سُورَةُ الْفَلَقِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ سورة الفلقمكية مختلف فيها وآيها خمس بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١قل أعوذ برب الفلق الفلق الصبح كالفرق لأنه يفلق عنه الليل ويفرق فعل بمعنى مفعول فإن كل واحد من المفلوق والمفلوق عنه مفعول وقيل هو ما انفلق من عموده وقيل هو كل ما يفلقه اللّه تعالى كالأض عن النبات والجبال عن العيون والسحاب عن الأمطار والحب والنوى عما يخرج منهما وغير ذلك وفي تعليق العياذ باسم الرب المضاف إلى الفلق المنبىء عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عدة كريمة بإعادة العائذ مما يعوذ منه وإنجائه منه وتقوية لرجائه بتذكير بعض نظائره ومزيد ترغيب له في الجد والاعتناء بقرع باب الالتجاء إليه تعالى وأما الإشعار بأن من قدر أن يزيل ظلمة الليل من هذا العالم قدر أن يزيل عن العائذ ما يخافه كما قيل فلا إذ لا ريب العائذ في قدرته تعالى على ذلك حتى يحتاج إلى التنبيه عليها ٢من شر ما خلق أي من شر ما خلقه من الثقلين وغيرهم كائنا ما كان من ذوات الطبائع والاختيار وهذا كما ترى شامل لجميع الشرور فمن توهم أن الاستعاذة هاهنا من المضار البدنية وأنها تعم الإنسان وغيره بما بصدد الاستعاذة ثم جعل عمومها مدارا لإضافة الرب إلى الفلق فقد نأى عن الحق بمراحل وإضافة الشر إليه لاختصاصه بعالم الخلق المؤسس على امتزاج المواد المتباينة وتفاعل كيفياتها المتضادة المستتبعة للكون والفساد وأما عالم الأمر فهو خير محض منزه عن شوائب الشر بالمرة وقوله تعالى ٣ومن شر غاسق تخصيص لبعض الشرور بالذكر مع اندراجه فيما قبله لزيادة مساس الحاجة إلى الاستعاذة منه لكثرة وقوعه ولأن تعيين المستعاذ منه أدل على الاعتناء بالاستعاذة وادعى إلى الإعاذة أي ومن شر ليل معتكر ظلامه من قوله تعالى إلى غسق الليل وأصل الغسق سيلان دمعها وإضافة الشر إلى اللليل لملابسته له بحدوثه فيه وتفكيره لعدم شمول الشر لجميع أفراده ولا لكل أجزائه وتقييده بقوله تعالى إذا وقب أي دخل ظلامه في كل شيء لأن حدوثه فيه أكثر والتحرز منه أصعب وأعسر ولذلك قيل الليل أخفى للويل وقيل الغاسق هو القمر إذا امتلأ ووقوبه دخوله في الخسوف واسوداده لما روي عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت أخذ رسول اللّه بيدي فأشار إلى القمر فقال تعوذي باللّه تعالى من شر هذا الغاسق إذا وقب وقيل التعبير عن القمر بالغاسق لأن جرمه مظلم وإنما يستنير بضوء الشمس ووقوبه المحاق في آخر الشهر والمنجمون يعدونه نحسا ولذلك لا يشتغل السحرة بالسحر المورث للتمريض إلا في ذلك الوقت قيل وهو المناسب لسبب النزول وقيل الغاسق الثريا ووقوبها سقوطها لأنها إذا سقطت كثرت الأمراض والطواعين وقيل هو كل شر يعتري الإنسان ووقوبه هجومه ومن شر النفاثات في العقد أي ٤ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقد عقدا في خيوط وينفثن عليها والنفث النفخ مع ريق وقيل بدون ريق وقرىء النافثات كما قرىء النفثات بغير ألف وتعريفها أما للعهد أو للإيذان بشمول الشر لجميع أفرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما روى ابن عباس وعائشة رضي اللّه عنهم أنه كان غلام من اليهود يخدم النبي وكان عنده أسنان من مشطه فأعطاها لليهود فسحروه عليه السلام فيها وتولاه لبيد بن الأعصم اليهودي وبناته وهن النافثات في العقد فدفنها في بئر أريس فمرض النبي فنزل جبريل عليه السلام بالمعوذتين وأخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره فأرسل عليا كرم اللّه وجهه والزبير وعمارا رضي اللّه عنهما فنزحوا ماء البئر فكأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا راعوثة البئر وهي الصخرة التي توضع في أسفل البئر فأخرجوا من تحتها الأسنان ومعها وتر قد عقد فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبرة فجاؤوا بها إلى النبي فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة عنه تمام السورتين فقام كأنما أنشط من عقال فقالوا يا رسول اللّه أفلا نقتل الخبيث فقال أما أنا فقد عافاني اللّه عز و جل وأكره أن أثير على الناس شرا قالت عائشة رضي اللّه عنها ما غضب النبي غضبا ينتقم لنفسه قط إلا أن يكون شيئا هو للّه تعالى فيغضب للّه وينتقم وقيل المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل ومستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليسهل حلها ٥ومن شر حاسد إذا حسد أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمات الشر ومبادىء الإضرار بالمحسود قولا أو فعلا والتقييد بذلك لما أن ضرر الحسد قبله إنما يحيق بالحسد لا غيره عن النبي من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التي أنزلها اللّه تعالى |
﴿ ٠ ﴾