سُورَةُ الْاِنْشِرَاحِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانِي آياَتٍ

سورة الشرح

مكية وهي ثمان آيات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

ألم نشرح لك صدرك لما كان الصدر محلا لأحوال النفس ومخزنا لسرائرها من العلوم والإدراكات والملكات والإرادات وغيرها عبر بشرحه عن توسيع دائرة تصرفاتها بتأييدها بالقوة القدسية وتحليتها بالكمالات الأنسية أي ألم نفسحه حتى حوى عالمي الغيب والشهادة وجمع بين ملكتي الاستفادة والإفادة فما صدك الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية وما عاقك التعلق بمصالح الخلق عن الاستغراق في شؤون الحق

وقيل أريد به ما روى أن جبريل أتى رسول اللّه في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه فغسله ثم ملأه إيمانا وعلما ولعله تمثيل لما ذكر أو أنموذج جسماني مما سيظهر له عليه الصلاة و السلام من الكمال الروحاني والتعبير عن ثبوت الشرح بالاستفهام الإنكاري عن انتفائه للإيذان بأن ثبوته من الظهور بحيث لا يقدر أحد على أن يجيب عنه بغير بلى وزيادة الجار والمجرور مع توسيطه بين الفعل ومفعوله للإيذان من أول الأمر بأن الشرح من منافعه عليه الصلاة و السلام ومصالحه مسارعة إلى إدخال المسرة في قلبه عليه الصلاة و السلام وتشويقا له إلى ما يعقبه ليتمكن عنده وقت وروده فضل تمكن وقوله تعالى

٢

ووضعنا عنك وزرك عطف على ما أشير إليه من مدلول الجملةالسابقة كأنه قد شرحنا صدرك ووضعنا ألخ وعنك متعلق بوضعنا وتقديمه على المفعول الصريح مع أن حقه التأخر عنه لما مر آنفا من القصد إلى تعجيل المسرة والتشويق إلى المؤخر ولما أن في وصفه نوع طول فتأخير الجار والمجرور عنه لما مر آنفا من القصد إلى تعجيل أي حططنا عنك عبأك الثقيل

٣

الذي أنقض ظهرك أي حمله على النقيض وهو صوت الانتقاض والانفكاك كما يسمع من الرحل المتداعي إلى الانتقاض من ثقل الحمل مثل به حاله عليه الصلاة و السلام مما كان يثقل عليه ويغمه من فرطاته قبل النبوة أو من عدم إحاطته بتفاصيل الأحكام والشرائع أو من تهالكه على إسلام المعاندين من قومه وتلهفه ووضعه عند مغفرته وتعليم الشرائع وتمهيد عذره بعد أن بلغ وبالغ وقرىء وحططنا وحللنا مكان وضعنا وقرىء وحللنا عنك وقرك

٤

ورفعنا لك ذكرك بعنوان النبوة وأحكامها أي رفع حيث قرن اسمه باسم اللّه تعالى في كلمة الشهادة والأذان والإقامة وجعل طاعته طاعته تعالى وصلى عليه هو وملائكته وأمر المؤمنين بالصلاة عليه وسمى رسول اللّه ونبي اللّه والكلام في العطف وزيادة لك كالذي سلف وقوله تعالى

٥

فإن مع العسر يسرا تقرير لما قبله ووعده كريم بتيسير كل عسير له عليه الصلاة و السلام وللمؤمنين كأنه قيل خولناك ما خولناك من جلائل النعم فكن على ثقة بفضل اللّه تعالى ولطفه فإن مع العسر يسرا كثيرا وفي كلمته مع إشعار بغاية سرعة مجيء اليسر كأنه مقارن للعسر

٦

إن مع العسر يسرا تكرير للتأكيد أو عدة مستأنفة بأن العسر مشفوع بيسر آخر كثواب الآخرة كقولك إن للصائم فرحتان للصائم فرحة أي فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب وعليه قوله لن يغلب عسر يسرين فإن المعرف إذا أعيد يكون الثاني عين الأول سواء كان معهودا أو جنسا وأما المنكر فيحتمل أن يراد بالثاني فرد مغاير لما أريد بالأول فإذا فرغت أي من التبليغ

وقيل من الغزو فانصب فاجتهد في العبادة واتعب شكرا لما أوليناك من النعم السالفة ووعدناك من الآلاء الآنفة وقيل

٧

فإذا فرغت من صلاتك فاجتهد في الدعاء

وقيل إذا فرغت من دنياك فانصب في صلاتك

٨

وإلى ربك وحده فارغب بالسؤال ولا تسأل غيره فإنه القادر على إسعافك لا غيره وقرىء

فرغب أي فرغب الناس إلى طلب ما عنده عن رسول اللّه من قرأ ألم نشرح فكأنما جاءني وأنا مغتم ففرج عني

﴿ ٠