ÓõæÑóÉõ ÇáÊøóÛóÇÈõäö ãóÏóäöíøóÉñ

æóåöíó ËóãóÇäöíó ÚóÔóÑóÉó ÂíóÉð

سورة التغابن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

يسبح للّه ما في السموات وما في الأرض أى ينزهه سبحانه جميع ما فيهما من المخلوقات عما لا يليق بجناب كبريائه تنزيها مستمرا

له الملك وله الحمد لا لغيره وإذ هو المبدىء لكل شىء وهو القائم به والمهيمن عليه وهو المولى لأصول النعم وفروعها

وأما ملك غيره فاسترعاء من جنابه وحمد غيره اعتداد بأن نعمة اللّه جرت على يده

وهو على كل شيء قدير لأن نسبة ذاته المقتضية للقدرة الى الكل سواء

٢

هو الذى خلقكم خلقا بديعا حاويا لجميع مبادىء الكمالات العلمية والعملية ومع ذلك

فمنكم كافر اى فبعضكم أو فبعض منكم مختار للكفر كاسب له على خلاف ما تستدعيه خلقته

ومنكم مؤمن مختار للإيمان كاسب له حسبما تقتضيه خلقته وكان الواجب عليكم جميعا أن تكونوا مختارين للإيمان شاكرين لنعمة الخلق والإيجاد وما يتفرع عليها من سائر النعم فما فعلتم ذلك مع تمام تمكنكم منه بل تشعبتم شعبا وتفرقتم فرقا وتقديم الكفر لأنه الأغلب فيما بينهم والأنسب بمقام التوبيخ وحمله على معنى فمنكم كافر مقدرة كفره موجه اليه ما يحمله عليه ومنكم مؤمن مقدر إيمانه موفق لما يدعوه إليه مما لا يلائم المقام

واللّه بما تعملون بصير فيجازيكم بذلك فاختاروا منه ما يجديكم من الإيمان والطاعة وإياكم وما يرديكم من الكفر والعصيان

٣

خلق السموات والأرض بالحق بالحكمة البالغة المتضمنة للمصالح الدينينة الدنيوية

وصوركم فأحسن صوركم حيث براكم في أحسن تصوير وأودع فيكم من القوى والمشاعر الظاهرة والباطنة ما نيط بها عن الكمالات البارزة والكامنة وزينكم بصفوة صفات مصنوعاته وخصكم بخلاصة خصائص مبدعاته وجعلكم أنموذج جميع مخلوقاته في هذه النشاة

وإليه المصير في النشأة الأخرة لا الى غيره استلالا أو اشتراكا فأحسنوا سرائركم باستعمال تلك القوى والمشاعر فيا خلقن له

٤

يعلم ما في السموات والأرض من الأمور الكلية والجزئية والأحوال الجلية والخفية

ويعلم ما تسرون وما تعلنون أى ما تسرونه فيما بينكم وما تظهرونه من الأمور والتصريح به مع اندراجه فيما قبله لأنه الذى يدور عليه الجزاء ففيه تأكيد للوعد والوعيد وتشديد لهما وقوله تعالى

واللّه عليم بذات الصدور اعتراض تذييلي مقرر لما قبله من شمول علمه تعالى لسرهم وعلنهم أى هو محيط بجميع المضمرات المستكنة في صدور الناس بحيث لا تفارقها أصلا فكيف يخفى عليه ما يسرونه وما يعلنونه وإظهار الجلاله للإشعار بعلة الحكم وتأكيدا استقلال الجملة قيل وتقديم تقرير القدرة على تقرير العلم لأن دلالة المخلوقات على قدرته بالذات وعلى علمه بما فيه من الإتقان والاختصاص ببعض الأنحاء

٥

ألم يأتكم أيها الكفرة

نبأ الذين كفروا من قبل كقوم نوح ومن بعدهم من الأمم المصرة على الكفر

فذاقوا وبال أمرهم عطف على كفروا والوبال الثقل والشدة المترتبة على امر من الأمور وأمرهم كفرهم عبر عنه بذلك للإيذان بأنه أمر هائل وجناية عظيمة أى ألم يأتكم خبر الذين كفروا من قبل فذاقوا من غير مهلة ما يستتبعه كفرهم في الدنيا

ولهم في الآخرة

عذاب اليم لا يقادر قدره

٦

ذلك أى ما ذكر من العذاب الذى ذاقوه في الدنيا وما سيذوقونه في الآخرة

بأنه بسبب أن الشأن

كانت تأتيهم رسلهم بالبينات أى بالمعجزات الظاهرة

فقالوا عطف على كانت

أبشر يهدوننا أى قال كل قوم من المذكورين في حق رسولهم الذى أتاهم بالمعجزات منكرين لكون الرسول من جنس البشر متعجبين من ذلك ابشر يهدينا كما قالت ثمود أبشرا منا واحدا نتبعه وقد أجمل في الحكاية فأسند القول إلى جميع الأقوام واريد بالبشر الجنس فوصف بالجمع كما أجمل الخطاب والأمر في قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا

فكفروا اى بالرسل

وتولوا عن التدبر فيما أتوا به من البينات وعن الإيمان بهم

واستغنى اللّه اى أظهر استغناءه عن إيمانهم وطاعتهم حيث أهلكهم وقطع دابرهم ولولا غناه تعالى عنهما لما فعل ذلك

واللّه غنى عن العالمين فضلا عن إيمانهم وطاعتهم

حميد يحمده كل مخلوق بلسان الحال أو مستحق للحمد بذاته وإن لم يحمده حامد

٧

زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا الزعم ادعاء العلم يتعدى الى مفعولين وقد قام مقامهما أن المخففة مع ما في حيزها والمراد بالموصول كفار مكة أى زعموا أن الشأن لن يبعثوا بعد موتهم أباد

قل ردا عليهم وأبطالا لزعمهم بإثبات ما نفوه

بلى أى تبعثون قوله

وربى لتبعثن ثم

لتنبؤن بما عملتم أى لتحاسبن ولتجزون بأعمالكم جملة مستقلة داخلة تحت الأمر واردة لتأكيد ما افاده كلمة بلى من إثبات البعث وبيان تحقق أمر آخر متفرع عليه منوط ففيه تأكيد لتحقق البعث بوجهين

وذلك أى ما ذكر من البعث والجزاء

على اللّه يسير لتحقق القدرة التامة وقبول المادة والفاء في قوله تعالى

١

فآمنوا فصيحة مفصحة عن شرط قد حذف ثقة ظهوره أى إذا كان الأمر كذلك فآمنوا

باللّه ورسوله محمد صلى اللّه عليه و سلم

والنور الذى أنزلنا وهو القرآن فإنه بإعجازه بين بنفسه مبين لغيره كما ان النور كذلك والالتفات الى نون العظمة لإبراز كمال العناية بأمر الإنزال

واللّه بما تعملون من الامتثال بالأمر وعدمه

خبير فمجاز لكم عليه والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله من الأمر موجب للإمتثال به بالوعد والوعيد والإلتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وتأكيدا استقلال الجملة

٩

يوم يجمعكم ظرف لتنبؤون

وقيل لخبير لما فيه من معنى الوعيد كأنه قيل واللّه مجازيكم ومعاقبكم يوم يجمعكم أو مفعول لا ذكر وقرىء نجمعكم بنون العظمة

ليوم الجمع ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون أى لأجل ما فيه من الحساب والجزاء

ذلك يوم التغابن أى يوم غبن بعض الناس بعضا بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس وفي الحديث ما من عبد يدخل الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا وما من عبد يدخل النار إلا ارى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة وتخصيص التغابن بذلك اليوم للإيذان بأن التغبن في الحقيقة هو الذى يقع فيه لا ما يقع في أمور الدنيا

ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحا أى عملا صالحا

يكفر أي اللّه عز و جل وقرىء بنون العظمة

عنه سيئاته يوم القيامة ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وقرىء ندخله بنون

ذلك أى أى ما ذكر من تكفير السيئات وإدخال الجنات

الفوز العظيم الذى لا فوز وراءه لا نطوائه على النجاة من أعظم الهلكات والظفر بأجل الطلبات

١٠

والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير أى النار كان هاتين الايتين الكريميتين بيان لكيفية التغابن

١١

ما أصاب من مصيبة فمن المصائب الدنيوية

إلا بإذن اللّه أى تقديره وأرادته كأنها بذاتها متوجهة الى الإنسان متوقفة على إذنه تعالى

ومن يؤمن باللّه يهد قلبه عند إصابتها للثبات والاسترجاع

وقيل يهد قلبه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن لخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه

وقيل يهد قلبه أى يلطف به ويشرحه لازديادا الطاعة والخير وقرىء يهد قلبه على البناء للمفعول ورفع قلبه وقرىء بنصبه على نهج سفه نفسه وقرىء يهدأ قلبه بالهمزة أى يسكن

واللّه بكل شيء من الأشياء التي من جملتها القلوب وأحوالها

عليم فيعلم إيمان المؤمن ويهدى قلبه الى ما ذكر

١٢

وأطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول كرر الأمر للتاكيد والإيذان بالفرق بين الطاعتين في الكيفية وتوضيح مورد التولى في قوله تعالى

فإن توليتم أى عن إطاعة الرسول وقوله تعالى

فإنما على رسولنا البلاغ المبين تعليل للجواب المحذوف أى فلا بأس عليه إذ ما عليه إلا التبليغ المبين وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه وإظهار الرسول مضافا الى نون العظمة في مقام إضماره لتشريفه عليه الصلاة و السلام والإشعار بمدار الحكم الذى هو كون وظيفته عليه الصلاة و السلام محض البلاغ ولزيادة تشنيع التولى عنه

١٣

اللّه لا اله إلا هو جملة من مبتدأ وخبر أى هو المستحق للمعبودية لا غيره وفي إضمار خبر لا مثل في الوجود أو يصح أن يوجد خلاف للنحاة معروف

وعلى اللّه أى عليه تعالى خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا

فليتوكل المؤمنون وإظهار الجلالة في موقع الإضمار للإشعار بعلة التوكل والأمر به فإن الأولهية مقتضية للتبتل إليه تعالى بالكلية وقطع التعلق عما سراه بالمرة

١٤

يأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدولكم يشغلونكم عن طاعة اللّه تعالى أو يخاصمونكم في أمور الدين أو الدنيا

فاحذروهم الضمير للعدو فإنه يطلق على الجمع نحو قوله تعالى فإنهم عدو لي أو للأزواج والأولاد جميعا فالمأمور به علىالأول الحذر عن الكل وعلى الثاني أما الحذر عن البعض لأن منهم من ليس بعدو

وأما الحذر عن مجموع الفريقين لاشتمالهم على العدو

وإن تعفوا عن ذنوبهم القابلة للعفو بأن تكون متعلقة بأمور الدنيا أو بأمور الدين لكن مقارنة للتوبة

وتصفحوا بترك التثريب والتعيير

تغفروا بإخفائها وتمهيد عذرها

فإن اللّه غفور رحيم يعاملكم ويتفضل عليكم

وقيل إن ناسا من المؤمنين أرادوا الهجرة عن مكة فثبطهم أزواجهم وأولادهم وقالوا تنطلقوا وتضيعوننا فرقوا لهم ووقفوا فلما هاجروا بعد ذلك ورأو المهاجرين الأولين قد فقهوا في الدين أرادوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم فزين لهم العفو

وقيل قالوا لهم اين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم وأموالكم فغضبوا عليهم وقالوا لئن جمعنا اللّه في دار الهجرة لم نصبكم بخير فلما هاجروا ومنعوهم الخير فحثوا على أن يعفوا عنهم ويردوا إليهم البر والصلة

١٥

إنما أموالكم وأولادكم فتنة بلاء ومحنة يوقوعونكم في الاثم من حيث لا تحتسبون

واللّه عنده أجر عظيم لمن آثر محبة اللّه تعالى وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعى في تدبير

١٦

فاتقوا اللّه ما استطعتم اى أبذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم

وأسمعوا مواعظه

واطيعوا أوامره

وأنفقوا مما رزقكم في الوجوه التي أمركم بالإنفاق فيها خالصا لوجهه

خيرا لأنفسكم أى ائتوا خيرا لأنفسكم وافعلوا ما هو خير لها وانفع وهو تأكيد للحث على امثتال هذه الأوامر وبيان لكون الأمور المذكورة خيرا لأنفسهم ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أى إنفاقا خيرا أو خبرا لكان مقدرا جوابا الأوامر أى يكن خيرا لأنفسكم

ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفحلون الفائزون بكل مرام

إن تقرضوا اللّه يصرف أموالكم إلى الماصرف التي عينها

قرضا حسنا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس

يضاعفه لكم بالواحد عشرة الى سبعمائة وأكثر وقرىء يضعفه لكم

ويغفر لكم ببركة الإنفاق ما فرط منكم من بعض الذنوب

واللّه شكور يعطى الجزيل بمقابلة النزر القليل

حليم لا يعاجل بالعقوبة مع كثرة ذنوبكم

١٨

عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه خافية

العزيز الحكيم المبالغ في القدرة والحكمة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم

من قرأ سورة التغابن دفع عنه موت الفجأة

﴿ ٠