ÓõæÑóÉõ ÇáäøóÌúãö ãóßøöíøóÉñ

 æóåöíó ÇËúäóÊóÇäö æó ÓöÊøõæäó ÂíóÉð

ورة النجم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

والنجم إذا هوى المراد بالنجم أما الثرية فإنه اسم غالب له أو جنس النجوم وبهويه غروبه

وقيل طلوعه يقال هوى هويا بوزن قبول إذا غرب وهويا بوزن دخول إذا علا وصعد وأما النجم من نجوم القرآن فهويه نزوله والعامل في إذا فعل القسم بذلك فإنه بمعنى مطلق الوقت منسلخ من معنى الاستقبال كما في قولك آتيك إذا حمر البسر وفي الإقسام بذلك على نزاهته عليه الصلاة و السلام عن شائبة الضلال والغواية من البراعة البديعة وحسن الموقع مالا غاية وراءه أما على الأولين فلأن النجم شأنه أن يهتدى به السارى إلى مسالك الدنيا كانه قبل والنجم الذي يهتدى به السابلة الى سواء السبيل

٢

ما ضل صاحبكم أى ما عدل عن طريق الحق الذى هو مسلك الآخرة

وما غوى أى وما اعتقد باطلا قط أى هو في غاية الهدى والرشد وليس مما تتوهمونه من الضلال والغواية في شيء أصلا وأما على الثالث فلأنه تنويه بشأن القرآن كما اشير إليه في مطلع سورة يس وسورة الزخرف وتنبيه على مناط اهتدائه عليه الصلاة و السلام ومدار رشاده كأنه قيل والقرآن الذى هو علم في الهداية الى مناهج الدين ومسالك الحق ما ضل عنها محمد عليه الصلاة و السلام وما غوى والخطاب لقريش وإيراده عليه الصلاة و السلام بعنوان صاحبيته لهم وللإيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله الشريفة وإحاطتهم خبرا ببراءته عليه الصلاة و السلام مما نفى عنه بالكلية واتصافه عليه الصلاة و السلام بغاية الهدى والرشاد فإن طول صحبتهم له عليه الصلاة و السلام ومشاهدتهم لمحاسن شؤنه العظيمة مقتضية لذلك حتما وتقييد القسم بوقت الهوى على الوجه الأخير ظاهر وأما على الأولين فلأن النجم لا يهتدى به السارى عند كونه في وسط السماء ولا يعلم المشرق من المغرب والا الشمال من الجنوب وإنما يهتدى به عند هبوطه أو صعوده مع ما فيه من كمال المناسبة لما سيحكي من تدلى جبريل من الأفق الأعلى ودنوه منه عليهما السلام هذا هو اللائق بشأن التنزيل الجليل وأما حمل هويه على انتثاره يوم القيامة أو على انقضا النجم الذى يرجم به أو حمل النجم على النبات وحمل هويه على سقوطه على الأرض أو على ظهوره منها فمما لا يناسب المقام

٣

وما ينطق عن الهوى أى وما يصدر نطقه بالقرآن عن هواه ورأيه أصلا فإن المراد استمرار نفى النطق عن الهوى لا نفى استمرار النطق عنه كما مر مرار

٤

ان هو أى ما الذى ينطق به من القرآن

إلا وحى من اللّه تعالى وقوله تعالى

يوحى صفة مؤكده لوحي رافعة لاحتمال المجاز مفيدة للاستمرار التجددي

٥

علمه شديد القوى أى ملك شديد قواه وهو جبريل عليه السلام فإنه الواسطة في إبداء الخوارق وناهيك دليلا على شدة قوته أنه قلع قرى قوم لوط من الماء الأسود الذى هو تحت الثرى وحملها على جناحه ورفعها الى السماء ثم قلبها وصاح بثمود صيحة فأصبحوا جاثمين وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده في اسرع من رجعة الطرف

٦

ذو مرة أى حصافة في عقله ورأيه ومتانة في دينه

فاستوى عطف على علمه بطريق التفسير فإنه الى قوله تعالى ما أوحى بيان لكيفية التعليم اى فاستقام على صورته التى خلقه اللّه تعالى عليها دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحى وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم احب أن يراه في صورته التي جبل عليها وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بحراء فطلع له جبريل عليه السلام من المشرق فسد الأرض من المغرب وملأ الأفق فخر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فنزل جبريل على السلام في صورة الآدميين فضمه الى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير النبي عليه الصلاة ولاسلام فإنه رآه مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء

وقيل استوى بقوته على ما جعل له من الأمر وقوله تعالى

٧

وهو بالأفق الأعلى أى أفق الشمس حال من فاعل استوى

٨

ثم دنا أى أراد الدنو من النبي عليهما الصلاة والسلام

فتدلى أى استرسل من الأفق الأعلى مع تعلق به فدنا من النبي يقال تدلت الثمرة ودلى رجليه من السرير وأدلى دلوه والدوالى الثمر المعلق

٩

فكان أى مقدار امتداد ما بينهما

قاب قوسين اى مقدارهما فإن القاب والقيب والقادر والقيد والقيس المقدار

وقيل فكان جبريل عليه السلام كما في قولك هو منى معقد الإزار

أو أدنى أى على تقديركم كما في قوله تعالى أو يزيدون والمراد تمثيل ملكة الاتصال وتحقق استماعه لما أوحى إليه بنفي البعد الملبس

١٠

فأوحى أى جبريل عليه السلام

إلى عبده عبد اللّه تعالى وإضماره قبل الذكر لغاية ظهوره كما في قوله تعالى ما ترك على ظرهها

ما أوحى أى من الأمور العظيمة التي لا تفى بها العبارة أو فأوحى اللّه تعالى حينئذ بواسطة جبريل ما أوحى قيل أوحى إليه ان الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك

١١

ما كذب الفؤاد أى فؤاد محمد عليه الصلاة و السلام

ما رأى أى ما أراه ببصره من صورة جبريل عليهما السلام أى ما قال فؤداه لما رآه لم أعرفك ولو قال ذلك لكنا كاذبا لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره وقرىء ما كذب أى صدقه ولم يشك أن جبريل بصورته

١٢

أفتمارونه على ما يرى اى أتكذبونه فتجادلونه على ما يراه معاينة أو ابعد ما ذكر من احواله المنافية للمماراة تمارونه من المراء وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مرى الناقة كأن كلا من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه وقرىء أتفمرونه أى أفتغلبونه في المراء من ماريته فمريته ولما فيه من معنى الغلبة عدى بعلى كما يقال غلبته على كذا

وقيل أفتمرونه أفتجحدونه من مراه حقه إذا جحده

١٣

ولقد رآه نزلة أخرى أي وباللّه لقد رأى جبريل في صورته مرة اخرى من النزول نصبت النزلة نصب الظرف الذى هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها

وقيل تقديره ولقدرآه نازلا نزلة أخرى فنصبها على المصدر

١٤

عند سدرة المنتهى هى شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش ثمرها كقلال هجر وورقها كأذان الفيول تنبع من اصلها الأنهار التي ذكرها اللّه تعالى في كتابه يسير الراكب في ظلها سبعين عما لا يقطعها والمنتهى موضع الانتهاء أو الانتهاء كأنها في منتهى الجنة

وقيل إليها ينتهي علم الخلائق وأعمالهم ولايعلم أحد ما وراءها

وقيل ينتهى إليها أرواح الشهداء

وقيل ينتهى إليها ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها قيل إضافة السدرة الى المنتهى أما أضافة الشيء الى مكانه كقولك شجر البستان وإضافة المحل الى الحال كقولك كتاب الفقه والتقدير سدرة

عندها منتهى علوم الخلائق أو إضافة الملك الى المالك على حذف الجار والمجرور أى سدرة المنتهى إليه هو اللّه عز و جل قال تعالى إلى ربك المنتهى

١٥

عندها جنة المأوى اى الجنة التي يأوى إليها المتقون أو أوراح الشهداء والجملة حالية

وقيل الأحسن أن يكون الحال هو الظرف وجنة المأوى مرتفع به على الفاعليه وقوله تعالى

١٦

إذ يغشى السدرة ما يغشى ظرف زمان لرآه لا لما بعده من الجملة المنفية كما قيل فإن ما النافية لا يعمل بعدها فيما قبلها والغشيان بمعنى التغطية والستر ومنه الغواشى أو بمعنى الأتيان يقال فلان يشغاني كل حين أى يأتين والأول هو الأليق بالمقام وفي إبهام ما يغشى من التفخيم مالا يخفى وتأخيره عن المفعول للتشويق إليه أى ولقد رآه عند السدرة وقت ما غشيها مما لا يكتنههه الوصف ولا يفي به البيان كيفا ولا كما وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها البديعة وللإيذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد

وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون اللّه تعالى عندها

وقيل يزورونها متبركين بها كما يزور الناس الكعبة

وقيل يغشاها سبحات انوار اللّه عز و جل حين يتجلى لها كما يتلجى للجبل لكنها أقوى من الجبل وأثبت حيث لم يصبها ما اصابه من ألدك

وقيل يغشاها فراش أو جراد من ذهب وهو قول ابن عباس وابن مسعود والضخاك وروى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح اللّه تعالى وعنه عليه الصلاة و السلام يغشاها رفرف من طير خضر

١٧

ما زاغ البصر أى ما مال بصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عما رآه

وما طغى وما تجاوزه مع ما شاهده هناك من الأمور العجيبة المذهلة مالا يحصى بل أثبته إثباتا صحيحا متيقنا أوما عدل عن رؤية العجائب التي أمر ابرؤيتها ومكن منها وما جاوزها

١٨

لقد رأى من آيات ربه الكبرى أى واللّه لقد راى الآيات التي هي كبراها وعظماها حين عرج به الى السماء فأرى عجائب الملك والملكوت مالا يحيط به نطاق العبارة ويجوز ان تكون الكبرى صفة للآيات والمفعول محذوف أى شيئا عظيما من آيات ربه وأن تكون من مزيدة

١٩

انظر تفسير الآية: ٢٠

٢٠

أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى هي اصنام كانت لهم فاللات كانت لثقيف بالطائف

وقيل لقريش بنخلة وهي فعله من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها ويطوفون بها وقرىء بتشديد التاء على انه اسم فاعل اشتر به رجل كان يلت السمن بالزيت ويطعمه الحاج

وقيل كان يلت السويق بالطائف ويطعمه الحاج فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه

وقيل كان يجلس على حجر فلما مات سمى الحجر باسمه وعبد من دون اللّه

وقيل كان الحجر على صورته والعزى تأنيث الأعز كانت لغطفان رهى سمرة كانوا يعبدونها فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانه ناشرة شعرها واضعة يدها على رأسها وهي تولول فجعل خالد يضربها بالسيف حتى قتلها فأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال تلك العزى ولن تعبد أباد ومناة صخرة لهذيل وخزاعة

وقيل لثقيف وكأنها سميت مناة لأن دماء النسائك تمنى عندها أى تراق وقرىء ومناءة وهي مفعلة من النواء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها والأخرى صفة ذم لها وهي المتأخرة الوضيعة المقدار وقد جوزأن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى ثم أنهم كانوا مع ما ذكر من عبادتهم لها يقولون إن الملائكة وتلك الأصنام بنات اللّه تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا فقيل لهم توبيخا وتبكيتاأفرأيتم الخ والهمزة للإنكار والفاء لتوجيهه الى ترتيب الرؤية على ما ذكر من شؤن اللّه تعالى المنافية لها غاية المنافاة وهي قلبية ومفعولها الثاني محذوف لدلالة الحال عليه فالمعنى عقيب ما سمعتم من اثار كمال عظمة اللّه عز و جل في ملكه وملكوته وجلاله وجبروته وأحكام قدرته ونفاذ امره في الملأ الأعلى وما تحت الثرى ومابينهما رأيتم هذه الأصنام مع غاية حقارتها وقماءتها بنات له تعالى

وقيل المعنى أفراءيتم هذه الأصنام مع حقراتها وذلتها شركاء اللّه تعالى مع ما تقدم من عظمته

وقيل أخبرون عن آلهتكم هل لها شئ من القدرة والعظمة الت وصف بها رب العزة في الآى السابقة

وقيل المعنى أظننتم أن هذه الأصنام التي تعبدونها تنفعكم

وقيل أظننتم أنها تشفع لكم في الآخرة

وقيل أفرأيتم الى هذه الأصنام إن عبدتموها لا تنفعكم وإن تركتموها لا تضركم والأول هو الحق كما يشهد به قوله تعالى

٢١

ألكم الذكر وله الأنثى شهادة بينة فإنه توبيخ مبني على التوبيخ الأول وحيث كان مداره تفضيل جانب أنفسهم على حنابة تعالى بنسبتهم إليه تعالى الإناث مع اختيارهم لأنفسهم الذكور وجب أن يكون مناط الأول نفس تلك النسبة حتى يتسنى بناء التوبيخ الثان وعليه ظاهر ان ليس في شيء من التقديرات المذكورة من تلك النسبة عين ولا أثر وأما ما قيل من أن هذه الجملة مفعول ثاني للرؤية وخلوها عن العائد الى المفعول الأول لما أن الأصل أخبروني ان اللات والعزى ومناة ألكم الذكر وله هن أى تلك الأصنام فوضع موضع الأنثى لمراعاة الفواصل وتحقيق مناط التوبيخ فمع ما فهي من التمحلات التي ينبغي تنزيه ساحة التنزيل عن امثالها يقتضي اقتصار التوبيخ على ترجيح جانبهم الحقير على جناب اللّه العزيز الجليل من غير تعرض للتوبيخ على نسبة الولد إليه سبحانه

٢٢

تلك إشارة الى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية

إذا قسمة ضيزى أى جائرة حيث جعلتم له تعالى ما تستنكرون

منه وهى فعلى من الضيز وهو الجور لكنه كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل في بيض فإن فعلى بالكسر لم يأت في الوصف وقرىء ضئزى بالهزة من ضازة إذا ظلمه على انه مصدر نعت به وقرىء ضيزي أما على انه مصدر وصف به كدعوى أو على أنه صفة كسكرى وعطشى

٢٣

إن هى الضمير للأصنام أى ما الأصنام باعتبار الأولوهية التي يدعونها

إلا أسماء محضة ليس تحتها مما تنبىء هي عنه من معنى الأولوهية شىء ما أصلا وقوله تعالى

سميتوها صفة لأسماء وضميرها لها لا للأصنام والمعنى جعلتموها أسماء لا جعلتم لها أسماء فإن التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فإذا قيست إلى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإن قيست الى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وإنما اختير ههنا المعنى الأول من غير تعرض للمسمى لتحقيق أن تلك الأصنام التي يسمونها آلهة أسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما في قوله تعالى ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها الآية لا أن هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية

وقيل هي للأسماء الثلاثة المذكورة حيث كانوا يطلقونها على تلك الأصنام لاعتقادهم أنها تستحق العكوف على عبادتها والإعزاز والتقرب إليها بالقرابين وأنت خبير بأنه لو سلم دلالة الأسماء المذكورة على ثبوت تلك المعاني الخاصة للأصنام فليس في سلبها عنها مزيد فائدة بل إنما هي في سلب الألوهية عنها كما هو زعمهم المشهور في حق جميع الأصنام على وجه برهاني فإن انتفاء الموصوف يقتضي انتفاء الوصف بطريق الأولوية أى ما

هي إلا أسماء خالية عن المسميات وضعتموها أنتم ولا آباؤكم بمقتضى أهوائكم الباطلة

ما أنزل اللّه بها من سلطان برهان تتعلقون به

إن يتبعون التفات الى الغيبة للإذيان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الأعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم أى ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها

إلا الظن إلا توهم أن ما هم عليه حق توهما باطلا

وما تهوى الأنفس أى تشتهيه أنفسهم الأمارة بالسوء

ولقد جاءهم من ربهم الهدى قيل هي حال من فاعل يتبعون أو اعتراض وأيا ما كان ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن وهو النفس وزيادة تقبيح لحالهم فإن اتباعهما من اي شخص كان قبيح وممن هداه اللّه تعالى بإرسال الرسول صلى اللّه عليه و سلم وإنزال الكتاب أقبح

٢٤

أم للإنسان ما تمنى أم منقطعة وما فيها من بل للانتقال من بيان أن ما هم عليه مستند إلا إلى توهمهم وهى أنفسهم الى بيان ان ذلك مما لا يجدى نفعا أصلا والهمزة للإنكار والنفى أى ليس للإنسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسه من الأمور التي من جملتها أطماعهم الفارغة في شفاعة الآلهة ونظائرها التي لا تكاد تدخل تحت الوجود

٢٥

فللّه الآخرة والأولى تعليل لانتفاء أن يكون للإنسان ما يتمناه حتما فإن اختصاص أمور الآخرة والأولى جميع به تعالى مقتض لانتفاء أن يكون له أمر من الأمور وقوله تعالى

٢٦

وكم من ملك في السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا إقناط لهم عما علقوا به أطماعهم من شفاعة الملائكة لهم موجب لإقناطهم من شفاعة الأصنام بطريق الأولوية وكم خبرية مفيده للتكثير محلها الرفع على الابتداء والخبر هي الجملة المنفية وجمع الضمير في شفاعتهم مع إفراد الملك باعتبار المعنى أى وكثير من الملائكة لا تغنى شفاعتهم عند اللّه تعالى شيئا من الإغناء في وقت من الأوقات

إلأ من بعد أن يأذن اللّه لهم في الشفاعة

لمن يشاء أن يشفعوا له

ويرضى ويراه أهلا للشفاعة من أهل التوحيد والإيمان وأما من عداهم من أهل الكفر والطغيان فهم من إذن اللّه تعالى بمعزل ومن الشفاعة ألف منزل فإذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر فما ظنهم بحال الأصنام

٢٧

إن الذين لا يؤمنون بالآخرة وبما فيها من العقاب على ما يتعاطونه من الكفر والمعاصى

ليسمون الملائكة المنزهين عن سمات النقصان على الإطلاق يسمون كل واحد منهم

تسمية الأثنى فإن قولهم الملائكة بنات اللّه قول منهم بأن كلا منهم بنته سبحانه وهي التسمية بالأنثى وفي تعليقها بعدم الإيمان بالآخرة إشعار بأنها في الشناعة والفظاعة واستتباع العقوبة في الآخرة بحيث لا يجترىء عليها إلا من يؤمن بها رأسا وقوله تعالى

٢٨

وما لهم به من علم حال من فاعل يسمون أى يسمونه والحال أنه لا علم لهم بما يقولون اصلا وقرىء بها أى بالملائكة أو بالتسمية

أن يتبعون في ذلك

إلاالظن الفاسد وإن الظن أى جنس الظن كما يلوح به الإظهار في موقع الإضمار

لا يغني من الحق شيئا من الأغناء فإن الحق الذى هو عبارة عن حقيقة الشىء لا يدرك إلا بالعلم والظن لا اعتداد به في شأن المعارف الحقيقية وإنما يعتد به في العمليات وما يؤدي إليها

٢٩

فأعرض عمن تولى عن ذكرنا أي عنهم ووضع الموصول موضع ضميرهم للتوسل به الى وصفهم بما في حيز صلته من الأوصاف القبيحة وتعليل الحكم بها أى فأعرض عمن أعرض عن ذكرنا المفيد للعلم اليقيني وهو القرآن المنطوى على علوم الأولين والآخرين المذكر لأمور الآخرة أو عن ذكرنا كما ينبغي فإن ذلك مستتبع لذكر الآخرة وما فيها من الأمور المرغوب فيها والمرهوب عنها

ولم يرد إلا الحياة الدنيا راضيا بها قاصرا نظره عليها والمراد النهى عن دعوته والاعتناء بشأنه قال من أعرض عما ذكر وانهمك في الدنيا بحيث كانت هي منتهى همته وقصارى سعيه لا تزيده الدعوة الى خلافها إلا عنادا وإصرارا على الباطل

٣٠

ذلك اى ما أداهم الى ما هم فيه من التولى وقصر الإرادة على الحياة الدنيا

مبلغهم من العلم لا يكادون يجاوزونه الى غيره حتى تجديهم الدعوة والإرشاد وجمع الضمير في مبلغهم باعتبار معنى من كما أن إفراده فيما سبق باعتبار لفظها والمراد بالعلم مطلق الإدراك المنتظم للظن الفاسد والجملة اعتراض مقرر لمضمون ما قبلها من قصر الإرادة على الحياة الدنيا وقوله

تعالى إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى تعليل للأمر بالإعراض وتكرير قوله تعالى هو أعلم لزيادة التقرير والايذان بكمال تباين المعلومين والمراد بمن ضل من أصر عليه ولم يرجع الى الهدى أصلا وبمن اهتدى من من شأنه الأهتداء في الجملة أى هو المبالغ في العلم بمن لا يرعوى عن الضلال أبدا وبمن يقبل الأهتداء في الجملة لا غيره فلا تتعب نفسك في دعوتهم فإنه من القبيل الأول وفي تعليل الأمر بإعراضه عليه السلام عن الاعتناء بأمرهم باقتصار العلم بأحوال الفريقين عليه تعالى رمز الى انه تعالى يعاملهم بموجب علمه بهم فيجزي كلا منهم بما يليق به من الجزاء ففيه وعيد ووعد ضمنا كما سيأتي صريحا

٣١

وللّه ما في السموات وما في الأرض أى خلقا وملكا لالغيره أصلا لا استقلال ولا اشتراكا وقوله تعالى

ليجزى الخ متعلق بما دل عليه أعلم الخ وما بينهما اعتراض مقرر لما قبله فإن كون الكل مخلوقا له تعالى مما يقرر علمه تعالى بأحوالهم ألا يعلم من خلق كأنه قيل فيعلم ضلال من ضل واهتداء من اهتدى ويحفظهما

ليجزى الذين أساؤا بما علموا أى بعقاب ما عملوا من الضلال الذى عبر عنه بالإساءة بيانا لحاله أو بسبب ما عملوا

ويجزى الذين أحسنوا أىاهتدوا

بالحسنى اى بالمثوبة الحسنى التي هي الجنة أو بسبب أعمالهم الحسنى

وقيل متعلق بما دل عليه قوله تعالى وللّه ما في السموات وما في الأرض كانه قيل خلق ما فيهما ليجزى الخ

وقيل متعلق بضل واهتدى على أن اللام للعاقبة أى هو أعلم بمن ضل ليؤول أمره إلى ان يجزيه اللّه تعالى بعمله وبمن اهتدى ليؤول أمره الى أن يجزيه بالحسنى وفيه من البعد مالا يخفى وتكرير الفعل لإبراز كمال الاعتناء بأمر الجزاء والتنبيه على تباين الجزاءين

٣٢

الذين يجتنبون كبائر الإثم بدل من الموصول الثان وصيغة الاستقبال في صلته للدلالة على تجدد الاجتناب أو استمراره أو بيان أو نعت أو منصوب على المدح وكبائر الإثم ما يكبر عقابه من الذنوب وهو ما رتب عليه الوعيد بخصوصه وقرىء كبير الإثم على إرادة الجنس أو الشرك

والفواحش وما فحش من الكبائر خصوصا

إلا اللمم أي إلا ما قل وصغر فإنه مغفور ممن يجتنب الكبائر قيل هي النظرة والغمزة والقبلة

وقيل هي الخطرة من الذنب

وقيل كل ذنب لم يذكر اللّه عليه حدا ولا عذابا

وقيل عادة النفس الحين بعد الحين والاستثناء منقطع

إن ربك واسع المغفرة حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر فالجملة تعليل لاستثناء اللمم وتنبيه على ان إخراجه عن حكم المؤاخذة به ليس لخلوه عن الذنب في نفسه بل لسعة المغفرة الربانية

وقيل المعنى له أن يغفر لمن يشاء من المؤمنين ما يشاء من الذنوب صغيرها وكبيرها لعل تعقيب وعد المسييئين ووعد المحسنين بذلك حينئذ لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته تعالى ولا يتوهم وجوب العقاب عليه تعالى

هو أعلم بكم أى بأحولكم يعلمها

إذا أنشأكم في ضمن إنشاء أبيكم آدم عليه السلام

من الأرض إنشاء إجماليا حسبما مر تقريره مرارا

وإذ أنتم أجنة أى وقت كونكم أجنة

في بطون أمهاتكم على أطوار مخلتفة مترتبة لا يخفى عليها حال من أحوالكم وعمل من أعمالكم التي من جملتها اللمم الذي لولا المغفرة الواسعة لأصابكم وباله فالجملة استئناف مقرر لما قبلها والفاء في قوله تعالى

فلا تزكوا أنفسكم لترتيب النهى عن تزكية النفس على ما سبق من أن عدم المؤاخذة باللمم ليس لعدم كونه من قبيل الذنوب بل لمحض مغفرته تعالى مع علمه بصدروه عنكم أى إذا كان الأمر كذلك فلا تثنوا عليها بالطهارة عن المعاصى بالكلية أو بما يستلزمها من زكاء العمل ونماء الخير بل اشكروا اللّه تعالى على فضله ومغفرته

هو أعلم بمن اتقى المعاصى جميعا وهو استئناف مقرر للنهى ومشعر بان فيهم من يتقيها بأسرها

وقيل كان ناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا فنزلت وهذا إذا كان بطريق الإعجاب أو الرياء فأما من اعتقدان ما عمله من الأعمال الصالحة من اللّه تعالى وبتوفيقه وتأييده ولم يقصد به التمدح لم يكن من المزكين أنفسهم فإن المسره بالطاعة طاعة وذكرها شكر

٣٣

أفرأيت الذى تولى أى عن اتباع الحق والثبات عليه

٣٤

وأعطى قليلا أى شيئا قليلا أو إعطاء قليلا

وأكدى أى قطع العطاء

من قولهم أكدى الحافر إذا بلغ الكدية أى الصلابة كالصخرة فلا يمكنه أن يحفر قالوا نزلت في الوليد ابن المغيرة كان يتبع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فعيره بعض المشركين وقال له تركت دين الأشياخ وضللتهم فقال أخشى عذاب اللّه فضمن أن يتحمل عنه العذاب إن أعطاه بعض ماله فارتد وأعطاه بعض المشروط وبخل بالباقي

وقيل نزلت في العاص بن وائل السهمي لما كان يوافق النبي عليه الصلاة و السلام في بعض الأمور

وقيل في أبي جهل كان ربما يوافق الرسول عليه الصلاة و السلام في بعض الأمور وكان يقول واللّه ما يأمرنا محمد إلا بمكارم الأخلاق وذلك قوله تعالى واعطى قليلا وأكدى والأول هو الأشهر المناسب لما بعده من قوله تعالى

٣٥

أعنده علم الغيب فهو يرى الخ أى اعنده علم بالأمور الغيبية التي من جملتها تحمل صاحبه عنه يوم القيامة

٣٦

  انظر تفسير الآية: ٣٧

٣٧

ام لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذى وفي اى وفر واتم ما ابتلى به من الكلمات أو أمر به أو بالغ في الوفاء بما عاهد اللّه وتخصيصه بذلك لاحتماله مالم يحتمله غيره كالصبر على نار نمروذ حتى إذا أنه أتاه جبريل عليه السلام حين يلقى في النار فقال ألك حاجة فقال أما إليك فلا وعلى ذبح الولد ويروى انه كان يمشى كل يوم فرسخا يرتاد ضيفا فإن وافقه أكرمه وإلا نوى الصوم وتقديم موسى لما ان صحفه التي هي التوارة أشهر عندهم وأكثر

٣٨

ألا تزر وزارة وزر أخرى أى أنه لا تحمل نفس من شأنها الحمل حمل نفس أخرى على أن أن هي المخففة من الثقيلة وضمير الشأن الذى هو اسمها محذوف والجملة المنفية خبرها ومحل الجملة الجر على أنها بدل مما في صحف موسى أو الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل ما في صحفهما فقيل هو ان لا تزر الخ والمعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ليتخلص الثاني عن عقابه ولا يقدح في ذلك قوله عليه الصلاة و السلام من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة فإن ذلك وزر الإضلال الذى هو وزره وقوله تعالى

٣٩

وأن ليس للإنسان إلا ما سعى بيان لعدم انتفاع الإنسان بعمل غيره من حيث جلب النفع إليه إثر بيان عدم انتفاعه به من حيث دفع الضرر عنه وأما شفاعة الأنبياء عليهم السلام واستغفار الملائكة عليهم السلام ودعاء الأحياء للأموات وصدقتهم عنهم وغير ذلك مما لا يكاد يحصى من الأمور النافعة للإنسان مع انها ليست من عمله قطعا فحيث كان مناط منفعة كل منها عمله الذى هو الإيمان والصلاح ولم يكن لشىء منها نفع ما بدونه جعل النافع نفس عمله وإن كان بانضمام عمل غيره إليه وأن مخففة كاختها معطوفة عليها وكذا قوله تعالى

٤٠

وان سعيه سوف يرى أى يعرض عليه ويكشف له يوم القيامة في صحيفته وميزانه من أريته الشىء

٤١

ثم يجزاه أى يجزى الإنسان سعيه يقال جزاه اللّه بعمله وجزاه على عمله وجزاه عمله بحذف الجار وإيصال الفعل ويجوز أن يجعل الضمير للجزاء ثم يفسر بقوله تعالى

الجزاء الأوفى أو يبدل هو عنه كما في قوله تعالى وأسروا النجوى الذين ظلموا

٤٢

وأن الى ربك المنتهى أى انتهاء الخلق ورجوعهم إليه تعالى لا إلى غيره استقلالا ولا إشتراكا وقرىء بكسران على الابتداء

٤٣

وأنه هو أضحك وأبكى أى هو خلق قوتى الضحك والبكاء

٤٤

وإنه هو أمات وأحيا لا يقدر على الإماتة والإحياء غيره فإن أثر القاتل نقض البنية وتفريق الأتصال وإنما يحصل الموت عنده بفعل اللّه تعالى على العادة

٤٥

انظر تفسير الآية: ٣٧

٤٦

وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة أذا تمنى تدفق في الرحم أو تخلق أو يقدر منها الولد من مى بمعنى قدر

٤٧

وأن عليه النشأة الأخرى اى الإحياء بعد الموت وفاء بوعده وقرىء النشاءة بالمد وهي أيضا مصدر نشأة

٤٨

وإنه هو أغنى وأقنى وأعطى القنية وهي ما يتأثل من الأموال وأفردها بالذكر لأنها أشرف الأموال أو ارضى وتحقيقه جعل الرضا له قنية

٤٩

وأنه هو رب الشعرى أى رب معبودهم وهي العبور وهي أشد ضياء من الغميصاء وكانت خزاعة تعبدها سن لهم ذلك أبو كبشة رجل من اشرافهم وكانت قريش تقول لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبو كبشة تشبيها له عليه الصلاة و السلام به لمخالفته إياهم في دينهم

٥٠

وأنه أهلك عادا الأولى هي قوم هود عليه السلام وعاد الأخرى إرم

وقيل الأولى القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح وقرىء عاد الأولى بحذف الهمزة ونقل ضمتها الى اللام وعاد لولى بادغام التنوين في اللام وطرح همزة أولى وثقل حركتها الى لام التعريف

٥١

وثمود عطف على عادا لأن ما بعده لا يعمل فيه وقرىء وثمودا بالتنيون

فما أبقى أى أحدا من الفريقين

٥٢

وقوم نوح عطف عليه أيضا

من قبل أى من قبل إهلاك عاد وثمود

إنهم كانوا هم أظلم وأطغى من الفريقين حيث كانوا يؤذونه وينفرون الناس عنه وكانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه وكانوا يضربونه عليه الصلاة و السلام حتى لا يكون به حراك وما أثر فيهم دعاؤه قريبا من ألف سنة

٥٣

والمؤتفكة هي قرى قوم لوط ائتفكت بأهلها أى انقلبت بهم

اهوى أى أسقطها الى الأرض بعد ان رفعها على جناح جبريل عليه السلام الى السماء

٥٤

فغشاها ما غشى من فنون العذاب وفيه من التهويل والتفظيع مالا غاية وراءه

٥٥

فبأى آلاء ربك تتمارى تتشكك والخطاب للرسول عليه الصلاة و السلام على طريقة قوله تعالى لئن اشركت ليحبطن عملك أو لكل أحد وإسناد فعل التمارى الى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقة فإن صيغة التفاعل وإن كانت موضوعه لإفادة صدور الفعل عن المتعدد ووقوعه عليه بحيث يكون كل من ذلك فاعلا ومفعولا معا لكنها قد تجرد عن المعنى الثاني فيراد بها المعنى الأول فقط كما في يتداعونهم اى يدعونهم وقد تجرد عنهم أيضا فيكتفى بتعدد الفعل بتعدد متعلقة كما فيما نحن فيه فإن المراء متعدد بتعدد الآلاء فتدبر وتسمية الأمور المعدودة آلاء مع أن بعضها نقم لما انها أيضا نعم من حيث إنها نصرى للأنبياء والمؤمنين وانتقام لهم وفيها عظات وعبر للمعتبرين

٥٦

هذا نذير من النذر الأولى هذا أما إشارة إلى القرآن والنذير مصدر أو إلى الرسول عليه الصلاة و السلام والنذير بمعنى المنذر وأيا ما كان فالتنوين للتفخيم ومن متعلقة بمحذوف هو نعت لنذير مقرر له ومتضمن للوعيد اى هذا القرآن الذى تشاهدونه نذير من قبيل الإنذارات المتقدمة التي سمعتم عاقبتها أو هذا الرسول منذر من جنس المنذرين الأولين والأولى على تأويل الجماعة لمراعاة الفواصل وقد علمتم احوال قومهم المنذرين وفي تعقيبه بقوله تعالى

٥٧

أزفت الآزفة إشعار بان تعذيبهم مؤخر الى يوم القيامة أى دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله تعالى اقتربت الساعة

٥٨

ليس لها من دون اللّه كاشفة أى ليس لها نفس قادرة على كشفها عند وقوعها إلا اللّه تعالى لكنه لا يكشفها أو ليس لها الآن نفس كاشفة بتأخيرها إلا اللّه تعالى فإنه المؤخر لها أو ليس لها كاشفة لوقتها إلا اللّه تعالى كقوله تعالى لا يجليها لوقتها إلا هو أو ليس لها من غير اللّه تعالى كشف علىأن كاشفة مصدر كالعافية

٥٩

أفمن هذا الحديث أى القرآن

تعجبون إنكارا

٦٠

وتضحكون استهزاء مع كونه أبعد شيء من ذلك

ولا تكون حزنا على ما فرطتم في شانه وخوفا من ان يحيق بكم ما حاق بالأمم المذكروة

٦١

وأنتم سامدون أى لاهون أو مستكبرون من سمد البعير إذا رفع رأسه أو مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود بمعنى الغناء على لغة حمير أو خاشعون جامدون من السمود بمعنى الجمود والخشوع كما في قول من قال

... رمى الحدثان نسوة آل سعد بمقدار سمدن له سجودا ...

فرد شعروهن السود بيضا ورد وجوههن البيض سودا ...

والجملة حال من فاعل لا تبكون خلا أن مضمونها على الوجه الأخير قيد للمنفى والإنكار وارد على نفى البكاء والسمود معا وعلى الوجوه الأول قيد للنفى والإنكار متوجه الى نفى البكاء ووجود السمود والأول أوفى بحق المقام فتدبر والفاء في قوله تعالى

٦٢

فاسجدوا للّه واعبدوا لترتيب الأمر أو موجبه على ما تقرر من بطلان مقابلة القرآن بالإنكار والاستهزاء ووجوب تلقيه بالإيمان مع كمال الخضوع والخشوع أى وإذا كان الأمر كذلك فاسجدوا للّه الذى أنزله واعبدوا عن النبي عليه الصلاة و السلام

من قرأ سورة النجم اعطاه اللّه تعالى عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وجحد به بمكة شرفها اللّه تعالى

﴿ ٠