ÓõæÑóÉõ ÇáÐøóÇÑöíóÇÊö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÓöÊøõæäó ÂíóÉð ورة الذارياتبسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١والذاريات ذروا أى الرياح االتى تذرو التراب وغيرها وقرئ بإدغام التاء فى الذال ٢فالحاملات وقرا أى السحب الحاملة للمطر أو الرياح الحاملة للسحاب وقرئ وقرا على تسمية المحمول بالمصدر ٣فالجاريات يسرا أى السفن الجارية فى البحر أو الرياح الجارية فى مهابها أو السحب الجارية فى الجو بسوق الرياح أو الكواكب الجارية فى مجاريها ومنازلها ويسرا صفة لمصدر محذوف أى جريا ذا يسر ٤فالمقسمات أمرا أى الملائكة التى تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها أو السحب التى يقسم اللّه تعالى بها أرزاق العباد وقد جوز أن يراد بالكل الرياح تنزيلا لاختلاف العنوان منزلة اختلاف الذات فإنها كما تذر وما تذروه تثير السحاب وتحمله وتجرى فى الجو جريا سهلا وتقسم الأمطار بتصريف السحاب فى الأقطار فإن حملت الأمور المقسم بها على ذوات مختلفة فالفاء لترتيب الأقسام باعتبار ما بينها من التفاوت فى الدلالة على كمال القدرة وإلا فهى لترتيب ما صدر عن الريح من الأفاعيل فإنها تذر الأبخرة إلى الجو حتى تنعقد سحابا فتجرى به باسطة له إلى ما أمرت به فتقسم المطر وقوله تعالى ٥إنما توعدون لصادق ٦وإن الدين لواقع جواب للقسم وفى تحصيص الأمور المذكورة بالأقسام بها رمز إلى شهادتها بتحقق مضمون الجملة المقسم عليها من حيث أنها أمور بديعة مخالفة لمقتضى الطبيعة فمن قدر عليها فهو قادر على البعث الموعود وما موصولة أو مصدرية ووصف الوعد بالصدق كوصف العيشة بالرضا والدين الجزاء ووقوعه حصوله ٧والسماء ذات الحبك قال ابن عباس وقتادة وعكرمة ذات الخلق المستوى وقال سعيد بن جبير ذات الزينة وقال مجاهد هى المتقنة البنيان وقال مقاتل والكلبى والضحاك ذات الطرائق والمراد أما الطرائق المحسوسة التى هى مسير الكواكب أو المعقولة التى يسلكها النظار أو النجوم فإن لها طرائق وعن الحسن حبكها نجومها حيث تزينها كما تزين الموشى طرائق الوشى وهى أما جمع حباك أو حبيكة كمثال ومثل وطريقة وطرق وقرئ الحبك بوزن السلك والحبك كالجبل والحبك كالبرق والحبك كالنعم والحبك كالإبل ٨إنكم لفى قول مختلف أى متخالف متناقض وهو قولهم فى حقه عليه الصلاة و السلام تارة شاعر وأخرى ساحر وأخرى مجنون وفى شأن القرآن الكريم تارة شعر وأخرى سحر وأخرى أساطير وفى هذا الجواب تأييد ليكون الحبك عبارة عن الاستواء كما يلوح به ما نقل عن الضحاك من ان قول الكفرة لا يكون مستويا إنما هو متناقض مختلف وقيل النكتة فى هذا القسم تشبيه أقوالهم فى اختلافها وتنافى أغراضها بطرائق السموات فى تباعدها واختلاف غاياتها وليس بذاك ٩يؤفك عنه من أفك أى يصرف عن القرآن أو الرسول عليه الصلاة و السلام من صرف إذلا صرف أفظع منه وأشد وقيل يصرف عنه من صرف فى علم اللّه تعالى وقضائه ويجوز أن يكون الضمير للقول المختلف على معنى يصدر إفك من أفك عن ذلك القول وقريء من إفك عن ذلك القول وقرئ من افك أى من أفك الناس وهم قريش حيث كانوا يصدون الناس عن الإيمان ١٠قتل الخراصون دعاء عليهم كقوله تعالى قتل الإنسان ما اكفره وأصله الدعاء بالقتل والهلاك ثم جرى مجرى لعن والخراصون الكذابون المقدرون ما لا صحة له وهم أصحاب القول المختلف كانه قيل قتل هؤلاء الخراصون وقرئ قتل الخراصين أى قتل اللّه ١١الذين هم فى غمرة من الجهل والضلال ساهون غافلون عما أمروا به ١٢يسألون أيام يوم الدين أى متى وقوع يوم الجزاء لكن لا بطريق الاستعلام حقيقة بل بطريق الاستعجال استهزاء وقرئ إيان بكسر الهمزة ١٣يوم هم على النار يفتنون جواب للسؤال أى يقع يوم هم على النار يحرقون ويعذبون ويجوز أن يكون يوم خبرا لمبتدأ محذوف أى هو يوم هم الخ والفتح لأضافة الى غير متمكن ويؤيده أنه قرىء بالرفع ١٤ذوقوا فتنتكم أى مقولا لهم هذا القول وقوله تعالى هذا الذى كنتم به تستعلجون جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر أى هذا ما كنتم تستعجلون به بطريق الاستهزاء ويجوز أن يكون هذا بدلا من فتنتكم بتأويل العذاب والذى صفته ١٥إن المتقين في جنات وعيون لا يبلغ كنهها ولا يقادر قدرها ١٦آخذين ما أتاهم ربهم أى قابلين لما أعطاهم راضين به على معنى أن كل ما آتاهم حسن مرضى يتلقى بحسن القبول إنهم كانوا قبل ذلك في الدنيا محسنين أى لأعمالهم الصالحة آتين بها على ما ينبغي فلذلك نالوا ما نالوا من الفوز العظيم ومعنى الإحسان بالإجمال ما أشار إليه عليه الصلاة و السلام بقوله أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وقد فسر بقوله تعالى ١٧كانوا قليلا من الليل ما يهجعون أى كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل على أن قليلا ظرف أو كانوا يهجعون هجوعا قليلا على أنه صفة للمصدر وما مزيدة في الوجهين ويجوز أن تكون مصدرية أو موصولة مرتفعة بقليلا على الفاعلية أى كانوا قليلا من الليل هجوعهم أو ما يهعجون فيه وفيه للمبالغات في تقليل نومهم واسرتاحتهم ذكر القليل والليل الذى هو وقت الراحة والهجوع الذى هو الغرار من النوم وزيادة ما ولا مساغ لجعل ما نافية على معنى أنهم لا يهجعون من الليل قليلا بل يحيونه كله لما أن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ١٨وبالآسحار هم يستغفرون أى هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم يداومون على الاستغفار في الأسحار كأنهم اسلفوا ليلهم باقتراف الجرائم وفي بناء الفعل على الضمير إشعار بأنهم الأحقاء بأن يوصفوا بالاستغفار كانهم المختصون به لاستدامتهم له وإظنابهم فيه ١٩وفي أموالهم حق أى نصيب وافر يستوجبونه على انفسهم تقربا الى اللّه تعالى واشفاقا على الناس للسائل والمحروم للمستجدى والمتعفف الذى يحسبه الناس غنيا فحيرم الصادقة ٢٠وفي الأرض آيات للموقنين أى دلائل واضحة على شؤنه تعالى على التفاصيل من حيث أنها مدحوة كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين في أقطارها والسالكين في مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون متفجرة ومعادن مفتنة وأنها تلقح بألوان النبات وأنواع الأشجار وأصناف الثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح وفيها دواب منبثة قد رتب كلها ودبر لمنافع ساكنها ومصالحهم في صحتهم واعتلالهم وفي أنفسكم أى ٢١وفي أنفسكم آيات إذ ليس في العالم شيء إلا وفي الأنفس له نظير يدل دلالته على ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الأفعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة أفلا تبصرون اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة ٢٢وفي السماء رزقكم أى أسباب رزقكم أو تقديره وقيل المراد بالسماء السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الأقوات وما توعدون من الثواب لأن الجنة في االسماء السابعة أو لأن الأعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء وقيل إنه مبتدأ خبره قوله تعالى ٢٣فورب السماء والأرض إنه لحق على أن الضمير لما وأما على الأول فأماله وأما لما ذكر من أمر الايات والرزق على انه مستعار لاسم الإشارة مثل ما أنكم تنطقون أى كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في حقيته ونصبه على الحالية من المستكن في لحق أو على انه وصف لمصدر محذوف اى أنه لحق حقا مثل نطقكم وقيل إنه مبنى على الفتح لإضافته الى غير متمكن وهو ما إن كانت عبارة عن شيء وأن بما في حيزها إن جعلت زائدة ومحله الرفع على انه صفة لحق ويؤيده القراءة بأتاك ٢٤هل أتاك حديث ضيف إبراهيم تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه ليس مما علمه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بغير طريق الوحى والضيف في الأصل مصدر ضافه ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم وكانوا اثنى عشر ملكا وقيل تسعة عاشرهم جبريل وقيل ثلاثة جبريل وميكائيل وملك آخر معهما عليهم السلام وتسميتهم ضيفا لأنهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم عليه السلام أو لأنهم كانوا في حسبانه كذلك المكرمين أى المكرمين عند اللّه تعالى أو عند إبراهيم حيث خدمهم بنفسه وبزوجته ٢٥إذ دخلوا عليه طرف للحديث أو لما في الضيف من معنى الفعل أو المكرمين إن فسر بإكرام إبراهيم فقالوا سلاما أى نسلم عليك سلاما قال اى إبراهيم سلام أى عليكم سلام عدل به إلى الرفع بالأبتداء للقصد الى الثبات والدوام حتى تكون تحتيه عليه الصلاة و السلام أحسن من تحيتهم وقرئا مرفوعين وقرىء سلم وقرىء منصوبا والمعنى واحد قوم منكرون أنكرهم عليه الصلاة و السلام للسلام الذى هو علم للإسلام أو لأنهم ليسوا ممن عهدهم من الناس أو لأن أوضاعهم وأشكالهم خلاف ما عليه الناس ولعله عليه الصلاة و السلام إنما قاله في نفسه من غير أن يشعرهم بذلك لا أنه خاطبهم به جهرا أو سألهم أن يعرفوه أنفسهم كما قيل وإلا لكشفوا أحوالهم عند ذلك ولم يتصد عليه الصلاة و السلام لمقدمات الضيافة ٢٦فراغ الى أهله أى ذهب إليهم على خفية من ضيفه فإن من أدب المضيف أن يبادره بالقرى ويبادر به حذارا من ان يكفه ويعذره أو يصير منتظرا والفاء في قوله تعالى فجاء بعجل سمين فصيحة مفصحة عن جمل قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بكمال سرعة المجىء بالطعام كما في قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق أى فذبح عجلا فحنذه فجاء به ٢٧فقربه إليهم بأن وضعه لديهم حسبما هو المعتاد فقال ألا تأكلون إنكارا لعدم تعرضهم للأكل ٢٨فأوجس منهم أضمر في نفسه خيفة لتوهم أنهم جاؤا للشر وقيل وقع في قلبه أنهم ملائكة جاؤال للعذاب قالوا لا تخف قيل مسح جبريل عليه السلام العجل بجناحه فقام يندرج حتى لحق بأمه فعرفهم وأمن منهم وبشروه وفي سورة الصافات وبشرناه أى بواسطتهم بغلام هو إسحاق عليه السلام عليم عنه بلوغه واستوائه ٢٩فأقبلت امرأته سارة لما سمعت بشارتهم الى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم في صرة في صيحة من الصرير ومحله النصب على الحالية أو المفعولية إن جعل أقبلت بمعنى أخذت كما يقال أقبل يشتمني فصكت وجهها أي لطمته من الحياء لما أنها وجدت حرارة دم الطمث وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب وقالت عجوز عقيم أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد ٣٠قالوا كذلك مثل ذلك القول الكريم قال ربك وإنما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى لا أنا نقوله من تلقاء أنفسنا إنه هو الحكيم العليم فيكون قوله حقا وفعله متقنا لا محالة روي أن جبريل عليه السلام قال لها انظري إلى سقف بيتك فنظرت فذا جذوعه مورقة مثمرة ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع إبراهيم عليه السلام أيضا حسبما شرح في سورة الحجر وإنما يذكر ههنا اكتفاء بما ذكر هناك كما أنه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر ههنا وفي سورة هود ٣١قال أي إبراهيم عليه السلام لما علم أنهم ملائكة أرسلوا لأمر فما خطبكم أى ما شأنكم الخطير الذى لأجله أرسلتم سوى البشارة أيها المرسلون ٣٢قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين يعنون قوم لوط ٣٣لنرسل عليهم أى بعد ما قلبنا قراهم وجعلنا عاليها سافلها حسبما فصل فى سائر السور الكريمة حجارة من طين أى طين متحجر هو السجيل ٣٤مسومة مرسلة من أسمت الماشية أى أرسلتها أو معلمة من المسومة وهى العلامة وقد مر تفصيله فى سورة هود عند ربك للمسرفين المجاوزين الحد فى الفجور وقوله تعالى ٣٥فأخرجنا الخ حكاية من جهته تعالى لما جرى على قوم لوط عليه السلام بطريق الإجمال بعد حكاية ما جرى بين الملائكة وبين إبراهيم عليه السلام من الكلام والفاء فصيحة مفصحة عن جمل قد حذفت ثقة بذكرها فى مواضع أخر كأنه قيل فباشروا ما أمروا به فأخرجنا بقولنا فأسر بأهلك الخ من كان فيها أى فى قرى قوم لوط وإضمارها بغير ذكر لشهرتها من المؤمنين ممن آمن بلوط ٣٦فما وجدنا فيها غير بيت أى غير أهل بيت من المسلمين قيل هم قوم لوط وابنتاه وقيل كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر ٣٧وتركنا فيها آى فى القرية آية أى علامة دالة على ما أصابهم من العذاب قيل هى تلك الأحجار أو صخر منضود فيها أو ماء منتن للذين يخافون العذاب الأليم أى من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فإنهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية ٣٨وفى موسى عطف على قوله تعالى وفى الأرض أو على قوله تعالى وتركنا فيها آية على معنى وجعلنا فى موسى أية كقول من قال علفتها تبنا وماءا باردا إذ أرسلنا قيل هو منصوب بآية وقيل بمحذوف أى كائنة وقت إرسالنا وقيل بتركنا إلى فرعون بسلطان مبين هو ما ظهر على يديه من المعجزات الباهرة فتولى بركنه أى فأعرض عن الإيمان به وازور كقوله تعالى ونأى بجانبه وقيل ٣٩فتولى بما يتقوى به من ملكه وعساكره فإن الركن اسم لما يركن إليه الشيء وقرىء بركنه بضم الكاف وقال ساحر أى هو ساحر أو مجنون كانه نسب ما ظهر على يديه عليه الصلاة و السلام من الخوارق العجيبة الى الجن وتردد في أنه حصل باختياره وسعيه أو بغيرهما ٤٠فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وفيه امن الدلالة على غاية عظم شأن القدرة الربانية ونهاية قمأة فرعون وقومه وهو مليم أى آت بما يلام عليه من الكفر والطغيان والجملة حال من الضمير في فأخذناه ٤١وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وصفت بالعقم لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم أو لأنها لم تتضمن خيرا ما من إنشاء مطر أو إلقاح شجر وهي النكباء أو الدبور أو الجنوب ٤٢ما تذر من شىء أتت عليه اى جرت عليه إلا جعلته كالرميم هو كل مارم وبلي وتفتت من عظم أو نبات أو غير ذلك ٤٣وفى ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين وهو قوله تعالى تمتعوا في داركم ثلاثة أيام قيل قال لهم صالح عليه السلام تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب ٤٤فعتوا عن أمر ربهم أى فاستكبروا عن الامتثال به فأخذتهم الصاعقة قيل لما رأوا العلامات الي بينها صالح عليه السلام من اصفرار وجوههم واحمرارها واسودادها عمدوا الى قتله عليه السلام فنجاه اللّه تعالى الى أرض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالأنطاع فأتتهم الصيحة فهلكوا وقرىء الصعقة وهي المرة من الصعق وهم ينظرون إليها ويعاينونها ٤٥فما استطاعوا من قيام كقوله تعالى فأصبحوا في دارهم جاثمين وما كانوا منتصرين بغيرهم كما لم يمتنعوا بأنفسهم ٤٦وقوم نوح أى وأهلكنا قوم نوح فإن ما قبله يدل عليه أو واذكر ويجوز أن يكون معطوفا على محل عاد ويؤيده القراءة بالجر وقيل هو معطوف على مفعول فأخذناه من قبل أى من قبل هؤلاء المهلكين إنهم كانوا قوما فاسقين خارجين عن الحدود فيما كانوا فيه من الكفر والمعاصى ٤٧والسماء بنيناها بأيد أى بقوة وإنا لموسعون لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الإنفاق أو لموسعون السماء أو ما بينها وبين الأرض أو الرزق ٤٨والأرض فرشناه مهدناها وبسطناها ليستقروا عليها فنعم الماهدون أى نحن ٤٩ومن كل شيء أى من الأجناس زوجين أى نوعين ذكرا وأنثى متقابلين السماء والأرض والليل والنهار والشمش والقمر والبر والبحر ونحو ذلك لعلكم تذكرون أى فعلنا ذلك كله كى تتذكروا فتعرفوا أنه خالق الكل ورازقه وأنه المستحق للعبادة وأنه قادر على إعادة الجميع فتعملوا بمقتضاه وقوله تعالى ٥٠ففروا الى اللّه مقدر لقول خوطب به النبي صلى اللّه عليه و سلم بطريق التلوين والفاء أما لترتيب الأمر على ما حكى من أثار غضبه الموجبة للفرار منها ومن أحكام رحمته المستدعية للفرار إليها كأنه قيل قل لهم إذا كان الأمر كذلك فاهربوا الى اللّه الذى هذه شؤنه بالإيمان والطاعة كي تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه وأما للعطف على جملة مقدرة مترتبة على قوله تعالى لعلكم تذكرون كأنه قيل قل لهم فتذكروا ففروا الى اللّه الخ وقوله تعالى إني لكم منه نذير مبين تعليل للأمر بالفرار إليه تعالى أو لوجوب الامتثال به فإن كونه عليه الصلاة و السلام منذرا منه تعالى موجب عليه الصلاة و السلام أن يأمرهم بالفرار إليه وعليهم أن يمتثلوا به أى إني لكم من جهته تعالى منذر بين كونه منذرا أو مظهر لما يجب أظهاره من العذاب المنذر به وفي أمره تعالى للرسول صلى اللّه عليه و سلم بان يأمرهم بالهرب إليه تعالى من عقابه وتعليله بأنه عليه الصلاة و السلام ينذرهم من جهته تعالى لا من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب وفوزهم بالمطلوب وقوله تعالى ٥١ولا تجعلوا مع اللّه إلها آخر نهى موجب للفرار من سبب العقاب بعد الأمر بالفرار من نفسه كما يشعر به قوله تعالى إني لكم منه أى من الجعل المنهى عنه نذير مبين فإن تعلق كلمة من بالإنذار مع كون صلته الباء بتضمينه معنى الإفر يقال فر منه أي هرب وأفره غيره كأنه قيل وفروا من أن تجعلوا معه تعالى اعتقادا أو قولا إلها آخر وفيه تأكيد لما قبله من الأمر بالفرار من العقاب إليه تعالى لكن لا بطريق التكرير كما قيل بل بالنهى ععن سببه وإيجاب الفرار ٥٢كذلك أى الأمر مثل ما ذكر من تكذيبهم الرسول وتسميتهم له ساحرا أو مجنونا وقوله تعالى ما أتى الذين من قبلهم الخ تفسير له أى ما أتاهم من رسول من رسل اللّه إلا قالوا في حقه ساحر أو مجنون ولا سبيل الى انتصاب الكاف بأتى لامتناع عمل ما بعد ما النافية فيما قبلها ٥٣أتواصوا به إنكار وتعجيب من حالهم وإجماعهم على تلك الكلمة الشنيعة التي لا تكاد تخطر ببال أحد من العقلاء فضلا عن التفوه بها أى أوصى بهذا القول بعضهم بعضا حتى اتفقوا عليه وقوله تعالى بل هم قوم طاغون إضراب عن كون مدار تفاقهم على الشر تواصيهم بذلك وإثبات لكونه أمرا أقبح من التواصى وأشنع منه من الطغيان الشامل للكل الدال على ان صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمقتضى جبلته الخبيثة لا بموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم ٥٤فتول عنهم فأعرض عن جدالهم فقد كررت عليهم الدعوة فأبوا إلا الإباء فما أنت بملوم على التولى بعد ما بذلت المجهود وجاوزت في الإبلاغ كل حد معهود ٥٥وذكر أى أفعل التذكير والموعظة ولا تدعهما بالمرة أو فذكرهم وقد حذف الضمير لظهور الأمر فإن الذكرى تنفع المؤمنين أى الذين قدر اللّه تعالى إيمانهم أو الذين آمنوا بالفعل فإنها تزيدهم بصيرة وقوة في اليقين ٥٦وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون استئناف مؤكد للأمر مقرر لمضمون تعليله فإن كون خلقهم مغيا بعبادته تعالى مما يدعوه عليه الصلاة و السلام الى تذكيرهم ويوجب عليهم التذكر والاتعاظ ولعل تقديم خلق الجن في الذكر لتقدمه على خلق الإنس في الوجود ومعنى خلقهم لعبادته تعالى خلقهم مستعدين لها ومتمكنين منها أتم أستعداد واكمل تمكن مع كونها مطلوبة منهم بتنزيل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له فإن استتباع أفعاله تعالى لغايات جليلة مما لا نزاع فيه قطعا كيف لا وهى رحمة منه تعالى وتفضل على عباده وإنما الذي لا يليق بجنابه عز و جل تعليلها بالغرض بمعنى الباعث على الفعل بحيث لولاه لم يفعله لإفضائه الى استكماله بفعله وهو الكامل بالفعل من كل وجه وأما بمعنى نهاية كمالية يفضى إليها فعل الفاعل الحق فغير منفى من أفعاله تعالى بل كلها جارية على المنهاج وعلى هذا الاعتبار يدور وصفه تعالى بالحكمة ويكفى في تحقق معنى التعليل على ما يقوله الفقهاء ويتعارفه أهل اللغة هذا المقدار وبه يتحقق مدلول اللام وأما إرادة الفاعل لها فليست من مقتضيات اللام حتى يلزم من عدم صدور العبادة عن البعض تخلف المراد عن الإرادة فإن تعوق البعض عن الوصول الى الغاية مع تعاضد المبادئ وتآخذ المقدمات الموصلة إليها لا يمنع كونها غاية كما في قوله تعالى كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور ونظائره وقيل المعنى إلا ليؤمروا بعبادتي كما في قوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا وقيل المراد سعداء الجنسين كما أن المراد بقوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس أشقياؤهما ويعضده قراءة من قرأ وما خلقت الجن والأنس من المؤمنين وقال مجاهد واختاره البغوى معناه إلا ليعرفوه ومداره قوله صلى اللّه عليه و سلم فيما يحيكه عن رب العزة كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لأعرف ولعل السر في التعبير عن المعرفة بالعبادة على طريق إطلاق اسم السبب على المسبب التنبيه على أن المعتبر هي المعرفة الحاصلة بعبادته تعالى ما يحصل بغيرها كمعرفة الفلاسفة ٥٧ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون بيان لكون شأنه تعالى مع عباده متعاليا عن أن يكون كشأن السادة مع عبيدهم حيث يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم وتهيئة ارزاقهم أى ما اريد أن اصرفهم في تحصيل رزقى ولا رزقهم بل أتفضل عليهم برزقهم وبما يصلحهم ويعيشهم من عندى فليشتغلوا بما خلقوا له من عبادتي ٥٨إن اللّه هو الرزاق الذى يرزق كل ما يفتقر الى الرزق وفه تلويح بأنه غنى عنه وقرىء إني انا الرزاق ذو القوة المتين بالرفع على أنه نعت للرزاق أو لذو أو خبر بعد خبر أو خبر لمضمر وقرىء بالجر على أنه وصف للقوة على تأويل الاقتدار أو الأيد ٥٩فإن للذين ظلموا أى ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بتكذيب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو وضعوا مكان التصديق تكذيبا وهم أهل مكة ذنوبا أى نصيبا وافرا من العذاب مثل ذنوب اصحابهم مثل أنصباء نظرائهم من الأمم المحكية وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالذنوب وهو الدلوالعظيم المملوء فلا يستعجلون أى لا يطلبوا منى أن أعجل في المجىء به يقال استعجله أى حثه على العجلة وأمره بها ويقال استعجله أى طلب وقوعه بالعجلة ومنه قوله تعالى أتى أمر اللّه فلا تستعلجوه وهو جواب لقولهم متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ٦٠فويل للذين كفروا وضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بما في حيز الصلة من الكفر وإشعارا بعلة الحكم والفاء لترتيب ثبوت الويل لهم على أن لهم عذابا عظيما كما ان الفاء الأولى لترتيب النهى عن الاستعجال على ذلك ومن في قوله تعالى من يومهم الذى يوعدون للتعليل أى يوعدونه من يوم بدر وقيل يوم القيامة وهو الأنسب بما في صدر السورة الكريمة الآتية والأول هو الأوفق لما قبله من حيث أنهما من العذاب الدنيوي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم من قرأ والذاريات أعطاه اللّه تعالى عشر حسنات بعدد كل ريح سهبت وجرت في الدنيا |
﴿ ٠ ﴾