سُورَةُ النَّاسِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ سِتُّ آياَتٍ سورة الناسمكية مختلف فيها وآياتها ست بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١قل أعوذ وقرىء في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام برب الناس أي مالك أمورهم ومربيهم بإفاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم وقوله تعالى ٢ملك الناس عطف بيان جيء به لبيان أن تربيته تعالى إياهم ليست بطريق تربية سائرا لملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الكلي والسلطان القاهر وكذا قوله تعالى ٣إله الناس فإنه لبيان أن ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير أمورهم وسياستهم والتولي لترتيب مبادىء حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى أمر الملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهم إحياء وإماتة وإيجادا وإعداما وتخصيص الإضافة بالناس مع انتظام جميع العالمين في سلك ربوبيته تعالى وملكوتيته وألوهيته للإرشاد إلى منهج الاستعاذة المرضية عنده تعالى الحقيقة بالإعاذة فإن توسل العائذ بربه وانتسابه إليه تعالى بالمربوبية والمملوكية والعبودية في ضمن جنس هو فرد من أفراده من دواعي مزيد الرحمة والرأفة وأمره تعالى بذلك من دلائل الوعد الكريم بالإعاذة لا محالة ولأن المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففي التنصيص على انتظامهم في سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز إلى إنجائهم من ملكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فمن جعل مدار تخصيص الإضافة مجرد كون الاستعاذة من المضار المختصة بالنفوس البشرية فقد قصر في توفية المقام حقه وأما جعل المستعاذ منه فيما سبق المضار البدنية فقد عرفت حاله وتكرير المضاف إليه لمزيد الكشف والتقرير والتشريف بالإضافة ٤من شر الوسواس هو اسم بمعنى الوسوسة وهي الصوت الخفي كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فبالكسر والمراد به الشيطان سمي بفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة الخناس الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الإنسان ربه ٥الذي يوسوس في صدور الناس إذا غفلوا عن ذكره تعالى ومحل الموصول أما الجر على الوصف وأما الرفع أو النصب على الذم ٦من الجنة والناس بيان للذي يوسوس على أنه ضربان جني وإنسي كما قال عز و جل شياطين الإنس والجن أو متعلق بيوسوس أي يوسوس في صدرهم من جهة الجن ومن جهة الإنس وقد جوز أن يكون بيانا للناس على أنه يطلق على الجن أيضا حسب إطلاق النفر والرجال عليهم ولا تعويل عليه وأقرب منه أن يراد بالناس الناسي ويجعل سقوط الياء كسقوطها في قوله تعالى يوم يدع الداع ثم يبين بالجنة والناس فإن كل فرد من أفراد الفريقين مبتلى بنسيان حق اللّه تعالى إلا من تداركه شوافع عصمته وتناوله واسع رحمته عصمنا اللّه تعالى من الغفلة عن ذكره ووفقنا لأداء حقوق شكره تم بحمد اللّه وعونه هذا التفسير الجليل وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين خاتمة المؤلف قال العبد الذليل متضرعا إلى ربه الجليل اللّهم يا ولي العصمة والإرشاد وهادي الغواة إلى سنن الرشاد بارىء البرية مالك الرقاب عليك توكلي وإليك متاب أنت المغيث لكل حائر ملهوف والمجير من كل هائل مخوف ألوذ بحرمك المأمون من غوائل ريب المنون وألتجئ إلى حرزك الحريز وآوى إلى ركنك العزيز وأسألك من خزائن برك المخزون في مكامن سر المكنون خير ما جرى به قلم التكوين من أمور الدنيا والدين وأعوذ بك من فنون الفتن والشرور لا سيما الاطمئنان بدار الغرور والاغترار بنعيمها وزهرتها والافتتان بزخارفها وزينتها فأعذني بحمايتك وأعني بعنايتك وأفض على من شوارق الأنوار الربانية وبوارق الآثار السبحانية ما يخلصني من العوائق الظلمانية ويجردني من العلائق الجسمانية وهذب نفسي الأبية من دنس الطبائع والأخلاق ونور قلبي القاسي بلوامع الإشراق ليستعد للعبور على سرائر الأنس ويتهيأ للحضور في حظائر القدس وثبتني على مناهج الحق والهدى وأرشدني إلى مسالك البر والتقى واجعل أعز مرامي ابتغاء رضاك وأشرف أيامي يوم لقاك يوم يقوم الناس لرب العالمين فريقا فريقا واحشرني مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا |
﴿ ٠ ﴾