ÓõæÑóÉõ ÇáúÛóÇÔöíóÉö ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ÓöÊøñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð

سورة الغاشية

سورة الغاشية مكية وآيها ست وعشرون

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

هل أتاك حديث الغاشية قيل هل بمعنى قد كما في قوله تعالى هل أتى على الانسان الآية قال قطرب أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية وليس بذاك بل هو استفهام اريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق الى استماعه والاشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن يتناقلها الرواة ويتنافس في تلقيها الوعاة من كل حاضر وباد والغاشية الداهية الشديدة التي تغشى الناس بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها وهي القيامة من قوله تعالى يوم يغشاهم العذاب الخ

وقيل هي النار من قوله تعالى وتغشى وجوههم النار وقوله تعالى ومن فوقهم غواش والأول هو الحق فان ما سيروى من حديثها ليس مختصا بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضا وقوله تعالى

٢

وجوه يومئذ خاشعة الى قوله تعالى مبثوثة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من الاستفهام التشويقي كأنه قيل من جهته عليه الصلاة و السلام ما أتاني حديثها فما هو فقيل وجوه يومئذ أي يوم اذ غشيت ذليلة قال ابن عباس رضي اللّه عنهما لم يكن أتاه عليه الصلاة و السلام حديثها فأخبره عليه الصلاة و السلام عنها فقال وجوه الخ فوجوه مبتدأ ولا بأس بتنكيرها لأنها في موقع التنويع وخاشعة خبره وقوله تعالى

٣

عاملة ناصبة خبران آخران لوجوه اذ المراد بها أصحابها أي تعمل أعمالا شاقة تتعب فيها وهي جر السلاسل والأغلال والخوض في النار خوض الابل في الوحل والصعود والهبوط في تلال النار ووهادها

وقيل عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها فهي يومئذ في نصب منها

وقيل عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة وقوله تعالى

٤

تصلى أي تدخل

نارا حامية أي متناهية في الحر خبر آخر لوجوه

وقيل هو الخبر وما قبله صفات لوجوه وقد مر غير مرة أن الصفة حقها أن تكون معلومة الانتساب الى الموصوف عند السامع قبل جعلها صفة له ولا ريب في أن صلى النار وما قبله من الخشوع والعمل والنصب أمور متساوية في الانتساب الى الوجوه معرفة وجهالة فجعل بعضها عنوانا للموضوع قيدا مفروغا عنه غير مقصود الافادة وبعضها مناطا للافادة تحكم بحت ويجوز أن يكون هذا وما بعده من الجملتين استئنافا مبينا لتفاصيل أحوالها

٥

تسقى من عين آنية أي متناهية في الحر كما في قوله تعالى وبين حميم آن

٦

ليس لهم طعام الا من ضريع بيان لطعامهم اثر بيان شرابهم والضريع ييس الشبرق وهو شوك ترعاه الابل ما دام رطبا وإذا يبس تحامته وهو سم قاتل

وقيل هي شجرة نارية تشبه الضريع وقال ابن كيسان هو طعام يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون الى اللّه تعالى طلبا للخلاص منه فسمي بذلك وهذا طعام لبعض أهل النار والزقوم والغسلين لآخرين

٧

لا يسمن ولا يغني من جوع اي ليس من شأنه الاسمان والاشباع كما هو شأن طعام الدنيا وانما هو شيء يضطرون الى أكله من غير أن يكون له دفع لضرورتهم لكن لا على أن لهم استعدادا للشبع والسمن الا أنه لا يفيدهم شيئا منهما بل على أنه لا استعداد من جهتهم ولا افادة من جهة طعامهم وتحقيق ذلك أن جوعهم وعطشهم ليسا من قبيل ما هو المعهود منهما في هذه النشأة من حالة عارضة للانسان عند استدعاء الطبيعة لبدل ما يتحلل من البدن مشوقة له الى المطعوم والمشروب بحيث يلتذ بهما عند الأكل والشرب ويستغنى بهما عن غيرهما عند استقرارهما في المعدة ويستفيد منهما قوة وسمنا عند انهضامهما بل جوعهم عبارة عن اضطرام النار في أحشائهم الى ادخال شيء كثيف يملؤها ويخرج ما فيها من اللّهب

وأما أن يكون لهم شوق الى مطعوم ما أو التذاذ به عند الأكل واستغناء به عن الغير أو استفادة قوة فهيهات وكذا عطشهم عبارة عن اضطرارهم عند أكل الضريع والتهابه في بطونهم الى شيء مائع بارد يطفئه من غير أن يكون لهم التذاذ بشربه أو استفادة قوة به في الجملة وهو المعنى بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرهم الى أكل الضريع فاذا أكلوه يسلط عليهم العطش فيضطرهم الى شرب الحميم فيشوى وجوههم ويقطع امعاءهم وتنكير الجوع للتحقير أي لا يغني من جوع ما وتأخير نفي الاغناء منه لمراعاة الفواصل والتوسل به الى التصريح بنفي كلا الأمرين اذ لو قدم لما احتيج الى ذكر نفي الاسمان ضرورة استلزام نفي الاغناء عن الجوع اياه بخلاف العكس ولذلك كرر لا لتأكيد النفي وقوله تعالى

٨

وجوه يومئذ ناعمة شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية حال أهل النار لأنه أدخل في تهويل الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار مما يزيد المحكي حسنا وبهجة والكلام في اعراب الجملة كالذي مر في نظيرتها وانما لم تعطف عليها ايذانا بكمال تباين مضمونيهما ومعنى ناعمة ذات بهجة وحسن كقوله تعالى تعرف في وجوههم نضرة النعيم أو متنعمة

٩

لسعيها راضية أي لعملها الذي عملته في الدنيا حيث شاهدت ثمرته

١٠

في جنة عالية مرتفعة المحل أو علية المقدار

١١

لا تسمع أي أنت أو الوجوه

فيها لاغية لغوا أو كلمة ذات لغو أو نفسا تلغو فان كلام أهل الجنة كله اذكار وحكم وقرىء لا تسمع على البناء للمفعول بالياء والتاء ورفع لاغية

١٢

فيها عين جارية أي عيون كثيرة تجري مياهها كقوله تعالى علمت نفس

١٣

فيها سرر مرفوعة رفيعة السمك أو المقدار

١٤

وأكواب جمع كوب وهو اناء لا عروة له

موضوعة أي بين أيديهم

١٥

ونمارق وسائد جمع نمرقة بالفتح والضم

مصفوفة بعضها الى بعض

١٦

وزرابي أي بسط فاخرة جمع زربية

مبثوثة أي مبسوطة

١٧

افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت استئناف مسوق لتقرير ما فصل من حديث الغاشية وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون بالاستشهاد عليه بما لا يستطيعون انكاره والهمزة للانكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام وكلمة كيف منصوبة بما يعدها كما في قوله تعالى كيف تكفرون باللّه معلقة لفعل النظر والجملة في حيز الجر على أنها بدل اشتمال من الابل أي أينكرون ما ذكر من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه من قدرة اللّه عز و جل فلا ينظرون الى الابل التي هي نصب أعينهم يتسعملونها كل حين الى أنها كيف خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلقة سائر أنواع الحيوانات في عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيأتها اللائقة بتأتي ما يصدر عنها من ألأفاعيل الشاقة كالنوء بالأوقار الثقيلة وجر الأثقال الفادحة الى الأقطار النازحة وفي صبرها على الجو والعطش حتى ان أظماءها لتبلغ العشر فصاعدا واكتفائها باليسير ورعيها لكل ما يتيسر من شوك وشجر وغير ذلك مما لا يكاد يزعاه سائر البهائم وفي انقيادها مع ذلك للانسان في الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها في ذلك كيفما يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير

١٨

والى السماء التي يشاهدونها كل لحظة بالليل والنهار

كيف رفعت رفعا سحيق المدى بلا عماد ولا مساك بحيث لا يناله الفهم والادراك

١٩

والى الجبال التي ينزلون في أقطارها وينتفعون بمياهها وأشجارها

كيف نصبت نصبا رصينا فهي راسخة لا تميل ولا تميد

٢٠

والى الأرض التي يضربون فيها ويتقلبون عليها

كيف سطحت سطحا بتوطئة وتمهيد وتسوية وتوطيد حسبما يقتضيه صلاح أمور ما عليها من الخلائق وقرىء سطحت مشددا وقرئت الأفعال الأربعة على بناء الفاعل للمتلكم وحذف الراجع المنصوب والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار الى كيفية خلق هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور ليرجعوا عما هم عليه من الانكار والنفور ويسمعوا انذارك ويستعدوا للقائه بالايمان والطاعة والفاء في قوله تعالى

٢١

فذكر لترتيب الأمر بالتذكير على ما ينبىء عنه الانكار السابق من عدم النظر أي فاقتصر على التذكير ولا تلح عليهم ولا يهمنك أنهم لا ينظرون ولا يتذكرون وقوله تعالى

انما أنت مذكر تعليل للأمر وقوله تعالى

٢٢

لست عليهم بمصيطر تقرير له وتحقيق لمعنى الانذار أي لست بمتسلط عليهم تجبرهم على ما تريد كقوله تعالى وما أنت عليهم بجبار وقرىء بالسين على الأصل وبالاشمام وقرىء بفتح الطاء قيل هي لغة بني تمتم فان سيطر عندهم متعد ومنه قولهم تسيطر وقوله تعالى

٢٣

الا من تولى وكفر استثناء منقطع أي لكن من تولى منهم فان للّه تعالى الولاية والقهر

٢٤

فيعذبه اللّه العذاب الأكبر الذي هو عذاب جهنم

وقيل استثناء متصل من قوله تعالى فذكر أي فذكر الا من انقطع طمعك من ايمانه وتولى فاستحق العذاب الأكبر وما بينهما اعتراض ويعضد الأول أنه قرىء الا على التنبيه وقوله تعالى

٢٥

ان الينا ايابهم تعليل لتعذبيه تعالى بالعذاب الأكبر أي ان الينا رجوعهم بالموت والبعث لا الى احد سوانا لا استقلالا ولا اشتراكا وجمع الضمير فيه وفيما بعده باعتبار معنى من كما أن افراده فيما سبق باعتبار لفظها وقرىء ايابهم على أنه فيعال مصدر فيعل من ألاياب أو فعال من اوب كفسار من فسر ثم قيل ايوابا كديوان في دوان ثم قلبت الواو ياء فأدغمت الياء الأولى في الثانية

٢٦

ثم ان علينا حسابهم في المحشر لا على غيرنا وثم للتراخي في الرتبة لا في الزمان فان الترتب الزماني بين ايابهم وحسابهم لا بين كون ايابهم اليه تعالى وحسابهم عليه تعالى فانهما أمران مستمران وفي تصدير الجملتين بأن وتقديم خبرها وعطف الثانية على الأولى بكلمة ثم المفيدة لبعد منزلة الحساب في الشدة من الانباء عن غاية السخط الموجب لتشديد العذاب مالا يخفى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم

من قرأ سورة الغاشية يحاسبه اللّه تعالى حسابا يسيرا

﴿ ٠