ÓõæÑóÉõ ÇáúãõÌóÇÏóáóÉö ãóÏóäöíøóÉñ æóåöíó ÇËúäóÊóÇäö æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð سورة المجادلةالصلاة والسلام وأصحابه والمعنى لئلا يعتقد اهل الكتاب أنه لا يقدر النبي عليه الصلاة و السلام والمؤمنون به على شيء من فضل اللّه الذى هو عبارة عما أوتوه من سعادة الدارين على أن عدم علمهم بعدم قدرتهم على ذلك كناية عن علمهم بقدرتهم عليه فيكون قوله تعالى وأن الفضل بيد اللّه الخ عطفا على ان لا يعلم عن النبي صلى اللّه عليه و سلم من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا باللّه ورسله بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١قد سمع اللّه بإظهار الدال وقرىء بادغامها في السين قول التي تجادلك في زوجها أى تراجعك الكلام في شأنه وفيما صدر عنه في حقها من الظهار وقرىء تحاورك وتحاولك أى تسائلك وتشتكى إلى اللّه عطف على تجادلك أى تتضرع إليه تعالى وقيل حال أى من فاعله تجادلك وهى متضرعة إليه تعالى وهي خولة بنت ثعلبة بن مالك بن خرامة الخزرجية ظاهر عنها زوجها أوس بن الصامت أخو عبادة ثم ندم على ما قال فقال لها ما أظنك إلا قد حرمت على فشق عليها ذلك فاستفتت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال حرمت عليه فقالت يا رسول اللّه ما ذكر طلاقا فقال حرمت عليه وفي رواية ما أراك إلا قد حرمت عليه في المرار كلها فقالت أشكوا الى اللّه فاقتى ووجدى وجعلت تراجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وكلما قال عليه الصلاة و السلام حرمت عليه هتفت وشكت الى اللّه تعالى فنزلت وفي كلمة قد أشعار بان الرسول عليه الصلاة و السلام والمجادلة كانا يتوقعان أن ينزل اللّه تعالى حكم الحادثة ويفرج عنها كربها كما يلوح به ما روى أنه عليه الصلاة و السلام قال لها عند استفتهائها ما عندى في أمرك شيء وانها كانت ترفع رأسها الى السماء وتقول أشكو إليك فأنزل على لسان نبيك ومعنى سمعه تعالى لقولها إجابة دعائها لا مجرد علمه تعالى بذلك كما هو المعنى بقوله تعالى واللّه يسمع تحاوركما أى يعلم تراجعكما الكلام وصيغة المضارع للدلالة على استمرار السمع حسب استمرار التحاور وتجدده وفي نظمها في سلك الخطاب تغليبا تشريف لها من جهيتين والجملة استئناف مجرى التعليل لما قبله فإن إلحافها في المسألة ومبالغتها في التضرع الى اللّه تعالى ومدافعته عليه الصلاة و السلام إياها بجواب منبىء عن التوقف وترقب الوحى وعلمه تعالى بحالها من دواعى الإجابة وقيل هي حال وهو بعيد وقوله عز و جل إن اللّه سميع بصير تعليل لما قبله بطريق التحقيق أى مبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات ومن قضيته أن يسمع تحاورهما ويرى ما يقارنه من الهيئات الي من جملتها رفع رأسها الى السماء وسائر آثار التضرع وإظهار الاسم الجليل في الموقعين لتربية المهابة وتعليل الحكم بوصف الألوهية وتأكد استقلال الجملتين وقوله تعالى و ٢الذين يظاهرون منكم من نسائهم شروع في بيان شأن الظهار في نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا بطريق الاستئناف والظهار أن يقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر امي مشتق من الظهر وقد مر تفصيله في الأحزاب وألحق به الفقهاء تشبيهها بجزء محرم وفي منكم مزيد توبيخ للعرب وتهجين لعادتهم فيه فإن كان من إيمان اهل جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم وقرىء يظاهرون ويظهرون وقوله تعالى ما هن أمهاتهم خبر للموصول أى ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت وقرىء أمهاتهم بالرفع على لغة تميم وبأمهاتهم إن أمهاتهم أى ما هن إلا اللائي ولدنهم فلا تشبه بهن في الحرمة إلا من ألحقها الشرع بهن من المرضعات وأزواج النبي عليه الصلاة و السلام فدخلن بذلك في حكم الأمهات وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة وإنهم ليقولون بقولهم ذلك منكرا من القول على ان مناط التأكيد ليس صدور القول عنهم فإنه امر محقق بل كونه منكرا أى عند الشرع وعند العقل والطبع أيضا كما يشعر به تنكيره ونظيره قوله تعالى إنكم لتقولون قولا عظيما وزورا أى محرفا عن الحق وإن اللّه لعفو غفور أى مبالغ في العفو والمغفرة فيغفر لما سلف منه على الإطلاق أو بالمتاب عنه وقوله تعالى ٣والذين يظاهون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا تفصيل لحكم الظهار بعد بيان كونه امرا منكرا بطريق التشريع الكلى المنتظم لحكم الحادثة انتظاما أوليا أى والذين يقولون ذلك القول المنكر ثم يعودون لما قالوا أي الى ما قالوا بالتدراك والتلافى لا بالتقرير والتكرير كما في قوله تعالى أن تعودوا لمثله أبدا فإن اللام والى تتعاقبان كثيرا كما في قوله تعالى هدانا لهذا وقوله تعالى بأن ربك أوحى لها وقوله تعالى واوحى الى نوح فتحرير رقبه اى فتدراكه أو فعليه أو فالواجب إعتاق رقبة أى رقبة كانت وعند الشافعي رحمه اللّه تعالى يشترط الإيمان والفاء للسببية ومنه فوائدها الدلالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار وقيل ما قالوا عبارة عما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلا للقول منزلة المقول فيه كما ذكر في قوله تعالى ونرثه ما يقول أى المقول فيه من المال والولد فالمعنى ثم يريدون العود للاستمتاع فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا أى من قبل أن يستمتع كل من المظاهر والمظاهر منها بالآخر جماعا ولمسا ونظرا الى الفرج شهوة وإن وقع شيء من ذلك قبل التكفير يجب عليه أن يستغفر ولا يعود حتى يكفر وإن أعتق بعض الرقبة ثم مس عليه أن يستأنف عند أبى حنيفة رحمه اللّه تعالى ذلكم إشارة الى الحكم المذكور وهو مبتدأ خبره توعظون به أى ترجرون به عن ارتكاب المنكر المذكور فإن الغرامات مزاجر عن تعاطي الجنايات والمراد بذكره بيان أن المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعويضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذى هو علم في استباع الثواب العظيم بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه واللّه بما تعملون من الأعمال الي من جملتها التكفير ومايوجبه من جناية الظهار خبير أى عالم يظواهرها وبواطنها ومجازيكم بها فحافظوا على حدود ما شرع لكم ولا تخلوا بشيء منها ٤فمن لم يجد أى الرقبة فصيام شهرين أى فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ليلا أو نهارا عمادا أو خطأ فمن لم يستطع اى الصيام لسبب من الأسباب فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع من بر أو صاع من غيره ويجب تقديمه على المسيس لكن لا يستأنف إن مس في خلال الإطعام ذلك إشارة الى ما مر من البيان والتعليم للأحكام والتنبيه عليها وما فيه من معنى البعد قد مر سرده مرارا وملحه أما الرفع على الابتداء أو النصب بمضمر معلل بما بعده أى ذلك واقع أو فعلنا ذلك لتؤمنوا باللّه ورسوله وتعملوا بشرائعه التي شرعها لكم وترفضوا ما كنتم عليه في جاهليتكم وتلك إشارة الى الأحكام المذكورة وما فيه من معنى البعد لتعظيمها كما مر غير مرة حدود اللّه التي لا يجوز تعديها وللكافرين أى الذين لا يعملون بها عذاب أليم عبر عنه بذلك للتغليظ على طريقة قوله تعالى ومن كفر فإن اللّه غنى عن العالمين ٥إن الذين يحادون اللّه ورسوله أى يعادونهما ويشاقونهما فإن كلا من المتعاديين كما انه يكون في عدوة وشق غير عدوة الآخر وشقه كذلك يكون في حد غير حد الآخر غير أن لورود المحادة في أثناء ذكر حدود اللّه دون المعاداة والمشاقة من حسن الموقع مالا غاية وراءه كبتوا أى أخزوا وقيل خذلوا وقيل أذلوا وقيل أهلكوا وقيل لعنوا وقيل غيظوا وهو ما وقع يوم الخندق قالوا معنى كبتوا سيكبتون على طريقة قوله تعالى أتى أمر اللّه وقيل أصل الكبت الكب كما كبت الذين من قبلهم من كفار الأمم الماضية المعادين للرسل عليهم الصلاة والسلام وقد أنزلنا آيات بينات حال من واو كبتوا أى كبتوا لمحادتهم والحال أن قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حاد اللّه ورسوله ممن قبلهم من الأمم وفيما فعلنا بهم وقيل آيات تدل على صدق وصحة ما جاء به وللكافرين أى بتلك الآيات أو بكل ما يجب الإيمان به فيدخل فيه تلك الآيات دخولا أوليا عذاب مهين يذهب بعزهم وكبرهم ٦يوم يبعثهم اللّه منصور بما تعلق به اللام من الاستقرار أو بمهين أو بإضمار اذكر تعظيما لليوم وتهويلا له جميعا أى كلهم بحيث لا يبقى منهم احد غير مبعوث أو مجتعين في حالة واحدة فينبئهم بما علموا من القبائح ببيان صدورها عنهم أو بتصويرها في تلك النشاة بما يليق بها من الصور الهائلة على رؤوس الاشهاد تخجيلا لهم وتشهيرا بحالهم وتشديدا لعذابهم وقوله تعالى أحصاه اللّه استئناف وقع جوابا عما نشا مما قبيله من السؤال أما عن كيفية التنبئة أو عن سببها كأنه قيل كيف ينبئهم بأعمالهم وهي أعراض متقضية متلاشية فقيل أحصاه اللّه عددا لم يفته منه شيء فقوله تعالى ونسوه حينئذ حال من مفعول أحصى بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور أو قيل لم ينبئهم بذلك فقيل أحصاه اللّه ونسوه فينبئهم به ليعرفوا أن ما عاينوه من العذاب إنما حاق بهم لأجله وفيه مزيد توبيخ وتنديم لهم غير التخجيل والتشهير واللّه على كل شيء شهيد لا يغيب عنه امر من الأمور قط والجملة اعتراض تذييلي مقرر لإحصائه تعالى وقوله تعالى ٧ألم تر ان اللّه يعلم ما في السموات وما في الأرض استشهاد على شمول شهادته تعالى كما في قوله تعالى ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم في ربه وفي قوله تعالى ألم تر أنهم في كل واد يهيمون أي ألم تعلم علما يقينا متاخما للمشاهدة بأنه تعالى يعلم ما فيهما من الموجودات سواء كان ذلك بالاستقرار فيهما أو بالجزئية منهما وقوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الخ استئناف مقرر لما قبله من سعة علمه تعالى ومبين لكيفيته ويكون من كان التامة وقرىء تكون بالتاء اعتبارا لتأنيث النجوى وإن كان غير حقيقي أى ما يقع من تناجي ثلاثة نفر أى من مسارتهم على أن نجوى مضافة الى ثلاثة أو على انها موصوفة بها أما بتقدير مضاف أى من أهل نجوى ثلاثة أو بجلعهم نجوى في أنفسهم إلا هو أى اللّه عز و جل رابعهم أى جاعلهم أربعة من حيث إنه تعالى يشاركهم فى الإطلاع عليها وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال ولا خمسة ولا نجوى خمسة إلا هو سادسهم وتخصيص العددين بالذكر أما الخصوص الواقعة فإن الآية نزلت فى تناجى المنافقين وأما لبناء الكلام على أغلب عادات المتناجين وقد عمم الحكم بعد ذلك فقيل ولا أدنى من ذلك أى مما ذكر كالواحد والإثنين ولا أكثر كالستة وما فوقها إلا هو معهم يعلم ما يجرى بينهم وقرئ ولا أكثر بالرفع عطفا على محل من نجوى أو محل ولا أدنى بأن جعل لا لنفى الجنس أينما كانوا من الأماكن ولو كانوا تحت الأرض فإن علمه تعالى بالأشياء ليس لقرب مكانى حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة قربا وبعدا ثم ينبئهم وقرئ ينبئهم بالتخفيف بما عملوا يوم القيامة تفضيحا لهم وإظهارا لما يوجب عذابهم إن اللّه بكل شئ عليم لأن نسبة ذاته المقتضية للعلم إلى الكل سواء ٨ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه نزلت فى اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم وبتغامزون بأعيانهم إذا رأوا المؤمنين فنهاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم عادوا لمثل فعلهم والخطاب للرسول عليه الصلاة و السلام والهمزة للتعجيب من حالهم وصيغة المضارع للدلالة على تكرر عودهم وتجدده واستحضار صورته العجيبة وقوله تعالى ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول عطف عليه داخل فى حكمه أى بما هو إثم فى نفسه وعدوان للمؤمنين وتواصى بمعصية الرسول عليه الصلاة و السلام بعنوان الرسالة بين الخطابين المتوجهين إليه عليه الصلاة و السلام لزيادة تشنيعهم واستعظام معصيتهم وقرئ وينتجون بالإثم والعدوان بكسر العين ومعصيات الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه فيقولون السام عليك أو أنعم صباحا واللّه سبحانه يقول وسلام على المرسلين ويقولون فى أنفسهم أى فيما بينهم لولا يعذبنا اللّه بما نقول أى هلا يعذبنا اللّه بذلك لو كان محمد نبيا حسبهم جهنم عذابا يصلونها يدخلونها فبئس المصير أى جهنم ٩يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فى أنديتكم وفى خلواتكم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول كما يفعله المنافقون وقرئ فلا تنتجوا وفلا تناجوا بحذف إحدى التاءين وتناجوا بالبر والتقوى أى بما يتضمن خير المؤمنين والاتقاء عن معصية الرسول عليه الصلاة و السلام واتقوا اللّه الذى إليه تحشرون وحده إلى غيره استقلال أو اشتراكا فيجازيكم بكل ما تأتون وما تذرون ١٠إنما النجوى المعهودة التي هى التناجى بالإثم والعداون من الشيطان لا من غيره فإنه المزين لها واالحامل عليها وقوله تعالى ليحزن الذين آمنوا خبر آخر أى إنما هي ليحزن المؤمنين بتوهمهم أنها في نكبة أصابتهم وليس بضارهم أى الشيطان أو التناجى بضار المؤمنين شيئا من الأشياء أو شيئا من الضرر إلا بإذن اللّه أى بمشيئته وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون ولا يبالوا بنجواهم فإنه تعالى يعصمهم من شره ١١يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا أى توسعوا وليفسح بعضكم عن بعض ولا تتضاموا من قولهم افسح عنى أى تنح وقرئ تفاسحوا وقوله تعالى في المجالس متعلق بقيل وقرىء في المجلس على ان المراد به الجنس وقيل مجلس الرسول عليه الصلاة و السلام وكانوا يتضامون تنافسا في القرب منه عليه الصلاة و السلام وحرصا على استماع كلامه وقيل هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز الغزاة كقوله تعالى مقاعد للقتال قيل كان الرجل يأتى الصف ويقول تفسحوا فيأبون لحرصهم على الشهادة وقرىء في المجلس بفتح اللام فهو متعلق بتفسحوا قطعا أى توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه فافسحوا يفسح اللّه لكم أى في كل ما تريدون التفسح فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغيرها وإذا قيل انشزوا أى انهضوا للتوسعة على المقبلين أو لما امرتم به من صلاة أو جهاد أو غيرهما من أعمال الخير فانشزوا فانهضوا ولا تتثبطوا ولا تفرطوا وقرىء بكسر الشين يرفع اللّه الذين آمنوا منكم بالنصر وحسن الذكر في الدنيا والإيواء الى غرف الجنان في الآخرة والذين أوتو العلم منهم خصوصا درجات عالية بما جمعوا من أثرتى العلم والعمل فإن العلم مع علو رتبته يقتضى العمل المقرون به مزيد رفعة لا يدرك شأوه العمل العارى عنه وإن كان في غاية الصلاح ولذلك يقتدى بالعالم في أفعاله ولا يقتدي بغيره وفي الحديث فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب واللّه بما تعملون بصير تهديد لمن لم يتمثل بالأمر وقرىء يعملون بالياء التحتانية ١٢يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول في بعض شؤنكم المهمة الداعية الى مناجاته عليه الصلاة و السلام فقدموا بين يديى نجواكم صدقة أى فتصدقوا قبلها مستعار ممن له يدان وفي هذا الأمر تعظيم الرسول صلى اللّه عليه و سلم وانفاع الفقراء والزجر عن الإفراط في السؤال والتمييز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب الدنيا واختلف فى أنه للندب أو للوجوب لكنه نسخ بقوله تعالى أأشفقتم وهو وإن كان متصلا به تلاوة لكنه متراخ عنه نزولا وعن على رضى اللّه عنه إن فى كتاب اللّه آية ما عمل بها أحد غيرى كان لى دينار فصرفته فكنت إذا ناجيته عليه الصلاة و السلام تصدقت بدرهم وهو على القول بالوجوب محمول على أنه لم ينفق للأغنياء مناجاة فى مدة بقائه إذ روى أنه لم يبق إلا عشرا وقيل إلا ساعة ذلك أى التصدق خير لكم وأطهر أى لأنفسكم من الريبة وحب المال وهذا يشعر بالندب لكن قوله تعالى فإن لم تجدوا فإن اللّه غفور رحيم منبئ عن الوجوب لأنه ترخيص إن لم يجد فى المناجاة بلا تصدق ١٣أأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات أى أخفتم الفقر من تقديم الصدقات أو أخفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر وجمع الصدقات لجمع المخاطبين فإذ لم تفعلوا ما أمرتم به وشق عليكم ذلك وتاب اللّه عليكم بأن رخص لكم أن لا تفعلوه وفيه إشعار بأن إشفاقهم ذنب تجاوز اللّه عنه لما رأى منهم من الإنفعال ما قام مقام توبتهم وإذ على بابها من المضى وقيل بمعنى إذا كما فى قوله تعالى إذ الاغلال فى اعناقهم وقيل بمعنى إن وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة أى فإذ فرطتم فيما أمرتم به من تقديم الصدقات فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأطيعوا اللّه ورسوله فى سائر الأوامر فإن القيام بها كالجابر لما وقع فى ذلك من التفريط واللّه خبير بما تعملون ظاهرا وباطنا ألم تر تعجيب من حال المنافقين الذين كانوا يتخذون اليهود اولياء ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين أى ١٤ألم تَرَى إلى الذين تولوا أى والوا قوما غضب اللّه عليهم وهم اليهود كما أنبأ عنه قوله تعالى من لعنه اللّه وغضب عليه ما هم منكم ولا منهم لأنهم منافقون مذبذين بين ذلك والجملة مستأنفة أو حال من فاعل تولوا ويحلفون على الكذب أى يقولون واللّه إنا لمسلمون وهو عطف على تولوا داخل فى حكم التعجيب وصيغة المضارع للدلالة على تكرر الحلف وتجدده حسب تكرر ما يقتضيه وقوله تعالى وهم يعلمون حال من فاعل يحلفون مفيدة لكمال شناعة ما فعلوا فإن الحلف على ما لم يعلم أنه كذب فى غاية القبح وفيه دلالة على ان الكذب يعم ما يعلم المخبر عدم مطابقته للواقع وما لا يعلمه روى أنه عليه الصلاة و السلام كان فى حجرة من حجراته فقال يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان فدخل عبداللّه بن نبتل المنافق وكان أزرق فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم علام تشتمنى أنت وأصحابك فحلف باللّه ما فعل فقال عليه الصلاة و السلام فعلت فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا باللّه ما سبوه فنزلت ١٥أعد اللّه لهم بسبب ذلك عذابا شديدا نوعا من العذاب متفاقما إنهم ساء ما كانوا يعملون فيما مضى من الزمان المتطاول فتمرنوا على سوء العمل وضروا به وأصروا عليه ١٦اتخذوا أيمانهم الفاجرة التى يحلفون بها عند الحاجة وقرئ بكسر الهمزة أى إيمانهم الذى أظهروه لأهل الإسلام جنة وقاية وسترة دون دمائهم واموالهم فالاتخاذ على هذه القراءة عبارة عن التستر بما أظهروه بالفعل وأما على القراءة الأولى فهو عبارة عن إعدادهم لأيمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا من المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية والخيانة واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها أيضا كما يعرب عنه الفاء فى قوله تعالى فصدوا أى الناس عن سبيل اللّه فى خلال أمنهم بتثبيط من لقوا عن الدخول فى الإسلام وتضعيف أمر المسلمين عندهم فلهم عذاب مهين وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم وقيل الأول عذاب القبر أو عذاب الآخرة ١٧لن تغنى عنهم اموالهم ولا اولادهم من اللّه أى من عذابه تعالى شيئا من الإغناء روى أن رجلا منهم قال لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأموالنا وأولادنا اولئك الموصوفون بما ذكر من الصفات القبيحة أصحاب النار أى ملازموها ومقارنوها هم فيها خالدون لا يخرجون منها أبدا ١٨يوم يبعثهم اللّه جميعا قيل هو ظرف لقوله تعالى لهم عذاب مهين فيحلفون له أى للّه تعالى يومئذ على انهم مسلمون كما يحلفون لكم فى الدنيا ويحسبون فى الآخرة أنهم بتلك الأيمان الفاجرة على شئ من جلب منفعة أو دفع مضرة كما كانوا عليه فى الدنيا حيث كانوا يدفعون بها عن ارواحهم واموالهم ويستجرون بها فوائد دنيوية ألا إنهم هم الكاذبون المبالغون فى الكذب إلى غاية لا مطمح وراءها حيث تجاسروا على الكذب بين يدى علام الغيوب وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه كما تروجه عن الغافلين ١٩استحوذ عليهم الشيطان أى استولى عليهم من حذت الإبل إذا استوليت عليها وجمعتها وهو مما جاء على الأصل كاستصوب واستنوق أى ملكهم فأنساهم ذكر اللّه بحيث لم يذكروه بقلوبهم ولا بألسنتهم أولئك الموصوفون بما ذكر من القبائح حزب الشيطان وجنوده وأتباعه ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون أى الموصوفون بالخسران الذى لا غاية وراءه حيث فوتوا على انفسهم النعيم المقيم وأخذوا بدله من العذاب الأليم وفى تصدير الجملة بحرفى التنبيه والتحقيق وإظهار المضافين معا فى موقع الإضمار بأحد الوجهين وتوسيط ضمير الفصل من فنون التأكيد ما لا يخفى ٢٠إن الذين يحادون اللّه ورسوله استئناف مسوق لتعليل ما قبله من خسران حزب الشيطان عبد عنهم بالموصول للتنبيه بما فى حيز الصلة على أن موادة من حاد اللّه ورسوله محادة لهما والإشعار بعلة الحكم أولئك بما فعلوا من التولى والموادة فى الأذلين أى فى جملة من هو أذل خلق اللّه من الأولين والآخرين لأن ذلة أحد المتخاصمين على مقدار عزة الآخر وحيث كانت عزة اللّه عز و جل غير متناهية كانت ذلة من يحاده كذلك ٢١كتب اللّه استئناف وارد لتعليل كونهم فى الأذلين أى قضى وثبت فى اللوح وحيث جرى ذلك مجرى القسم أجيب بما يجاب به فقيل لأغلبن أنا ورسلى أى بالحجة والسيف وما يجرى مجراه أو بأحدهما ونظيره قوله تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون وقرئ ورسلى بفتح الياء إن اللّه قوى على نصر أنبيائه عزيز لا يغلب عليه فى مراده ٢٢لا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر الخطاب للنبى عليه الصلاة و السلام أو لكل أحد وتجد أما متعد إلى اثنين فقوله تعالى يوادون من حاد اللّه ورسوله مفعوله الثانى أو إلى واحد فهو حال من مفعوله لتخصصه بالصفة وقيل صفة أخرى له أى قوما جامعين بين الإيمان باللّه واليوم الآخر وبين موادة أعداء اللّه ورسوله والمراد ينفى الوجدان لنفى الموادة على معنى أنه لا ينبغى أن يتحقق ذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال وإن جد فى طلبه كل أحد ولو كانوا أى من حاد اللّه ورسوله والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فيما قبله باعتبار لفظها آباءهم آباء الموادين أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم فإن قضية الإيمان باللّه تعالى أن يهجر الجميع بالمرة والكلام فى لو قد مر على التفصيل مرارا أولئك إشارة إلى الذين لا يوادونهم وإن كانوا أقرب الناس إليهم وأمس رحما وما فيه من معنى البعد لرفعة درجتهم فى الفضل وهو مبتدأ خبره كتب فى قلوبهم الإيمان أى أثبته فيها وفيه قطعا ولا شئ من أعمال الجوارح يثبت فيه وأيدهم أى قواهم بروح منه أى من عند اللّه تعالى وهو نور القلب أو القرآن أو النصر على العدو وقيل الضمير للإيمان الحياة القلوب به فمن تجريدية وقوله تعالى ويدخلهم الخ بيان لآثار رحمته الأخروية إثر بيان ألطافه الدنيوية أى ويدخلهم فى الآخرة جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبد الآبدين وقوله تعالى رضى اللّه عنهم استئناف جار مجرى التعليل لما أفاض عليهم من آثار رحمته العاجلة والآجلة وقوله تعالى ورضوا عنه بيان لابتهاجهم بما اوتوه عاجلا و آجلا وقوله تعالى أولئك حزب اللّه تشريف لهم ببيان اختصاصهم به عز و جل وقوله تعالى ألا إن حزب اللّه هم المفلحون بيان لاختصاصهم بالفوز بسعادة الدارين والفوز بسعادة النشأتين والكلام فى تحلية الجملة بفنون التأكيد كما مر فى مثلها عن النبى عليه الصلاة و السلام من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب اللّه يوم القيامة |
﴿ ٠ ﴾