سُورَةُ الْقَارِعَةِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً سورة القارعةمكية وآيها إحدى عشرة الآيات ١ ٣ بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١القارعة القرع هو الضرب بشدة واعتماد بحيث يحصل منه صوت شديد وهي القيامة التي مبدؤها النفخة الأولى ومنتهاها فصل القضاء بين الخلائق كما مر في سورة التكوير سميت بها لأنها تقرع القلوب والأسماع بفنون الأفزاع والأهوال وتخرج جميع الأجرام العلوية والسفلية من حال إلى حال السماء بالانشقاق والانفطار والشمس والنجوم بالتكوير والانكدار والانتشار والأرض بالزلزال والتبديل والجبال بالدك والنسف وهي مبتدأ خبره قوله تعالى ٢ما القارعة على أن ما الاستفهامية خبر والقارعة مبتدأ لا بالعكس لما مر غير مرة أن محط الفائدة هو الخبر لا المبتدأ ولا ريب في أن مدار إفادة الهول والفخامة هاهنا هو كلمة مالا القارعة أي شيء عجيب هي في الفخامة والفظاعة وقد وضع الظاهر موضع الضمير تأكيدا للتهويل وقوله تعالى ٣وما أدراك ما القارعة تأكيد لهولها وفظاعتها ببيان خروجها عن دائرة علوم الخلق على معنى أن عظم شأنها بحيث لا تكاد الآيات من تناله دراية أحد حتى يدريك بها وما في حيز الرفع على الابتداء وأدراك هو الخبر ولا سبيل إلى العكس هاهنا وما القارعة جملة كما مر محلها النصب على نزع الخافض لأن أدرى يتعدى إلى المفعول الثاني بالباء كما في قوله تعالى ولا أدراكم به فلما وقعت الجملة الاستفهامية معلقة له كانت في موقع المفعول الثاني له والجملة الكبيرة معطوفة على ما قبلها من الجملة الواقعة خبرا للمبتدأ الأول أي وأي شيء أعلمك ما شأن القارعة ولما كان هذا منبئا عن الوعد الكريم بإعلامها أنجز ذلك بقوله تعالى ٤يوم يكون الناس كالفراش المبثوث على أن يوم مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وحركته الفتح لإضافته إلى الفعل وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين أي هي يوم يكون الناس فيه كالفراش المبثوث في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والاضطراب والتطاير إلى الداعي كتطاير الفراش إلى النار أو منصوب بإضمار أذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر القارعة وتشويقه عليه الصلاة و السلام إلى معرفتها اذكر يوم يكون الناس الخ فإنه يدريك ما هي هذا وقد قيل إنه ظرف ناصبه مضمر يدل عليه القارعة أي تقرع يوم يكون الناس الخ وقيل تقديره ستأتيكم القارعة يوم يكون الخ ٥وتكون الجبال كالعهن المنفوش أي كالصوف الملون بالألوان المختلفة المندوف في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو حسبما نطق به قوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وكلا الأمرين من آثار القارعة بعد النفخة الثانية عند حشر الخلق يبدل اللّه عز و جل الأرض من غير الأرض ويغير هيئاتها ويسير الجبال عن مقارها على ما ذكر من الهيئات الهائلة ليشاهدها أهل المحشر وهي وإن اندكت وتصدعت عند النفخة الأولى لكن تسييرها وتسوية الأرض إنما يكونان بعد النفخة الثانية كما ينطق به قوله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عودجا ولا أمتا * يومئذ يتبعون الداعي وقوله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا للّه الواحد القهار فإن اتباع الداعي الذي هو إسرافيل عليه السلام وبروز الخلق للّه سبحانه لا يكون إلا بعد البعث قطعا وقد مر تمام الكلام في سورة النمل وقوله تعالى ٦فأما من ثقلت موازينه الخ بيان إجمالي لتحزب الناس إلى حزبين وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما إثر بيان الأحوال الشاملة للكل والموازين أما جمع الموزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند اللّه كما قاله الفراء أو جمع ميزان قال ابن عباس رضي اللّه عنهما إنه ميزان له لسان وكفتان لا يوزن فيه إلا الأعمال قالوا توضع فيه صحائف الأعمال فينظر إليه الخلائق إظهارا للمعدلة وقطعا للمعذرة وقيل الوزن عبارة عن القضاء السوي والحكم العادل وبه قال مجاهد والأعمش والضحاك واختاره كثير من المتأخرين قالوا إن الميزان لا يتوصل به إلا إلى معرفة مقادير الأجسام فكيف يمكن أن يعرف به مقادير الأعمال التي هي أعراض منقضية وقيل إن الأعمالالظاهرة في هذه النشأة بصورة عرضية تبرز في النشأة الآخرة بصورة جوهرية مناسبة لها في الحسن والقبح وقد روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه يؤتى بالأعمال الصالحة على صور حسنة وبالأعمال السيئة على صور قبيحة فتوضع في الميزان أي فمن ترجحت مقادير حسناته ٧فهو في عيشة راضية أي ذات رضا أو مرضية ٨وأما من خفت موازينه بأن لم يكن له حسنة يعتد بها أو ترجحت سيئاته على حسناته ٩فأمه أي فمأواه هاوية هي من أسماء النار سميت بها لغاية عمقها وبعد مهواها روى أن أهل النار تهوي فيها سبعين خريفا وقيل إنها اسم للباب الأسفل منها وعبر عن المأوى باللام لأن أهلها يأوون إليها كما يأوي الولد إلى أمه وعن قتادة وعكرمة والكلبي أن المعنى فأم رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوسا والأول هو الأوفق لقوله تعالى ١٠انظر تفسير الآية: ١١ ١١وما أدراك ما هية نار حامية فإنه تقرير لها بعد إبهامها والإشعار بخروجها عن الحدود المعهودة للتفخيم والتهويل وهي ضمير الهاوية والهاء للسكت وإذا وصل القارىء حذفها وقيل حقه أن لا يدرج لئلا يسقطها الإدراج لأنها ثابتة في المصحف وقد أجيز إثباتها مع الوصل عن النبي من قرأ سورة القارعة ثقل اللّه تعالى بها ميزانه يوم القيامة |
﴿ ٠ ﴾