سُورَةُ تَبَّتْ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

سورة المسد

مكية وآيها خمس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

_________________________________

١

تبت أي هلكت

يدا أبي لهب هو عبد العزى بن عبد المطلب وإيثار التباب على الهلاك وإسناده إلى يديه لما روى لما نزل وأنذر عشيرتك الأقربين رقى رسول اللّه الصفا وجمع أقاربه فأنذرهم فقال أبو لهب تبا لك ألهذا دعوتنا وأخذ حجرا ليرميه عليه السلام به

وتب أي وهلك كله

وقيل المراد بالأول هلاك جملته كقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ومعنى وتب وكان ذلك وحصل كقول من قال جزاني جزاه اللّه شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل ويؤيده قراءة من قرأ وقد تب

وقيل الأول إخبار عن هلاك عمله لأن الأعمال تزاول غالبا بالأيدي والثاني إخبار عن هلاك نفسه

وقيل كلاهما دعاء عليه بالهلاك

وقيل الأول دعاء والثاني إخبار وذكر كنيته للتعريض بكونه جهنميا ولاشتهاره بها ولكراهة ذكر اسمه القبيح وقرىء أبو لهب كما قيل علي بن أبو طالب وقرىء أبي لهب بسكون الهاء

٢

ما أغنى عنه ماله وما كسب أي لم يغن عنه حين حل به التباب على أن ما نافية أو أي شيء أغنى عنه على أنها استفهامية في معنى الإنكار منصوبة بما بعدها أصل ماله وما كسبه من الأرباح والنتائج والمنافع والوجاهة والأتباع أو ماله الموروث من أبيه والذي كسبه بنفسه أو عمله الخبيث الذي هو كيده في عداوة النبي أو عمله الذي ظن أنه منه على شيء كقوله تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما ما كسب ولده وروى أنه كان يقول إن كان ما يقول ابن أخي حقا فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي فأستخلص منه وقد خاب مرجاه وما حصل ما تمناه فافترس ولده عتبة أسد في طريق الشام بين العير المكتنفة به وقد كان عليه السلام دعا عليه وقال اللّهم سلط عليه كلبا من كلابك وهلك نفسه بالعدسة بعد وقعة بدر لسبع ليال فاجتنبه أهله مخافة العدوى وكانت قريش تتقيها كالطاعون فبقي ثلاثا حتى أنتن ثم استأجروا بعض السودان فاحتملوه ودفنوه فكان الأمر كما أخبر به القرآن

٣

سيصلى بفتح الياء وقرىء بضمها وفتح اللام بالتخفيف والتشديد والسين لتأكيد الوعيد وتشديده أي سيدخل لا محالة بعد هذا العذاب العاجل في الآخرة نارا ذات لهب أي

نارا عظيمة

ذات اشتعال وتوقد وهي نار جهنم وليس هذا نصا في أنه لا يؤمن أبدا حتى يلزم من تكليفه الإيمان بالقرآن أن يكون مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن أبدا فيكون مأمورا بالجمع بين النقيضين كما هو المشهور فإن صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم أبو

لهب من هذا أن دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره فلا اضطرار إلى الجواب المشهور من أن ما كلفه هو الإيمان بجميع ما جاء به النبي إجمالا لا الإيمان بتفاصيل ما نطق به القرآن حتى يلزم أن يكلف الإيمان بعدم إيمانه المستمر

٤

وامرأته عطف على المستكن في سيصلى لمكان الفصل بالمفعول وهي أم جميل بنت حرب أخب أبي سفيان وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنثرها بالليل في طريق النبي وكان يطؤه كما يطأ الحرير

وقيل كانت تمشي بالنميمة ويقال لمن يمشي بالنمائم ويفسد بين الناس يحمل الحطب بينهم أي يوقد بينهم النار حمالة الحطب بالنصب على الشتم والذم

وقيل على الحالية بناء على أن الإضافة غير حقيقية إذ المراد أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب جهنم كالزقوم والضريع وعن قتادة أنها مع كثرة مالها كانت تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل فالنصب حينئذ على الشتم حتما وقرئ بالرفع على أنه خبر وأمرأته مبتدأ وقرئ

حمالة للحطب بالتنوين نصبا ورفعا وقرئ مريته بالتصغير للتحقير

٥

في جيدها حبل من مسد جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر والجملة حالية

وقيل الظرف خبر لامرأته وحبل مرتفع به على الفاعلية

وقيل هو حال من امرأته على تقدير عطفها على ضمير سيصلى وحبل فاعل كما ذكر والمسد ما يفتل من الحبال فتلا شديدا من ليف المقل

وقيل من أي ليف كان

وقيل من لحاء شجر باليمن وقد يكون من جلود الإبل وأوبارها والمعنى في عنقها حبل مما مسد من الحبل وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون تخسيسا بحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتمتعض من ذلك ويتمعض بعلها وهما في بيت العز والشرف قال مرة الهمداني كانت أم جميل تأتي كل يوم بإبالة من حسك فتطرحها على طريق المسلمين فبينا هي ذات ليلة حاملة حزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح فجذبها الملك من خلفها فاختنقت بحبلها عن النبي

من قرأ سورة المسد ثبت رجوت أن لا يجمع اللّه بينه وبين أبي لهب في دار واحدة

﴿ ٠