١٤ أخرج الواحدي والثعلبي بسنده عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن أبي وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللّه فقال عبد اللّه بن أبي: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال: مرحبا بالصديق سيد بني تميم، وشيخ الإسلام، وثاني رسول اللّه في الغار، الباذل نفسه وماله لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ثم أخذ بيد عمر فقال: مرحبا بسيد عدي بن كعب، الفاروق القوي في دين اللّه، الباذل نفسه وماله لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ثم أخذ بيد علي وقال: مرحبا بابن عم رسول اللّه وختنه، سيد بني هاشم ما خلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ثم افترقوا فقال عبد اللّه لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت، فأثنوا عليه خيرا.فرجع المسلمون إلى النبي وأخبروه بذلك، فنزلت هذه الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذا لقوا الذين آمنوا} الآية.قال: كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي أو بعضهم قالوا: أنا على دينكم {وإذا خلوا إلى شياطينهم} وهم إخوانهم {قالوا: إنا معكم} أي على مثل ما أنتم عليه {إنما نحن مستهزئون} قال: ساخرون بأصحاب محمد {اللّه يستهزئ بهم} قال: يسخر بهم للنقمة منهم {ويمدهم في طغيانهم} قال: في كفرهم {يعمهون} قال يترددون. وأخرج البيهقي في الأسماء عن ابن عباس في قوله {وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا} وهم منافقو أهل الكتاب، فذكرهم وذكر استهزاءهم، وأنهم {إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} على دينكم {إنما نحن مستهزئون} بأصحاب محمد.يقول اللّه {اللّه يستهزئ بهم} في الآخرة، يفتح لهم بابا في جهنم من الجنة ثم يقال لهم: تعالوا فيقبلون يسبحون في النار، والمؤمنون على الأرائك وهي السرر في الحجال ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم، فضحك المؤمنون منهم فذلك قول اللّه {اللّه يستهزئ بهم} في الآخرة، ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب.فذلك قوله {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون} (المطففون الآية ٣٤). أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} أي صاحبكم رسول اللّه ولكنه إليكم خاصة {وإذا خلوا إلى شياطينهم}، من يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب {قالوا إنا معكم} أي إنا على مثل ما أنتم عليه {إنما نحن مستهزئون} أي إنما نحن مستهزئون بالقوم، ونلعب بهم. وأخرج ابن الأنباري عن اليماني أنه قرأ {وإذا لاقوا الذين آمنوا}. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {إذا خلوا} قال: مضوا. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {وإذا خلوا إلى شياطينهم} قال: رؤوسهم في الكفر. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {إذا خلوا إلى شياطينهم} قال: أصحابهم من المنافقين والمشركين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {وإذا خلوا إلى شياطينهم} قال: إلى إخوانهم من المشركين، ورؤوسهم وقادتهم في الشر {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} يقولون: إنما نسخر من هؤلاء القوم ونستهزئ بهم. |
﴿ ١٤ ﴾