سُورَةُ النَّصْرِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ ثَلاَثُ آياَتٍ

سورة النصر

مدنية وآيها ثلاث

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

إذا جاء نصر اللّه أي إعانته تعالى وإظهاره إياك على عدوك

والفتح أي فتح مكة

وقيل جنس نصر اللّه تعالى ومطلق الفتح فإن فتح مكة لما كان مفتاح الفتوح ومناطها كما أن نفسها أم القرى وإمامها جعل مجيئه بمنزلة مجيء سائر الفتوح وعلق به أمره عليه السلام بالتسبيح والحمد والتعبير عن حصول النصر والفتح بالمجيء للإيذان بأنهما متوجهان نحوه عليه السلام وأنهما على جناح الوصول إليه عليه السلام عن قريب روى أنها نزلت قبل الفتح وعليه الأكثر

وقيل في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع فلكمة إذا حينئذ باعتبار أن بعض ما في حيزها أعني رؤية دخول الناس الخ غير منقض بعد وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ومع النبي عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب وأقام بها خمس عشرة ليلة وحين دخلها وقف على باب الكعبة ثم قال لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء فأعتقهم رسول اللّه وقد كان اللّه تعالى أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فياء ولذلك سمي أهل مكة الطلقاء ثم بايعوه على الإسلام ثم خرج إلى هوازن

٢

ورأيت الناس أي أبصرتهم أو علمتهم

يدخلون في دين اللّه أي ملة الإسلام التي لا دين يضاف إليه تعالى غيرها والجملة على الأول حال من الناس وعلى الثاني مفعول ثان لرأيت وقوله تعالى

أفواجا حال من فاعل يدخلون أي يدخلون فيه جماعات كثيفة كأهل مكة والطائف واليمن وهوازن وسائر قبائل العرب وكانوا قبل ذلك يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين روي أنه عليه السلام لما فتح مكة أقبلت العرب بعضها على بعض فقالوا إذا ظفر بأهل الحرم فلن يقاومه أحد وقد كان اللّه تعالى أجارهم من أصحاب الفيل ومن كل من أرادهم فكانوا يدخلون في دين الإسلام أفواجا من غير قتال وقرىء فتح اللّه والنصر وقرىء يدخلون على لبناء للمفعول الآية

٣

فسبح بحمد ربك فقل سبحان اللّه حامدا له أو فتعجب لتيسير اللّه تعالى ما لم يخطر ببال أحد من أن يغلب أحد على أهل حرمه المحترم وأحمده على جميل صنعه هذا على الرواية الأولى ظاهر

وأما على الثانية فلعله عليه السلام أمر بأن يداوم على ذلك استعظاما لنعمه لا بإحداث التعجب لما ذكر فإنه إنما يناسب حالة الفتح أو فاذكره مسبحا حامدا زيادة في عبادته والثناء عليه لزيادة إنعامه عليك أو فصل له حامدا على نعمه روي أنه لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثمان ركعات أو فنزهه عما يقوله الظلمة حامدا له على أن صدق وعده أو فاثن على اللّه تعالى بصفات الجلال حامدا له على صفات الإكرام

واستغفره هضما لنفسك واستقصارا لعملك واستعظاما لحقوق اللّه تعالى واستدراكا لما فرط منك من ترك الأولى عن عائشة رضي اللّه عنها

إنه كان عليه الصلاة و السلام يكثر قبل موته أن يقول سبحانك اللّهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك وعنه عليه السلام إني لأستغفر في اليوم والليلة مائة مرة وروي أنه لما قرأها النبي على أصحابه استبشروا وبكى العباس فقال عليه السلام ما يبكيك يا عم فقال نعيت إليك نفسك قال عليه السلام إنها لكما تقول فلم ير عليه السلام بعد ذلك ضاحكا مستبشرا

وقيل إن ابن عباس هو الذي قال ذلك فقال عليه السلام لقد أوتي هذا الغلام علما كثيرا ولعل ذلك للدلالة على تمام أمر الدعوة وتكامل أمر الدين كقوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وروي أنها لما نزلت خطب رسول اللّه فقال إن عبدا خيره اللّه تعالى بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء اللّه تعالى فعلم أبو بكر رضي اللّه عنه فقال فديناك بأنفسنا وآبائنا وأولادنا وعنه عليه السلام أنه دعا فاطمة رضي اللّه عنها فقال يا بنتاه إنه نعيت إلي نفسي فبكت فقال لا تبكي فإنك أول أهلي لحوقا بي وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن هذه السورة تسمى سورة التوديع

وقيل هو أمر بالاستغفار لأمته إنه كان توابا منذ خلق المكلفين أي مبالغا في قبول توبتهم فليكن كل تائب مستغفر متوقعا للقبول عن النبي

من قرأ سورة النصر أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد يوم فتح مكة

﴿ ٠