ÓõæÑóÉõ ÇáúÌöäøö ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ËóãóÇäò æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð

سورة الجن

 مكية وآياتها ثمان وعشرون

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

قل اوحي الي وقرىء احى الى اصله وحي وقد قرىء كذلك من وحى اليه فقلبت الواو المضمومة همزة كاعد وأزن في وعد ووزن

انه بالفتح لأنه فاعل اوحى والضمير للشأن

استمع اي القرآن كما ذكر في الأحقاف وقد حذف لدلالة ما بعده عليه

نفر من الجن النفر ما بين الثلاثة والعشرة والجن اجسام عاقلة خفية يغلب عليهم النارية أو الهوائية

وقيل نوع من الأرواح المجردة

وقيل هي النفوس البشرية المفارقة عن ابدانها وفيه دلالة على أنه عليه الصلاة و السلام لم يشعر بهم وباستماعهم ولم يقرأ عليهم وانما اتفق حضورهم في بعض اوقات قراءته فسمعوه فأخبر اللّه تعالى بذلك وقد مر ما فيه من التفصيل في الأحقاف

فقالوا لقومهم عند رجوعهم اليهم

انا سمعنا قرآنا كتابا مقروءا

عجبا بديعا مباينا لكلام الناس في حسن النظم ودقة المعنى وهو مصدر وصف به للمبالغة

٢

يهدي الى الرشد الى الحق والصواب

فآمنا به اي بذلك القرآن

ولن نشرك بربنا احدا حسبما نطق به ما فيه من دلائل التوحيد

٣

وأنه تعالى جد ربنا بالفتح قالوا هو وما بعده من الجمل المصدرة بأن في أحد عشر موضعا عطف على محل الجار والمجرور في فآمنا به كأنه قيل فصدقناه وصدقنا انه تعالى جد ربنا اي ارتفع عظتمه من جد فلان في عيني اي عظم تمكنه أو سلطانه أو غناء على أنه مستعار من الجد الذي هو البخت والمعنى وصفه بالاستغناء عن الصاحبة والولد لعظمته أو لسلطانه أو لغناه وقرىء بالكسر وكذا الجمل المذكور عطفا على المحكى بعد القول وهو الأظهر لوضوح اندراج كلها تحت القول وأما اندراج الجمل الآتية تحت الايمان والتصديق كما يقتضيه العطف على محل الجار والمجرور ففيه اشكال كما ستحيط به خبرا وقوله تعالى

ما اتخذ صاحبة ولا ولدا بيان لحكم تعالى جده وقرىء جدا ربنا على التمييز وجد ربنا بالكسر اي صدق ربوبيته وحق الهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد وذلك انهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والايمان تنبهوا للخطأ فيما اعتقدوه كفرة الجن من تشبيه اللّه تعالى بخلقه في اتخاذ الصاحبة والولد فاستعظموه ونزهوه تعالى عنه

٤

وانه كان يقول سفيهنا اي ابليس أو مردة الجن

على اللّه شططا اي قولا شطط اي بعد عن القصد ومجاوزة للحد أو هو شطط في نفسه لفرط بعده عن الحق وهو نسبة الصاحبة والولد اليه تعالى وتعلق الايمان والتصديق بهذا القول ليس باعتبار نفسه فانهم كانوا عالمين بقول سفهائهم من قبل ايضا بل باعتبار كونه شططا كأنه قيل وصدقنا ان ما كان يقوله سفيهنا في حقه تعالى كان شططا

وأما تعلقهما بقوله تعالى

٥

وأنا ظننا أن لن تقول الانس والجن على اللّه كذبا فغير ظاهر وهو اعتذار منهم عن تقليدهم لسفيههم اي كنا نظن انه لن يكذب على اللّه تعالى احد ابدا ولذلك اتبعنا قوله وكذبا مصدر مؤكد لتقول لأنه نوع من القول أو وصف لمصدره المحذوف اي قولا كذبا اي مكذوبا فيه وقرىء لن تقول بحذف احدى التاءين فكذبا مصدر مؤكذ لأن الكذب هو التقول

٦

وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن كان الرجل من العرب اذا أمسى في واد قفر وخاف على نفسه يقول اعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه يريد الجن وكبيرهم فاذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا سدنا الانس والجن وذلك قوله تعالى

فزادوهم اي زاد الرجال العائذون الجن

رهقا اي تكبرا وعتوا أو فزاد الجن العائذين غيا بأن اضلوا حتى استعاذوا بهم

٧

وأنهم ظنوا أي الانس

كما ظننتم أيها الجن على أنه كلام بعضهم لبعض

أن لن يبعث اللّه احدا

وقيل المعنى ان الجن ظنوا كما ظننتم أيها الكفرة الخ فتكون هذه الآية وما قبلها من جملة الكلام الموحى به والأقرب انهما كذلك على كل تقدير عطفا على أنه استمع اذ لا معنى لادراجهما تحت ما ذكر من الايمان والتصديق وكذا قوله تعالى

٨

وأنا لمسنا السماء وما بعده من الجمل المصدرة بأنا ينبغي أن تكون معطوفة على ذلك على أن الموحى عين عبارة الجن بطريق الحكاية كأنه قيل قل أوحى الي كيت وكيت وهذه العبارات اي طلبنا بلوغ السماء أو خبرها واللمس مستعار من المس للطلب كالجس يقال لمسه والتمسه وتلمسه كطلبه وأطلبه وتطلبه

فوجدناها ملئت حرسا اي حراسا اسم جمع كخدم مفرد اللفظ ولذلك قيل

شديدا قويا وهم الملائكة يمنعونهم عنها

وشهبا جمع شهاب وهي الشعلة المقتبسة من نار الكواكب

٩

وأنا كنا نقعد قبل هذا

منها من السماء

مقاعد للسمع خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للترصد والاستماع وللسمع متعلق بنقعد اي لأجل السمع أو بمضمر هو صفة لمقاعد كائنة للسمع

فمن يستمع الآن في مقعد من المقاعد

يجد له شهابا رصدا اي شهابا راصدا له ولأجله يصده عن الاستماع بالرجم أو ذوي شهاب راصدين له على أنه اسم مفرد في معنى الجمع كالحرس قيل حدث هذا عند مبعث النبي عليه الصلاة و السلام والصحيح أنه كان قبل البعث ايضا لكنه كثر الرجم بعد البعثة وزاد زيادة حتى تنبه لها الانس والجن ومنع الاستراق اصلا فقالوا ما هذا الا لأمر اراده اللّه تعالى بأهل الأرض وذلك قولهم

١٠

وأنا لا ندري اشر اريد بمن في الأرض بحراسة السماء

أم اراد بهم ربهم رشدا اي خيرا ونسبة الخير الى اللّه تعالى دون الشر من الآداب الشريفة القرآنية كما في قوله تعالى واذا مرضت فهو يشفين ونظائره

١١

وأنا منا الصالحون اي الموصوفون بصلاح الحال في شأن انفسهم وفي معاملتهم مع غيرهم المائلون الى الخير والصلاح حسبما تقتضيه الفطرة السليمة لا الى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة

ومنا دون ذلك اي قوم دون ذلك فحذف الموصوف وهم المقتصدون في صلاح الحال على الوجه المذكور لا في الايمان والتقوى كما توهم فان هذا بيان لحالهم قبل استماع القرآن كما تعرب عنه قوله تعالى

كنا طرائق قددا وأما حالهم بعد استماعه فسيحكي بقوله تعالى وأنا لما سمعنا الهدى الى قوله تعالى وأنا منا المسلمون أي كنا قبل هذا ذوي طرائق اي مذاهب أو مثل طرائق في اختلاف الأحوال أو كانت طرائقنا طرائق قدد اي متفرقة مختلفة جمع قدة من قد كالقطعة من قطع

١٢

وأنا ظننا أي علمنا الآن

أن لن نعجز اللّه أي الشأن لن نعجز اللّه كائنين

في الأرض إن أينما كنا من أقطارها ولن نعجزه هربا هربا هاربين منها إلى السماء أو

لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا ولن نعجزه

هربا إن طلبنا

١٣

وأنا لما سمعنا الهدى أي القرآن الذي هو الهدى بعينه

آمنا به من غير تلعثم وتردد

فمن يؤمن بربه وبما أنزله

فلا يخاف فهو لا يخاف

بخسا أي نقصا في الجزاء

ولا رهقا ولا أن ترهقه ذلة أو جزاء بخس ولا رهق إذا لم يبخس أحدا حقا ولا رهق ظلم أحد فلا يخاف جزاءهما وفيه دلالة على أن من حق من آمن باللّه تعالى أن يجتنب المظالم وقرىء فلا يخف والأول أدل على تحقيق نجاة المؤمن واختصاصها به

١٤

وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون الجائرون عن طريق الذي الحق هو الإيمان والطاعة فمن أسلم

فأولئك إشارة إلى من أسلم والجمع باعتبار المعنى

تحروا توخوا

رشدا عظيما يبلغهم إلى دار الثواب

١٥

وأما القاسطون الجائرون عن سنن الإسلام

فكانوا لجهنم حطبا توقدبهم كما توقد بكفرة الإنس

١٦

وأن لو أستقاموا أن مخففة من الثقيلة والجملة معطوفة قطعا على أنه استمع والمعنى وأوحى إلى أن الشأن لو أستقام الجن والإنس أو كلاهما

على الطريقة التي هي ملة الإسلام

لأسقيناهم ماء غدقا أي لو سعنا عليهم الرزق وتخصيص الماء الغدق وهو الكثير بالذكر لأنه أصل المعاش والسعة ولعزة وجوده بين العرب

وقيل لو استقام الجن على الطريقة المثلى أي لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة اللّه تعالى وطاعته ولم يتكبر عن السجود لآدم عليه السلام ولم يكفر وتبعه ولده في الإسلام لأنعمنا عليهم ووسعنا رزقهم

١٦

لنفتنهم فيه لنختبرهم كيف يشكرونه

وقيل معناه أنه لو استقام الجن على طريقتهم القديمة ولم يسلموا يإستماع القرآن لو سغنا عليهم الرزق استدراجا لنوقعهم في الفتنة ونعذبهم في كفران النعمة

ومن يعرض عن ذكر ربه عن عبادته أو عن موعظته أو وحيه

يسلكه يدخله عذابا صعدا أي شاقا صعبا يعلو المعذب ويغلبه على أنه مصدر وصف به مبالغة

١٧

وأن المساجد للّه عطف على قوله تعالى أنه استمع أي وأوحى إلى أن المساجد مختصة باللّه تعالى

وقيل معناه ولأن المساجد للّه

فلا تدعوا أي لا تعبدوا فيها

مع اللّه أحدا غيره

وقيل المراد بالمساجد المسجد الحرام والجمع لأن كل ناحية منه مسجد له قبلة مخصوصة أو لأنه قبلة المساجد

وقيل الأرض كلها لأنها جعلت مسجدا للنبي عليه الصلاة و السلام

وقيل مواضع السجود على أن المراد نهى السجود لغير اللّه تعالى

وقيل أعضاء السجود السبعة

وقيل السجدات على أنه جمع المصدر الميمى

١٩

وأنه من جملة الموحى أي وأوحى إلى أن الشأن

لما قام عبداللّه أي النبي عليه الصلاة و السلام وإيراده بلفظ العبد للإشعار بما هو المقتضى لقيامه وعبادته وللتواضع لأنه واقع موقع كلامه عن نفسه

يدعوه حال من فاعل قام أي يعبده وذلك قيامه لصلاة الفجر بنخلة كمامر تفصيله في سورة الأحقاف

كادوا أي الجن

يكونون عليه لبدا متراكمين من ازدحامهم عليه تعجبا مما شاهدوا من عبادته وسمعوا من قراءته واقتداء أصحابه به قياما وركوعا وسجودا لأنهم رأوا مالم يروا مثله وسمعوا بما لم يسمعوا بنظيره

وقيل معناه لما قام عليه الصلاة و السلام يعبد اللّه وحده مخالفا للمشركين كاد المشركون يزدحمون عليه متراكمين واللبد جمع لبدة وهي تلبد بعضه على بعض ومنها لبدة الأسد وقرىء لبدا جمع لبدة وهي بمعنى اللبدة ولبدا وجمع لابد كساجد وسجد ولبدا بضمتين جمع لبود كصبور وصبر وعن قتادة تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى اللّه إلا أن يظهره على من ناوأه

٢٠

قل إنما أدعوا أي أعبد

ربي ولا أشرك به بربي في العبادة

أحدا فليس ذلك ببدع ولا مستنكر يوجب التعجب أو الإطباق على عداوتي وقرىء قال على أنه حكاية لقوله عليه الصلاة و السلام للمتراكمين عليه والأول هو الأظهر والأوفق لقوله تعالى

٢١

قل إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا كأنه أريد لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولا غيا ولا رشدا فترك من كلا المتقابلين ما ذكر في الآخر

٢٢

قل إنى لن يجيرني من اللّه أحد إن أراداني بسوء

ولن أجد من دونه ملتحدا ملتجأ ومعدلا وهذا بيان لعجزه عليه الصلاة و السلام عن شئون نفسه بعد بيان عجزه عليه الصلاة و السلام عن شئون غيره وقوله تعالى

٢٣

إلا بلاغا من اللّه استثناء

من قوله لا أملك فإن التبليغ إرشاد ونفع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الأستطاعة أو من ملتحدا أي لن أجد من دونه منجا إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به

وقيل إلا مركبة من أن الشرطية ولا النافية ومعناه أن لا أبلغ بلاغا من اللّه والجواب محذوف لدلالة ما قبله عليه

ورسالاته عطف على بلاغا ومن اللّه صفته لاصلته أي لا أملك لكم إلا تبليغا كائنا منه تعالى ورسالاته التي أرسلني بها

ومن يعص اللّه ورسوله في الأمر بالتوحيد إذ الكلام فيه

فإن له نار جهنم وقرىء بفتح الهمزة على فحقه أو فجزاؤه أن له نار جهنم

خالدين فيها في النار أو في جهنم والجمع باعتبار المعنى

أبدا بلا نهاية وقوله تعالى

٢٤

حتى إذا رأوا ما يوعدون غاية لمحذوف يدل عليه الحال من استضعاف الكفار لأنصاره عليه الصلاة و السلام واستقلالهم لعدده كأنه قيل لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا رأوا ما يوعدون من فنون العذاب في الآخرة

فسيعلمون حينئذ

من أضعف ناصرا وأقل عددا وحمل ما يوعدون على ما رأوا يوم بدر يأباه قوله تعالى

٢٥

قل إن أدري أي ما أدري

أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أملأ فإنه رد لما قاله المشركون عند سماعهم ذلك متى يكون ذلك الموعود إنكارا له وأستهزاء به فقيل قل إنه كائن لا محالة

وأما وقته فما أدرى متى يكون

٢٦

عالم الغيب بالرفع قيل هو بدل من ربي أو بيان له ويأباه الفاء في قوله تعالى

فلا يظهر على غيبه أحدا إذ يكون النظم حينئذ أم يجعل له عالم الغيب أمدا فلا يظهر عليه أحدا وفيه من الإختلال مالا يخفى فهو خبر مبتدأ محذوف أي هو عالم الغيب والجملة استئناف مقرر لما قبله من عدم الدراية والفاء لترتيب عدم الإظهار على تفرده تعالى بعلم الغيب على الإطلاق أي فلا يطلع على غيبه إطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال أنكشافا تاما موجبا لعين اليقين أحدا من خلقه

٢٧

إلا من ارتضى من رسول أي إلا رسولا ارتضاه لاظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلفا تاما أما لكونه من مبادىء رسالته بأن يكون معجزة دالة على صحتها

وأما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية التي أمر بها المكلفون وكيفيات أعمالهم وأجزيتها المترتبة عليها في الآخرة وما تتوقف هي عليه من أحوال الآخرة التي من جملتها قيام الساعة والبعث وغير ذلك من الأمور الغيبية التي بينها من وظائف الرسالة

وأما مالا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب التي من جملتها وقت قيام الساعة فلا يظهر عليه أحدا على أن بيان وقته مخل بالحكمة التشريعية التي عليها يدور فلك الرسالة وليس فيه ما يدل على نفي كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف فإن اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لايستلزم عدم الحصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم أصلا ولا يدعى أحد لأحد من الأولياء ما في رتبة الرسل عليهم السلام من الكشف الكامل الحاصل بالوحي الصريح وقوله تعالى

فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا تقرير وتحقيق للإظهار المستفاد من الإستثناء وبيان لكيفيته أي فإنه يسلك من جميع جوانب الرسول صلى اللّه عليه و سلم عند إظهاره على غيبة حرسا من الملائكة يحرسونه من تعرض الشياطين لماأظهره عليه من الغيوب المتعلقة برسالته وقوله تعالى

٢٨

ليعلم ان قد أبلغوا رسالات ربهم متعلق بيسلك غاية له من حيث أنه مترتب على الإبلاغ المترتب عليه إذ المراد به العلم المتعلق بالإبلاغ الموجود بالفعل وأن مخففة من النقيلة واسمها الذي هو ضمير الشأن محذوف والجملة خبرها ورسالات ربهم عبارة عن الغيب الذي أريد إظهار المرتضى عليه والجمع باعتبار تعدد أفراده وضمير أبلغوا أما للرصد فالمعنى أنه تعالى يسلكهم من جميع جوانب المرتضى ليعلم أن الشأن قد أبلغوه رسالات ربهم سالمة عن الإختطاف والتخليط علما مستتبعا للجزاء وهو أن يعلمه موجودا حاصلا بالفعل كما في قوله تعالى حتى نعلم المجاهدين والغاية في الحقيقة هو الإبلاغ والجهاد وإيراد علمه تعالى لإبراز اعتنائه تعالى بأمرهما والإشعار بترتيب الجزاء عليهما والمبالغة في الحث عليهما والتحذير عن التفريط فيهما

وأما لمن ارتضى والجمع باعتبار معنى من كما أن الأفراد في الضميرين السابقين باعتبار لفظها فالمعنى ليعلم أنه قد أبلغ الرسل الموحى إليهم رسالات ربهم إلى أممهم كما هي من غير اخنطاف ولا تخليط بعد ما أبلغها الرصد إليهم كذلك قوله تعالى

وأحاط بما لديهم أي بما عند الرصد أو الرسل عليهم السلام حال من فاعل يسلك بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور جىء بها لتحقيق استغنائه تعالى في العلم بالإبلاغ عما ذكر من سلك الرصد على الوجه المذكور أي يسلكهم بين يديه ومن خلفه ليترتب عليه علمه تعالى بما ذكر والحال أنه تعالى قد أحاط بما لديهم من الأحوال جميعا

وأحصى كل شىء مما كان وما سيكون

عددا أي فردا فردا وهو تمييز منقول من المفعول به كقوله تعالى وفجرنا الأرض عيونا والأصل أحصى عدد كل شىء

وقيل هو حال أي معدودا محصورا أو مصدر بمعنى إحصاء وأيا ما كان ففائدته بيان أن علمه تعالى بالأشياء ليس على وجه كلي اجمالي بل على وجه جزئي تفصيلي فإن الإحصاء قد يراد به الإحاطة الإجمالية كما في قوله تعالى وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها أي لا تقدروا على حصرها إجمالا فضلا عنى النفصيل وذلك أصل الإحصاء أن الحاسب إذا بلغ عقدا معينا من عقود الأعداد كالعشرة والمائة والألف وضع حصاة ليحفظ بها كمية ذلك العقد فيبنى على ذلك حسابه هذا

وأما ما قيل من أن قوله تعالى وأحاط بما لديهم الخ معطوف على مقدر يدل عليه قوله تعالى ليعلم كأنه قيل قد علم ذلك وأحاط بما لديهم الخ فبمعزل من السداد عن النبي

من قرأ سورة الجن كان له بعدد كل جنى صدق بمحمدا وكذب به عتق رقبة

﴿ ٠