ÓõæÑóÉõ ÇáúÌóÇËöíóÉö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÓóÈúÚñ æóËóáÇóËõæäó ÂíóÉð سورة الجاثيةسورة الجاثية مكية وهي سبع وثلاثون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١حم الكلام فيه كما مر في فاتحة سورة المؤمن فإن جعل اسما للسورة فمحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هذا مسمى بحم والإشارة إلى السورة قبل جريان ذكرها قد وقفت على سره مرارا وإن جعل مسرودا على نمط التعديد فلا حظ له من الإعراب وقوله تعالى ٢تنزيل الكتاب على الأول خبر بعد خبر على أنه مصدر أطلق على المفعول مبالغة وعلى الثاني خبر لمبتدأ مضمر يلوح وه ما قبله أي المؤلف من جنس ما ذكر تنزيل الكتاب وقيل هو خبر لحم أي المسمى به تنزيل الخ وقد مر مرارا أن الذي يجعل عنوانا للموضوع حقه أن يكون قبل ذلك معلوم الانتساب إليه وإذا لا عهد بالتسمية بعد فحقها الإخبار بها وأما جعله خبرا له بتقدير يعتد بها تمحل وقوله تعالى من اللّه العزيز الحكيم كما مر في صدر سورة الزمر على التفصيل وقيل حم مقسم به وتنزيل الكتاب صفته وجواب القسم قوله تعالى ٣إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وهو على الوجوه المتقدمة كلام مستأنف مسوق للتنبيه على الآيات التكوينية الآفاقية والأنفسية ومحل الآيات أما نفس السموات والأرض فإنهما منطويتان من فنون الآيات على ما يقصر عنه البيان وأما خلقهما كما في قوله تعالى إن في خلق السموات والأرض وهو الأوفق بقوله تعالى ٤وفي خلقكم أي من نطفة ثم من علقة متقلبة في أطوار مختلفة إلى تمام الخلق وما يثب من دابة عطف على المضاف دون المضاف إليه اي وفيما ينشره ويفرقه من دابة آيات بالرفع على أنه مبتدأ خبره الظرف المقدم والجمل معطوفة على ما قبلها كم الجملة المصدرة بأن وقيل آيات عطف على ما قبلها من آيات باعتبار المحل عند من يجوزه وقرئ الجاثية آية التوحيد وقرئ آيات بالنصب عطفا على ما قبلها من اسم إن والخبر كأنه قيل وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون أي من شأنهم أن يوقنوا بالأشياء على ما هي عليه ٥واختلاف الليل والنهار بالجر على إضمار الجار المذكور في الآيتين قبله وقد قرئ بذكره والمراد باختلافهما أما تعاقبهما طولا وقصرا وما أنزل اللّه من السماء عطف على اختلاف من رزق أي من مطر وهو سبب للرزق عبر عنه بذلك تنبيها على كونه آية من جهتي القدرة والرحمة فأحيا به الأرض بأن أخرج منها أصناف الزروع والثمرات والنبات بعد موتها وعرائها عن آثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها وخلو أشجارها عن الثمار وتصريف الرياح من جهة أخرى ومن حال إلى حال وقرئ بتوحيد الريح وتأخيره عن إنزال المطر مع تقدمه عليه في الوجود أما للإيذان بأنه آية مستقلة حيث لو روعي الترتيب الوجودي لربما توهم أن مجموع تصريف الرياح وإنزال المطر آية واحدة وأما لأن كون التصريف آية ليس لمجرد كونه مبدألإنشاء المطر بل له ولسائر المنافع التي من جملتها سوق السفن في البحار آيات لقوم يعقلون بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور والجملة معطوفة على ما قبلها وقرئ بالنصب على الاختصاص وقيل على أنها اسم إن والمجرور المتقدم خبرها بطريق العطف على معمولي عاملين مختلفين هما إن وفي أقيمت الواو مقامهما فعملت الجر في اختلاف والنصب في آيات وتنكير آيات في المواقع الثلاثة للتفخيم كما وكيفا واختلاف الفواصل لاختلاف مراتب الآيات في الدقة والجلاء ٦تلك آيات اللّه مبتدأ وخبر وقوله تعالى نتلوها عليك حال عاملها معنى الإشارة وقيل هو الخبر وآيات اللّه بدل أو عطف بيان بالحق حال من فاعل نتلو ومن مفعوله أي نتلوها محقين أو ملتبسة بالحق فبأي حديث من الأحاديث بعد اللّه وآياته أي بعد آيات اللّه وتقديم الاسم الجليل لتعظيمها كان في قولهم أعجبني زيد وكرمه أو بعد حديث اللّه الذي هو القرآن حسبما نطق به قوله تعالى نزل أحسن الحديث وهو المراد بآياته ومناط العطف التغاير العنواني يؤمنون بصيغة الغيبة وقرئ بالتار ٧ويل لكل أفاك كذاب أثيم كثر الآثام ٨يسمع آيات اللّه صفة أخرى لأفاك وقيل استئناف وقيل حال من الضمير في أثيم تتلى عليه حال من آيات اللّه ولا مساغ لجعله مفعولا ثانيا ليسمع لأن شرطه أن يكون ما بعده مما لا يسمع الجاثية كقوله سمعت زيدا يقرأ ثم يصر أي يقيم على كفره وأصله من إصرار الحمار على العانة مستكبرا عن الإيمان بما سمعه من آيات اللّه تعالى والإذعان لما تنطق مزدريا لها معجبا بما عنده من الأباطيل وقيل نزلت في النضر بن الحرث وكان يشتري من أحاديث الأعاجم ويشغل بها الناس عن استماع القرآن لكنها وردت بعبارة عامة ناعية عليه وعلى كل من يسير سيرته ما هم فيه من الشر والفساد وكلمة ثم لاستبعاد الإصرار والاستكبار بعد سماع الآيات التي حقها أن تذعن لها القلوب وتخضع لها الرقاب كما في قوله من قال يرى غمرات الموت ثم يزورها كأن لم يسمعها أي كائن لم يسمعها فخفف وحذف ضمير الشأن والجملة حال من يصر أي يصر شبيها بغير السامع فبشره بعذاب أليم على إصراره واستكباره ٩وإذا علم من آياتنا شيئا أي إذا بلغه من آياتنا شيء وعلم أنه من آياتنا لا أنه علمه هو عليه فإنه بمعزل من ذلك العلم وقيل إذا علم منها شيئا يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملا فاسدا يتوصل به إلى الطعن والغميزة اتخذها أي الآيات كلها هزوا أي مهزوئا بها لاما سمعه فقط وقيل الضمير للشيء والتأنيث لأنه في معنى الآيات أولئك إشارة إلى كل أفاك من حيث الاتصاف بما ذكر من القبائح والجمع باعتبار الشمول للكل كما في قوله تعالى كل حزب بما لديهم فرحون كما أن الإفراد فيما سبق من الضمائر باعتبار كل واحد واحد لهم بسبب جناياتهم المذكورة عذاب مهين وصف من قدامهم لأنهم متوجهون إلى ما أعد لهم أو ١٠مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ خلفهم لأنهم معرضون عن ذلك مقبلون على الدنيا فإن الوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف وقدام ولا يغني عنهم ولا يدفع ما كسبوا من الأموال والأولاد شيئا من عذاب اللّه تعالى أو شيئا من الإغناء ولا ما اتخذوا من دون اللّه أولياء أي الأصنام وتوسيط حرف النفي بين المعطوفين مع أن عدم إغناء الأصنام أظهر وأجلى من عدم إغناء الأموال والأولاد قطعا مبني على زعمهم الفاسد حيث كانوا يطعمون في شفاعتهم وفيه تهكم ولهم فيما وراءهم من جهنم عذاب عظيم لا يقادر قدره ١١هذا أي القرآن هدى في غاية الكمال من الهداية كأنه نفسها والذين كفروا أي بالقرآن وإنما وضع موضع ضميره قوله تعالى بآيات ربهم لزيادة تشنيع كفرهم به وتفظيع حالهم لهم عذاب من رجز أي من أشد العذاب أليم بالرفع صفة عذاب وقرئ بالجر على أنه صفة رجز وتنوين عذاب في المواقع الثلاثة للتفخيم ورفعه أما على الابتداء وأما على الفاعلية الجاثية و ١٢اللّه الذي سخر لكم البحر بأن جعله أملس السطح يطفو عليه ما يتخلل كالأخشاب ولا يمنع الغوص والخرق لميعانه لتجري الفلك فيه بأمره وأنتم راكبوها ولتبتغوا من فضله بالتجارة والغوص والصيد وغيرها ولعلكم تشكرون ولكي تشكروا النعم المترتبة على ذلك ١٣وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض من الموجودات بأن جعلها مدارا لمنافعكم جميعا أما حال من ما في السموات والأرض أو توكيد له منه متعلق بمحذوف هو صفة لجميعا أو حال من ما أي جميعا كائنا منه تعالى أو سخر لكم هذه الأشياء كائنة منه مخلوقة له تعالى أو خبر لمحذوف أي هي جميعا منه تعالى وقرئ منة على المفعول له ومنه على أنه فاعل سخر على الإسناد المجازي أو خبر مبتدأ محذوف أي ذلك منه إن في ذلك أي فيما ذكر من الأمور العظائم لآيات عظيمة الشأن كثيرة العدد لقوم يتفكرون في بدائع صنع اللّه تعالى فإنهم يقفون بذلك على جلائل نعمه تعالى ودقائقها ويوفقون لشكرها ١٤قل للذين آمنوا حذف المقول لدلالة يغفروا عليه فإنه جواب للأمر باعتبار تعلقه به لا باعتبار نفسه فقط أي قل لهم اغفروا يغفروا للذين لا يرجون أيام اللّه أي يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون وقائعه تعالى بأعدائه من قولهم أيام العرب لوقائعها وقيل لا يأملون الأوقات التي وقتها اللّه تعالى لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها قيل نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها وقيل نزلت في عمر رضي اللّه عنه حين شتمه غفاري فهم أن يبطش به وقيل حين قال ابن أبي ما قال وذلك أنهم نزلوا في غزوة بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع فأرسل ابن أبي غلامه يستقي فأبطأ عليه فلما أتاه قال له ما حسبك قال غلام عمر قعد على طرف البئر فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي صلى اللّه عليه و سلم وقرب أبي بكر فقال ابن أبي ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل سمن كلبك يأكلك فبلغ ذلك عمر رضي اللّه عنه فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه فأنزلها اللّه تعالى ليجزي قوما بما كانوا يكسبون تعليل للأمر بالمغفرة والمراد بالقوم المؤمنون والتنكير لمدحهم والثناء عليهم أي أمروا بذلك ليجزي يوم القيامة قوما أيما قوم قوما مخصوصين بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة التي من جملتها الصبر على أذية الكفار والإغضاء عنهم بكظم الغيظ واحتمال المكروه ما يقصر عنه البيان من الثواب العظيم هذا وقد جوز أن يراد بالقوم الكفرة وبما كانوا يكسبون سيئاتهم التي من جملتها ما حكي من الكلمة الخبيثة والتنكير للتحقير وفيه أن مطلق الجزاء لا يصلح تعليلا للأمر بالمغفرة لتحققه على تقديري المغفرة وعدمها فلا بد من تخصيصه بالكل بأن لا يتحقق بعض منه في الدنيا أو بما يصدر عنه تعالى بالذات وفي ذلك من التكلف مالا يخفى وأن يراد كلا الفريقين وهو من أكثر تكلفا وأشد تمحلا وقرئ ليجزي قوم وليجزي قوما أي ليجزي الجزاء قوما وقرئ لنجزي بنون العظمة ١٥من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها لا يكاد يسري عمل إلى غير عامله ثم إلى ربكم مالك أموركم ترجعون فيجازيكم على أعمالكم خيرا كان أو شرا ١٦ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب أي التوراة والحكم أي الحكمة النظرية والعلمية والفقه في الدين أو فصل الخصومات بين الناس إذ كان الملك فيهم والنبوة حيث كثر فيهم الأنبياء مالم يكثر في غيرهم ورزقناهم من الطيبات مما أخل اللّه تعالى من اللذائذ كالمن والسلوى وفضلناهم على العالمين حيث آتيناهم مالم يؤت من عداهم من فلق البحر وإضلال الغمام ونظائرها وقيل على عالمي زمانهم ١٧وآتيناهم بينات من الأمر دلائل ظاهرة في أمر الدين ومعجزات قاهرة وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما هو العلم بمبعث النبي صلى اللّه عليه و سلم وما بين لهم من أمره وأنه يهاجر من تهامة إلى يثرب ويكون أنصاره أهل يثرب فما اختلفوا في ذلك الأمر إلا من بعد ما جاءهم العلم بحقيقته وحقيته فجعلوا ما يوجب زوال الخلاف موجبا لرسوخه بغيا بينهم أي عداوة وحسدا لا شكا فيه إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة بالمؤاخذة والجزاء فيما كانوا فيه يختلفون من أمر الدين ١٨ثم جعلناك على شريعة أي سنة وطريقة عظيمة الشأن من الأمر أي أمر الدين فاتبعها بإجراء أحكامها في نفسك وفي غيرك من غير إخلال بشيء منها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون أي آراء الجهلة واعتقاداتهم الزائغة التابعة للشهوات وهم رؤساء قريش كانوا يقولون له عليه الصلاة و السلام ارجع إلى دين آبائك ١٩إنهملن يغنوا عنك من اللّه شيئا مما أراد بك إن اتبعتهم وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض لا يواليهم ولا يتبع أهواءهم إلأا من كان ظالما مثلها واللّه ولي المتقين الذين أنت قدوتهم قدم على ما أنت عليه من توليه خاصة الأعراض عما سواه بالكلية ٢٠هذا أي القرآن أو اتباع الشريعة بصائر للناس الجاثية فإن ما فيه من معالم الدين وشعائر الشرائع بمنزلة البصائر في القلوب وهدى من ورطة الضلالة ورحمة عظيمة لقوم يوقنون من شأنهم الإيقان بالأمور ٢١أم حسب الذين اجترحوا السيئات استئناف مسوق لبيان تباين حالي المسيئين والمحسنين إثر بيان تباين حالي الظالمين والمتقين وأم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الأول إلى الثاني والهمزة لإنكار الحسبان لكن لا بطريق إنكار الوقوع ونفيه كما في قوله تعالى أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار بل بطريق إنكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه والاجتراح الاكتساب أن نجعلهم أي نصيرهم في الحكم والاعتبار وهم على ما هم عليه من مساوئ الأحوال كالذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم فيما هم فيه من محاسن الأعمال ونعاملهم معاملتهم في الكرامة ورفع الدرجة سواء محياهم ومماتهم أي محيا الفريقين جميعا ومماتهم حال من الضمير في الظرف والموصول معا لاشتماله على ضميريهما على أن السواء بمعنى المستوى محياهم ومماتهم كلا لا يستوون في شيء منهما فإن هؤلاء في عز الإيمان والطاعة وشرفهما في المحيا وفي رحمة اللّه تعالى ورضوانه في الممات وأولئك في ذلك الكفر والمعاصي وهو أنهما في المحيا وفي لعنة اللّه والعذاب الخالد في الممات شتان بينهما وقد قيل المراد إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة لأن المسيئين والمحسنين مستو محياهم في الرزق والصحة وإنما يفترقون في الممات وقرئ محياهم ومماتهم بالنصب على أنهما ظرفان كمقدم الحاج وسواء حاله على حاله أي حال كونهم مستوين في محياهم ومماتهم وقد ذكر في الآية الكريمة وجوه من الإعراب والذي يليق بجزالة التنزيل هو الأول فتدبر وقرئ سواء بالرفع على أنه خبر ومحياهم مبتدأ فقيل الجملة بدل من الكاف وقيل حال وأيا ما كان فنسبة حسبات التساوي إليهم في ضظم الإنكار التوبيخي مع أنهم بمعزل منه جازمون بفضلهم عليه إنكار لحسبان الجزم بالفضل وتوبيخ عليه على أبلغ وجه وآكده ساء ما يحكمون أي ساء حكمهم هذا أو بئس شيئاحكموا به ذلك ٢٢وخلق اللّه السموات والأرض بالحق استئناف مقرر لما سبق من الحكم فإن خلق اللّه تعالى لهما ولما فيهما بالحق المقتضي للعدل يستدعي لا محالة تفضيل المحسن على المسيء في المحيا والممات وانتصار المظلوم من الظالم وإذا لم يطرد ذلك في المحيا فهو بعد الممات حتما ولتجزى كل نفس بما كسبت عطف على بالحق لأن فيه معنى التعليل إذ معناه خلقها مقرونة بالحكمة والصواب دون البعث والباطل فحاصلة خلقها لأجل ذلك ولتجزى الخ أو على علة الجاثية محذوفة مثل ليدل بها على قدرته أو ليعدل ولتجزى وهم أي النفوس المدلول عليها بكل نفس لا يظلمون بنقص ثواب أو بزيادة عقاب وتسمية ذلك ظلما مع أنه ليس كذلك على ما عرف قاعدة أهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكر بتنزيله منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عنه تعالى ٢٣أفرأيت من اتخذ إلهه هواه تعجب من حال من ترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى فكأنه عبده أي أنظرت فرأيته فإن ذلك مما يقضي منه العجب وقرئ آلهة هواه لأن أحدهم كان يستحسن حجرا فيعبده فإذا رأى أحسن منه رفضه إليه فكأنه اتخذ آلهة شتى وأضله اللّه وخذله على علم أي عالما بضلاله وتبديله لفطرة اللّه تعالى التي فطر الناس عليها وختم على سمعه وقلبه بحيث لا يتأثر بالمواعظ ولا يتفكر في الآيات والنذر وجعل على بصره غشاوة مانعة عن الاستبصار والاعتبار وقرئ بفتح الغين وضمها وقرئ غشوة فمن يهديه من بعد اللّه أي من بعد إضلاله تعالى إياه بموجب تعاميه عن الهدى وتماديه في الغي أفلا تذكرون أي ألا تلاحظون فلا تذكرون وقرئ تتذكرون على الأصل ٢٤وقالوا بيان لأحكام ضلالهم المحكي أي قالوا من غاية غيهم وضلالهم ما هي أي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها نموت ونحيا أي يصيبنا الموت والحياة فيها وليس وراء ذلك حياة وقيل نكون نطفا وما قبلها وما بعدها ونحيا بعد ذلك أو نموت بأنفسنا ونحيا ببقاء أولادنا أو يموت بعضنا ويحيا بعضنا وقد جوز أن يريدوا به التناسخ فإنه عقيدة أكثر عبدة الأوثان وقرئ نحيا وما يهلكنا إلا الدهر إلا مرور الزمان وهو في الأصل مدة بقاء العالم من دهره أي غلبه وقرئ إلا دهر يمر وكانوا يزعمون أن المؤثر في هلاك الأنفس هو مرور الأيام والليالي وينكرون ملك الموت وقبضه للأرواح بأمر اللّه تعالى ويضيفون الحوادث إلى الدهر والزمان ومنه قوله صلى اللّه عليه و سلم لا تسبوا الدهر فإن اللّه هو الدهر أي فإن اللّه هو الآتي بالحوادث لا الدهر وما لهم بذلك أي بما ذكر من اقتصار الحياة على ما في الدنيا واستناد الحياة والموت إلى الدهر من علم ما مستند إلى عقل أو نقل إن هم إلا يظنون ما هم إلا قوم صارى أمرهم الظن والتقليد من غير أن يكون لهم شيء يصح أن يتمسك به في الجملة هذا معتقدهم الفاسد في أنفسهم ٢٥وإذا تتلى عليهم آياتنا الناطقة بالحق الذي من جملته البعث بينات واضحات الدلالة على ما نطقت به أو مبينات له ما كان حجتهم بالنصب على أنه خبر كان أي ما كان متمسكا لهم شيء من الأشياء إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين في أنا نبعث بعد الموت أي هذا القول الباطل الذي يستحيل أن يكون من قبيل الحجة وتسمية حجة أما لسوقهم إياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم أو لأنه من قبيل تحية بينهم ضرب وجيع وقرئ برفع حجتهم على أنها اسم كان فالمعنى ما كان حجتهم شيئا من الأشياء إلا هذا القول الباطل ٢٦قل اللّه يحييكم ابتداء ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم لا كما تزعمون من أنكم تحيون وتموتون بحكم الدهر ثم يجمعكم بعد الموت إلى يوم القيامة للجزاء لا ريب فيه أي في جمعكم فإن من قدر على البدء قدر على الإعادة والحكمة اقتضت الجمع للجزاء لا محالة والوعد المصدق بالآيات الدال على وقوعها حتما والإتيان بآبائهم حيث كان مزاحما للحكمة التشريعية امتنع إيقاعه ولكن أكثر الناس لا يعلمون استدراك من قوله تعالى لا ريب فيه وهو أما من تمام الكلام المأمور به أو كلام مسوق من جهته تعالى تحقيقا للحق وتنبيها على أن ارتيابهم لجهلهم وقصورهم في النظر والتفكر لا لأن فيه شائبة ريب ما ٢٧وللّه ملك السموات والأرض بيان لاختصاص الملك المطلق والتصرف الكلي فيهما وفيما بينهما باللّه عز و جل إثر بيان تصرفه تعالى في الناس بالإحياء والإماتة والبعث والجمع للمجازاة ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون العامل في يوم يخسرو يومئذ بدل منه ٢٨وترى كل أمة من الأمم المجموعة جاثية باركة على الركب مستوفزة وقرئ جاذية أي جالسة على أطراف الأصابع والجذو أشد استيفازا من الجثو وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما جاثية مجتمعة وقيل جماعات من الجثو وهي الجماعة كل أمة تدعى إلى كتابها إلى صحيفة أعمالها وقرئ كل بالنصب على أنه بدل من الأول وتدعى صفة أو حال أو مفعول ثان اليوم تجزون ما كنتم تعملون أي يقال لهم ذلك وقوله تعالى ٢٩هذا كتابنا الخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل أمة مكتوبا بأمر اللّه تعالى أصيف إلى نون العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لأمره فهذا متبدأ وكتابنا خيره وقوله تعالى ينطق عليكم أي يشهد عليكم بالحق من غير زيادة ولا نقص خبر آخر أو حال وبالحق حال من فاعل ينطق وقوله تعالى إنا كنا كنا نستنسخ الخ تعليل لنطقه عليهم بأعمالهم من غير إخلال بشيء منها أي إنا كنا فيما قبل نستكتب الملائكة ما كنتم تعملون في الدنيا من الأعمال حسنة كانت أو سيئة وقوله تعالى ٣٠أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته أي في جنته تفصيل لما يفعل بالأمم بعد بيان ما خوطبوا به من الكلام المنطوي على الوعد والوعيد ذلك أي الذي ذكر من الإدخال في رحمته تعالى هو الفوز المبين الظاهر كونه فوزا لا فوز وراءه ٣١وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم أي يقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع ألم يكن تأتيكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه فاستكبرتم عن الإيمان بها وكنتم قوما مجرمين أي قوما عاددتهم الإجرام ٣٢وإذا قيل إن وعد اللّه أي ما وعده من الأمنرو الآتية أو وعده بذلك حق أي واقع لا محالة أو مطابق الواقع والساعة التي هي أشهر ما وعده لا ريب فيها أي في وقوعها وقرىء والساعة بالنصب عطفا على اسم إن وقراءة الرفع للعطف على محل إن وواسمها قلتم لغية عتوكم ما ندري ما الساعة أي أي شيء هي استغرابا لها إن نظن إلا ظنا أي ما نفعل إلا نظن ظنا وقيل ما نظلن إلا ظنا ضعيفا ويرده قوله تعالى وما نحن بمستقنين أي لا مكانه فإن مقابل الإستيقان مطلق الظن لا الضعيف منه ولعل هلاؤلاء غير القائلين ما هي إلا حياتنا الدنيا ٣٣وبدا لهم أي ظهر لهم حينئذذ سيئات ما عملوا على ما هي عليه من ا لصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها أو جزاءها فإن جزاء السيئة وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون من الجزاء والعقاب ٣٤وقيل اليوم ننساكم نترككم في العذاب ترك المنسى كما نسيتم في الدنيا لقاء يموكم هذا أي كما تركتم عدته ولم تبالوا به وإذا فة اللقاء إلى ياليوم إافة المصدر إلى ظرفه ومأواكم النار وما لكم من ناصرين أيما أي ما لأحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها ٣٥ذلكم العذاب يأتكم بسبب أنكم اتخذتم آيات اللّه هزوا مهزوا بها ولم ترفعوا لها رأسا وغرتكم الحياة الدنيا فحسبتم أن لا حياة سواها قاليوم لا يخرجون منها أي من النار وقرىء يخرجون من الخروج والالتفات إلى الغيبة للإيذان بإسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهبهم أو بنقلهم من مقام الخطاب إلى غيابة النار ولا هم يستعتبون أي يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي يرضون لفوات أوانه ٣٦فاللّه الحمد خاصة رب السموات ورب الأرض رب العالمين فقلا يستحق الحمد أحمد سواه وتكرير الرب للتأكيد والإيذان بأن ربوبيته تعالى لكن منها بطريق الأصالة وقرىء برفع الثلاثة على المدح بإضمار هو ٣٧وله الكبرياء في السموات والأرض لظهور آثارها وأحكامها فيهما وإظاهرهما في موقع الإضمار لتفخيم شأن الكبرياء وهو العزيز الذي لا يغلب الحكيم في كل ما قضي وقدر فأحمدوه وكبره وأطيعون عن النبي صلى اللّه عيهل وسلم من قرأ حم الجاثية ستر اللّه تعالى عورته وسكن روعته يوما الحساب |
﴿ ٠ ﴾