموضح لكل ما يحتاج إليه في أبواب الديانة ٣ إنا جعلناه قرآنا عربيا جواب للقسم لكن لا على ان مرجع التأكيد جعله كذلك كما قيل بل ما هو غايته التي يعرب عنها قوله تعالى لعلكم تعقلون فإنها المحتاجة الى التحقيق والتأكيد لكونها منبئه عن الاعتناء بأمرهم وإتمام النعمة عليهم وإزاحة اعذارهم أي جعنا ذلك الكتاب قرآنا عربيا لكى تفهموه وتحيطوا بما فيه من النظم الرائق والمعنى الفائق وتقفوا على ما يتضمنه من الشواهد الناطقة بخروجه عن طوق البشر وتعرفوا حق النعمة في ذلك وتنقطع أعذاركم بالكلية ٤ وإنه في أم الكتاب أى في اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية وقرىء إم الكتاب بالكسر لدينا أى عندنا لعلى رفيع القدر بين الكتب شريف حكيم ذو حكمة بالغة أو محكم وهما خبران لأن وما بينهما بيان لمحل الحكم كأنه قيل بعد بيان أتصافه بما ذكر من الوصفين الجليلين هذا في أم الكتاب ولدينا والجملة إما عطف على الجمل المقسم عليها داخله في حكمها ففي الإقسام بالقرآن على علو قدره عنده تعالى براعة بديعة وإيذان بأنه من علو الشأن بحيث لا يحتاج في بيان الى لاستشهاد عليه بالأقسام بغيره بل هو بذاته كاف في الشهادة على ذلك من حيث الإقسام به كما أنه كاف فيها من حيث إعجازه ورمز الى انه لا يخطر بالبال عند ذكره شيىء آخر أولى منه بالإقسام به وأما مستأنفة مقررة لعلو شأنه الذى انبأ عنه الإقسام به على منهاج الاعتراض في قوله تعلى وإنه لقسم لو تعلمون عظيم وبعد ما بين علو شأن القرآن العظيم وحقق أن إنزاله على لغتهم ليعقلوه ويؤمنوا به ويعملوا بموجبه عقب ذلك بإنكار أن يكون الأمر بخلافه فقيل ٥ أفنضرب عنكم الذكر أى ونبعده عنكم مجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض وفيه إشعار باقتضاء الحمكة توجه الذكر إليهم وملازمته لهم كأنه يتهافت عليهم والفاء للعطف على محذوف يقتضيه المقام أى أنهملكم فننحى الذكر عنكم صفحا أى إعراضا عنكم على انه مفعول له للمذكور أو مصدر مؤكد لما دل هو عليه فإن التنحيه منبئة عن الصفح والإعراض قطعا كأنه قيل افنصفح عنكم صفحا أو بمعنى الجانب فينتصب على الطرفية أي أفننحيه عنكم جانبا أن كنتم قوما مسرفين أى لان كنتم منهمكين في الإسراف مصرين عليه على معنى أن حالكم وإن اقتضى تخليتكم وشأنكم حتى تموتوا على الكفر والضلالة وتبقوا في العذاب الخالد لكنا لسعة رحمتنا لا تفعل ذلك بل نهديكم الى الحق بإرسال الرسول الأمين واتزال الكتاب المحبين وقرىء إن بالكسر على ان الجملة شطريه مخرجة للمحقق مخرج المشكوك لاستجالهالهم والجزاء محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه وقوله تعالى ٦ وكم ارسلنا من نبي في الأولين ٧ وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزؤن تقرير لما قبله ببيان أن إسراف الأمم السالفة لم يمنعه تعالى من إرسال الأنبياء إليهم وتسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن استهزاء قومه به وقوله تعالى ٨ فأهلكنا أشد منهم بطشا أى من هؤلاء القوم المسرفين عدة له عليه الصلااة والسلام ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين ووصفهم بأشدية البطش لإثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الأولوية ومضى مثل الأولين أى سلف في القرآن غير مرة ذكر قصتهم التي حقها أن تسير مسير المثل ٩ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولون خلقهن العزيز العليم أي ليسندن خلقها الى من هذا شأنه في الحقيقة وفي نفس الأمر لا أنهم يعبرون عنه بهذا العنوان وسلوك هذه الطريقة للإشعار بأن اتصافه تعالى بما سرد من جلائل الصفات والأفعال وبما يستلزمه ذلك من البعث والجزاء أمر بين لا ريب فيه وأن الحجة قائمة عليهم شاؤا أو أبوا وقد جوز أن يكون ذلك عين عبارتهم قوله تعالى ١٠ الذى جعل لكم الأرض مهدا استئناف من جهته تعالى أي بسطها لكم تستقرون فيها وجعل لكم فيها سبلا تسلكونها في أسفاركم لعلكم تهتدون أى لكى تهتدوا بسلوكها الى مقاصدكم أو بالتفكر فيها بالتوحيد الذى هو المقصد الأصلى ١١ والذى نزل من السماء ماء بقدر بمقدار تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح فأنشرنا به أى أحيينا بذلك الماء بلدة ميتا خاليا عن النماء والنبات بالكلية وقرىء ميتا بالتشديد وتذكيره لأن البلدة في معنى البلد والمكان والالتفات الى نون العظمة لإظهار كمال العناية بأمر الإحياء والإشعار بعظم خطره كذلك أى مثل ذلك الإحياء الذى هو في الحقيقة إخراج النبات من الأرض تخرجون أى تبعثون من قبوركم أحياء وفي التعبير عن إخراج النبات بالإنشار الذى هو إحياء الموتى وعن إحيائها بالإخراج تفخيم لشأن الإنبات وتهوين لأمر البعث لتقويم سنن الاستدلال وتوضيح منهاج القياس ١٢ والذى خلق الأزواج كلها أى أصناف المخلوقات وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما الآزواج الضروب والأنواع كالحلو والحامض والأبيض والأسود والذكور والأنثى وقيل كل ما سوى اللّه تعالى فو زوج كالفوق والتحت واليمين واليسار الى غير ذلك وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون أى ما تركبونه تغليبا للأنعام على الفلك فإن الركوب متعد بنفسه واستعماله في الفلك ونحوها بكلمة في الرمز الى مكانتها وكون حركتها غير إرادية كما مر في سورة هود عند قوله تعالى وقال اركبوا فيها ١٣ لتستووا على ظهوره أى لتستعلوا على ظهور ما تركبونه من الفلك والأنعام والجمع باعتبار المعنى ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه أى تذكروها بقلوبكم معترفين بها مستعظمين لها ثم تحمدوا عليها بألسنتكم وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا متعجبين من ذلك كما يروى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال بسم اللّه فإذا استوى على الدابة قال الحمد للّه على كل حال سبحان الذى سخر لنا هذا الى قوله تعالى لمنقلبون وكبر ثلاثا وهلل ثلاثا وما كنا له مقرنين أى مطيقين من أقرن الشىء إذا أطاقه وأصله وجده قرينته لأن الصعب لا يكون قرينه للضعيف وقرىء بالتشديد والمعنى واحد وهذا من تمام ذكر معمته تعالى إذ بدون اعتراف المنعم عليه بالعجز عن تحصيل النعمة لا يعرف قدرها ولا حق المنعم بها ١٤ وإنا الى ربنا لمنقلبون أى راجعون وفيه إيذان بأن حق الراكب أن يتأمل فيما يلابسه من المسير ويتذكر منه المسافرة العظمى التى هي الانقلاب الى اللّه تعالى فيبنى أموره في مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا بخطر بباله في شيء مما يأتى ويتذر أمرا ينافيها ومن ضرورته أن يكون ركوبه لأمر مشروع ١٥ وجعلوا له من عباده جزءا متصل بقوله تعالى ولئن سألتهم الخ أي وقد جعلوا له سبحانه بألسنتهم واعتقادهم بعد ذلك الاعتراف من عباده ولدا وإنما عبر عنه بالجزء لمزيد استحالته في حق الواحد الحق من جميع الجهات وقرىء جزؤا بضمتين إن الإنسان لكفور مبين ظاهر الكفران مبالغ فيه ولذلك يقولون ما يقولون سبحان اللّه عما يصفون ١٦ أم أتخذ مما يخلق بنات أم منقطعة وما فيها من معنى بل للإنتقال من بيان بطلان جعلهم له تعالى ولدا على الإطلاق الى بيان بطلان جعلهم ذلك الولد من أخس صنفية والهمزة للإنكار والتوبيخ والتعجب من شانهم وقوله تعالى وأصفا كم بالبنين غما عطف على اتخذ داخل في حكم الإنكار والتعجيب الخلاف المشهور والالتفات الى خطابهم لتأكيد الإلزام وتشديد التوبيخ أى بل انخذ من خلقه أخس أو حال من فاعله بإضمار قد أو بدونه على الصنفين وختار لكم أفضلهما على معنى هبوا أنكم اجترأتم على إضافة اتخاذ جنس الولد إليه سبحانه مع ظهور استحالته وامتناعه أما كان لكم شيء من العقل ونبذ من الحياء حتى اجترأتم على التفوه بالعظيمة الخارقة للعقول من ادعاء أنه تعالى أثركم على نفسه بخير الصنفين وأعلاهما وترك له شرهما وأدناهما وتنكير بنات وتعريف البنن لتربية ما اعتبر فيهما من الحقارة والفخامة ١٧ وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا الخ استئناف مقرر لما قبله وقيل حال على معنى أنهم نسبوا إإليه ما ذكرو ومن حالهم أن أحدهم إذا بشر به اغتم والالتفات للإيذان باقتضاء ذكر قبائحهم أن يعرض عنهم وتحكى لغيرهم تعجيبا منها اى إذا أخبر أحدهم بولادة ما جعله مثلا له سبحانه إذ الولد لابد أن يجانس الوالد ويماثله ظل وجهه مسودا أى صار أسود في الغاية من سوء ما بشر به وهو كظيم مملوء من الكرب والكآبة والجملة حال وقرىء مسود ومسواد على أن في ظل ضمير المبشر ووجهه مسود جملة وقعت خبرا له ١٨ أومن ينشأ في الحلية تكرير للإنكار تثنية للتوبيخ ومن منصوبة بمضمر معطوف على جعلوا أى أو جعلوا من شأنه أن يربى في الزينة وهو عاجر عن أن يتولى لأمره بنفسه فالهمزة لأنكار الواقع واستقباحه وقد جوز انتصابها بمضمر معطوف على اتخذ فالهمزة حينئذ لإنكار الوقوع واستبعاده واقحامها بين المعطوفين لتذكير ما في أم منقطعة من الإنكار وتأكيده والعطف للتغاير العنوان أى أو اتخذ من هذه الصفة الذميمة صفته وهو مع ما ذكر من القصور فى الخصام أى الجدال الذى لا يكاد يخلو عنه الإنسان في العادة غير مبين غير قادر على تقرير دعواه وإقامة حجته لنقصان عقله وضعف رأيه وإضافة غير لا تمنع عمل ما بعده في الجار المتقدم لأنه بمعنى النفى وقرىء ينشأ ويناشأ من الأفعال والمفاعلة والكل بمعنى واحد ونظيرة غلاه وأغلاه وغالاه ١٩ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا بيان لتضمين كفرهم المذكور لكفر آخر وتقريع لهم بذلك وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على اللّه عز و جل أنقصهم رأيا وأخسهم صنفا وقرىء عبيد الرحمن وقرىء عند الرحمن على تمثيل زلفاهم وقرىء انثا وهو جمع الجمع أشهدوا خلقهم أى أحضروا خلق اللّه تعالى إياهم فشاهدوهم إناثا حتى يحكموا بأنوثتهم فإن ذلك مما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل لهم وتهكم بهم وقرىء أأشهدوا بهمزتين مفتوحة ومضمومه وآأشهدوا بألف بينهما ستكتب شهادتهم هذه فى ديوان أعمالهم ويسألون عنها يوم القيامة وقرىء سيكتب وسنكتب بالياء اوالنون وقرىء شهاداتهم وهى قولهم إن للّه جزاء وإن له بنات وإنها الملائكة وقرىء يسألون من المسألة للمبالغة ٢٠ وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدنا هم بيان لفن آخر من كفرهم أى لو شاء عدم عبادتنا للملائكة مشيئة ارتضاء ما عبدناهم أرادوا بذلك بيان أن ما فعلوه حق مرضى عنده تعالى وأنهم إنما يفعلونه بمشيئته تعالى إياه منهم مع اعترافهم بقبحه حتى ينتهض ذمهم به دليلا للمعتزلة ومبنى كلامهم الباطل على مقدمتين إحداهما إن عبادتهم لهم بمشيئته تعالى والثانية أن ذلك مستلزم لكونها مرضية عنده تعالى ولقد أخطأوا في الثانية حيث جهلوا أن المشيئة عبارة عن ارجيح بعض الممكنات على بعض كائنا ما كان من غير اعتبار الرضا أو السخط في شيء من الطرفين ولذلك جهلوا بقوله تعالى مالهم بذلك أى بما أرادوا بقولهم ذلك من كون ما فعلوه بمشيئته الارتضاء لا بمطلق المشيئة فإن ذلك محقق ينطق به ما لا يحصى من الآيات الكريمة من علم يستند الى سند ما إن هم إلا يخرصون يمتحلون تمحلون باطلا وقد جوز أن يشر بذلك إلى أصل الدعوى كأنه لما أظهر وجوه فسادها وحكى شبههم المزيفة نفى أن يكون لهم بها علم من طريق العقل ثم أضرب عنه الى أبطال إن يكون لهم سند من جهة النقل فقيل ٢١ أم آتيناهم كتبابا من قبله من قبل القرآن أو من قبل ادعائهم ينطق بصحة ما يدعونه فهم به بذلك الكتاب مستمسكون وعليه معولون ٢٢ بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثرهم مهتدون أى لم يأتوا بحجة عقلية أو نقلية بل اعترفوا بأن لا سند لهم سوى تقليد أبائهم الجهلة مثلهم والأمة الدين والطريقة التي تأم أى تقصد كالرحلة لما يرحل إليه وقرىء إمة بالكسر وهي الحالة التي يكون عليها الآم أى القاصد وقوله تعالى على آثارهم مهتدون خبران والظرف صله لمهتدون ٢٣ وكذلك أى والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبثهم بذيل التقليد وقوله تعالى ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفواها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون استئناف مبين لذلك دال على التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لأسلافهم أيضا سند غيره وتخصيص المترفين بتلك المقالة للإيذان بأن التنعم وحب البطالة هو الذى صرفهم عن النظر الى التقليد قال حكاية لما جرى بين المنذرين وبين أممهم عند تعللّهم بتقليد آبائهم أى ٢٤ قال كل نذير من أولئك المنذرين لأممهم أولو جئتكم أى أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم بأهدى بدين أهدى مما وجدتم عليه آباءكم من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء وإنما عبر عنها بذلك مجاراة معهم على مسلك الإنصاف وقرىء قل على انه حكاية أمر ماض أوحى حينئذ الى كل نذير لا على انه خطاب للرسول صلى اللّه عليه و سلم كما قيل لقوله تعالى قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون فإنه حكاية عن الأمم قطعا أى قال كل امة لنذيرها إنا بما أرسلت به الاخ وقد أجمل عند الحكاية للإيجاز كما مر في قوله تعالى يأيها الرسل كلوا من الطيبات وجعله حكاية عن قومه عليه الصلاة و السلام بحمل صيفة الجمع على تغليبه على سائر المنذرين عليهم السلام وتوجيه كفرهم الى ما أرسل به الكل من التوحيد لإجماعهم عليه كما في نظائر قوله تعالى كذبت عاد المرسلين تمحل بعيد يرده بالكلية قوله تعالى ٢٥ فانتقمنا منهم أى بالاستئصال فانظر كيف كان عاقبة المكذبين من الأمم المذورين فلا تكترث بتكذيب قومك ٢٦ وإذ قال إبراهيم اى واذكر لهم وقت قوله عليه الصلاة و السلام لأبيه وقومه المكبين على التقليد كيف تبرأ مما هم فيه بقوله إنني براء مما تعبدون وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلكه في الاستدلال أو ليقلدوه إن لم يكن لهم بد من التلقيد فإنه أشرف آبائهم وبراء مصدر نعت به مبالغة ولذلك يتسوى فيه الواحد والمتعدد والمذكور والمؤنث وقرىء بريء وبراء بضم الباء ككريم وكرام وما إما مصدرية أو موصولة حذف عائدها الى إننى برىء من عبادتكم أو معبودكم ٢٧ إلا الذى فطرني استثناء منقطع أو متصل على ان ما تعم أولى العلم وغيرهم وأنهم كانوا يعبدون اللّه والأصنام أو صفة على ان ما موصوفة أى إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني فإنه سيهدون أي سيثبتني على الهداية أو سيهدين الى ما وراء الذى هداني إليه الى الآن والأوجه أن السين للتأكيد دون التسويق وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار ٢٨ وجعلها أى جعل إبراهيم كلمة التوحيد التي ما تكلم به عبارة عنها كلمة باقية في عقبه أى في ذريته حيث وصاهم بها كما نطق به قوله تعالى ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب الآية فلا يزال فيهم من يوحد اللّه تعالى ويدعو الى توحيده وقرىء كلمة وفي عقبه على التخفيف لعلهم يرجعون علة للجعل أى جعلها باقية في عقله رجاء أن يرجع إليها من أشرك منهم بدعاء الموحد ٢٩ بل متعت هؤلاء إضراب عن محذوف ينساق إليه الكلام كأنه قيل جعلها كلمة باقية في عقبه بأن وصى بها بنيه رجاء أن يرجع إليها من أشرك منهم بدعاء الموحد فلم يحصل ما رجاه بل متعت منهم هؤلاء المعاصرين للرسول صلى اللّه عليه سولم من أهل مكة وآياءهم بالمد في العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة وانهمكوا في الشهوات وشغلوا بها عن كلمة التوحيد حتى جاءهم أى هؤلاء الحق اى اقرآن ورسول أى رسول مبين ظاهر الرسالة واضحها بامعجزات الباهرة أو مبين لتوحيد بآيات البينات والحجج وقرىء متعنا ومتعت بالخطاب على انه تعالى اعترض به على ذاته في قوله تعلى وجعلها كلمة باقية الخ مبالغة فى تعبيرهم فإن التمتيع بزيادة النعم يوجب عليهم أن يجعلوه سببا لزيادة الشكر والثبات على التوحيد والإيمان فجعله سببا لزيادة الكفر أن أقصى مراتب الكفر والضلالة ٣٠ ولما جاءهم الحق لينبههم عما هم فيه من الغفلة ويرشدهم الى التوحيد ازدادوا كفرا وعتوا وضموا الى كفرهم السابق معاندة الحق ولاستهانة به حيث قالوا هذا سحر وإنا به كافرون فسموا القرآن سحرا وكفروا به واسحقروا الرسول صلى اللّه عليه و سلم ٣١ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين أي من إحدى القريتين مكة والطائف على نهج قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان عظيم أى بالجاه والمال كالوليد بن المغيرة المخزومي وعروة بن مسعود الثقفي وقيل حبيب بن عمر بن عمر الثقفي وعن مجاهد عيبة بن ربيعة وكنانة بن عبد ياليل ولم تفوهوا بهذه العظيمة حسدا على نزوله الى رسول صلى اللّه عليه و سلم دون من ذكر من عظمائهم مع اعترافهم بقرآنيته بل استدلالا على عدمها بمعنى أنه لو كان قرآنا لنزل الى أحد هؤلاء بناء على ما زعموا من أن الرسالة منصب جليل لا يليق به إلا من له جلالة من حيث المال والجاه ولم يدروا أنها رتبة روحانية لا يترقى إليها إلا همم الخواص المختصين بالنفوس الزكية المؤيدين بالقوة القدسية المتحلين بالفضائل الإنسية وأما المتزخرفون باالزخارف الدنيويةالمستمتعون بالحظوظ الدنية فهم من استحقاق تلك الرتبة بألف منزلوقوله تعالى ٣٢ أهم يقسمون رحمت ربك إنكار فيه تجهيل لهم وتعجيب من تحكمهم والمراد بالرحمة النبوة نحن قسمنا بينهم معيشتهم أى أسباب معيشتهم فى الحياة الدنيا قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح ولم نفوض أمرها إليهم علما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية ورفعنا بعضهم فوق بعض في الرزق وسائر مبادى المعاش درجات متفاوتة بحسب القرب والبعد حسبما تقتضيه الحكمة فمن ضعيف وقوى وفقير وغنى وخادم ومخدوم وحاكم ومحكوم ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ليصرف بعضهم بعضا في مصالحهم ويستخدموهم في مهنهم ويتسخروهم في أشغالهم حتى يتعايشوا ويترافدوا ويصلوا الى مرافقهم لا لكمال في الموسع ولا لنقص في المقتر ولو فرضنا ذلك الى تدبيرهم لضاعوا وهلكوا فإذا كانوا في تدبير خويصة أمرهم وما يصلحهم من متاع الدنيا الدنيئة وهو في طرف الثمام على هذه الحالة فما ظنهم بأنفسهم في تدبير أمر الدين وهو أبعد من مناط العيوق ومن أين لهم البحث عن أمر النبوة والتخير لها من يصلح لها ويقوم بامرها ورحمت ربك أى النبوة وما يتبعها من سعادة الدارين خير مما يجمعون من حطام الدنيا الدنيئة الفانية وقوله تعالى ٣٣ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة استئناف مبين لحقارة متاع الدنيا ودناءة قدره عند اللّه عز و جل والمعنى أن حقارة شأنه بحيث لولا أن لا يرغب الناس لحبهم الدنيا في الكفر إذا رأوا أهله في سعة وتنعم فيجتمعوا عليه لأعطيناه بحذافيره من هو شر الخلائق وأدناهم منزلة وذلك قوله تعالى لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة أى متخذة منها ولبيوتهم بدل اشتمال من لمن وجمع الضمير باعتبار معنى من كما أن أفراد المستكن فى يكفر باعتبار لفظها والسقف جمع سقف كرهن جمع رهن وعن الفراء جمع سقيفة كسفن وسفينة وقرىء سقفا بسكون القاف تخفيفا وسقف اكتافء بجمع البيوت وسقفا كأنه لغة في سقف وسقوفا ومعارج أى جعلنا لهم معرج من فضة أى مصاعد جمع معرج وقرىء معاريج جمع معراج عليها يظهرون أى يعلون السطوح والعلالى ٣٤ ولبيوتهم أى وجعلنا لبيوتهم أبوابا وسررا من فضة عليها أى على السرر يتكئون ولعل تكرير ذكر بيوتهم لزيادة التقرير ٣٥ وزخرفا أى زينة عطف على سقفا أو ذهبا عطف على محل من فضة وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا أى وما كل ما ذكر من البيوت الموصوفه المفصلة إلا شيء يتمتع به في الحياة الدنيا وفي معناه ما قرىء وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا وقرىء بتخفيف ما على أن أن هى المخففة واللام هى الفارقة وقرىء بكسر اللام على أنها لام العلة وما موصولة قد حذف عائدها أى للذي هو متاع الخ كما في قوله تعالى تماما على الذى أحسن والآخرة بما فيها من فنون النعم التي يقصر عنها البيان عند ربك للمتقين أى عن الكفر والمعاصى وبهذا تبين أن العظيم هو العظيم في الآخرة لا في الدنيا ٣٦ ومن يعش أى يتعام عن ذكر الرحمن وهو القرآن وإضافته الى اسم الرحمن للإيذان بنزوله رحمة للعالمين وقرىء يعش بالفتح أى يعم يقال عشى يعشى إذا كان في بصره آفة وعشا يعشو إذا تعشى بلا آفة كعرج وعرج وقرىء يعشو على من موصولة غير مضمنة معنى الشرط والمعنى ومن يعرض عنه لفرط اشتغاله بزهرة الحياة الدنيا وانهماكه في حظوطها الفانية والشهوات نقيض له شيطانا فهو له قرين لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه وقرىء يقيض بالياء على إسناده الى ضمير الرحمن ومن رفع يعشو فحقه أن يرفع يقيض ٣٧ وإنهم أى الشياطين الذين قيض كل واحد منهم لكل واحد ممن يعشو ل يصونهم أى قرناءهم فمدار جمع الضميرين اعتار معنى من كما أن مدار إفراد الضمائر السابقة اعتبار لفظها عن السبيل المستبين الذى يدعو إليه القرآن ويحسبون أى العاشون أنهم أى الشياطين مهتدون أى الى السبيل المستقيم وإلا لما أتبعوهم أو يحسبون أن أنفسهم مهتدون لأن اعتقاد كون الشياطين مهتدين مستلزم لاعتقاد كونهم كذلك لاتحاد مسلكهما والجملة حال من مفعول يصدون بتقدير المبتدأ أو من فاعله أو منهما لاشتمالها على ضميريهما أى وإنهم ليصدونهم عن الطريق الحق وهم يحسبون أنهم مهتدون إليه وصيغة المضارع في الأفعال الأربعة للدلالة على الاستمرار التجديدية لقوله تعالى ٣٨ حتى إذا جاءنا فإن حتى وإن كانت ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية لكنها تقتضى حتما أن تكون غاية لأمر ممتد كما مر مرار وإفراد الضمير في جاء وما بعده لما أن المراد حكاية مقالة كل واحد واحد من العاشين لقرينه لتهويل الأمر وتفضيع الحال والمعنى يستمر العاشون على ما ذكر من مقارنة الشياطين والصدر والحسبان الباطل حتى إذا جاءنا كل واحد منهم مع قرينه يوم القيامة قال مخاطبا له ياليتي بيني وبينك في الدنيا بعد المشرقين أى بعد المشرق والمغرب أى تباعد كل منهما عن الآخر فغلب المشرق وثنى وأضيف البعد إليهما فبئس القرين أى أنت وقوله تعالى ٣٩ ولن ينفعكم الخ حكاية لما سيقال لهم حينئذ من جهة اللّه عز و جل توبيخا وتقريعا أى لن ينفعكم اليوم أى يوم القيامة تمنيكم لمباعدتهم إذ ظلمتم اى لأجل ظلمكم أنفسكم في الدنيا باتباعكم إياهم في الكفر والمعاصى وقيل إذ ظلمتم بدل من اليوم إى إذ تبين عندكم وعند الناس جميعا أ نكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا وعليه قول من قال إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة أى تبين أنى لم تلدني لئيمة بل كريمة وقوله تعالى أنكم في العذاب مشتركون تعليل لنفى النفع أى لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه في الدنيا ويجوز أن يسند الفعل إليه لكن لا بمعنى لن ينفعكم أشتراككم في العذاب كما ينفع الواقعين في شدائد الدنيا اشتراكهم فيها لتعاونهم في تحمل أعبائها وتقسمهم لعنائها لأن لكل منهم مالا تبلغه طاقته كما قيل لأن الانتفاع بذلك الوجه ليس مما يخطر ببالهم حتى يرد عليهم بنفيه بل بمعنى لن يحصل لكم التشفي يكون قرنائكم معذبين مثلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم ربنا آتهم ضعفين من العذاب ولعنهم لعنا كبيرا وقولكم فآتهم عذابا ضعفا من النار ونظائرهما لتتشفوا بذلك كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يبالغ في المجاهدة في دعاء قومه وهم لا يزيدون إلا غيا وتعاميا عما يشاهدونه في شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزل ٤٠ أفأنت تسمع الصم أو تهدى العمى وهو إنكار تعجيب من ان يكون هو الذى يقدر على هدايتهم وهم قد تمرنوا في الكفر واستغرقوا في الضلالة بحيث صار ما بهم من العشى عمى مقرونا بالصمم ومن كان في ضلال مبين عطف على العمى باعتبا تغاير الوصفين ومدار الإنكار هو التمكن والاستقرار في اضلال المفرط بحيث لا ارعواء له منه لا توهم القصور من قبل الهادى ففيه رمز الى انه لا يقدر على ذلك إلا اللّه تعالى وحده بالقسر والإلجاء ٤١ فإما نذهبن بك أى فإن قبضناك قبل أن نبصرك عذابهم ونشفي بذلك صدرك وصدور المؤمنين فإنا منتقمون لا محالة في الدينا والآخرة فما مزيدة للتأكيد بمنزلة لام القسم في أنها لا تفارق النون المؤكدة ٤٢ أو نرينك الاذى الذي وعدناهم أى أو أردنا أن نريك العذاب الذى وعدناهم فإنا عليهم مقتدون بحيث لا مناص لهم من تحت ملكتنا وقهرنا ولقد أراه عليه السلام ذلك يوم بدر ٤٣ فاستمسك بالذى أوحى إليك من الآيات والشرائع سواء عجلنا لك الموعود أو أخرناه الى يوم الآخرة وقرىء أوحى على البناء للفاعل وهو اللّه عز و جل إنك على صراط مستقيم تعليل للاستمساك أو للأمر به ٤٤ وإنه لذكر لشرف عظيم لك ولقومك وسوف تسألون يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه ٤٥ واسألمن أرسلنا من قبلك من رسلنا أى واسأل أممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك وفائدة هذا المجاز التنبيه على ان المسؤل عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل لا ما يقوله أممهم وعلماؤهم من تلقاء أنفسهم قال الفراء هم إنما يخبرونه عن كتاب الرسل فإذا اسألهم فكأنه سأل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون أى هل حكمنا بعبادة الأوثان وهل جاءت في ملة من مللّهم والمراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد والتنبيه على انه ليس ببدع ايبتدعه حتى يكذب ويعادى ٤٦ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا ملتبس بها إلى فرعون وملإه فقال إني رسول رب العاليمن أريد باقتصاصه تسلية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم والاستشهاد بدعوة موسى عليه السلام الى التوحيد إثر ما أشير إلى إجماع جميع الرسل عليهم السلام عليه ٤٧ فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون أى فاجؤا وقت ضحكهم منها أى استهزؤا بها أو ما رأوها ولم يتأملوا فيها ٤٨ وما نريهم من آية من الآيات إلا هي أكبر من اختها إلا وهى بالغة أقصى مراتب الإعجاز بحيث يحسب كل من ينظر إليها أنها أكبر من كل ما يقاس بها من الايات والمراد وصف الكل بغاية الكبر من غير ملاحظة قصور في شيء منها او إلا وهى مختصة بضرب من الإعجاز مفضلة بذلك الاعتبار على غيرها وأخذناهم بالعذاب كالسنين والطوفان والجراد وغيرها لعلهم يرجعون لكى يرجعوا عما هم عليه من الكفر ٤٩ وقالوا يأيها الساحر نادوه بذلك في مثل تلك الحال لغاية عتوهم ونهاية حماقتهم وقيل كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لاستعظامهم علم السحر وقرىء أية الساحر بضم الهاء ادع لنا ربك ليكشسف عنا العذاب بما عهد عندك بعهده عندك من النبوة أو من استجابة دعوتك أو من كشف العذاب عمن اهتدى أو بما عهد عندك فوفيت به من الإيمان والطاعة إننا لمهتدون أى لمؤمنون على تقدير كشف العذاب عنا بدعوتك كقولهم لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ٥٠ فلما كشفنا عنهم العذاب بدعوته إذا هم ينكثون فاجؤا وقت نكث عهدهم بالاهتداء وقد مر تفصيله في الأعراف ٥١ ونادى فرعون بنفسه أو بمناديه فى قومه فى مجمعهم وفيما بينهم بعد أن كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمنوا قال ياقوم أليس لى ملك مصر وهذه الآنهار أنها النيل ومعظمها أربعة أنهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس تجرى من تحتى أى من تحت قصرى أو أمرى وقيل من تحت سريري لارتفاعه وقيل بين يدي في جناني وبساتيني الواو إما عطفة لهذه الأنهار على ملك مصر فتجرى حال منها او للحال فهذه مبتدأ والأنهار صفتها وتجرى خبر للمتبدأ أفلا تبصرون ذلك يريد به استعظام ملكه ٥٢ أم انا خير مع هذه المملكة والبسطة من هذا الذى هو مهين ضعيف حقير من المهابة وهي القلة ولا يكاد يبين أى الكلام قاله افتراء عليه عليه السلام وتنقيصه عليه السلام فى أعين الناس باعتبار ما كان في لسانه عليه السلام من نوع رتة وقد كانت ذهبت عنه لقوله تعالى قد أوتيت سؤلك وأم إما منقطعة والهمزة للتقرير كأنه قال إثر ما عدد أسباب فضله ومبادى خيريته أثبت عندكم واستقر لديكم أنى أنا خير وهذه حالى من هذا الخ وأما متصلة فالمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون خلا أنه وضع قوله أنا خير موضع تبصرون لأنهم إذا قالوا له أنت خير فهم عنده بصراء وهذا من باب تنزيل السبب منزلة المسبب ويجوز أن يجعل من تنزيل المسبب منزلة السبب فإن أبصارهم لما ذكر من اسباب فضله سبب على زعمه لحكمهم بخيريته ٥٣ فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب أى فهلا ألقى إليه مقاليد الملك إن كان صادقا لما أنهم كانوا إذا سودوا رجلا سوره وطوقوه بطوق من ذهب واسورة جمع سوار وقرىء أساور جمع أسوار بمعنى السوار على تعويض التاء من ياء أساوير وقد قرىء كذلك وقرىء ألقى عليه أسورة وأساور على البناء للفاعل وهو اللّه تعالى أو جاء معه الملائكة مقترنين مقرونين يعينونه أو يصدقونه من قرنته به فاقترن أو متقارنين من اقتران بمعنى تقارن ٥٤ فاستخف قومه فاستقرهم وطلب منهم الخفة في مطاوعته أو فاستخف أحلامهم فأطاعوه فيما أمرهم به إنهم كانوا قوما فاسقين فذلك سارعوا الى طاعة ذلك الفاسق الغوى ٥٥ فلما آسفونا أى أغضبونا أشد الغضب منقول من أسف إذا أشتد اغضبه انتقمنا منهم فأغرقناهم اجمعين في اليم ٥٦ فجعلناهم سلفا قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم في استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب وهو إما مصدر نعت به أو جمع سالف كخدم جمع خادم وقرىء بضم السين واللام على انه جمع سليف أى فريق قد سلف كرغف أو سالف كصبر أو سلف كأسد وقرىء سلفا بإبدال ضمة اللام فتحة أو على أنه جمع سلفة أى ثلة قد سلفت ومثلا للآخرين الى أي عظة لهم أو قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال مثلكم مثل قوم فرعون ٥٧ ولما ضرب ابن مريم مثلا أى ضربة ابن الزبعري حين جادل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في قوله تعالى إنكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم حيث قال أهذا لنا ولآلهتنا أو جميع الأمم فقال عليه الصلاة و السلام هو لكم ولآهلتكم ولجميع الأمم فقال ألا للعين خصمتك ورب الكعبة أليس النصارى يعبدون المسيح واليهود عزيرا وبنو مليح الملائكة فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ففرح به قومه وضحكوا وارتفعت أصواتهم وذلك قوله تعالى إذا قومك منه أى من ذلك المثل يصدون أى يرتفع لهم جلية وضجيج فرحا وجدلا وقرى يصدون أى من اجل ذلك المثل يعرضون عن الحق أى يثبتون على ما كانوا عليه من الأعتراض أو يزدادون فيه وقيل هو ايضا من الصديد وهما لغتنا فيه نحو يعكف ويعكف وهو الأنسب بمعنى المفأجاة ٥٨ وقالوا أآلهتنا خير أم هو حكاية لطرف من المثل المضروب قالوه تمهيدا لما بنوا عليه من الباطل المموه بما يغتربه السفهاء أى ظاهر أن عيسى خير من آلهتنا فحيث كان هو في النار فلا بأس بكوننا مع آلهتنا فيها واعلم ان ما نقل عنهم من الفرح ورفع الأصوات لم يكن لما قيل من أنه عليه الصلاة و السلام سكت عند ذلك الى ان نزل قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية فإن ذلك مع إيهامه لما يجب تنزيه ساحته عليه الصلاة و السلام عنه من شائبة الإفحان من أول الأمر خلاف الواقع كيف لا وقد روى أن قول أبن الزبعري خصمتك ورب الكعبة صدر عنه من أول الأمر عند سماع الآية الكريمة فرد عليه النبي صلى اللّه عليه و سلم بقوله عليه السلام ما أجهلك بغلة قومك أما فهمت أن حالم لا يعقل وإنما لم يخص عليه السلام هذا الحكم بآلهتهم حين سأل الفاجر عن المخصوص والعموم عملا من اختصاص كله ما بغير العقلاء لأن إخراج بعض المعبودين عنه عند الحاجة موهم للرخصة في عبادته في الجملة فعممه عليه السلام للكل لكن لا بطريق عبارة النص بل بطريق الدلالة بجامع الاشتراك في المعبودية من دون اللّه تعالى ثم بين عليه الصلاة و السلام بقوله بل هم عبدو الشياطين التي أمرتهم بذلك أن الملائكة والمسيح بمعزل من ان يكونوا معبوديهم كما نطق به قوله تعالى سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون لجن الآية وقد مر تحقيق المقام عند قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية بل إنما كان ما أظهروه من الأحوال المنكرة لمحض وقاحتهم وتهالكهم على المكابرة والعناد كما ينطق به قوله تعالى ما ضربوه لك إلا جدلا أى ماضربوا لك وذلك المثل إلا لأجل الجدال والخصام لا لطلب الحق حتى يذعنوا له عند ظهوره ببيانك بل هم قوم خصمون أى لد شداد الخصومة مجبولون على المحك واللجاج وقيلا لما سمعوا قوله تعالى إن مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من تراب قالوا نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدميا ونحن نعبد الملائكة فنزلت فقولهم أآلهتنا خير أم هو حينئذ تفضيل لآلهتهم على عيسى عليه السلام لأن المراد بهم الملائكة ومعنى ما ضربوه الخ ما قالوا هذا القول إلا للجدل وقيل لمانزلت إن مثل عيسى الآية قالوا ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده وأنه يستأهل أن يعبد وإن كان بشرا كما عبدت النصارى المسيح وهو بشر ومعنى يصدون يضجون ويضجرون والضمير في أم هو لمحمد عليه الصلاة و السلام وغرضهم بالموازنة بينه عليه السلام وبين آلهتمهم الاستهزاء به وقد جوز أن يكون مرادهم التنصل عما أنكر عليهم من قولهم الملائكة بنات اللّه تعالى ومن عبادتهم لهم كأنهم قالوا ما قلنا بدعا من القول ولا فعلنا منكر آمن الفعل فإن النصارى جعلوا المسيح ابن اللّه وعبدوه فنحن أشف منهم قولا وفعلا حيث نسبنا إليه الملائكة وهم نسبوا إليه الأناسى فقوله تعالى ٥٩ إن هو إلا عبد أنعمنا عليه أى بالنبوة وجعلناه مثلا لبني إسرائيل أى أمرا عجيبا حقيقا بأن يسير ذكره كالآمثال السائرة على الوجه الأول استئناف مسوق لتنزيهه عليه السلام عن أن ينسب إليه ما نسب إلى الأصنام بطريق الرمز كما نطق به صريحا قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية وفيه تنبيه على بطلان راى من رفعه عن رتبة العبودية وتعريض بفساد رأى من يرى رأيهم في شأن الملائكة وعلى الثاني والرابح لبيان أنه قياس باطل بباطل أو بأبطل على زعمهم وما عيسى إلا عبد كسائر العبيد قصارى أمره أنه ممن أنعمنا عليهم بالنبوة وخصصناه ببعض الخواص البديعة بأن خلقناه بوجه بديع وقد خلقنا آدم بوجه أبدع منه فأين هو من رتبة الربوبية ومن أين يتوهم صحة مذهب عبدته حتى يفتخر عبدة الملائكة بكونهم أهدى منهم أو يعتذروا بأن حالهم أشف أو أخف من حالهم وأما على الوجه الثالث فهو لردهم وتكذيبهم في افترائهم على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ببيان أن عيسى فى الحقيقة وفيما أوحى الى الرسول عليهما الصلاة والسلام ليس إلا أنه عبد منعم عليه كما ذكر فكيف يرصى عليه السلام معبوديته أو كيف يتوهم الرضا بمعبودية نفسه وقوله تعالى ٦٠ ولو نشاء الخ لتحقيق أن مثل عيسى عليه السلام ليس ببدع من قدرة اللّه وأنه تعالى قادر على أبدع من ذلك وأبرع مع التنبيه على سقوط الملائكة أيضا من درجة المعبودية اى قدرتنا بحيث لو نشاء لجعلنا أى لخلقنا بطريق التوالد منكم وأنتم رجال ليس من شأنكم الولادة ملائكة كما خلقناهم بطريق الإبداع فى الأرض مستقرين فيها كما جعلناهم مستقرين في السماء يخلفون أى يخلفونكم مثل أولادكم فيما تأتون وما تذرون ويباشرون الأفاعيل المنوطة بمباشرتكم مع أن شأنهم التسبيح والتقديس في السماء فمن شأنهم بهذه المثابة بالنسبة الى القدرة الربانية كيف يتوهم استحقاقهم للمعبودية أو انتسابهم إليه تعالى عن ذلك علوا ٦١ وإنه وإن عيسى لعلم للساعة أى إنه بنزوله شرط من اشراطها وتسميته علما لحصوله به أو بحدوثه بغير أب أو بإحياته الموتى دليل على صحة البعث الذي هو معظم ما ينكره الكفرة من الأمور الواقعة في الساعة وقرىء لعلم أى علامة وقرىء للعلم وقرىء لذكر على تسمية ما يذكر به ذكرا كتسمية ما يعلم به علما وفي الحديث أن عيسى عليه السلام ينزل على ثنية بالأرض المقدسة يقال لها أفيف وعليه نصرتان وبيده حربه وبها يقتل الدجال فأتى بيت المقدس والناس في صلاة الصبح فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى عليه السلام ويصلى خلفه على شريعة محمد صلى اللّه عليه و سلم ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن به وقيل الضمير للقرآن لما أن فيه الإعلام بالساعة فلا تمترن بها فلا تشكن في وقوعها واتبعون أى واتبعوا هداى أو شرعى أو رسولى وقيل هو قول الرسول مأمورا من جهته تعالى هذا أى الذى أدعوكم إليه أو القرآن على أن الضمير في أنه له ضراط مستقيم موصل الى الحق ٦٢ ولا يصدنكم الشيطان عن اتباعي إنه لكم عدو مبين بين العداوة حيث أخرج أباكم من الجنة وعرضكم للبلية ٦٣ ولما جاء عيسى بالبينات أى بالمعجزات أو بآيات الإنجيل أو بالشرائع الواضحات قال لبني إسرائيل قد جئتكم بالحكمة أى الإنجيل أو الشريعة ولأبين لكم عكف على مقدر ينبىء عنه المجىء بالحكمة كأنه قيل قد جئتكم بالحكمة لأعلمكم إياها ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه وهو ما يتعلق بأمور الدين وأما ما يتعلق بأمور الدنيا فليس بيانه من وظائف الأنبياء عليهم السلام كما قال عليه السلام أنتم أعلم بأمور دنياكم فاتقوا اللّه في مخالفتي وأطيعون فيما أبلغه عنه تعالى ٦٤ إن اللّه هو ربى وربكم فاعبدوه بيان لما أمرهم بالطاعة فيه وهو اعتقاد التوحيد والتعبد بالشرائع هذا أى التوحيد والتعبد باللشرائع صراط مستفيم لا يضل سالكه وهو إما من تتمة كلامه عليه السلام أو استئناف من جهته تعالى مقرر لمقالة عيسى عليه السلام ٦٥ فاختلف الأحزاب الفرق المتحزبة من بينهم أى من بين من بعث إليهم من اليهود والنصرى فويل للذين ظلموا من المختلفين من عذاب يوم أليم هو يوم القيامة ٦٦ هل ينظرون أى ما ينتظر الناس إلا الساعة أن تأتيهم أى إلا إتيان الساعة ب غتة أى فجأة لكن لا عند كونهم مترقبين لها بل غافلين عنها مشتغلين بأمور الدنيا منكرين لها وذلك قوله تعالى وهم لا يشعرون ٦٧ الأخلاء المتحابون في الدنيا على الإطلاق أو في الأمور الدنيوية يومئذ يوم إذ تأتيهم الساعة بعضهم لبعض عدو لانقطاع ما بينهم عن علائق الخلة والتحاب لهور كونها أسبابا للعذاب إلا المتقين فإن خلتهم في الدنيا لما كانت في اللّه تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار خلتهم من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الأول متصل وعلى الثاني منقطع ٦٨ يا عبادى لا خوف عليكم اليوم ولا انتم تحزنون حكاية لما ينادى به المتقون المتاحبون في اللّه يومئذ تشريفا لهم وتطيبا لقلوبهم ٦٩ الذين آمنوا بأياتنا صفة للمنادى أو نصب على المدح وكانوا مسلمين أى مخلصين وجوههم لنا جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا وهو حال من واو آمنوا عن مقاتل إذا بعث اللّه الناس فزع كل احد فينادى مناد يا عبداى فيرفع الخلائق رؤسهم على الرجاء ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس أهل الأديان الباطلة رؤسهم ٧٠ أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم نسؤكم المؤمنات تحبرون تسرون سرورا يظهر حباره أى أثره على وجوهكم أو تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة أو تكرمون إكراما بليغا والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل ٧١ يطاف عليهم بعد دخولهم الجنة حسبما أمروا به بصحاف من ذهب وأكواب كذلك والصحاف جمع صحفة قيل هي كالقصعة وقيل أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة ثم المكيلة والأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له وفيها أى في الجنة ما تشتهيه الأنفس من فنون الملاذ وقرىء ما تشتهى وتلذ الأعين أى تستلذه وتقر بمشاهدته وقرىء وتلذه وانتم فيها خالدون إتمام للنعمة وإكمال للسرور فإن كل نعيم له زوال بالآخرة مقارن لخوفه لا محالة والالتفات للتشريف ٧٢ وتلك الجنة مبتدأ وخبر التى أورثتموها وقرىء ورثتموها بما كنتم تعلمون في الدنيا من الأعمال الصالحة شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه العامل عليه وقيل تلك الجنة مبتدأ وصفه والموصول مع صلته خبره وقيل هو صفة الجنة كالوجه الأول والخبر بما كنتم تعلمون فتتعلق الباء بمحذوف لا بأورثتموها كما ففبي الأولين ٧٣ لكم فيها فاكهة كثيرة بحسب الأنواع والأصناف لا بحسب الأفردا فقط منها تأكلون أى بعضها تأكلون في كل نوبة وأما الباقى فعلى الأشجار على الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار أبدا موقرة بها وعن النبي صلى اللّه عليه و سلم لا ينزع رجل في الحنة من ثمرها إلا نبت مثلاها مكانها ٧٤ إن المجرمين أى الرسخون في الإجرام وهم الكفار حسبما بنيىء عنه إيرادهم في مقابلة المؤمنين بالآيات في عذاب جهنم خالدون خبر إن أو خالدون هو الخبر وفي متعلقة به ٧٥ لا يفتر عنهم أى لا يخفف العذاب عنهم من قولهم فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا والتركيب للضعف وهم فيه اى في العذاب وقرىء فيها أي في النار مبلسون آيسون من النجاة ٧٦ وما ظلمناهم بذلك ولكن كانوا هم الظالمين لتعريضهم انفسهم للعذاب الخالد ٧٧ ونادوا خازن النار يا مالك وقرىء يا مال على الترخيم بالضم والكسر ولعله رمز الى ضعفهم وعجزهم عن تأدية اللفظ بتمامه ليقض علينا ربك أى ليمتنا حتى نستريح من قضى عليه إذا أماته والمعنى سل ربك أن يقضى علينا وهذا لا ينافى ما ذكر من إبلاسهم لأنه جؤار وتمن للموت لفرط الشدة قال إنكم ماكثون أى في العذاب أبدا لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه لا يجيبهم إلا بعد ألف سنة وقيل بعد مائة وقيل بعد أربعين سنة ٧٨ لقد جئناكم بالحق في الدنيا بإرسال الرسل واتزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة اللّه تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وقيل في قال ضمير اللّه تعالى ولكن أكثركم للحق أى حق كان كارهون لا يقبلونه وينفرون عنه أما الحق المعهود الذى هو التوحيد أو القرآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه ٧٩ أم أبرموا أمرا كلام مبتدأ ناع على المشركين ما فعلوا من الكد برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وأم منطقة وما فيها من معنى بل للانتقال من توبيخ أهل النار الى حكاية جناية هؤلاء والهمزة للإنكار فإن أريد بالإبرام الأحكام حقيقة فهي لأنكار الوقوع واستبعاده وإن أريد الأحكام صورة فهي لأنكار الواقع واستقباحه أى أابرم مشركو مكة أمرا من كيدهم ومكرهم برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فإنا مبرمون كيدنا حقيقة لاهم أو فإنا مبرمون كيدنا بهم حقيقة كام ابرموا أكيدهم صورة كقوله تعالى ام يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون وكانوا يتناجون في أنديتهم ويتشاورون في أموره عليه الصلاة و السلام ٨٠ أم يحسبون أى بل أيحسبون أنا لا نسمع سرهم وهو ما حدثوا به أنفسهم أو غيرهم في مكان خال نجواهم أى ما تكلموا به فيما بينهم بطريق التناجي بل نحن نسمعهما ونطلع عليهما ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ويلازمونهم أينما كانوا لديهم عندهم يكتبون أى يكتبونهما أو يكتبون كل ما صدر عنهم من الأفعال والأقوال التي من جملتها ما ذكر من سرهم ونجوهم والجملة إما عطف على ما يترجم عنه بلى أو حال أى نسمعها والحال أن رسلنا يكتبون ٨١ قل أى للكفرة تحقيقا للحق وتنبيها لهم على أن مخالفتك لهم بعدم عبداتك لما يعبدونه من الملائكة عليهم السلام ليست لبغضك وعداوتك لهم أو لمبعوديهم بل إنما هو لجزمك باتسحالة ما نسبوا إليهم وبنوا عليها عبادتهم من كونهم بنات اللّه تعالى إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين أى له وذلك لأنه عليه الصلاة و السلام أعلم الناس بشؤنه تعالى وبما تجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده وفيه من الدلالة على انتفاء كونهم كذلك على أبلغ الوجوه وأقواها وعلى كون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على قوة يقين وثبات قدم في باب التوحيد ما لا يخفى مع ما فيه من استنزال الكفرة عن رتبة المكابرة حسبما يعرب عنه إيراد أن مكان لو المنبئة عن امتناع مقدم الشرطية وقيل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فانا أول العابدين الموحدين للّه تعالى وقيل فأنا أول الآنفين أي المستنكفين منه أو من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتد أنفه وقيل إن نافية اى ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك وقرىء ولد ٨٢ سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون أى يصفونه به من أن يكون له ولد وفي إضافة اسم الرب الى اعظم الأجرام وأقواها تنبيه على انها وما فياه من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيته كيف يتوهم أن يكون شىء منها جزا منه سبحانه وفي تكرير اسم الرب تفخيم لشأن العرش ٨٣ فذرهم حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلي يخوضوا في أباطيلهم ويلعبوا في دنياهم فإن ما هم فيه من الأفعال والأقوال ليست إلا من باب الجهل واللعب والجزم في الفعل لجواب الأمر حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون من يوم القيامة فإنهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم ٨٤ وهو الذى في السماء إله وفي الأرض إله الظرفان متعلقان بالمعنى الوصفى الذى يتنبىء عنه الاسم الجليل من معنى المعبودية بالحق بناء على اختصاصه بالمعبود بالحق كما مر في تفسير البسملة كانه قيال وهو الذى مستحق لأن يعبد فيهما وقد مر تحقيقه في سورة الأنعام وقرىء وهو الذى في السماء اللّه وفي الأرض اللّه والراجع الى الموصول مبتدأ قد حذف لطول الصلة بمتعلق الخبر والعطف عليه ولا مساغ لكون الجار خبرا مقدما وإله مبتدأ مؤخر للزوم عراء الجملة حينئذ عن العائد نعم يجوز أن يكون صلة للموصول وإله خبرا لمبتدأ محذوف على ان الجملة بيان للصلة وأن كونه في السماء على سبيل الإلهية لا على سبيل الاستقرار وفيه نفى الآلهة السماوية والأرضية وتخصيص لاستحقاق الإلهية به تعالى وقوله تعالى وهو الحكيم العليم كالدليل على ما قبله ٨٥ وتبارك الذى له ملك السموات والأرض وما بينهما إما على الدوام كالهواء أو في بعض الأوقات كالطير وعنده علم الساعة أى العلم بالساعة التي فيها تقوم القيامة وإليه ترجعون للجزاء والالتفات للتهديد وقرىء على الغيبة وقرىء تحشرون بالتاء ٨٦ ولا يملك الذين يدعون أى يدعونهم وقرىء بالتاء مخففا ومشددا من دونه الشفاعة كما يزعمون إلا من شهد بالحق الذى هو التوحيد وهم يعلمون بما يشهدون به عن بصيرة وإيقان وإخلاص وجمع الضمير باعتبار معنى من كما أن الإفراد أولا باعتبار لفظها والاستثناء إما متصل والموصول عام لكل ما يعبد من دون اللّه أو منفصل على انه خاص بالأصنام ٨٧ ولئن سألتهم من خلقهم أى سألت العابدين والمبعودين ليقولن اللّه لتعذر الإنكار لغاية بطلانه فإني يؤفكون فكيف يصرفون عن عبادته الى عبادة غيره مع اعترافهم بكون الكل مخلوقا له تعالى ٨٨ وقيله بالجر إما على أنه عطف على الساعة أى عنده علم الساعة وعلم قوله عليه الصلاة و السلام يارب الخ فإن القول والقيل والقال كلها مصادر أو على ان الواو للقسم قوله تعالى إن هؤلاء قوم لا يؤمنون جوابه وفي الإقسام به من رفع شأنه عليه الصلاة و السلام وتفخيم دعائه والتجائه إليه تعالى ما لا يخفي وقرىء بالنصب بالعطف على سرهم أو على محل الساعة أو ضمير أو بإضمار فعله أو بتقدير فهل القسم وقرىء بالرفع على الابتداء والخبر ما بعده وقد جوز عطفه على علم الساعة ٨٩ فاصفح عنهم فأعرض عن دعوتهم واقنط عن إيمانهم وقل سلام أى أمرى تسلم منكم ومتاركة فسوف يعلمون حالهم البتة وإن تأخر ذلك وهو وعيد من اللّه تعالى لهم وتسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وقرىء تعلمون على انه داخل |
﴿ ٠ ﴾