سُورَةُ الْفِيلِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

سورة الفيل

مكية وآيها خمس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل الخطاب لرسول اللّه والهمزة لتقرير رؤيته عليه الصلاة و السلام بإنكار عدمها وكيف معلقة لفعل الرؤية منصوبة بما بعدها والرؤية علمية أي ألم تعلم علما رصينا متاخما للمشاهدة والعيان باستماع الأخبار المتواترة ومعاينة الآثار الظاهرة وتعليق الرؤية بكيفية فعله عز و جل لا بنفسه بأن يقال ألم تر ما فعل ربك الخ لتهويل الحادثة والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة وهيئة عجيبة دالة على عظم قدرة اللّه تعالى وكمال علمه وحكمته وعزة بيته وشرف رسوله فإن ذلك من الإرهاصات لما روى أن القصة وقعت في السنة التي ولد فيها النبي وتفصيلها أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى بصنعاء كنيسة وسماها القليس وأراد أن يصرف إليها الحاج فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا فأغضبه ذلك

وقيل أججت رفقة من العرب نارا فحملتها الريح فأحرقتها فحلف ليهد الكعبة فخرج مع جيشه ومعه فيل له اسمه محمود وكان قويا عظيما وإثنا عشر فيلا غيره

وقيل ثمانية

وقيل ألف

وقيل كان معه وحده فلما بلغ المغمس خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع فأبى وعبأ جيشه وقدم الفيل فكان كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول فأرسل اللّه تعالى طيرا سودا

وقيل خضرا

وقيل بيضا مع كل طائر حجر في منقاره وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة فكان الحجر يلقى على رأس الرجل فيخرج من دبره وعلى كل حجر اسم من يقع عليه ففروا فهلكوا في كل طريق ومنهل وروى أن أبرهة تساقطت أنامله وآرابه وما مات حتى انصدر صدره عن قلبه وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي فقص عليه القصة فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتا بين يديه

وقيل إن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير فخرج إليه في شأنها فلما رآه أبرهة عظم في عينه وكان رجلا وسيما جسيما

وقيل هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رؤوس الجبال فنزل أبرهة عن سريره وجلس على بساطه

وقيل أجلسه معه على سريره ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك فلما ذكر حاجته قال سقطت من عيني حيث جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم في قديم الدهر لا تكلمني فيه ألهاك عنه ذود أخذت لك فقال عبد المطلب أنا رب الإبل وإن للبيت ربا يحميه ثم رجع وأتى باب الكعبة فأخذ بحلقته ومعه نفر من قريش يدعون اللّه عز و جل فالتفت وهو يدعو فإذا هو بطير من نحو اليمن فقال واللّه إنها لطير غريبة ما هي نجدية ولا تهامية فأرسل حلقة الباب ثم انطلق مع أصحابه ينتظرون ماذا يفعل أبرهة فأرسل اللّه تعالى عليهم الطير فكان ما كان

وقيل كان أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمن النبي وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان وقرىء ألم تر بسكون الراء للجد في إظهار أثر الجازم وقوله تعالى

٢

ألم يجعل كيده مفي تضليل الخ بيان إجمالي لما فعله اللّه تعالى بهم والهمزة للتقرير كما سبق ولذلك عطف على الجملة الاستفهامية ما بعدها كأنه قيل قد جعل كيدهم في تعطيل الكعبة وتخريبها في تضييع وإبطال بأن دمرهم أشنع تدمير

٣

وأرسل عليهم طيرا أبابيل أي طوائف وجماعات جمع إبالة وهي الحزمة الكبيرة شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها

وقيل أبابيل مثل عبابيد وشماطيط لا واحد لها

٤

ترميهم بحجارة صفة لطير وقرىء يرميهم بالتذكير لأن الطير اسم جمع تأنيثه باعتبار المعنى

من سجيل من طين متحجر معرب سنك كل

وقيل كأنه علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار كما أن سجينا علم للديوان الذي يكتب فيه أعمالهم كأنه قيل بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون واشتقاقه من الإسجال وهو الإرسال

٥

فجعلهم كعصف مأكول كورق زرع فيه الأكال وهو أن يأكله الدود أو أكل حبه فبقي صفرا منه أو كتبن أكلته الدواب وراثته أشير إليه بأول أحواله عن النبي

من قرأ سورة الفيل أعفاه اللّه تعالى أيام حياته من الخسف والمسخ واللّه أعلم

﴿ ٠