١

يأيها النبي إذا طلقتم النساء تخصيص النداء به عليه الصلاة و السلام مع عموم الخطاب لأمته أيضا لتشريفه عليه الصلاة و السلام وإظهار جلالة منصبه وتحقيق أنه المخاطب حقيقة ودخولهم في الخطاب بطريق استتباعه عليه الصلاة و السلام إياهم وتغليبه عليهم لا لأن نداءه كندائهم فإذ ذلك الاعتبار لو كان في حيز الرعاية لكان الخطاب هو الأحق به لشمول حكمه للكل قطعا والمعنى إذا أردتم تطليقهن وعزمتم عليه كما في قوله تعالى إذا قمتم الى الصلاة

فطلقوهن لعدتهن أى مستقبلات لها كقولك أتيته ليلة خلت من شهر كذا فإن المرأة إذا طلقت في طهر يعقبه القرء الأول من إقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها والمراد أن يطلقن فيطهر لم يقع فيه جماع ثم يخلين حتى تنقضى عدتها وهذا أحسن الطلاق وأدخله في السنة وأحصوا العدة واضبطوها وأكملوها ثلاثة إقراء كوامل

واتقوا اللّه ربكم في تطويل العدة عليهم والإضرار بهن وفي وصفه تعالى بربويته لهم تأكيد للأمر ومبالغة في إيجاب الاتقاء

لا تخرجوهن من بيوتهن من مساكنهن عند الفراق الى ان تنقضى عدتهن وإضافتها إليهن وهي لأزواجهن لتأكيد النهى ببيان كمال استحقاقهن لسكناها كأنها أملاكهن

ولا يخرجن ولو بإذن منكم فإن الإذن بالخروج في حكم الإخراج

وقيل المعنى لا يخرجن باستبداد منهن أما إذا اتفقا على الخروج جاز إذ الحق لا يعدوهما

إلا أن يأتين بفاحشة مبينة استثناء من الأول قيل هى الزنا فيخرجن لأقامة الحد عليهن

وقيل إلا أن يبذون على الأزواج فيحل حينئذ إخراجهن ويؤيده قراءة إلا أن يفحشن عليكم أو من الثاني للمبالغة في النهى عن الخروج ببيان ان خروجها فاحشة

تلك إشارة الى ما ذكر من الأحكام وما في اسم الإشارة من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو درجتها وبعدمنزلتها

حدود اللّه التي عينها لعباده ومن يتعد حدود اللّه أى حدوده المذكورة بأن أخل بشيء منها على أن الإظهار في حيز الإضمار لتهويل أمر التعدى والإشعار بعلة الحكم في قوله تعالى

فقد ظلم نفسه اى اضربها وتفسير الظلم بتعريضها للعقاب يأباه

قوله تعالى

لا تدرى لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا فإنه استئناف مسوق لتعليل مضمون الشرطية وقد قالوا إن الأمر الذى يحدثه اللّه تعالى أن يقلب قلبه عما فعله بالتعدى الى خلافه فلا بد ان يكون الظلم عبارة عن ضرر دنيوى يلحقه بسبب تعديه ولا يمكن تداركه أو عن مطلق الضرر الشامل للدنيوي والأخروي ويخص التعليل بالدنيوي لكون احتراز الناس منه أشد واهتمامهم بدفعة أوقى وقوله تعالى لا تدرى خطاب للمتعدى بطريق الالتفات لمزيد الاهتمام بالزجر عن التعدى لا للنبي عليه الصلاة و السلام كما توهم فالمعنى ومن يتعد حدود اللّه فقد أضر بنفسه فإنك لا نردي أيها المتعدى عاقبة الأمر لعل اللّه يحدث في قلبك بعد ذلك الذى فعلت من التعدى أمرا يقتضى خلاف ما فعلته فيبدل ببغضها محبة وبالإعراض عنعا إقبالا إليها ويتسنى تلافيه رجعه أو استئناف نكاح

﴿ ١